الأحد ٢٢ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٩
بقلم إبراهيم أوحسين

بائعة الكلمات... في انتظار ما لا يأتي!

"لتكتب، لا يكفي أن يهديكَ أحد دفترا

وأقلاماً، بل لا بد أن يؤذيك إلى حدّ الكتابة"
أحلام مستغانمي _ عابر سرير

عتبة

كلما ارتبط لدي اسم كاتب بدرّة الشرق"سوريا الشام"وقلبها النابض"دمشق"، إلا وتهيّبته أشد ما تكون الهيبة ؛ كيف لا ورحم هذه البلاد لم تنجب للدنيا إلا من خُلّدت أسماؤهم على مر العصور والدهور؛ ولست أغالي حُكما إذا قلت: لو أتى كلُّ مِصرٍ من الأمصار بأفذاذه وجهابذته وفوارسه وأتت دمشق بالكواكبيِّ فرداً لكفاها ذلك مؤونة المفاضلة والمنافسة والمفاخرة... وحقا، إن البلاد تلك لم تنجب ذوي إعاقات قطّ، لا في الفكر ولا في الأدب ولا في الثقافة الإنسية جملة، لكنها أخفقت _ شأنها شأن أخواتها من البلاد العربية_ في إنجاب أسوياءَ كُمَّلَ الخِلقة في السياسة! ولعل الدهر ينتصر يوما لقلم المفكر والأديب إزاء معول السياسي وكلامه الزائف.
مدخل بسيط:

هي أعواد ثقاب ترتجف بين أصابع فتاة شبه متجمدة في إحدى الشوارع القاتلة بالصقيع؛ تابعت الصغيرة إشعالها تتْرى حتى انطفأت ذخيرتها كاملة، دون أن تخفف عنها قسوة البرد ولا قرقرة معدتها الفارغة، لكن الموت عاجَلها وأراحها من الآلام بضربة واحدة... هكذا اختصر الأديب الدانماركي هانس أندرسن مأساة بائعة الكبريت في منتصف القرن التاسع عشر، ولست أدري في الحقيقة ما الذي لَزَّني على تذكرها مباشرة بعد إنهائي قراءة رواية"بائعة الكلمات"للكاتبة الصحفية السورية ريمة راعي؛ هل كُلُّنا بائعة الكبريت تلك على أرصفة شوارع أوطاننا الشائخة؟ هل استهلكنا كل أعواد الثقاب خاصتنا قبل تبديد ظلمة الحياة؟ هل الموت سبيلنا الوحيد إلى الخلاص؟ أوَ لم يزعم"سوفوكليس"في رائعة"أنتيغون"أن الموت سعادة وخير؟ هل نساؤكِ يا دمشق طوالقُ وسفنك غوارقُ وحاراتك محارقُ؟ تساؤلات لم تُطرح ههنا جزافا و لا اعتباطا، إذ أراها مطروحة في مخيال الكاتبة حتى ضاق بها وعيها وضميرها الداخلي، فاستحالت _ بعد تكاثفها _ رواية نُسجت خيوطها بإحكام، تعترض القارئَ فيها أحداثٌ متشابكة حدّ الالتباس أحيانا، لكنه تشابك كتشابك الخطوط العربية في جدارات قصر الحمراء، وتناظر كتناظر الخطوط الملونة في سجّاد مغربي فاتن... وما الجمال في آخر المطاف إلا جُماع تعرجات وانحناءات والتواءات مُعادَةِ التشكيل والترتيب بعبقرية.

تضاريس العنوان والغلاف:

درج العنوان على ما ألفته العين والأذن في مجال التأليف الأدبي عموما، فهو تركيب إضافي مكون من كلمتين، أولاهما مضاف وثانيهما مضاف إليه، والتركيب جملةً خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه / تلك. أما العنوان رأسا فشقه الأول"بائعة"جعله مألوفا ومعتادا، على غرار"بائعة الخبر"لكازافيه دي مونتبان، و"بائعة الورد"لعبد الحميد طرزي، و"بائعة الأعشاب"لحنان رحيمي، و"بائعة الكتب"لسينثيا سوانسن، و"بائعة الجبن"لفاطمة الزهراء الكتاوي وغيرها من الأعمال الأدبية المحتفية بالأنثى"البائعة"المنخرطة في عمق تصاريف الحياة اليومية ومقاديرها. أما بيع الكلمات _ أو الكلام عموما_ فالعهد به قديم قدم البشرية ذاتها، ولعله بدأ مع سيادة السيد واستعباد العبد، إذ طفق هذا الأخير باحثا على كلام يبيض به وجه سيده، انتقالا إلى زمن الشعر وصناعة مدائح الملوك والوزراء وكبار الدولة، تزلُّفا إليهم مقابل أعطيات نقدية أو عينية، أما مضمون الكلام فأغلبه مغالاة ومبالغات هدفه التكسّب لا غير؛ وحالما يغيب العطاء يُقصف الممدوح مباشرة بالهجاء، والأمر سارٍ على كتّاب الدواوين وعلى الورّاقين وعلى كل من احترف فنون القول وتدبيج المعاني؛ أما الشأن اليوم، مع طغيان وسائل التواصل الحديثة، فصار كل فرد قادرا على عرض بضاعته الكلامية بكل يُسر، وقد أُوكِلَ أمر البيع للبرامج الإلكترونية وللمواقع المتخصصة في تسويق الكلام وبيعه، بغض البصر عن مضمونه وعن فائدته.

إن العين متى تبصر غلاف الرواية _ في الطبعتين كلتيهما _ تجد صورة امرأة عَيْطَبولٍ (طويلة العنق، والعرب تعدّ هذا الوصف مظهرا من مظاهر جمال المرأة)، كاشفة عن محياها الحزين حدّ الكآبة، وكأن الكاتبة تنضمّ لركب أولئكم المُدَّعين إمكانية الجمع بين الحزن والجمال وصهرهما في بوثقة واحدة؛ ولعل الطائفة تلك لم تجانب الصواب والدهر شاهد على ذلك؛ فهذه سوناتا"ضوء القمر"، التي"قدم من خلالها بيتهوفن عذوبة الحزن الجميل وغيّر من خلالها تاريخ الموسيقى"كما كتب الناقد لودفيج ريلشتاب عام 1836؛ ودونك لوحة"الصرخة"لإدفارد مونش (1893)، ولوحة"التراجيديا"لبيكاسو (1903)، ولوحة"إلى أين نحن ذاهبون؟"لبول غوغان (1897)...وغيرها التي استطاعت تشكيل الحزن الوجودي وصياغته في صور جمالية مُعجبة. أما شيطان الشعر فقد واطأَ كذلك الموسيقيَّ والتشكيليَّ على نفس الادّعاء، وهنا يحضرني قول نزار:

إني أحبّكِ عندما تبكينا
وأحب وجهكِ غائماً وحزينَا الحزن يَصْهَرُنا معاً ويُذيبنا
من حيث لا أدري ولا تدرينا تلك الدموعُ الهامياتُ أحبها
وأحبُّ خلفَ سُقوطها تِشْرينا بعضُ النساءِ وجوهُهُنَّ جميلةٌ
وتصيرُ أجملَ عندما يَبكينا

وإن تاريخ الشعر العربي لطافح بقصائد حِسانٍ استطاعت _ بتفاوت_ مزج ذينك المُركَّبين العجيبين، وجنس الرواية كذلك ليس بِدعًا في هذا المضمار وهو ذو القدرة الفائقة على التوليف والتركيب، تماما كما أتحفنا في ستينات القرن الماضي ياسوناري كاواباتا في رائعته"حزن وجمال"،و سماح حافظ في رواية"الحزن يرحل سعيداً"، وغيرها مما يضيق المقام بالإشارة إليه. عموما، تبقى الرابطة والوشائج التي تصل الحزن بالجمال متينة إلى الحدّ الذي جعل عبد الوهاب المسيري يقول:"من يريد أن يجرّب الحزن فعليه أن يُغذّي ناظريه من مظاهر الجمال!".
الرواية باحثةً عن الإنسان!

على مدى 145 صفحة، في عملها الروائي"بائعة الكلمات"، الصادر في طبعتين، الأولى عن المكتبة العربية للنشر والتوزيع والثانية عن دار روافد للنشر والتوزيع سنة 2018 بالقاهرة، سعت الروائية ريمة راعي في نقلنا منذ الأسطر الأولى إلى عالمها الخاص، عبر الدَّلْف إلى الكوامن الإنسانية ودهاليزها المُعتمة، مسلّطة أضواءها الكاشفة على أغوار الذات وأعماقها غير المُتَبَدِّيَة للعيان؛ لبثَتْ تحفر بلغتها الرائقة في واقع الإنسان الشامي البسيط الذي يأكل الخبز ويمشي في الأسواق، غير مستعدة للهروب إلى مرابع الخيال، مقتلعةً نفسها _ بتعبير ميلان كونديرا _ من حياة لم تكن لتمنحنا أي إحساس بالرضى،والواقع ذاته بات أغرب من الخيال!! إن الروايات لا تكتب في الحقيقة لخلق شخصيات وحوارات وأحداث لمجرد إمتاع القارئ بماجرياتها وانتقالاتها الدرامية؛ إنما لاستفزاز وعي القارئ وفتح بصيرته على آفاق محجوبة عنه، عن جهلٍ أو تحت تغييب الحقائق من لدن الأنظمة الحاكمة، ولنا في"كوخ العم توم"لهارييت ستاو، و"جذور"لأليكس هيلي، وروايتي"مزرعة الحيوان"و"1984"لجورج أورويل و"الأم"لمكسيم غوركي...و غيرها مثال من أعمال أدبية غيرت أنظمة تفكير أحادية وزعزعت قناعات فئات عريضة، بل، أطلعتْ الأجيال المتلاحقة بعد صدورها على حقائق تاريخية لم تكن متاحة _ فنيا على الأقل _ في بطون كتب التاريخ المؤدلجة والمتحيزة في غالب الأحيان. وفي هذا السياق من البحث عن الذات الإنسانية وكشف تنائفها وصحاريها، تأتي"بائعة الكلمات"في مرحلة حاسمة من تاريخ الشرق الأوسط الرازح تحت مخلفات وصنائع ما سُمّي بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، متسائلة، أي الرواية، عن موقع الإنسان والإنسانية،تارة بين الناس أنفسهم، فيما تلتفع به معاملاتهم وسلوكاتهم من كراهية وظلم وإهانة، وكأن"الإنسان قد أَشْكَلَ عليه الإنسان"كما رأى أبو حيان التوحيدي؛ تارة أخرى في تعاليم وعقائد من يصدّرون الوحشية والجاهلية والموت الأحمر إلى العالم، مدّعين أن الدّين"السَّمحَ"مؤسَّسٌ على محاكمة الناس ومحاسبتهم، وأن"التكفير"و فصل الرؤوس عن أجسادها أمر سماوي يعدّ من صميم الرساليّة والإصلاح والتنوير!! وقد تكون عبارة"لعلنا لم نعد بشراً منذ سنين طويلة"(ص 98) إيماءة إلى هذه الحسرة وإن جاءت في سياق مخالف من الحدث الروائي.
أفروديت... الجمال في التفاصيل!

لم تنحُ الروائية في عرض فصول روايتها منحى السرد الكلاسيكي، ولم تلتجئ إلى خلق شخوص متعددة ولا إلى تشعيب الأحداث في أزمنتها وأمكنتها؛ فالرواية جملةً دارت رحاها على عشرة شخوص كحد أقصى، بين أدوار رئيسة وأخرى ثانوية، والرواية الحديثة عموما تميل إلى إبراز الكوامن النفسية والوجدانية لشخصياتها أكثر من ميلها إلى تضخيم الحدث وتوليد جيش من الشخوص (1).

لم تكن طبعا أمّ أفروديت في مدخل الرواية كأمّ غسان كنفاني، أو كأمّ مكسيم غوركي في رائعتيهما؛ فهما كانتا أمّين بحجم وطن، بل استطاعتا تغيير ملامح تاريخ فلسطين وروسيا بحيالهما؛ في حين أن الأمّ الفلاحة البسيطة لا يهمها سوى تجاوز خيبتها"الإنجابية"المتمثلة في ازدياد فتاة شبه سمراء لا تحمل مقومات الجمال المطلوبة، فسارعت لتخفيف وطأة الحسرة بمنح ابنتها اسم"أفروديت"، تبرّكاً بأفروديت، زوجة رئيس مخفر الشرطة الفرنسي في القرية، الجميلة حسب رواية الجدّة. لا شك أن الأم كانت تجهل مقام اسم ابنتها في تاريخ الأساطير والآلهة اليونانية(2)؛ الاسم الذي خلق _ عكس المأمول _ عقدة نقصٍ لدى البطلة طوال حياتها، بدءا من محيطها القريب إلى ما بعده من فضاءات متحركة، ورغم أن العرب قديما ادّعوا نصيبا لكل امرئ من اسمه فإن البطلة أفروديت قد ضاقت ذرعا باسمها ناسفة قول العرب، لتذكرنا بقصة الطفل جُعْلٍ (الخنفساء) الذي شكا أباه إلى خليفة المسلمين عُمرَ بن الخطاب قُبح اسمه. لكن أفروديت على مدى تضاعيف الرواية آمنت بالجمال الداخلي وبالحجم الكبير الممنوح للبشر من السعادة الكامنة بين حناياهم، يكفيهم التنقيب عن تفاصيلها فقط، وكأنها تعيد مقولة تشيخوف في قصة العنبر 6:"إن سكينة الإنسان ورضاه ليست خارجه بل في داخله".

أفروديت... بائعة الكلمات!

تتأطر أحداث الرواية ابتداء من الفصل الثالث فصاعدا ضمن حدود الذاكرة واكتشاف الذات والوجع، والمقصود أن البطلة في المتن الروائي التصاعدي ركزت أساسا على بعض اللحظات التي جمعتها ببحر ابنها المتوحد و المغدور برصاص طائش، وانتقلت فيما بعد إلى مرحلة اكتشاف معنى آخر للحياة عبر انصهارها الكامل في قراءة ما تجود به مكتبة الأستاذ سعْدٍ، هذا الأخير الذي شكل ظهوره حدثا فارقا في حياتها، فعبره استطاعت البطلة التماهي مع عوالم أخرى لم تكن حسبانها، إذ أنها بشيء من الذكاء الفطري والتمرس على أساليب الأدباء والمفكرين، تمكنت من خلق كلماتها وتعابيرها الخاصة، ما أهّلها إلى خوض تجربة إنتاج المعاني وبيع الكلمات لصويحباتها حسب نوع الطلب، متأثرةً بقصة"الكلمتان"للروائية التشيلية إيزابيل الليندي، حيث البطلة بليسا تحترف هي الأخرى بيع الكلمات حسب المطلوب. هكذا استمتعت أفروديت بالقراءة وبالكتابة مدة ترددها وأخيها الصغير على بيت سعد، الأمر الذي خلق أُلفة خاصة بينهما، جعلت أفروديت تتحسس في عمقها الوجداني وقْعَ وسحر كلمتي بيلسا: أنا أحبك!... ليأتي الوجع مُسَوِّداً بياض الرواية، لتضيف البطلة مأساة فقْد ابنها الوحيد إلى مأساة ابتلاء بلاد الشام بطاعون"داعش"، الذين أقاموا مجازر جماعية في حق أبرياء عُزّل، ظانّين أنهم يطهّرون الأرض من الكفر ومن الشّرك ومن الصّنمية... مجازر أودت إحداها بحياة أمّ البطلة بوحشية، خصوصا أثناء تعريجها على وصف المقابر الجماعية التي احتضنت عشرات الضحايا؛ مشهد أعاد للأذهان مجازر النظام النازي في حق المدنيين الأوكرانيين والبولنديين، والمجزرة الإسرائيلية في مخيم صابرا وشاتيلا في حق اللاجئين الفلسطينيين، ومجزرة حكومة كوريا الجنوبية في حق الشيوعيين والمتعاطفين معهم فيما عُرف بعد ذلك بمجزرة"رابطة بودو"... وغيرها كثير في تاريخ البشرية قديما وحديثا.

استمرت حياة أفروديت الروائية، متجاوزة ماضيها الأسود، بل متناسية إياه، لأننا بالأحرى نتناسى جراحاتنا لنفسح الطريق أمام أيامنا القادمة لتمرّ بلا تماطل أو تأخر، وقد صدق ميخائيل نعيمة قائلا:"حبذا النسيان لو أن ما ننساه ينسانا؛ ما من نسيان على الإطلاق، بل هناك ذهول طارئ لا غير!"؛ هكذا تجاوزت مآسيها وتحمّلت أقدارها الصعبة واستطاعت الحصول على وظيفة في إحدى دور النشر كمدققة لغوية وكاتبة مقالات خارج وقت عملها، لتغدو بائعة كلمات بشكل رسمي،مستأنسة بعالمها الصغير بغرفتها الصغيرة المستأجرة. سارعت الصدفة بعد ردح من الزمن إلى عقد لقاء جديد بين أفروديت وسعد، لينقدح زناد ذكريات كانت مطمورة تحت الرماد لتلتهب من جديد عبر لقاءات منتظمة متكررة، لتنتهي الرواية فاتحة في فصلها الأخير أفقا لانتظارية مبررة،مادام يوم الاثنين لم يبرح مكانه منذ زمن كما في"ماكوندو"غارسيا مركيز؛ وهي نفس فكرة مالك بن نبي"لازال العالم العربي والإسلامي في عصر ما بعد الموحّدين!".

بائعة الكلمات... عود على بدء.

هذا تطواف يسير بين دروب الرواية وأزقتها الملأى بالتقاطعات وبالمدارات، هي حقنة يحتقنها القارئ فيشعر في نفسه أنه قرأ في الحقيقة رسائل غير مشفّرة، واضحة المعنى خالية من الترميز. إن الرواية صراحة تضعنا أمام ذواتنا منزوعةَ الاعتداد بالنفس، متخفّفة من تكبّرو تَعالٍ وعنجهية ألقت بِجِرانِها على الرَّبع العربي الممزق بالطائفية وبالأيديولوجية وبالنعرات القبَلية الممتدة بجذورها إلى زمن البسوس أو داحس والغبراء؛ زمنٌ عربيٌ"حَيِّ الشَّهيقِ ميِّتِ الأوصالِ"كما قال ذو الرِّمَّة، أو كما قال أبوبكر بن عمّار قبيل أفول شمس الأندلس:

ممّا يُزَهِّدُني في أرضِ أندلُسٍ
أسماءُ مُعتضِدٍ فيها ومُعتمِدِ ألقابُ مملكةٍ في غير موضِعِها
كالهِرِّ يحكي انتفاخاً صَوْلَةَ الأسَدِ

بيعُ كلامٍ _ ومن هنا رمزية بائعة الكلمات_ وانتفاخٌ _ كظواهر صوتية بتعبير القصيمي_ على المنابر الدولية بالذي سيكون غدا أو بعد غد، أو لعله لا يأتي ولا يكون أصلاً _ إشارة إلى فصل الانتظار الأخير _، كأننا نعيد قراءة رائعة صمويل بيكيت"في انتظار غودو"، التي تعكس حالنا اليوم، نحن المنتظرين مُخلّصاً غير موجود وغير كائن من أصله!!... الرواية احتفاء بالحب وبالجماليات وبالإنسانية في أسمى تجلياتها، وهي كذلك صوت داخلي ينبه الإنسان فاقدَ البوصلة إلى إعادة ترتيب الذات،مُرمِّماً خرائبها، متجاوزا هزائمها، معيدا بناءها دون انتظار ما لن يأتي...

هوامش:

1_ يمكن التوسع في الموضوع من كتاب نقد الرواية من وجهة نظر الدراسات اللغوية، لنبيلة إبراهيم سالم، النادي الأدبي الرياض، 1980.

2 _ أفروديت في الأسطورة اليونانية آلهة للحب وللجمال وللشهوة وللإنجاب، وقد عُني بها الأدب العربي والغربي على السواء.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى