المقاومة في شعر فدوَى طوقان وميزاته
– إعداد سيّده رقيه مهري نژاد طالبة في مرحلة الدكتوراة
– جامعة آزاد الاسلامية
– فرع علوم تحقيقات طهران، قسم اللغة العربية للبحوث والدراسات العليا
الموجزة
شعر المقاومة هو الشعر الملتزم الذي لا يكون في خدمة مصالح نظام حاكم مستبد ومتطلّباته وهو ما يبيّن بلسان واضح دون الالتفات الي الابداع في مجال التخيّل فَمِن ميزاته انّه لاتعقيد فيه، بل يصرّح بالحقائق وينبّه مخاطبيه الاّحينما یسِيطر عليه الکبت السياسي فحينئذ يبيّن الشاعر أغراضه بالصّور الرمزيّة وغيرها. ففي هذا البيان شعر المقاومة هو نوع من الشعر الملتزم وعلي هذا يجب اَن يكون هادفاً تعليميّاً وأن يبلغ رسالة الشاعر المهمّ فيه هو شعر يعلّم مخاطبيه كيفيّة المواجهة امام النظم المستبدة واصول المقاومة أمامها.
إن الكاتبة الفلسطينية هي في موطنها تعاني من الاحتلال الصهيوني الانظمه العربية تمارس القمع ضد الكلمة الحرّة الشريفة وضد محترفيها، فاذا استطاعت الامة العربية أن تحرر نفسها من انظمة حكامها سوف يسهل علي الشعب العربي تحرير فلسطين.
الكلمات الرئيسية: شعر المقاومة، فدوَى طوقان، الاتجاه الوطني، القومي، الانساني.
المقدمة
فهذه المقالة تحت عنوان «المقاومة في شعر فدوَي طوقان وميزاته» وهي تدور حول ما ينتج من شعر المقاومة للشاعرة التي تعد واحدة من أشهر الشعراء الفلسطين الذين حملوا علي عاتقهم أعناء القضايا التي حدثت في موطنها زمنا طويلا وخاطروا بحياتهم من أجلها وأوقفوا ابداعاتهم علي الدفاع عنها.
القضية الفلسطينية هي قضية شعب يجاهد في سبيل تحريرأرضه وإعادة الحرية الي وطنه وطرد الغاصبين من بيته، ويمكننا أن نقول أن الفلسطيني لايحارب في الواقع من أجل تحرير فلسطين، فحسب بل انّه يحارب من اجل القيم الانسانية.
الهدف من كتابة مقالتِی هذه أن أنتخبت موضوعاً متصلاً كل الاتصال بالوقائع السياسية للعالم الإسلامي في عصرنا او في زماننا هذا او في يومنا هذا وبما أَن قضية فلسطين تعتبر من المسائل الهامة التي يعيشها العالم الإسلامي اليوم، لذا اِخترتُ شاعرةً وعاشت مع القضيه الفلسطينية وتعتبر فدوَي طوقان كشاعرة فلسطينية فقد وطنها وكابد من أجلها فانّها جدير بأن تعد شاعرة المقاومة.
فدوَى طوقان
حياتها الشخصية
ولدت فدوَى عبدالفتاح طوقان، الشاعرة الادبية، هي ابنة عائلة عريقة في نابلس إحديٰ، مدن فلسطين سنة (1917) وعاشت عمرها ضمن تقاليد خاصة بأسرتها. كانت نفسها تتوق الي الحريّة لتمارس حقّها الطبيعي في الحبّ والحياة، فانصرفت الي الشعر لتعبير عن خلجات نفسها الحزينة.
تتحدث الشاعرة نفسها عن كيفية نشأتها في هذه الظروف وتقول:
«نشأتُ في بينة عائليّة شديدة المحافظة وفي بيت اثري كبير توارثته العائلة عن الأجداد بيت يذكرك بقصور الحريم والحرمان، هندس بحيث يتلائم ضرورات النظام الأقطاعي. اما المناخ العائلي من حولي فسيطر علي الرجل كما في البيوت العربية. فالمرأة فيه سجينة الجدران والكتب، محرومة من الاستقلال الشخصي والحرية الشخصية مفهوم غالب لاحضور له في حياتها. في هذا البيت كنتُ احسّ احساس السجين وراء القضبان واطمح جليّاً حيث يلتقي التعصب الديني والشعور القومي والوطني بتقليد ثقافي حرص ابي وعملي ترسيخه لتحصيل العلم والتروّد بالثقافة الغربية في وقت كان (الازهر) قبلة طلّاب العلم في نابلس.»
[1]
بعد دراسة حول حياتها الشخصية نستطيع أن نقولَ عدم الحرية والاستقلال في المحيط العائلي والاجتماعي تأثر في إنشاد الشعر المقاومة عند الشاعرة.
ماهي المقاومة؟
المقاومة أمام التشرد والاخراج لاجل البقاء في أرض فلسطين، المقاومة امام المنح وازالة الهوية الثقافية والوطنية ازاء طرد الشعب الفلسطيني في المجتمع الدولي.
كلمة «المقاومة» تبيّن نوعاً من رد الفعل تجاه الواقع السياسي، الاجتماعي والثقافي المهاجم فلمعرفتها يحب أن تعرف الجوانب المختلفه لواقع المهاجم استمداد من التاريخ والجذور التاريخچه في شعر فلسطين الحالي هو ردّ الفعل امام المحاولات الصهيونيّه للسحق والرقابة للثقافة الاسلامية في فلسطين وطرد اصالتها التاريخچة اللتين تمهد انّ الطريق لتشّرد الفلسطينين والجلاء عن وطنهم. [2].
المقاومة هي الثبات والدفاع عن النفس والحياة ويمكن القول بأن الشعر الذي يحوي هذه الافكار فهو شعر المقاومة. وشعراء المقاومة هم الذين يتكلمون عن حقوق الشعب الضائعة وتحريض المظلومين علي استرجاع حقوقهم من الظالمين، وتنبيه المستضعفين علي عدم التسليم للمستكبرين. لم يكن لهولاء الشعراء اسمٌ خاصٌ حتي عام 1948 عندما حدثت كارثة فلسطين وأعلنت الدولة الاسرائيلية وجودها بدأ شعر المقاومة عند ذلك وتسلح الشعراء بسلاح الشعر وكانوا يتلكمون عن كلمات مأخوذه من ضمير الأمة والمشاكل التي كانت تمر بالبلاد العربية بصورة عامة وفلسطين بصورة خاصة.
في الوقت الذي سقطت البد بأيدي الإسرائيليين هاجروا قرب المليون فلسطين من بلادهم من بينهم الشعراء والكتاب الذين بعدوّا مِن الموطن. يتحدث غسان كنفاني حول هذا الموضوع حيث يقول «حين سقطت فلسطين في يدا العدو ولم يكن قد تبقي تقريباً في فلسطين المحتلة اَيْ محور ثقافي عربي يمكن أن يشكل نواة لنوع جديد من البعث الأدبي وكان جيل كامل من المثقفين قد غادر فلسطين الي المنفي. [3].
يمكننا أن نأتي بثلاثة شعراء كانوا يقودون الحركة الشعرية في فلسطين المحتلة، فهم في الواقع من أقدم مؤسس شعر المقاومة ويتكلمون مع شعرهم عن الجهاد والمبارزة، كانوا ينبّهون الناس عن هجرة اليهود وبيع الأرض لليهود، كما يقول د. صالح ابواميع «شهد جيل الشعراء قبل عام 1948 م ضراوة الصراع مع المهاجرين اليهود وحكومة الانتداب وبرز في تلك المرحلة، ثلاثة شعراء هم ابراهيم طوقان، عبدالرحيم محمود وابوسلمي» مما كان المعلوم كان حب الأرض سبب شعر المقاومة، لانّ الشعراء ارادوا أن یسدافعوا عن أرضهم وحقهم الضائع و«بدأ الشعر يذكر مصائبهم وأطلق علي الأشعار في ذلك الزمن اسم المقاومة». [4].
في 15/8/1964 استحدث يوسف الخطيب في أذاعة دمشق برنامجاً خاصاً أطلق عليه «إذاعة فلسطين» أخذ يذيع منه في جملة يذيع، مايقع تحت يده من قصائد الشعرا المجهولين من الأرض المحتلة. [5].
عرفناهم فيما بعد باسم «الشعراء المقاومة» وكلما ازداد الأشعار في فلسطين ازداد انتباه الناس لموضوع الاحتمال... حالما تعاظم مد المقاومة الفلسطينية، تداعت إلي المسامع، ابناء بطولات الفدائيين، كان من الطبيعي أن تتجه الجماهير العربية بافئدتها وعواطفها ودمائها نحو المقاومة وبالتّالي أخذت فلسطين تشغل الانتباه أرضاً وشعباً، بنادق وأقلاماً، عرباً ويهوداً. [6].
ستحارب فلسطين المقهورة بالجسد والروح وسيقرا الشعراء نشيد المقاومة لانهم يحاربون مع نسل اليهود الغاصبين.
إن الشعر مظهر من مظاهر الكائن الانساني فلابدّ أن يتطوّر الحياة ويتقدم بتقدم الزمن والشعر الاصيل هو مولود عصره يعبّر دائماً عن احوال المجتمع والأمة، وعلي الشاعر أن يتحدث عن الآم اُمته. والادب الفلسطيني كغيره من الآداب اخذ واقعاً خاصا لصلة الوثيقه بالشعب الفلسطيني وقصيته، سواء أكان ماكتب داخل الارض المحتلة أم خارجها، لقد صور حياة الناس ومصائبهم. (في الوقت الذي كان فيه اهتمام العديد من العشراء الكبار منصبا علي شعورهم بالغربة واليأس، كان الوضع مختلفاً في فلسطين المحتلة كان الشعراء يواجهون عدوّاً خارجياً ومعتدياً غريباً، يتحدّون ظلمه بشعرحري تدور افكاره الرئيسية حول الشجاعة والاستبسال). [7].
بعد ان انطلقت المقاومة، بدأت نبرة الشعر تتغيروا صبح يعبر عن الحماسه وصار صرخة للغضب والمقاومة في كل مكان.
شعر المقاومة هو الشعر الملتزم الذي لايكون في خدمة مصالح نظام حاكم مستبد ومتطلّباته وهو ما يبيّن بلسان واضح دون الالتفات الي الابداع في مجال التخيّل. لاتعقيد فيه، يصرّخ بالحقائق وينبّه مخاطبيه وغيرها. ففي هذا البيان شعر المقاومة هو نوع من الشعر الملتزم وعلي هذا يجب ان يكون هادفاً تعليميّاً وان يبلغ رسالة الشاعر المهمّ فيه هو شعر يعلّم مخاطبيه كيفيّة المواجهة امام النظم المستبدة واصول المقاومة امامها.
اكثراً شعار المقاومة الفلسطينية مشتركة في ميزة واحدة وهي السهولة في الكلام والوضوح في الصوّر، يتحدث خالد علي مصطفي عن ميزات شعر المقاومة حيث يقول: «كان الشعر الفلسطين واضح القصيد، واضح العبارة، لايموه ولايعاضل مهما كانت وجهة التعبيرية، إذ يكاد هذا الشعر يخلو خلوا تاماً من التأملات الذهنية والغموض النفسي المحير، وشطحات الخيال العيده، والتساؤل المحض في معني الحياة والموت، كما يخلو من غرابة التركيب اللغوي، أو التعقيد في بناء القصيدة.» [8].
كما ذكرنا ان شعر المقاومة له خصوصية يختلف من بقية الاشعار لحدما ويمكن هذا الاختلاف في مضمونه الذي قامت عليه حركة الشعر في الأرض المحتلة. هناك ثلاثه محاور رئيسية انتظم بها هذا المضمون علي حد قول د. خالد علي مصطفي ـ وإن رأي البعض فيه ومحاور أخري ـ «وهي المحور الوطني الذي يكشف عن التشب بالارض، وهو المحور القومي الذي يعبّر عن الانتماء إلي الأمة العربية والمحور الانساني الذي يجعل من حركة الكفاح الذي يخوضه الشعب جزءاً من حركة تحرر عالمية.» [9].
الاتجاه الوطني
عبرفيه الشعراء عن هويتهم الفلسطينية وعن مشاعرهم ازاء وطنهم وهذا الموقف لن ينفك عن الموقف القومِي والإنسانِي ابداً ويحتوي عليهما ايضاً «وذلك أن التشبت بالأرض هو حفاظ علي وجود انساني يظل مرتبطاً مهما تعددت صور النظر اليه، بوجود قومي، هو المعني الذي يشير اليه التشبث بالارض وهذه الافضاء مما هووطنِي إلي ما هو قومِي اعطي الشاعر الفلسطيني هوية واضحة في تناول الهموم الأساسية بصفتها مصيرة الذي يواجهه في حياته تحت الاحتلال وسلامه الذي يدافع به عن هذا المصير. [10].
قبل أن نأتي بنماذج عن الاتجاه الوطني لابد من توضيح مفهوم الوطن ومعنا. عندالعرب بإيجاز كماجاء في المعاجم العربية «الوطن منزل اقامة الانسان ومقرُّهُ ولد به أولم يولد وفي الحديث «حب الوطن من الايمان» لفظة الوطن في العصر الحديث ذات مدلول اوسع واكثر شمولاً من مفهومها في القديم فالوطن في نظر القدما لايتعدي الحي الذي يسكنونه أو أرض العشيرة موطن القبيله، لكن مفهوم الوطن في عصرنا الحديث، اصبح اكثرا تساعاً وشمولا، بحيث تسْمل الوطن بأكمله الذي يسكنه اصحاب الاصل الواحد، لانه يدل علي مجموعة من المفاهيم المترابطة، المتعلقة بالشعب والسيادة والنظام وغيرها...»
اتّجهت فدوَي القضيّة في ابعادها المختلفة من بيع الأراضي الي السماسرة اليهود، الي تغافل العرب في فلسطين عن الخطر المحدق بهم وانصرافهم الي الشاحنات الداخلية فيما بينهم وانغماسهم في ضروب اللهو والفساد وانفاقهم ثمن الاراضي علي نساء اليهود، الي القواء السياسة البريطانيّة وتحيّزها للصّهانية واضطهادها للعرب ولاسيّما الاحرار منهم والمخلصين والمفكرين والمناضلين الي الاحداث التي كانت تقع في فلسطين بين ثورة علي الحكم البرطاني وبين معركة يخوضها ضد العرب الصهيونيّة او علمية خدائية بها بعض الشباب من اجل وطنهم، الي غير ذلك من المحاقل والمناسبات والمؤتمرات التي كانت تتّصل بالقضيّة الفلسطينية من قريب أو بعيد وغايتها ان تخدم قضية بلادها بتجرد واخلاص وتفان فَنراها تقول:
يا وطني، مالك يفني علي مضك الجر الذي خانه جرحك، ما اعمق اغواره اين الالي استصرختهم ضارعاً
روح معني الموت، معني العدم
اساته في المازق المحترم
كم يتنزي تحت ناب الالم
تحسبهم دارك و المعتضم
ويعقب هذا البغي نداء للاقداربان تكتسح المؤسسات البالية لعلّ املها تتقض (مما علاها من رماد القدم)
كوني اتياً عارماً و اجرفي
كوني كما شئت لظي يغتلي
و اَلتسحي انقاض هذا الحمي
اَلتسحيها وانفضي امتي
كل ضعيف الروح، واهي القدم
أوعاصفاً يقذف حمر اللحم
من كل ركن خائز... منهدم
مما علاها من رماد القدم
ثم تنتهي القصيده باعلان الثقة بالامّة وبتحقيق النأرو نوال النصر
ستنجلي الغمرة يا موطني
و الامل الظامي مهما ذوي
ويمسح الفجر غواشي الظلم لسوف يروي بلهيب ودم
في الحقيقة سجلت فدوَى هي قصيدتها هذه النكبة والهزيمة العربية الاولي التي سيطرت علي البلاد العربية حيث تتعرض التخاذل والانانيّة والانهدامية التي سادت الجوّ العربي ابان المعركة: تنادي الشاعرة بلدها المحزون في طيّات القصيده فنجد غناءها الحزين والتزامها بقضية الوطن ومعاناتها الماساة واضطهاد السلطات المحتلة واملها الا خضر بانتهاء اليل وانحسار ظلامه عن فجر مشرق يبشر بالنصر والتحرّرو الانطلاق.
في قصيدة (الفدائي والارض) سترد لنا فدوَي طوقان حكاية (الأم الفلسطينية وولدها المناضل) حينما يودّعان معاً. فالمجادلة الجارية بينهما هي احسن نموذج عن نظرة الشاعر الي الوطن
يا ولدييا كبديمن اجل هذا اليوممن اجله ولدتكمن اجله ارضعكدمي و كل النّضو كل ما يمكنه ان تمنحه اموتهيا ولدي، يا عرسة كريمةاقتلعت من ارضها الكريمةاذهب، فما اعزّ منك يابنيّ اِلاّ الارض
[11].
فكما ترتسم الشاعرة، الوطن هو اعزّمن الولد فی سراي امّه واعزّ من الام في راي ولدها حتي يفدي اثنان انفسها لخلاص الوطن، والمشهور في شعر فلسطين انّ (الحبيبة) و(الارض) واحياناً (الامّ) و(الارض بينهما الوحدة والصلة حيث يتجلي الوطن في نظرة شاعر المقاومة احياناً علي شكل (الام) أو (المعشوقه) نري الشاعرة في هذه القصيدة هي ناطقة باسم الامّهات الاتي ترغبن الاولاد الي تحرير الوطن العزيز وهم اكبادهنّ الاعزّاء. [12].
وتجد الاتجاه الشاعرة الي الوطن في قصيدة اُخري وهي (نداء الارض) (الي الوجه الذي ضاع في التيه) (بارض الوطن) (خمرة).
هي ترفع صوتها في غصون القصيده من اجل الآلام التي انهالت علي الوطن المظلوم ومن انّه اصبح مكاناً لكل اجنبي يدخل فيه ويستفيد منه وتعتقد، لاحلاوة في الحياة كلّما سطير علي الوطن ظل العدو الاجنبي فيظنّ القاري طيلة القصيدة إنّ في الشاعر لم تتعجب منه حينما تقول:
(آه يا حبّي الغريبآه يا حبي الغريب لماذاوطني اصبح باباً لسقرو لماذا شجر القفاح صار اليومزقوماً، لماذا...)
تستمه فدوَي القصيدة بشكواها من القضا والقدر وتغيير الامور التي اضرّت علي وطنها. وتسأل أيوجد من يحل المشاكل المعقدة واخيراً تشبه بلادها بكوز ينزف منه الدم لكثرا الشهداء الفدائيين في سبيله وتدعي بانّ حياتها وفي الواقع حياة كل مواطن، مدينة لهذه الدماء.
(... و بلادِي كوز رمّان يفور الدمفيه و يغمغمو حياتِي تستمرّو حياتِي تستمر)
[13].
الاتجاه القومِی
لم يكن الموقف الوطني معزولاً عن الموقف القومي بل يتضمّنها وكما يقول خالد علي مصطفي «اِنّ التشبث بالأرض هو حفاظ علي وجود انساني يظل مرتبطاً، مهما تعدّدت صور النظر اليه، بوجود قومي، هو المعني الذي يشير إليه التشبث بالأرض.»
هذي الأرض امراةفي الا خاديدو في الارحامسر الخصب واحدقوة السرّ التي تنبت نخلاًو سنابلتنبت الشعب المقاتل... [14].
في هذه قصيدة (بارض الوطن) تخاطب فدوَي طوقان (الارض) بلسان احد المواطنين وتقول هذه هي الارض التي تعطيك ما تريد فلابدّ ان تبقي وتشبهها بامراة تنبت فيها الاشجار والنبات وينبت فيها الشعب المناضل.
فنري أن الشعراء عبرّواعن انتمائهم للامة العربية، فيتحدثون عن آلامها وأفراحها ونكساتها وانتصاراتها فغنو الثورة الجزائر وثورة اليمن وعدن. هولاء الشعراء يعتبرون العرب جسماً صدمت احد اعضائه، وايذاء واحد منهم ايذاء الجميع والمصائب التي تحلّ علي بلد من البلاد العربية تكتب في تاريخ بقية البلاد، كما أن الشعراء الذين كتبوا عن القضية الفلسطينية لم يكونوا فلسطين كلهم، وعلاوة علي هذا خان المسلمين يرتبطون ببعضهم ارتباطاً خاصاً ويمكن سماع صوت المقاومة في مختلف البلاد المسلمة ولايمكن حصرها قوميتها العربية.
يوسف الخطيب الذي يطرح موضوع فلسطين من مناظرين «وطني وقومي» اكثر من منظار آخر يقول «صبح جدّا أن علي الأديب العرمي ألّا يكون محدوداً بآفاق مأساته القومية الضيّقة، خاصة في عصرنا الهائج بالتفاعلات الانسانية علي كل صعيد... اِلّا أن ما هو صحيح ايضاً أن التوسع الفائض علي حده في إلتزام الهموم العالمية، لابد أن يقع بالضرورة علي حساب إلتزام الأديب العربي قضية الخاصة.
علي اي حال كما ذكرناه سابقاً، فان الموقف الوطني حتي يكون تمسكاً بالأرض ونشبثاً بها، يكون له بعد قومي ويصبح البعد القومي، الانساني كما يقول الشاعرة:
«هناك تعبير نوعي عن انسانية الانسان الفلسطيني فماز لنا نعاني من نمطية في التعبير عن الواقع المباشر بتكثيف الذّات وهذا لكه مشروع وضروري، ولكن لم ننتبه كثيراً الي مخاطبة الانسان فينا، والتامل مع المأزق الإنساني بما هو مأزق عام. وواضح أن الموقف الوطني أديّ إلي الموقف القومي بمعنى الانتماء إلى العروبة تاريخياً ونفساً، فهذا الانتماء يؤدّي بالضرورة الي الموقف الانساني.
ايّها الشرق، اي نور جديد لاح في غنمة الليالي السودلفّ شمّ الجبال و السهل و الحزن وهام الربي و رمل البيدو اذا انت يفتح النور عينيك، فتصحو علي الضياء الوليدو تمطيت من طويل خمود و مسحت الجنون بعد هجودو تطلعت في حماك، حمي المجاد، ربع العروبة الممدود
[15].
تخاطب الشاعرة في القصيدة الشرق وخاصة العرب منهم وتذكرهم بانّ فيهم شي. يمكنه ان يقلب الاوضاع لتحلّ الظروف الحسنة، محل سيئتها وما هو الا العراق العربيّ المتاصل في جذور اهله.
الاتجاه الانساني
ابرز الشعراء في قصائدهم، الجانب الانساني للصراع العربي الاسرائيلي فيما جاولوا طرح الصراع «علي أنّه ليس مسأله الحقد العربي ضد اليهود وقدموا لنا صوراً انسانية لعلاقات بين العرب واليهود ولوا لقينا نظرة علي دواوين الشعر لشعراء الأرض المحتلة وخاصة فدوَي لنري أنها مزج هذف المواقف الثلاثة بشكل، حيث لو تكلم عن الوطن سيتكلم عن ظلم الناس المظلومين وعن طرد الشعب المظلوم من دارهم. التي من حق كل مواطن اَن يعيش فيها.
حريتي!حريتيحريتيصودت اردّدة بمل فم الغضبتحت الرصاص و في اللّهبو اظل رغم القيدا عدو خلفها و اظلّ رغم الليل اقفوخطوهاو اظلّ محمولاً علي حد الغضبو انا افاضل واعياً حريتي
في الحقيقه فدوَي طوقان تتحدث عن الحق الانساني الذي سلب عنه وعن كل شعبه.
وتستطيع ان نقول أنّ الاتجاه عند فدوَي طوقان بتياراته المختلف ولكن أنا اخترت اهمه.
الخاتمة
فيمكننا القول فدوَى واحدة من كبُار روّاد شعر المقاومة، شاعر الكلمة السارية في افئدة الاحباء الرقيقة الشفافة السامية المحلقة في أجواء رحبة من الحب والصفا والنّماء، وصاحب الكلمة الخارقة لقلوب الأعداء ان كانت لهم قلوب، وإن كانت فهي سوداء قاسية لاتعرف معني الانسانية.
أنها بحق شاعر الوطنية وصاحب الكلمة الحرة وصاحب مدرسة شعرية في المقاومة الفلسطينية التي لم ينضب معينها ولم يذب رواؤها ولم يأفل بريقها ولم ينطفأ وهجها بعون الله وقدرته وحوله.
المصادر
- الخطيب، يوسف ، ديوان الوطن المحتل ، ط1،دارالفلسطین،1968،ج1.
- طوقان، فدوَی ، الدّیوان ،ط3، ، بيروت، درالعودة، 1988م،ج1.
- كنفاني، غسان، مؤسسة الابحاث العربية، ط2، بيروت، مؤسسة الابحاث العربية، 1982م، ج2.
- گنجي، نرگس، ويژگيهاي موضوعي فني فكري در شعر مقاومت ،دانشگاه تربيت مدرس، 1371
- مصطفي، خالد علي، الشعر الفلسطيني الحديث،ط2 ،بیروت، دارالشؤون الثقافية العامّة، 1986م،ج2.
- اليسوعي، كامبل روبروت،ط1، بيروت ،مركز الدراسات للعالم العربي المعاصر، 1966،ج1.