أنا لست أروي للأُلى قد أدركوا زمن البشارةْ |
أو للذي لمح انزياح الصخر عن باب المغارةْ |
أو للذين تدافعـــــــــوا من كل زاويةٍ و حارة |
لما رأوا هـــذا اللهيب الضخم تشعله شرارة |
يتدافعون كأنما قُرعت طبــــــــولٌ للإغارة |
يتزاحمون و ليس يثنيهم شــواظٌ أو حرارة |
لا يُطفئون فكلهم يوري ولــو بالرمش ناره |
أو جاء يقبس قبسةً علَّ الضياء يُصيبُ داره |
ويشع منها مُبهـــــــرًا فيعمّ جارته وجاره |
يا هــــؤلاء جميعهم ربحت تجارتكم تجارة |
من (سيدي بو زيدٍ) شـــــرارته تباركت الشرارةْ |
إذ عمت الســــــــــهل الفسيح و ألهبت فيه أوارهْ |
و مضت لأقصى الأرض تسبقها بُروقٌ مُشتثارة |
و هفا لبـَـــــــــرقة طيفها فأحال (بنغازي) مَنارة |
و على ضفاف النيل زِيحت ظُلمةٌ و هوت ستارة |
و توهج الصــــــبحُ البديع و شعَ من ألقٍ نُضاره |
و مضت إلى اليمن السعيد فطـــوّحت عنهُ دِثاره |
وإلى ثرى البحــــرين تاقت (للمنامةِ)و(الزِبارة) |
وإلى ربوع الشآمِ تسبقها و تحفــــــزها إثارة |
لتعانق العاصي و تنثرَ وردها القاني جواره |
أنا للأولى لم يظفـــروا بالصُبح أو يَلِجوا نهارهْ |
و مضوا و ما اكتحلت عيونهمُ بطيفٍ أو أَمارةْ |
لهمُ أزفُ بشارتي، طـــوبى لمن سمع البشارة |
وأصيح يا صحبي انهضوا، شُقوا الثرى واجلُوا غُباره |
و لترتفع صــرخاتكم بين الجنادلِ و الحجارةْ |
قولوا إذا عَزَّ المقالُ و غصَ فــــــمٌ بالعِبارة |
إنا لهذا اليـــــوم عشنا دهرنا رهنَ الإشارة |
و لأجله متنا بســـاح السجن أوهَينا جداره |
و حلــــوقنا جفت تناوَبها يَباسٌ بل مرارة |
لكن سيل دمائنا يا صاحبي فكّت حصاره |
يا أيها الأحباب شُقوا بحركم، خوضوا غِمارهْ |
ولتنزعــــــــوا أكفانكم لكمُ الريادةُ والصدارةْ |
شهداؤنا أنتم و قادتنا الأماجدُ عن جــــــدارةْ |
و ربيعنا يا إخوتي أنتم تُرَوونَ اخضِـــرارهَ |
و تُخضِّبون شقائق النعمان كي تُدْموا احمراره |
يا أخـــــــــوتي هذا السنا أشعلتموهُ لنا فنارة |
لا خيلَ عنديَ أو عتادَ لكي أشاركَكُم بغارة |
لكنه اليـــوم الذي أمّلتُ يا صحبي انتظاره |
و نذرت عُمريَ كي أراه و كي أعلق فيه شارة |
ولقد هرمتُ و فرحتي الكبرى بأن أدركتُ ثارهْ |