الأربعاء ١٨ حزيران (يونيو) ٢٠٢٥
بقلم إباء مصطفى الخطيب

صبرٌ لا يذبلُ

في غفلةٍ، والكــونُ ليـــــلٌ مُسدَلُ
تدنـو إليَّ صغيرتي... تتــــوسّـلُ:

أُمّي عَلامَ الحربُ تأكــلُ أفْقَنــــا
وإلــى متــى يُغتَــالُ حـلــمٌ أعزلُ؟

وإلى متى تشريدُنا؟... هلْ ينتهي
ما يشتكيـهِ _من الحنينِ_ المُثقَلُ؟"

ما للحروفِ صروحُها مادَتْ؟
وكيــفَ مـنِ الدّمــارِ يدُ الصغـيرةِ تُنْسـَلُ

من أيِّ جرحٍ أبــتدي سردَ الأسى؟
والظلمُ مَعْ جــذعِ السنيــنِ مجـدّلُ!

مذْ قسّمَ الطــاغونَ أرضًــا حــرّةً
وسطوا على سفرِ العفافِ وأوّلوا؟

لم يتركوا في غزّةٍ شــــبرًا ظـليــــــلًا
للـحـيـــاةِ وغـيــمـةً تـتـشـكّـلُ!

أم حيـن طوّقها البغــاةُ ومـا دَروا
أنّ الصمــــودَ بأهــلِها يتكــــفَّلُ!

أم حينَ شبّـتْ في الطفولةِ فكـرةٌ..
قالو بهــا: إنَّ الحجــــارةَ تهطلُ!

كم مرةً نفضوا عبـــاءةَ قهــــرهِم
وتنــفَّسـوا حــتّى استـفــاقَ السُنـبلُ

واستوطنوا بالصبرِ.. ثمّ جذورُهم شقَّت
صخــورَ الصَّمـتِ حينَ تَمـلْمَلوا

واستشهدوا! الشمسُ قالتْ أشرِقوا
من حتفِكم، والأرضُ صاحتْ: أكمِلوا

مذ قيل شعرٌ في الغزاةِ (تقدّموا)
قـــالت جهــنَّمُ للغـــزاةِ: (تفـضَّلوا)

نحتــاجُ عمرًا آخـــرًا أو رؤيــةً
كي نفــهمَ الصَّــبـــرَ الّذي لا يَذبلُ

نحتاجُ عـــمرًا ثالـــثًا أو رابــعًا
كي نـدركَ الأطــفالَ كــيف تدلّلوا

في راحتــيِّ الموتِ.. مثل بلابلٍ
ما غـــرّدتْ... والحزنُ أيضًا بُلبلُ

والموتُ كيفَ كأمّهم يبدو؟ يلــــــــفُّ
جــراحَهَم بالحـــضنِ ثـــمّ يُقــبِّلُ

بل كيفَ نحنُ نخدّرُ الخيبــاتِ ننْــــــدبُ...
ثمّ نندبُ والضميرُ مؤجَّلُ!

أشلاؤُهم آثـــــارُ هذا العطبِ في
غدِنا.... ومُتحفُها انتماءٌ مُخجـِلُ

نُدبٌ نوزِّعـــها على وجهِ الرَّجــــــاءِ...
وخـلـفَهُ يــأسٌ عميقٌ مُوغِــلُ

"لا تقربوا من نزفِنا" قــالوا لنا
"وارمُـوا قصائـدَكم إلينـا من عَلُ"

لكنَّنا/ الناجــــينَ مـنْ أوهـــامِنا
مازالَ مــــنّـا واعــــدٌ ومـــؤمِّــلُ

إن شـاخَ عزٌّ لم نُــــجدّدْ عـهدَهُ
أطـــفالُنا دمُــهم يــفورُ ويحـــجُلُ

أطفالُـــنا ما لُقّنــوا هــذا الوفـــا
هو إِرثُهــم... في طبعِهم متأصّلُ

المــاءُ أورثَهـــــم تجـــدّدَ دفْقِهِ
والزرعُ في ثقةٍ بهــــم والمنجلُ

لا بُدَّ من ليــلٍ طويـــلِ كي يُعــــــدّ
الصبحُ شعلــتَهُ ويغــلي المرجـلُ

لا بدَّ منّــــا صــاعدين بقـــهرِنا
كي يُشتهى فينا الإبـــاءُ الأوّلُ

رغمَ الأســى لا بدَّ من تلويحةٍ
تنجو بنا.. ممّا يُحــــاك ويُجـــبَلُ

أرنو إليها "طفلتي"....أأجبتُها؟؟
أخشــــى بأنّـــي دائمًا لا أفعلُ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى