

باللَّهِ قُولِي يَا حَلِيمَةُ مَا جَرَى
بِاللَّهِ قُولِي يَا حَلِيمَةُ مَا جَرَى
حِينَ احْتَضَنْتِ مُحَمَّدًا خَيْرَ الْوَرَى
قُولِي بِرَبِّكِ كَيْفَ نَبْضُكِ وَقْتَهَا
لَمَّا فُؤَادُكِ وَالْحَبِيبُ تَجَاوَرَا
رَدَّتْ حَلِيمَةُ: إِنَّ قَلْبِي مُعَلَّقٌ
مِنْ قَبْلِ رِحْلَتِنَا لِمَكَّةَ زُوَّرَا
وَلَقَدْ تَعَلَّقَ نَاظِرَيَّ بِوَجْهِهِ
فَمَا رَأَيْتُ كَحُسْنِهِ فِيمَا أَرَى
وَاسْتَسْلَمَتْ رُوحِي لَهُ مُرْتَاحَةً
وَكَأَنَّمَا خُلِقَتْ لَهُ دُونَ الْوَرَى
يَا سَعْدَ قَلْبِي إِذْ رَعَيْتُ مُحَمَّدًا
وَرَعَيْتُ نَشْأَتَهُ بِرُوحِي الْأَنْوَرَا
أَرْضَعْتُهُ حُلْوَ الْحَلِيبِ وَمِثْلَهُ
فَصْحَ الْكَلَامِ وَمُحْتَوَاهُ الْأَنْدَرَا
حَلَّتْ عَلَيْنَا وَأَغْدَقَتْ بَرَكَاتُهُ
لَمَّا لَفَى خَيْرُ الْأَنَامِ وَجَاوَرَا
وَأَلَمَّ بِي خَوْفٌ عَلَى هَذَا الْفَتَى
مَا حَلَّ بِي خَوْفٌ كَهَذَا وَاعْتَرَى
لَمَّا عَلِمْتُ أَنَّ خَلْقًا ضَامَهُ
وَشَقَّ أَضْلُعَهُ وَأَجْرَى مَا جَرَى
فَأَخَذْتُهُ مِنْ دُونِ وَعْيٍ لِأُمِّهِ فِي
مَكَّةَ وَدَفَنْتُ قَلْبِي فِي الثَّرَى
وَرَجَعْتُ كَالْجَسَدِ الْمُفَرَّغِ خَاوِيَةً
وَالْقَلْبُ فِي بَلَدِ الْحَبِيبِ مُثَابِرَا
يَا وَيْحَ قَلْبِي كَيْفَ يَحْتَمِلُ الْجَوَى
يَا وَيْحَهُ أَيَكُونُ قَلْبًا صَابِرَا؟
وَالْعَيْنُ تَذْرِفُ دَمْعَهَا مِنْ وَجْدِهَا
كَيْفَ الْحَيَاةُ وَالْعَيْنُ غَيْرَهُ لَا تَرَى
صَلَّى عَلَيْكَ اللَّهُ أَنْتَ حَبِيبُهُ
أَنْتَ الشَّفِيعُ وَأَنْتَ أَنْتَ الْأَجْدَرَا