الخميس ٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٤
بقلم
حائطيات طالب المقعد الأخير 11
من ترك القمرَ وحيداً فلن يأكلَ خبز الليلكجندي على الحدود يغنيلا في المهرجانات ولا لحبيبته بل في حراسته الليلةستبقى أغانيكَ تهزها الريح والمناسباتكشاحنة مليئة بالبطيخ تمر في حقول القريةلن تقف لإشارات المارة ستمضيتحمل البطيخ وبعض الجرائد القديمةالطالب القصير في المقعد الأخير رفع يدهقلتُ له إن التوزيع في هذا العالم غير منصف لم يصدق!سأل بفم كبير كأنه مضغ علبة كاملة من العلكةفي آخر مرة وقفتُ فيها على الشاطئ كانت السفن بعيدة كما وجه أميوبعض الصيادين جلسوا وجلسناكان القمر شهياً كقرص فلافلسحبَ شباكه وأغلق كل النوافذ والأبوابترك القمر وراءه كأم تنسى طفلها في السوقفي تلك الغرفة المحكمة كمخبر طبينمت فيها بيوت العنكبوت وبعض المسامير الصدئةشرّح كل ذكرياته فيها وشرّحهاتماماً كما طبخ الفاصولياء داخلهامن ترك القمر وحيداًلن يأكل اللوز في ليالي الصيفسيملأ جيوبه بالملح***لا تفتحوا الأبواب في الليل حين يحين الصباح كل أبوابنا مفتوحةوالكراسي الخشبية نضعها أمام العتبة للضيوفوللقطط في قيلولة الظهيرةوحين تفتح النافذة في الليل لن يطرق القمر البابإنما يجلس في كراسي العيونبدون استئذان كالحب الطازجأمسكه من رقبته وأصنع مثلجات من حليبه لكل الأطفالالأطفال الذين سرقهم «الحرامية» حينما فتحوا البابفي ليل غريب كعيون الماعزكانت تعويذة الليل بعض كلمات علي بابابعض أخشاب أبوابنا عندما مرّوا في الممر الضيق بأقدام حافية***كنتُ أعرف أن القطار سيعود إلى محطتهوأن صناديق الفاكهة التي حملناها إلى المدن البعيدةلن تعود إلا بالصراخفي البيت الذي شمّرت فيه الريح عن سواعدهاولكن ما لا أعرفه أن تبقى القرية خالية عندما تمر الحصاداتوأن يبقى بائع المزادات وحيداً يبيع أجهزة الاستقبال في مدينة لا كهرباء فيهاكان علي يا أبي أن أستوعب دخان القطاراتوأن القرى الكبيرة تنفجر حين تأكل الخبز الحاف كل يومما لا أستوعبه أن أمي حين كانت تنظف العدس من القشكانت تحرق في أغانيها كل أسباب الحزنكل يوم يلتصق وجهي بالنافذة تدنو مني سحابة بيضاء كوشاح صلاة أميلم أصطد الفراشات يا أميأذكر الذباب كثيراً والوحل وذلك اللحاف الذي كنتِ تغطينني به وأنا صغير أنفخ على البلوروأنتظر المطرالسفر وحيداً ..حزين أنا يا أميحتى لو وزعوا علي في رحلتي عصير برتقال وجرائد مجانيةأنا أسعل كثيراً هذه الأيام وأزعج الجيران***لا يهدأ الليل إلا حين تشعل كل مصابيحهاتلك التي تحب أغنيات خوليو وأكل البوشار في الشارعسحبتني من يدي وأخرجت علبة مكياجها وقطعة شوكولاوأنا هنا جالس كطبلة العرس من كثرة الأعراس لم أعد أشعر بالألمفي الليلأخرج من البيت ولا أسأل إن أخذت مفاتيحي أم لا أبحث في المولات عن بضائع عليها تخفيضاتأشتري علبة شاي لأحصل على كأس مجاناًلا أهدأ كثيراً وحين يمر القمر كالشبح في الزقاق شاحب اللونأجرح كل من يدانيني كالقصب الحادوحدها حين تشعل مصابيحها تروض الأفعى فيّ وتحولني إلى ناي.