الاثنين ١١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٠
بقلم نوزاد جعدان جعدان

«دِلْ فينْ» شهيدةُ النوى

دِلْ فينْ [1]] يا موكباً منَ الحنينْ
يا سربَ ترتيلِ الآلامِ على مدى السنينْ
قد أطبقتِ الغربة أذرعها
فاتخذتْ من السماءِ ملاذا
دِلْ فينْ سافرتْ
للتذكرةِ قد قطعتْ وغادرت
إلى البعيدْ
ناءتْ بعيداً آلافَ الأميالِ والسنينْ
لقدْ فقدناكِ
والحزنُ في قلوبِنا قد اختمرْ
قد طالتْ غربتكِ
في ميناءِ الحياةِ ..نحنُ ننتظر
أليسَ للرجوع من شراعْ؟!
لا تنصبوا أعلامَ حزنٍ
في القامشلي وبرلين
فالسماءُ اشتهتْ دِلْ فينْ
فأطلقتْها في بساطها نجمةْ
هكذا حدّثني صدى النجمة
المظللِ في قلوب الهاتفين
الصريحِ في سماء القرى
والخجولِ من ضوءِ المدنْ
تحت سطح القمرْ
فوق وجه النهرْ
*
دِلْ فينْ يا أنشودةَ الدموعْ
يا لوحةً ترسمُ تجاعيدَ الجبينْ
ماذا لو التقتْ عينايَ بعيني دميتكِ
ماذا أقولُ لها لو سألتني عنكِ..
أَهْلُكِ
يأملونَ لو تضيّعَ المنيّةُ
ذاكرتها ولو للحظة
ثمَّ يدقُّ البابُ جرساً
ليقولوا مينْ؟...فتجاوبين
هذي أنا دِلْ فينْ!
بابُ المنزلِ يحمل صوتكَ
يحسبونكِ أنتِ
أبوكِ يرسمُ وجهكِ
في قبر المنزلِ بألوانِ الظلام..
جدكِ
يرمي صنّارتهُ
إلى السماءِ ليصطاد شهابَ الأملْ
والسماءُ قاتمةٌ عمياء
في انتظار آمالٍ بعلية
آهٍ يا سماء ألمانيا !
كيفَ بلقمةٍ قمراً تبتلعين
كمْ تختفي الأقمارُ في بساطك
بكلّ قلبٍ بارد؟!
كيفَ حوّلتِ البدرَ إلى منارةٍ للحزن ؟!..
تدور حولها بوصلاتُ الألم ْ
إنّني بالشعر أرثي
هلْ غدا الدفترُ كفنا؟!
يا عجبا !..يا عجبا!
*
يا حوضَ السباحة
رفقاً بالسماءِ المتعبة
أأنتَ إطفائيٌّ للنورِ
أم قوّاد بدرٍ للغربة !!!
هل طافتْ مراكبٌ
ثمّ رستْ في ميناء الأسى؟!
فكلُّ شيءٍ ضاعَ إلا ذاك الميناءُ
دائماً طريقه المعبّد سالكٌ
حارٌ للحزنِ يا حوضُ!
*
دِلْ فينْ
يا شهيدةَ النوى
قد سالَتْ في القلبِ أناشيدُ الجوى
من مكانكِ
وأنتِ أبيضاً تلبسينْ
هل المروجُ عندكِ خضراء ؟!
وهلْ زيارة الأقاربِ تحتاج إلى طائرة؟!
هلْ من الاغتراب تعانينْ
إيه دِلْ فينْ!
ماذا للحياةِ تقولين ؟!
هل الحياة مروحة
عن بعدٍ منعشة
عن قربٍ جارحة؟!
أليسَ للحزن بيت
حتّى يحوم على بيوتنا كشحاذٍ يصدر الأنين ْ؟!
أليس للردى قبرٌ أو جنازةْ؟!
هلْ تعتلينَ الغيم َ أرجوحة وتحكين
للشمس أقصوصة
قصة جدٍّ منتظر
حفيدةً قادمةً اسمها للقلبِ دِلْ فينْ
انثروا في الشارعِ الأزهارَ ..اقلبوها حدائق
فجنازةُ شهيدة النوى قادمةٌ الحينْ

[1دِلْ فين فتاة سورية غرقت في حوض المياه وهي تطعم الطيور في ألمانيا، كانت تبلغ من العمر سبع سنوات.. قضتها كلها في ألمانيا، ولم ترَ بعد وطنها و عمها وجدها المنتظرين الإجراءات القانونية للسماح لهم بالعودة ، لذا غادرتْ جثة دل فين إلى وطنها دون رفقة أهلها كون قانون الأحوال المدنية في ألمانيا لا يسمح بذلك، و جدها وعمها استقبلا جثتها القادمة إلى ثرى الوطن .. .*


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى