تونس الحمراء
| خِطابُ الشُّعوبِ خطابُ الظَّفرْ | وَعصرُ الطُّـغاةِ هَوى وانكَسَرْ |
| وَشرْطُ الإرادةِ أنْ لا تُمارى | وَشَرطُ الكرامةِ أنْ تُختَبَرْ |
| إذا الحقُّ أضحى قويَّ الجنابِ | تمخَّضَ عدلٌ بكلِّ الصُّوَرْ |
| وإلا فـإنَّ لكـــلِّ بغيٍّ | حِسابٌ وإنْ طـالَ فيهِ العُمُرْ |
| وما العيشُ بينَ الرُّفاتِ فإلا | دليلٌ على الكفرِ بالمختَصَرْ |
| وأيُّ بناءٍ على الظُّلمِ يبقى | وأيُّ أساسٍ وسوسٌ نَخَرْ |
| فإنَّ المصيرَ بدارِ خُنـــوعٍ | هوَ الموتُ والأسوأُ المنتَظَرْ |
| إذا كانَ ضيمُكَ بينَ الأعادي | يَهونُ وتبقى الأعزَّ الأغرّْ |
| ولكنْ بسيفِ عروقٍ تفانتْ | لمصِّ الدماءِ وحبسِ الثَّمرْ |
| وَتركِ البواقيَ جوعى وعطشى | فهذي المصيبةُ أدهى أمرّْ |
| لِتونُسَ سَبْقُ البــلاغِ تجلَّى | بهدمِ السُّدودِ وَبزِّ الخَطَـرْ |
| وَقـامَ ا لأبــاةُ فليسَ القعودُ | سوى عجزِ منْ كانَ فيهِ انتحرْ |
| تعلَّمَ شَعْبُ العُروبةِ دَرْساً | أرادَ الحياةَ وَفيها انتَصَرْ |
| وعلَّمَ كيفَ يصونُ العهودَ | وكيفَ يُجَدِّدُ حبرَ القَدَرْ |
| فلا عُجْبَ أن يُهزمَ المستَحيلُ | إذا الـدَّمُ صاغَ الخُطى كالمطرْ |
| سلامٌ لشَعبٍ أطاحَ القيودَ | بِلَحْمٍ تنزَّلَ مثـــلَ السُّوَرْ |
| تقحَّمَ نــارَ البغاةِ ضِراماً | لصـبحِ الكرامةِ يُجزي الدُّرَرْ |
| ويرسلُ أكـبادهُ ناهضينَ | بهـامٍ تطاولُ نجماً سَدَرْ |
| يرَدَّدُ لـحنَ النُّهوضِ أبياً | ويرفضُ سوْقَ العبيدِ المُقَرّْ |
| ويعلنُ أحـرارهُ الانعتاقَ | منَ الخوفِ قبلَ الرَّدى والحُفَرْ |
| لعمريَ إنَّ المثالَ عظيمٌ | سبى اللُّبَّ فيهِ وحازَ البَصَرْ |
| فأينَ هُراءُ ذوي المُبْطِلينَ | وَألسنةُ العَجْزِ منذُ الصِّغَرْ |
| وأينَ مَكائِدُ شرِّ الوجوهِ | أحاديثُ (مارِنزَ) بينَ الفِكَرْ |
| تُثَّبِطُ بينَ الشُّعوبِ خُداعاً | وتَسْتَوْرِدُ الكُفرَ فيمنْ حَضَرْ |
| وأينَ الذينَ يقولونَ ماتوا | وصاروا غُثاءً وَزالَ الأَثرْ |
| إليكمْ بيانُ الحقائقِ تَترى | وَتَكشِفُ زَيْفاً هوى ما استمرّْ |
| منَ القيْراون دليلٌ تجلَّى | فكفوا العويلَ أطيلوا السَّهرْ |
| أمانيُّ إبليسَ خابتْ جهاراً | وَذا الرَّعدُ صوتُ الخيولِ مُضرْ |
| فَعلِّمْ بها المستريحينَ إنّا | سئمنا انتظارَ جَديدِ الحجَرْ |
| فَهلْ تَصنَعُ الأمنياتُ المعاليْ | وهَلْ تنشدُ الخُرْسُ لحنَ القمرْ |
| وإني لأَعْجبُ منْ بهلوان | يبيعُ الضَّجيجَ وعنهُ اعتَذرْ |
| يقولُ عنِ الثَّورةِ الأحجياتِ | فإنْ ثارَ شعبٌ يَقلْ: لَوْ صَبَرْ |
| وهذا يسَّرِحُ جيشَ الخيالِ | يمنِّي الرِّجالَ بِرفدِ السَّفَرْ |
| وذاكَ تمطَّى وبينَ النيامِ | ترى الدَّهرَ فيهِ بأَعتى العِبَرْ |
| ومع ذاكَ فهوَ الذي لا بديلَ | لِجثَّتِهِ عندَ شَعْبٍ عَبَرْ |
| وأفدحُ منْ صنعةِ الخائبينَ | نفاقُ الأعاجمِ لاتَ المفرّْ |
| تدورُ مآقي الكذوبِ سِراعاً | لتلمحَ أينَ تــحطُّ النُّمَرْ |
| كأنَّ مصائرَ هذي الشُّعوبِ | قمارٌ يمارسُ فينا انتَشَرْ |
| رويدكَ يا غربُ إنا وعَيْنا | ونحنُ الرسالةُ بينَ البَشَرْ |
| وحاذِرْ تُمارسُ فنَّ الأفاعي | تُبرِّدُ لَغماً ثوى وانفَجَرْ |
| مصيرُ الشُّعوبِ بأيدي الشُّعوبِ | فَكُفُّوا النِّفـــاقَ رعاةَ البَقَرْ |
| ولا بُدَّ يوماً ستشرقُ شمسي | بعزِّ العــروبةِ رُغمَ العُسَرْ |
| سيصنعُ أحرارُها الانتِصارَ | كحمرةِ تونُسَ دونَ الشَّجَرْ |
| هيَ النّارُ تبقى ببطنِ الرَّمادِ | إذا النّارُ كانتْ ضميراً لِحرّْ |
| فِلَسطـينُ أنّى تقادمَ عَهدٌ | تُجَّـــدِدُ فيهِ الأماني الشَّررْ |
