زهوة الألوان
تسلل حبك فى عتمة أيامى فأضاءها، وبسط فى دربى المعتم شعاعا من نور، وحكايات من الأمل والتحدى. تسرب داخل نفقى المظلم، وزرع زهوره البنفسجية، وأزاح التراب، ورتب الأشياء، وأعاد الكلمات الحلوة. فى زمن المرارة تنطلق من جديد، وترسم البهجة على الشفاة. تجسس حبك على، وتلصص وتلمس خطواتى الزائغة الباحثة عن مرفأ. تعقبنى أينما ذهبت. تربص بى وأوقعنى فى مصيدة عينيك، ورقة أحاسيسك. استولى على بعد أن اقتحم وحدتى وأبوابى المغلقة، أزاح الستائر السوداء، وبدلها بأخرى بيضاء حريرية فضفاضة. فرض حصاره. وأغلق كل منافذ الهروب، انتشر داخلى دون استئذان، وفرض الوصاية رغما عنى. أعاد تشكيل سريان الدم فى العروق، ونظم ضربات القلب البطيئة، وجعلها تهرول، ترقص داخل الأساطير، لا تخشى العواصف أو الأعاصير. أعاد تكوينى وفق مواقيته وطقوسه وعاداته.
أخرج من سندرتى المهملة ملابسى المخبأة منذ زمن طويل، واستعاد أيامى المهاجرة بحثا عن دفء. أعاد للألوان زهوتها وبريقها. وطوق عنقى بعناقيد الفل، وفوح الدنيا بعطر الياسمين.
تدور عجلة الزمن للوراء. يعود بخطى جميلة وئيدة، يرصد الماضى ويجعله صورا مشرقة فى الذاكرة لا تمحى، يستعيد الأيام الحلوه فيكسوها بالطمأنينة والهدوء، ويجتر ذكريات المغارب الحالمة، والنظرات المترددة ويسكنها فى واحة آمنة. يحتضن الكلمات المبعثرة التائهة ويعيد تشكيلها وتنقيطها، يضمها ويشد عليها، يكاد أن يخنقها من فرحته. تتنسم السماء عبيراً جميلاً ينتشر فى الأجواء. فيداعبنا الحنين. ويكتمل نصف القمر.
فى البدء. فى بدء البدء.. فى مطلع أول صبح، وأول شمس، وأول كلمة. كانت الحكمة أنت، والفرحة أنت، والعمر أنت.