سبع عجاف
صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع، بيروت، لبنان مجمــــــــوعة " سبع عجاف" للكاتب والصحفي سعد آل سالم يروي فيها أحداثا حصلت لسجين سياسي والسبب العداء المذهبي الذي تعاني منه الدول العربية حاليا.
ما ميز سرد المذكرات بساطتها وعفويتها وتوجهها الإنساني المحايد والمحفز على التسامح والغفران وتقبل الآخر، والابتعاد عن التفرقة سواء كانت التفرقة بداعي الحدود الجغرافية:
يا صاحبي، إن كانت الحدود تفصلنا فالقلوب والدم العربي والنخوة الإسلامية تجمعنا، ص.25
أم تفرقة بداعي التعصب الديني الأعمى:
كان آباؤنا يؤكدون لنا ضلالنا وانسياقنا وراء التكفيريين من دعاة الفتنة ولكننا لم نكن لنصدقهم فآباؤنا وأجدادنا جهلة وكفار كما رسخ في أذهاننا من قبل شيوخ التشدد، وبذلك لم نجد أمامنا سوى طريق واحد وهو أن نصدقهم في كل ما يقولونه لنا، ومن حاول السير في غير ذلك الطريق سيقصى بعد أن تكال له التهم وتشوه صورته تماماً في المجتمع. ص.120
كما ونبه الكاتب لخطورة استغلال النفوذ والاستقواء بالسلطة، حين وصف حالة المحقق:
يهدأ قليلا من الهستيريا الجنونية، ويرمي سوطه على مكتبه، ويرمي نفسه بقوة على كرسيه، مرجعا ظهره للخلف قبل أن يشير للجنود بإنزال قدمي من الفلكة.ص.54
وكذلك شرح الكاتب كيفية اختلاف بيئة السجن عما عهدناه من إجرام تام وانحراف ليعبر بصدق :
كنت أعتقد أن السجناء- قبل أن يقودني الأمر الى هنا- يلبسون لباسا خاصا بهم بلون موحد، وأنهم أشبه بالعصابات، تملأ الوشوم سواعدهم وأن الأجرام ميزة تغلب عليهم، كما كنت أراهم في بعض الأفلام، ولكن كل ما هنا مختلف تماماً عن كل ما كنت أتصوره. ص.86.
لقد شملت المذكرات العديد والعديد من المشاهد المؤلمة والمؤثرة خاصة لحظات الشوق للأهل والحبيبة وإن كانت من ملة أخرى، وخاصة حين وصف شوقه للجدة العجوز :
جدتي تختلف عن كل الجدات، هكذا أراها، ربما لحبي لها وقربي منها كثيراً، فهي حنونة جداً، وفوق ذلك لا تفارق مصلاها إلا قليلا، وإن حدثتنا كان حديثها حكما ونصائح، وكنا نستمتع بقصصها عن الماضي الذي عاشته، ما يؤلمني الآن أنني قبل أن أدخل قد تركتها متعبة جراء الشيخوخة، ولا أعلم كيف هي الآن. فقط كل ما أعرفه وأثق به أنها تحبني كثيرا... من رواية " سبع عجاف" ص.77 للكاتب والصحفي سعد آل سالم.
كتاب " سبع عجاف" مجموعة قصصية جميلة ومؤثرة تنقل القارئ الى عالم أجمل يخلو من الظلم ويحث على التسامح، ويحث الجميع على الكتابة كنوع من التعبير عما يختلجهم من مخاوف وقلق وبطريقة سلسة وواضحة.