
رواية جديدة لجمال بوطيب
سوق النساء أو صندوق بريد 26 رواية جديدة صدرت للقاص والروائي والشاعر المغربي الأستاذ الأكاديمي الدكتور جمال بوطيب ، وهي الإصدار الإبداعي الخامس بعد مجاميعه القصصية الأربع التي صدرت تحت عناوين:
– الحكاية لم تكتمل بعد 1993
– برتقالة للزواج ، برتقالة للطلاق 1996
– مقام الارتجاف 1999
– زخة .... ويبتدئ الشتاء 2001
بالإضافة إلى صدور دراسات نقدية عديدة.
إن سوق النساء ليست العتبة الأولى للولوج إلى عالم الرواية لجمال بوطيب ليوطد تجربته في نسيج الكتابة الإبداعية بأجناسها المختلفة وهو تحدي حقيقي ومغامرة لا تخلو من نتائج يظل المبدع ممسكا بتفاصيلها وهو هنا لا يقامر بجنس إبداعي على حساب جنس آخر ، بل بكل الأجناس التي يتحرك في فضاءآتها متنقلا من جنس لآخر وهذا يتطلب قدرة هائلة في التمكن من أدوات الكتابة الإبداعية لكل جنس أدبي حيث يحاول جاهدا منع التداخل غير المرغوب فيه والذي قد يقود إلى انزياحات تكون على حساب العمل المنجز قد يؤدي الى نتائج عكسية لكن جمال بوطيب ومن خلال اقترابنا من تجربته الإبداعية بأجناسها المختلفة وجدناه فارس كلمة لكل من هذه الأجناس.
وكقاص متميز تشكل مجاميعه القصصية منجزا إبداعيا يستحق الاهتمام وبشهادة من تناول هذه التجربة من نقاد ومبدعين آخرين ففي تجربته القصصية يتجاوز تراتبية التقليد للسير على نهج قصصي واحد ليوزع تناوله في القص بطريقة تحيل القارئ إلى مشارك في صياغة العمل لتتحقق العلاقة الندية بين الكاتب والنص والقارئ وبالتالي يتحرك لدى القارئ ذلك الفضول المعرفي الذي يسعى إلى تحقيقه أي مبدع رصين، وهذه الندية قد لا تتحقق في العديد من الأعمال الإبداعية.
بالإضافة إلى كون المبدع جمال بوطيب شاعرا يميل إلى النص التفعيلي وبتجربة قد تشكل في الراهن الشعري وسط الثغاء المنتشر حالة من التماس الحقيقي مع النص الشعري الذي افتقدناه وسط هذه الحالة الشاذة من الرداءة التي يسمونها شعرا.
إن نصوص جمال بوطيب بتفردها فرضت على لجنة تحكيم جائزة الشاعر الجزائري لمفدي زكريا سطوتها ليفوز بهذه الجائزة بامتياز.
إذن نحن أمام موهبة إبداعية متعددة العطاء والمشارب ، ينبغي التوقف عندها و ايلاءها ما تستحق من الاهتمام .
لقد توج جمال بوطيب هذه التجربة الإبداعية بهذا العمل الروائي وهو الأول له من حيث الإصدارات وليس الإبداع الأرحب دون أن ننسى أن اهتمامات المبدع الأخرى في المسرح تمثيلا وكتابة وعشقا تشكل رافدا آخر من العطاء المتواصل.
تتوزع الرواية إلى عشرة فصول ولكنه يسقط الفصلين الرابع والسادس دون تضمينهما للرواية ليكتب في نهايتها تنبيها يحرض القارئ ضد بطلي الرواية لئلا يتعاطف معهما فيقول : المرجو عدم التعجل في إصدار أي حكم أو إبداء أي تعاطف مع " عبد الرحيم دباشي " أو " لبانة الربيعي" قبل قراءة الفصلين الرابع والسادس. لنكتشف ان لا وجود لهذين الفصلين في الرواية ، تاركا القارئ لنهم التفكير بما ستؤول إليه نهاية الحكاية والأمر الأكثر غرابة أن الروائي يبوب فصول العمل بشكل غير تراتبي حيث يبدأ من الفصل العاشر ثم الثامن فالأول والخامس ثم السابع والثالث والثاني لينتهي في الفصل التاسع لتشكل غرائبية تضاف الى غرائبية العمل ذاته ، فيختلط الأمر لدى القارئ بين شكل التبويب وطريقة التناول ثم ان الفصول مستقلة تماما عن بعضها ، حيث يستطيع القارئ ان يبدأ باي فصل يريد دون ان يتيه في احداث الرواية من حيث روابط السرد اذ لا يعتريه أي تقاطع وبتمكن نادر ليحيل القارئ الى حالات من الدهشة حول كيفية نجاح المبدع من وضع هذه الغرائبية التي لا يفهما إلا هو وهنا تنتفض لدى القارئ أسئلة قد لا يجد لها إجابات حتى ينهي العمل وقد يستعصي الأمر على متلق دون سواه. وهنا يكمن سر دهاء المبدع في قدرته على خلق حالة من الذهول لدى المتلقي للانقضاض على العمل ليعرف ما الذي يريد الروائي من وراء هذه الأحابيل التي تتميز بها هذه الرواية الجديرة حقا بالقراءة.
صدرت الرواية في طبعة أنيقة في حجم متوسط من 80 صفحة . وصمم غلافها الفنان احمد القادري أما لوحة الغلاف فهي للفنان المغربي محمد قنيبو.
جواد وادي
شاعر ومترجم عراقي مقيم في المغرب