حالك
نفضت هواجسك ، الملونة .. ارتقيت سلم عيادة ، طبيب العائلة ، الذي مازالت ملامحه : غائرة في سراديب ذاكرتك : بسمته المهندم ؛ لعله لم تغيره ، السنين المنصرمة..
أخرجت من حافظة نقودك : ورقة المائة جنيه . ناولتها إلى الممـرض
– مستعجل .. من فضلك .
رفع رأسه ، ونتر قلمه الجاف ، على المكتب .. حدجك ، بعينيه الناريتي اللحـظ :
– كما ترى .. العيادة ممتلئة .. كل المرضى مستعجلون..
هززت رأسك ، بحركة آلية ..وألقيت بنفسك ، فوق أقرب كرسي .. يداك يغسلهما العرق ؛ في لحظات الانتظار ، والقلق .. لاتحب رائحة العيادات والمستشفيات .. الدوار ، يلف برأسك، والطنين بأذنيك ، يزداد ..
حالتك ، أصبحت تصطك لها خلاياك .. حاولت أن تضعها في بؤرة اللاشعور ، لكنها أبت ...
حدقت إلى عقارب ساعتك - العتيقة - وهي تتحرك ببطيء شديد.. لم يمر سوى ساعتين ..
نظرات السخرية ، تطل من عيون الجيران ، الأصدقاء...
سؤال طفا في عقلك - فجأة - هل ما صرت إليه .. حقيقة ، أم كابوس كالح ؟!
جاءك ، صوت الممرض، الأجش :
– تفضل يا أستاذ ..
نقرت على باب حجرة الطبيب ، ودخلت تحييه . أومأت برأسك- المتعب - قعدت على كرسي، لصق المكتب .. تطالعك رأسه ، التي غزاها الشيب . ونظارته ، بعدساتها السميكة . لم يفقد ملامح الهدوء والطيبة ..
بادرك ، بأسنانه الناصعة البياض :
- منذ سنوات طويلة ، لم أرك .. ماهى شكواك ..؟
اغرورقت عيناك بالدموع :
- منذ أسبوع ، أشعر أن أنفى يزداد طولاً ..
بنظرات ، مرتابة:
- ماذا ؟!
– ما أقوله ، ليس تخريفًا ..كل يوم أنظر في المرآة : لاحظت التغيير؛ المطرد في أنفى ..
قام الطبيب من وراء مكتبه . اقترب ، وربت كتفك :
– قم معي إلى سرير الكشف..
قلت ، وعصب وجنتك اليسرى ؛ يختلج :
– أرجوك .. اكتب لي علاجًا .. لم أعد أطيق حالتي ..
– بصراحة ، وبعد الكشف عليك .. أنت سليم .."
– صدقني يا دكتور .. أنفي ؛ يزداد طولاً..
سرح الطبيب، بنظراته إلى لوحة ، معلقة على الحائط : شمس المغيب ، وجدائلها القانية ، تقاوم السقوط في بحر متلاطم ...
وعيناك تتابعانه بسأم ..