الأربعاء ٣١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨
حوار

صبحي فحماوي يرسم معالم (الحب في زمن العولمة)

حوار: د. عالية صالح

(الحب في زمن العولمة) رواية ممتعة، تسلط الأضواء على زمن العولمة، وبحسبها التصدي لهذا الموضوع المعاصر الذي نحن نعيشه. إنه حب حداثي جديد، لا مكان فيه للعواطف السامية النبيلة، في زمن كرّس المادي والفردي والنفعي، وألغى العاطفي والمعنوي والاخلاقي. تصدت الرواية للعولمة، واختارت مواجهتها، وطرحت أسئلتها، وحاورت واقعها الجديد. وناهضت العولمة، ببنائها القائم على المعرفة والاطلاع الدقيق على المعرفة الأدبية والاقتصادية والفكرية المصاحبة للعولمة، أو المدافعة عنها، وهو فهم سمح للكاتب أن يتحرك بمهارة من موقع إلى آخر، دون أن تعوزه المعلومات.

أما بناؤها فاعتمد السرد المتشظي، فالأحداث لم تأخذ خطاً متسلسلاً، بل جاءت الأحداث بناء على العناوين التي قسمت الرواية وفقها، والتي تزيد على 53 عنواناً متكاملاً، بين عنوان اشتمل على اسم شخصية من شخصيات الرواية وبين موضوع من موضوعاتها.

وشكلت شخصية سائد الشواوي محوراً تدور حوله القصة، وتحركت في الزمان وعلى المكان، وشكلت بعلاقاتها وتناقضاتها لب الرواية وعنصر التشويق والعقدة. فجاءت شخصية متعددة المستويات، ذات هوية وخصائص مختلفة، وهي مدار القصة ومادتها، متسمة في كل أحوالها بالنزعة الفردية.

رصدت رواية صبحي فحماوي (الحب في زمن العولمة) الواقعة 265 صفحة، من منشورات روايات الهلال المصرية، العدد 690، 2006م. التغيرات التي طرأت على النسيج العربي من خلال مدينة عربية غير محددة، سماها المؤلف "مدينة العولمة". ومدينة العولمة هذه واقعة داخل الحدود المشتركة للدول العربية، "إنها سلة أزاهير مدهشة!"

وقال عنها الدكتور عبدالله أبو هيف مستشار وزير الثقافة السوري:

"إنها عالم من الجماليات الروائية". وقال عنها الدكتور ممدوح العبادي نائب رئيس مجلس النواب الأردني، في رابطة الكتاب الأردنيين:

" لقد حاضرت كثيراً عن العولمة، ولكنني تعرفت من خلال هذه الرواية على أشياء جديدة مدهشة!" وقال الدكتور سالم ساري من جامعة فيلادلفيا:

" قلت لطلابي: إذا أردتم أن تعرفوا شيئاً عن العولمة، فاقرأوا رواية (الحب في زمن العولمة)" وقال عنها الدكتور إبراهيم علوش:

"أنا أُدرِّس في الجامعة مادة اقتصاد العولمة، ولكنني لا أستطيع أن أدخل هذه المعلومات الاقتصادية المدهشة في الرواية إلى عقول الطلاب، بالبساطة والمتعة التي أدخلتها من خلال سردك هذا!"

ولكن ماذا أضفت؟ لقد أضحكت القراء وأبكيتهم، وأمتعتهم، وأدهشتهم، حسب ما قالوه لي، وشددتهم لقراءتها المتواصلة إلى آخر صفحة..

وأنا ألاحظ أن بعض الكتاب الذين كانوا يكتبون بأسلوب الحداثة وما بعد الحداثة، مما يضع القارىء في دوامة لغوية، ويتركه في متاهة لا تسمح له بالخروج من الرواية في شيء، أعادوا النظر في أسلوبهم، وصاروا ينهجون نهج الواقعية الجديدة، وإن اختلفت أساليبهم..أعتقد أن رواية الحب في زمن العولمة قد تركت بصمات ملفتة للنظر، وثبتت علامات على
طريق الرواية العربية.

 من هي الشخصية الروائية التي تعتز بكونك مبدعها ولماذا؟
 بغض النظر عن إيجابيات أو سلبيات الشخصية، فإن أعظم شخصية في الرواية هي شخصية سائد الشواوي، الرجل العظيم، المخيف، البسيط، العملاق، التافه، السطحي، الذكي، الأُلعبان، الفقير الذي أصبح مليارديراً، وليس مليونيراً، المتحرك في كل الاتجاهات، بهدف الكسب السريع، ولكنه في النهاية يخسر نفسه..لا بل منذ بداية الرواية، تجدينه في خبر كان! الشواوي الذي استمتعت كثيراً وأنا أرافقه، وأرمقة بنظراتي (من تحت لتحت) وأحدق فيه، وأتهيب لمشاهدته، وأستعظمه، وأتابعه، وأستتفهه وهو يهذي أمامي، ناطقاً ومعبراً عن فكر التحولات المالية الديناصورية المخيفة، بعد أن نشأ من العدم، فصار مليارديراً يشار إليه بالبنان.إنه ليس مريضاً بالإيدز فقط، بل هو مريض بأفكاره التسلطية السادية تجاه بني البشر...لاحظي ما يقوله في لحظة هذيان: " صاح أبو سفيان من سريره، وهو يهذي بكلام قد يكون يرسم أهدافه المستقبلية، وكأنه يشعر بعدم قدرته على تحقيقها، أو كأنه يحقد على هؤلاء الفقراء الباقين، بينما هو على شفا..!:
" سنستغني عن كل العمال، وموظفي المكاتب. كلهم كلاب! كلهم حرامية! نأخذهم، ونعلِّمهم ونشغِّلهم، وندفع لهم..فنجدهم مشغولين "بالإرهاب" ضدنا.. نطعمهم بأيدينا، فيعضُّون اليد التي تمتد لإطعامهم..ولكننا نحن رجال الأعمال نعرف كيف نتصرف! سنرميهم في الشارع بلا وظائف.. سندير كل أعمالنا بالكمبيوتر، سنشغّل الرجل الآلي في كل الأعمال، ولن نتحمل أوساخكم أيها الحقراء "الإرهابيون"! سترتمون في الشوارع بلا وظائف، ستأكلون خراء كلابنا المدللة المنتشرة في الشوارع.. ولذلك تركنا كلابنا على حريتها، لتعملها فوق أرصفة الشوارع، لنترك لكم شيئاً تأكلونه..لأنكم كسالى وخائنون، فسوف تحصدون الفشل.. سنشغل البنوك بالصرّاف الآلي، والقابض الآلي، ومدقق الحسابات الآلي، والحارس بأجهزة الإنذار الآلية. وداخل الأسواق المراقبة آلياً، سنشغِّل البائع الآلي والقابض الآلي! لن نحتاجكم أيها العمال.. نحن الآن نتجه إلى عصر رأس المال "النظيف". لن يكون هناك حزب للعمال بعد اليوم يُرهِب رجال الأعمال، لأنه لن يكون هناك عمال أصلاً، سنقتل العمال بالكمبيوتر! سنجعل أجهزة الرجال الآليين، تحل محل العمال في مواقعهم! سننهي حزب الشغيلة دون حرب! فليتظاهروا وليضربوا كما يشاؤون! فلن تعود لنا معهم أية علاقة! فإذا كان العامل هو عدو صاحب العمل، الذي يطعمه ويدفع لـه مصاريف بيته، فلقد انتهت العلاقة بينهما بالطلاق.. لن تعود هناك عداوة ولا صداقة.. سيكون صاحب العمل محاطاً بآلات حديدية، كلها تعمل عبيداً خانعين عنده، أربعاً وعشرين ساعة يومياً، بدل الثماني ساعات التي (يتمضرط) علينا العمال بها! والرجل الآلي سيصنع الرجال الآليين! لن تقوم الصناعات بعد اليوم على أكتاف بني البشر من العمال.! فالروبوتات لاتقوم بمظاهرات، ولا تعمل إضرابات، ولا تحقد على صاحب العمل لأنه يشغِّلها ساعات أطول. وإذا قتل صاحب العمل آلةً، أو أحالها إلى الزبالة، لأنها لم تعد مناسبة، فإنها لا تشتكي لوزارة العمل، ولا تطالب بضمان اجتماعي وتأمين صحي وإصابات العمل، ولا تأمين ضد العجز والبطالة، ولا تأتي الشرطة، ولا المدّعي العام، ولا النيابة للتحقيق في القتل! سنعيش في سلام.. لن يكون هناك أطباء، ولا مهندسون.. ستكون الاستشارات الطبية والهندسية، والعلمية والأدبية، كلها معروضة على صفحات الإنترنت، تشترى وتباع، حسب مقولة (شراء العبد ولا تربيته)، سنشتري المعلومات دون تحمّل خراء المهندسين، والأطباء داخل مراحيضنا.. لن نستجدي بعد اليوم أحداً.."

وهناك شخصيات نظيفة في الرواية، أعتز بها مثل الشباب الذين رفضوا استهتار الشركات الوهمية المتلاعبة بجهل الفقراء الباحثين عن عمل، وكذلك الجميلة البريئة ثريا، ابنة الشواوي، ومُدرِّسها الأستاذ مهران،الملتزم بالمُثُل والوطنية والإنسانية والصدق والإخلاص، وصديقه منذر شلبح، حارس أحد مستودعات الشواوي، وجواد، مهندس إحدى مزارع الدواجن، الذي يرفض غش لحومها المباعة إلى السوق، والمحامي زاهد أرملة الذي يقول للاستشاري الأمريكي رالف وود:
"إنهم يرمون زبالة نفاياتهم النووية المدمرة للبيئة في بلادنا..ونحن مستعدون للموت دفاعاً ضد دخول العناصر النووية المشعة واليورانيوم المنضب، ومخلفات التلوث البيئي النووي إلى بلادنا، فذلك أفضل من أن نموت خانعين، بينما النفايات تسرطن أكباد أولادنا!"

 تمثل هذه الرواية علامة مميزة في مسيرة صبحي فحماوي الروائية، ماذا قبلها؟وماذا بعدها؟
 قد يكون السبب هو عدم الانتباه لروايتي السابقة "عذبة" وعدم قراءة رواياتي اللاحقة مثل (حرمتان ومحرم) التي صدرت في شهر أكتوبر 2007 من روايات الهلال.. وقد تكون " الحب في زمن العولمة" رواية مؤثرة، لكونها ترصد الصراع الرهيب الذي يكتنف توحش رأس المال العولمي، والذي لا وطن له، فتعاني منه الأوطان التي تناضل للاحتفاظ ببكارتها الوطنية، مثل الوطن العربي. وقد يكون السبب هو شدة معاناة المواطن العربي تحت سنابك هذه العولمة، التي لم يستفد منها مثل الغربيين المتحكمين في رأس المال العالمي، ولا كالشرقيين مثل الصين الغنية بصناعتها، وذات الشعوب الفقيرة، فكانت فرصتها ذهبية في نشر بضاعتها بسهولة في كل أرجاء المعمورة، ومنافسة كاسحة لبضاعة الغرب، ولكن العرب -مصدر النفط لصناعة وحياة شعوب العالم – فهم لا في العير، ولا في النفير! فصارت العولمة "عولثة" أي عولمة عالم ثالث، كما قال عنها جورج جحا، في نشرة "رويترز للأنباء".. وقد يكون نشرها في روايات الهلال المصرية، الأكثر توزيعاً في الوطن العربي والعالم، والأعرق تاريخاً منذ 1892،وقد تكون متميزة لدى القراء والنقاد، نظراً لبحثها قضية عامة، وأما روايتي (عذبة) فهي في نظري أكثر حميمية، وأقرب إليّ من حبل الوريد، خاصة الطبعة الثالثة- المنقحة- التي ستصدر قريباً عن مجلة الموقف الأدبي السورية. ولكن المقارنة بينها وبين روايتي ( حرمتان ومحرم ) فلا أستطيع ذلك، وأتمنى أن أسمع رأي النقاد والقراء في ذلك، فهم الشركاء والحكام على مدى فنية وجمالية المضمون والمحتوى. وأما عن روايتي ( الإسكندرية 2050) فهي عالم آخر، وتحمل فكراً جديداً، وصيغت بأسلوب جديد مدهش، ولا أريد أن أتحدث عنها، كي أحافظ على بكارتها أمام القراء. موجز القول أنني لم أحقق ذاتي بعد، فهناك روايات كثيرة تطرق مخيلتي، ولكنني لا أجيبها، نظراً لضيق الوقت..الملفت للنظر في رواياتي أنني في كل رواية أبحث موضوعاً مختلفاً تماماً عن سابقه، فمن عذابات الشعب الفلسطيني في (عذبة) إلى اقتصاد العولمة المضحك المدهش، إلى الرجل الأخضر في رواية الإسكندرية 2050.. في كل رواية تجدين عالماً آخر، ومفاهيم جديدة، تطرق وجدان القارىء العربي، لعلنا بالتعاون مع زملائي الروائيين العرب، نرسي مفهوماً عربياً للرواية، بشكل أو بآخر، كما نقول: الرواية الأمريكية اللاتينية، أو الرواية الروسية (قبل البلاشفة)، أو الرواية اليابانية..ولو أن الأدب العالمي كله، يتثاقف من بعضه البعض، ولا يعرف الحدود، إلا أن هناك آلام وآمال هي هواجس العرب، تختلف بصماتها عن هواجس الغرب أو الشرق..

  رهام، إحدى الشخصيات العربية في روايتك. كيف ترى المفارقة بينها وبين شهرزاد ألف ليلة؟
 رهام هي امرأة "بلاستيكية" من نتاجات العولمة، امرأة قبلت أن تكون أداة من أدوات جهاز العولمة الباحث عن الفردية والانتهازية، و"يا روح ما بعدك روح"، قبلت أن تعمل في الفساد، ففسدت، (وحقت عليها لعنة العذاب). والفرق بينها وبين شهرزاد - والتي أتمنى أن أرسم شخصيتها في رواية، كما أراها، ولو أنه لم يتح ذلك لي حتى الآن- مثل الفرق بين النار والنور، فشهرزاد نور على نور، وهي نموذج المرأة العربية "وكانت شهرزاد واسعة المعرفة، كثيرة العلم، قرأت كثيراً من سير الملوك السابقين، ونوادر الشعراء وطرائف الأدباء، وأحاديث السمّار، وأخبار الندماء ". "...ولما عرفت شهرزاد سبب قلق أبيها واضطرابه، وخوفه على نفسه من بطش شهريار، قالت له: يا أبت ؛ زوجني منه، وأنا بين أمرين؛ ( فإما أن أنجو، وتنجو معي بنات جنسي من طغيانه، وإما أن أموت وأكون فداءً لك)." وشهرزاد قبلت التحدي بزواجها من شهريار، واستخدمت سلاحاً بتاراً حطّم عنفوانه وجبروته، ولم يكن ذلك السلاح سوى القصة أو الرواية، تخيلي كم هي قوة سلاح القصة والرواية ذات الجذور العربية، وليست الجذور الأوروبية، كما يدّعي سعاة المستشرقين. ولم تقعد شهرزاد راضية بما يدور حولها كما يشوهها البعض، بل كانت امرأة قيادية قوية مفكرة مبدعة خلاقة ذات رسالة متحدِّية.. ولم تكن رسالة شهرزاد الدفاع عن المرأة وحدها، بل وعن الرجل في نفس الوقت، حيث تقول لأبيها:

( فإما أن أنجو، وتنجو معي بنات جنسي، وإما أن أموت، وأكون فداءً لك.) وهذا يبرز نبل شهرزاد العربية، وشعورها الوطني والاجتماعي والسياسي والفكري والإنساني، وهي تقف مقابلة للرجل، معادلة ومكافئة له، ولا تفكر بحماية نفسها فقط بذلك الزواج (فإما أن أنجو...) وهذه النجاة حق لها. ولكن شهرزاد لم تكن أنانية، بل كانت مناضلة لتحرير نفسها، وتحرير بنات جنسها من الموت(..وتنجو معي بنات جنسي.) وفي هذا قمة الشعور بالمسؤولية تجاه بنات جنسها. وكما يحمي الرجال نساءهم، فالمرأة العربية شهرزاد تحمي رجالها، (وإما أن أموت وأكون فداءً لك..) هذا هو التاريخ الحقيقي للعلاقة النقية بين الرجل العربي والمرأة العربية، نجده عند شهرزاد الحكاية. فأين شهرزاد القصيدة، من رهام الساقطة في أحضان رأس المال؟

 هل للحب في زمن العولمة مواضعات ومواصفات؟
 عرفنا في التاريخ العربي، (الحب العذري) وعرفنا (الحب الجنسي)،وعرفنا (تجارة الجنس) ولكننا لم نعرف مثل هذا الحب العاشق للدولار..الحب هنا ليس للجمال، وليس لمتعة الجنس، بل هو حب للدولار. إنه مرض يشبه هرش جرب الجلد، فكلما هرش المريض، زادت رغبته بمزيد من الهرش.. وهذا الحب للنقد، لا شفاء منه، فكلما زادت نقود الشخص، زاد جشعه، وازدادت رغبته بمزيد من النقود، وزاد فسقه، وزادت رغبته بالسادية تجاه مجتمعه، وزادت دكتاتوريته، وقل خيره، ومن جهة أخرى، زاد عدد الفقراء. وازداد فقرهم. وكما قال أحد المليارديرات: لو تبرعت للفقراء بمئة مليون دولار، لما تأثرت أملاكي، ولكنني أخاف أن يتراجع رقمي الدولي في عداد الأكثر غنى، من رقم ثمانية وتسعين إلى تسعة وتسعين مثلاً، ولهذا فأنا لا أستطيع أن أتبرع..! هذا القول يؤكد أن لا فائدة ترجى من أموال هؤلاء المليارديرات تجاه مساعدة المسحوقين اقتصادياً..الحب في زمن العولمة هو حب مَرَضي لا ينتمي إلى الحب ولا حتى إلى ممارسة الحب. إنه نوع من عبادة النقد.

 للرواية راو أو أكثر، لمن أسندت السرد في الرواية ولماذا؟
 السارد في هذه الرواية هو أحد أولاد سعد الدين، الذي يركب على رأس الكاتب صبحي فحماوي، ويدخل في تلافيف مخه، لا يعرف إذا ما كان المخيخ الأيمن أم الأيسر، والذي يأمر الكاتب مؤلف هذه الرواية، الذي لا يعرف شيئاً عما يكتب. مجرد أنه أداة للكتابة. وسعد الدين سيدك هذا، هو المطلع والعارف لكل ما يدور في الخفاء، وخلف الكواليس.ونقرأ في التنويه: "..الموضوع الخطير، الذي أودّ أن أبلغك عنه، هو أنني أشعر الآن، أن أحد أولاد سعد الدين قد ركب رأسي، وانسلّ إلى داخل مخيلتي، التي لا أعرف إذا كانت في تلافيف المخيخ الأيسر! أم في ثنايا المخيخ الأيمن! واستحكم هناك، وبدأ يسرُدُ من فمي حكايات، ويختلق شخصيّات كثيرة، لرواية لا أفهم عنها شيئاً! قال لي:

 اكتب اسمها (الحب في زمن العولمة)، وأنا في الحقيقة، خالي الذهن عن مضمون هذه الرواية! ولكن سعدالدِّين قال لي:
 أنت تكتب ما أمليه عليك، ولا علاقة لك بالموضوع، وما على الرسول إلاّ البلاغ! فأجبته كما تعودت أن أجيب زوجتي بلا مناقشة:

 حاضر!
وهكذا بدأ يأمرني، وأنا أطيع بالكتابة، فاعذرني إذا ما بدر من الجنِّ أية تفاهات، أو أخطاء، أو سهو، فقد جَلّ من لا يسهو! المؤلف"

 تكتب القصة القصيرة بالإضافة إلى الرواية، أين تجد نفسك أكثر، في القصة أم في الرواية؟
 القصة هي رواية قصيرة، والرواية هي قصة طويلة.. والقصة الجيدة هي شطيرة طعام لذيذة، بينما الرواية الجيدة هي مائدة طعام، فيها كل ما تشتهي الأنفس. والقصة طلقة، بينما الرواية معركة مترامية الأطراف..والقصة وردة مفردة، بينما الرواية حديقة غناء، إنها حقل من الأشجار والشجيرات والأعشاب والأزهار التي تملأ الغابة..والقصة وجه امرأة، بينما الرواية هي عائلة وجيران وأحباء وأعداء وتحديات تواجه مجتمعاً بكامله..وأنا أحب الوردة المفردة في مزهريتي، وأستمتع بحقل يحوي عالماً من النباتات الجميلة المزركشة الألوان، والمختلفة الأطوال والأشكال والأعمار. ولكنني الآن أصبحت أشعر في أنه (المتعود عالزوادة، ما بيشبع من بسكوتة!)

حوار: د. عالية صالح

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى