خواطرُ أقدم من تاريخ الحب
لا يحق للخيانة أن تقبل على نفسها التأنيث . تلك خيانة ٌ بـذاتها. أجزم أن رجلا ما هو الذي حاكمها، وليبرأ نفسه منها، وسمها بالتأنيث. عذرا ... بل أن مسترجلا ما قد حاكمها.
تعتقدين أنك كبرتِ عمرا، وأنك أصبحت ِ قادرة ً على درء الجروح عن روحك قبل أن تصيبها. تعتمدين على حدس المرأة فيك، حدس لا يخيّب ظنك أبدا. ثم ينتهي بك المطاف توبخين نفسك على تجاهل الحدس. ولم يبق في الروح جلد على مزيد من التجريح.
حين يقال لك أن الصفعة التي لا تقتلك تقوّيكِ، تتسائلين: تقوّيني لماذا؟ أكي أتحمل المزيد من الصفع؟
وحتـّام؟ أما للصفعات من نهاية؟
كل صفعة أقوى من سابقتها. وكل حقبة من عمر الأنثى فيكِ تنتهي بنتيجة واحدة: أنك ما زلت طفلة. طفلة كبر حجمها وأثقلت عليها سذاجة تحملها كحمل سيزيف، حتى أصبحتِ تترنحين بها. يرونها هم وتعجزين أنت عن رؤيتها.
حين يعلمون سيحدثونك عن المغفرة. سيتوقعونها منك. يراهنون على نبلك كرِهانك على ذلك الحدس.. سيبدو حديثهم لك طلسميـّا، لا معنى له. سيطالبونك بها كأنها فعلٌ ممكن، باعتبارها مؤنثة ٌ هي الأخرى.
كيف يطلبون المغفرة وهي شأنٌ إلهيٌّ فقط. ألم يقرأوا في الكتاب : "ومن يغفر الذنوب إلا الله" ؟ وأي ذنب؟
أمس، وفي تمام العاشرة حبّا ، حين مِدْتِ بين يديه تتمايلين، وحين ظنك تميدين جذلى بما أتقن اصطناعه، اكتشفتِ قاعَكِ.
لم يبق بعد هذا حضيضٌ تغرقين إليه، فقد وصلت إلى الدرك الأسفل من هوانك. لم تهني له، بل لأسطورةٍ أردت متعمدة ً أن تبقى حية ً فيكِ. آمنت بأقاويل الحالمين، أنك إن تشبثتِ بحلمٍ فسيكون... أنك إن آمنت به فستصيّرينه واقعا. فتشبثتِ بأكاذيبه وحبه، وأنت تعلمين... وهو لا يعلم.
كيف استطاع فعلها بكل تلك الثقة؟ أية آلة تعمل في صدر الرجل لتسيّره إلى هذا؟ من أين أتى كل تاريخ الحب منذ بدء الخليقة، إذا كان ما في صدور الرجال آلاتٌ ، لا قلوب؟ دقائقٌ من الهيجان تنسيهم عقودا من الوعود. لا بل أن الفعل الجامح، ذلك الذي تلده دقيقة ٌ هوجاء، لهو فعلٌ قابلٌ للتبرير. لكن ما لا يمكن تبريره هو أن تسري نية الجموح في دمه، ويصبح التصيّد للـّحظة السانحة هو سمة كل دقيقة وفرصة. النية المبيتة لقتل كل الماضي، ووأد المستقبل. يظن أن الستار لن يزول، وإن زال فبعض الجديد من الأكاذيب الحلوة سيمحو الأثرَ تماما. سيختلق لك الحب من لاشيءٍ مجددا، ويعتصر بضعة دموع ٍ صفراء، يظن بأنها قد تجدد له الثقة وتمنحه المغفرة. ثم تعود دائرة اللعب مرة أخرى،
كجرح ٍ ينزف روحا، ويأبى بغير الكيّ دواءً .