صـخـبْ
للمرة العاشرة على التوالي يجري تعديلاً جذرياً، وكان يضيف في كل مرةٍ تعليلاً مختلفاً: بالتأكيد هي أشجار الواشنطونيا، ليس لها عمقاً تاريخياً في النفوس، وقد تُسبب الحساسية للمارة أيضاً...
إحتل الموروث التاريخي المتمثل في أشجار النخل والسدر المحلي كلا الجانبين كذلك شتلات الكونوكاربس.
كثيراً ما يسمع عن وشوشات المارة وهمس العشاق لكنه لم يجربها... عاد التساؤل من جديد، لعلها المطبات الصناعية، ربماعدم الإستواء الكافي للسفلته، أجرى تعديلا طفيفاً على طلاء المنازل المحيطة، أعاد رصف الجانبين بالحجر الطبيعي، نشر أحواضاً إضافية خارج الرصيف ضمنها زهور الاوركيد، ونباتات أخرى مستديرة القمة، لكنه لم يتخلص من عقدة الإنتظار، وظل يسمع بوشوشات المارة وصخب الحافلات... لكنه لم يجربها.
على مشارف العمر، وقبل عصر التشققات، كان يتأبط سجادته الإسفلتية بعد أن طواها على فراغ الإنتظار الطويل مغادراً مكانه المعتاد مدفوعاً بهوس الوشوشات وصخب الحافلات، لم يعترض الطريق العام، إنتحى جانباً، بسط سجادته السوداء في فرح بالغ ، لم يأخذ معه أشجار الزينة، كان فرعياً إلى أبعد حدْ، وكان محاصراًً بكل المطبات الصناعية، وثملاً بصخب الحافلات الأزلي والأقدام الكثيرة المشتته، التي كانت تدوسه في كل إتجاه...
وعلى الرغم من ذلك... ظل يحلم و يسمع عن وشوشات المارة وهمس العشاق... لكنه لم يجربها قط..