الأحد ٤ تموز (يوليو) ٢٠١٠
بقلم
سِفْرُ الموتى
"...اتْبَعْنِي، وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُوْنَ مَوْتَاهُمْ"
(متَّى 8: 22)
1-لا تَذْكُرُوْنِيعَائِدَاً مِنْ صَمْتِ مَمْلَكَةِ الْقُبُورْلا تَذْكُرُوْنِي حَامِلاً رَايَاتِنَا السَّوْدَاءَ حِيْنَ تَنَامُشَتْلاتُ الزُّهُورْفي حُضْنِ مَقْبَرَةِ الْمَدِيْنَةِصَخْرَةٌ حُبْلَى هُنَاكَ تَوَجَّعَتْوَأَنِيْنُ أَرْوَاحٍ سَتَرْقُصُ حِيْنَ تَنْقَلِبُ الصُّدُورْ!لا تَذْكُرُوْنِي عَائِدَاًفَمَدِيْنَتِي – بَعْدَ اسْتِحَالِ الْمَوْتِ مُعْجِزَةً –سَتَلْبَسُ عُرْيَهَاوَسَتَخْجَلُ السَّاحَاتُ!أَبْنِيَةٌ تُدَارِي وَجْهَهَا، وَحَدَائِقُ العُشَّاقِ تُصْبِحُ وَحْدَهَانَارَاً وَنُورْكَلْبٌ يُلاحِقُ ظِلَّهُ المَهْجُوْرَ يَبْحَثُ عَنْ وُجُوْهِ الْعَائِدِيْنَوَيَنْبُشُ التَّارِيْخَ بَحْثَاً عَنْ هَيَاكِلِنَا الْمُحَطَّمَةِ احْتِرَاقَاًوَالْمُبَعْثَرَةِ انْتِقَامَاً كَالنُّوَىيَا أيُّهَا الْبَاقُوْنَ في أَشْعَارِنَايَا أيُّهَا الأَمْوَاتُ في ظِلِّ الْحُضُورْ!لا تَذْكُرُوْنِيإِنَّنِي مَا بَيْنَ ذَاكَ الصَّمْتِ في لُغَتِيوَذَاكَ الْعَجْزِ في بَدَنِييَتِيْمٌ كَاذِبٌ!أُمِّي الْقَصَائِدُ كُلُّهَا، وَأَبِي الشَّهِيْدُ عَلَى مَذَابِحِ كِذْبَةٍوَأَنَا الْوَحِيْدُ كَمَا الزَّمَانْفيَّ الْتِوَاءَاتُ الْجِبَاهِوَوَرْدَةٌ مَرْمِيَّةٌ، لِلْحُبِّ كَانَتْلانْبِعَاثِ الصَّوْتِ، لِلتَّارِيْخِ، لِلأَحْزَانِ، لِلشَّجَرِ الْعَتِيْقِقَصِيْدَةٌ شَرْقِيَّةٌأوْ بَعْضُ قُنْبُلَةٍ تَشَظَّتْ فيَّتَصْبِغُنِي بِلَوْنِ الأُرْجُوَانْ!لا تَذْكُرُوْنِيفَابْتِهَالاتُ الْمَدَافِنِ صَرْخَةٌ صَمَّاءُيَسْمَعُهَا الَّذِيْنَ تَعَمَّدُوا في نَهْرِ (أَنْطَاكِيَّةَ) الْمَمْزُوْجِ بِالدَّمِيَسْمَعُوْنَ الصَّمْتَ، يَسْتَمِعُوْنَ لِلَّحْنِ الْمُضَرَّجِ بِالسَّوَادِجَنَائِزِيَّاً كَانَأوْ وُلِدَتْ بِنُوْتَتِهِ مُعَانَاةُ الْكَمَانْ!لا تَذْكُرُوْنِيعِنْدَ (هَاڤَانَا) سَتُجْهَضُ ثَوْرَتِي:"لِلنَّارِ في بَعْضِ الْبِلادِ حَرَارَةٌ أَعْلَى"تَذَكَّرَ طَائِرُ الْفِيْنِيْقِ ذَلِكَ، فَانْفَجَرْ!مَا عَادَ يَوْمَاً مِنْ رَمَادِ الْمَوْتِ إِلاَّ وَانْتَحَرْ!مُسْتَنْقَعَاتُ مَدِيْنَتِي تَغْلِيهُنَا الْمَوْتَى يُقِيْمُوْنَ احْتِفَالاً صَاخِبَاًوَأَنَا أُراقِصُ جُثَّتِيْ رَغْمَاًفَيَبْكِي السِّنْدِيَانْ!2-أَجُرُّ ذُيُوْلَ الْمَدَائِنِ، أَمْضِيإِلى وَطَنٍ لا يُبَاحْإِلى أَمَلٍ بِانْبِعَاثِ الْقَصَائِدِ قَبْلَ الصَّبَاحْأَجُرُّ ذُيُوْلَ التَّخَوُّفِأَرْضِيعَوِيْلٌ، بُكَاءٌ، عُوَاءٌ، نُبَاحْوَأَصْلُبُ يَوْمَ التَّصَوُّفِ نَفْسِيكَذِكْرَى اجْتِيَاحْ!قُبُوْرٌ تُعَمِّرُ تِلْكَ الْمَدِيْنَةَكَانَتْ مَدِيْنَةَ كُلِّ الأَغَانِيوَكَانَتْ تُزَقْزِقُ مِثْلَ الْعَصَافِيْرِ فِيْهَاشِفَاهِيوَتَضْحَكُ في خَجَلٍ شَفَتَاهَاإِذَا الْعِشْقُ لاحْهُنا شَبَحِي سَيُصَلِّي اخْتِنَاقَاًهُنَا طَيْفُهَا الْمُتَنَاهِي يُطَارِدُ ذَاكِرَةً لِلسُّهُوْلِيُحَلِّقُ فَوْقَ الضَّرِيْحِوَيُبْسَطُ كَالضَّوْءِ حِيْنَ الْتِقَائِي بِتِلْكَ الْجِرَاحْوَيَبْكِي عَلَى شَفَةٍ للنَّخِيلْلِسَاعَةِ حَقٍّوَمِنْ ثُمَّ يَرْحَلُ، قَبْلَ الرَّحِيلْ!