ديوان «شذرات روح»
غسيل الروح!!
أسمته "شذرات الروح" لكنني قد أسميه " غسيل الروح" لما تضمنه من قصائدٍ تسبح في الوعي متخمة بحب الوطن والانتماء لقاطنيه... أبيات من الشعر تؤسس أعمدة السمو الزاهية بعذوبة القوافي وسحر المعاني وكيمياء النص العتيق ... كلمات تنخر في لباب القلب وجوف الإنتماء لكل ما هو إنساني وعظيم.. هذا ما نجده في القصيدة المُعَنوَنة بـ " أيها الإنسان"، حيث نجد شاعرتنا تقول:" قلتُ: الأرضُ هي الهويةُ والعلمُ والعنوان.. أما أنا فتاريخي دَونهُ الزمان ومبدأي هو العنفوان.. أما مأكلي أنشودة للأيام للأزمان .. ومشربي دمٌ يخرجُ من القلبِ والشريان..
هذه الأبيات المُتشربة بوهج الموسيقى والحنين والعراقة والإلتحام بالوطن وأهلهِ تمنح ديوان ماري فرح إنسيابية المبنى، وشفافية المعنى، ودقة العبارة، وعذوبة الصور والمشاهد الجمالية وبراعة التسلسل المنطقي وترابطية الوحدة الموضوعية.. بعض من هذه السمات الأنيقة والعبقة نعثر عليها في قصيدتها " أملاؤا الدنيا سنابل" ، حيث تصدح :" هيا بنا نحمل المعول ونمشي .. هيا بنا نشق درب الأمل.. ونُشرق كالشمس من جديد.. هيا بنا نملأ الدنيا سنابل .. ونحلق في عالم جديد.. هيا بنا نحفرُ على صخرِ الأيام .. أسماءَ كل واحد فينا .. وَنُخَلدها في ذاكرةِ الأرض وعبق التاريخ .. هيا بنا نشقُ الزمن بإنجازاتِ وطن .. هيا بنا نَزرعُ السهلَ سنابل".
إنها صور شعرية تُحلِق في فضاء الإحساس المترامي فوقَ الزمن المقدس.. كلماتٌ تمنحُ عبقها لكل من يستحق.. لكل من يَجِد في الوطن الملاذ الأول والأخير .. كلماتٌ تتنفسُ برفضِ كل مغتصب ومستبد يحمل دم ضحاياه كقيدٍ مُخلق بالنار... مفردات صُنِعَت من فتيل المواجهة لكل ظالم أدمن على سحق المهمشين والأحرار..
شكراً للشاعرة ماري فرح التي نجحت في تطويع الكلمات بسحرٍ وموضوعية لتُخرج لنا تحفة شعرية من الكلمات الوضاءة والمعاني الخصبة المليئة باليقين والإنتماء .. شكراً لماري التي تغذي عقولنا وَتُبهِر أحاسيسنا دوماً بكل ما هو جديد وتراثي .. فمزيداً من الإبداع وشكراً لقلمها الخصيب الذي أنجب لنا " شذرات الروح " وتوأمه " من وحي التراب الفلسطيني".