الاثنين ٢٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٨
بقلم نضير الخزرجي

طقوس جاهلية تقبَّل الإسلام صائبها وشذَّب جانحها

ما من مجموعة بشرية على وجه البسيطة، صغيرة كانت أو كبيرة، إلا ويحكمها القانون، إن كانت في إطار قبلي أو عشائري أو مناطقي أو قومي أو عرقي أو ديني، أو في الإطار العام في ظل سلطة حاكم تنظم حياة الجميع وتنظر إليهم بعين واحدة، فالقانون أو التشريع هو المظلة التي يستظل تحتها الإنسان تحميه من عاديات الزمان ومن تقلبات الأهل والخلان وما ليس في الحسبان، والقانون هو المنظم للحياة وبه يستبان الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر الحقيقة والواقع.

وليس القانون وسريان التشريع وقفا على بني الإنسان وإنما هو حكم الله في كل ما خلق، قال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) سورة الأنعام: 38، وهذه حقيقة ظاهرة للعيان، قد لا يدركها الإنسان البسيط، ولكن العلماء الذين يدرسون عالم المخلوقات على إيمان كامل بأنَّ لكل فصيلة مخلوقة من غير الإنسان قوانينها، وحتى قولنا (قانون الغاب) هو في واقعه قول مجازي في مقابل قانون المدنية، وإلا فإن السباع يحكمها قانونها الذي أودعها الله فيها.

وما من مجتمع إلا وهو بمسيس الحاجة الى تشريع ينظم حياته، وقد ينظم هذا القانون ويجري أحكامه حاكم عادل أو يجريه حاكم ظالم مع الإختلاف في الأدوات لأنه لابد للأمة من حاكم يدير أمورها، وبتعبير الإمام علي(ع) في ردّه على الخوارج الذين رفعوا شعار: "لا حكم إلاّ لله": (لا بدَّ للناس من أمير بَرٍّ أو فاجرٍ يَعملُ في إمرته المؤمنُ، ويَستمتعُ فيها الكافر، ويُبلِّغُ اللهُ فيها الأَجَلَ، ويُجْمَعُ به الفيءُ، ويُقاتَلُ به العدُوُّ، وتأمنُ به السُّبُلُ، ويُؤْخَذُ به للضَّعيف مِنَ القوي حتى يستريحَ بهِ بَرٌّ ويُسْتَراحَ مِنْ فاجرٍ) وفي نص آخر: (حُكْمَ الله أنتظرُ فيكم. أمّا الإمْرَةُ البَرَّةُ فَيَعْمَلُ فيها التقيُّ، وأمّا الإمْرَةُ الفاجرةُ فَيَتَمَتَّعُ فيها الشقيُّ إلى أنْ تَنْقَطِعَ مُدَّتُهُ وتُدْرِكَهُ مَنِيَّتُهُ) نهج البلاغة: خطبة 40، وقراءة متأنية لمراحل سقوط حاكم أو سلطة ومجيء آخر ننعته فيما بعد بالظلم والطغيان، نلاحظ أن هذا الطاغية أو المجموعة الإنقلابية تستفيد من تخلخل القانون أو غيابه وضعف العدالة أو انعدامها، في الإستحواذ على الحكم وقد تتقبل الأمة التي سئمت من الحاكم السابق ويئست من الإصلاح، الوضع الجديد حتى وإن جاء على بحر من الدماء لأنها تبحث عن تطبيق القانون مهما تكن الأداة المنفذة، والحاكم الجديد يعرف أين مربط الفرس من المشكلة فيعطي للأمة في بادئ الأمر مرادها وإن على مضض، ثم تكتشف طغيانه بعد أن يكون قد أمكن نفسه من كل السلطات، ووقع الفأس في الرأس.

ويُعرف النظام السياسي الناجح بمدى تطبيقه للقانون مدنيا كان أو إلهيا، وإن القانون المدني السليم في معظمه لا يتعارض مع الشريعة حتى وإن كان من بنات عقل الإنسان، لأن العقل البشري السليم لا يتعارض مع الفطرة، وقوانين الشريعة متجانسة تماما مع الفطرة، فالخير خير والشر شر وهما أمران عقليان يتقبلهما كل كائن بشري مهما كانت معتقداته الدينية، فالسرقة شر والعطاء خير، وإزالة الأذى عن الناس في الطريق العام خير ومزاحمتهم فيه بما يؤذيهم شر، والجمال والزينة المتشاكلة مع الفطرة السليمة خير والشذوذ الجنسي المتعارض مع الفطرة السليمة شر، وهذا في كل أمور الحياة.

تشريعات نافذة

وفي الشرع الإسلامي فإن المعصوم هو المفسر والقرآن الناطق لما أنزله الله من آيات لتنظيم حياة الإنسان في كل صغيرة وكبيرة، ولمّا كان الإمام الحسين(ع) من روضة المعصومين الناطقين بالقرآن، فإن قوله وفعله وتقريره حجة، وقد شرع الفقيه آية الله الشيخ محمد صادق الكرباسي في باب (الحسين والتشريع الإسلامي) من موسوعته الفريدة (دائرة المعارف الحسينية) في استنطاق النصوص والروايات الصادرة عن الإمام الحسين(ع) أو المنسوبة له واستخراج الأحكام الشرعية منها، وحديثا (2018م) صدر الجزء السادس من الحسين والتشريع الإسلامي في 460 صفحة من القطع الوزيري عن المركز الحسيني للدراسات بلندن، وهذا الجزء يمثل المجلد رقم (114) الصادرة حتى الآن من نحو 900 مجلد في ستين بابا من أبواب المعرفة المتحورة كلها حول النهضة الحسينية المباركة.

وحيث ضم الجزء الرابع وقسم من الجزء الخامس من (الحسين والتشريع الإسلامي) في باب الفقه كتاب الطهارة، وحيث ضم بقية الجزء الخامس كتاب الولادة، فإن الجزء السادس هذا ضم كتابي الجنائز والتجمّل.

وتوزعت أحكام كتاب الجنائز على العناوين التالية: الجنائز، غسل السقط، غسل الميت المُحْرِم، تغسيل الميت المُحْرِم، الدعاء على القبر، دعاء المقابر، شق الجيب وتوابعه، الشق والخمش والدعاء بالويل، النياحة، حكم النياحة، قيام المؤمن لجنازة المخالفين.
فيما توزعت أحكام كتاب التجمّل على العناوين التالية: التجمّل، الخضاب بالسواد، الخضاب بالحناء والوسمة، الخاتَمُ والتختُّم، التختُّم باليد اليسرى، نقشُ الخاتَم، التختم بالعقيق، الخزُّ، لبس الخزّ، الشهرة ولباسها، تغطية الرأس، الحجاب، الفراش، أثاث المنزل، مراسم العيد، وزينة العيد.

وفي كل هذه المسائل والأحكام صرف المحقق الكرباسي جهدا فقهيا ورجاليا وحديثيا لاستخراج الأحكام الإسلامية من النصوص الحسينية وتيسيرها للفقيه والمتعلم ولعامة الناس، وبيان الموقف الشرعي للمذاهب الإسلامية القائمة اليوم من هذه المسألة الفقهية أو تلك.

تنُّور المشاعر

تتكور داخل الإنسان كتلة مشاعر وأحاسيس تعلو محياه مرة وتؤول الى مستقرها مرة وأخرى، وإذا فار تنُّورها تجاوزت تقاسيم الوجه من فرح أو حزن الى أعمال وافاعيل مستعينة بالجوارح، كأن تدمع عين الإنسان من شدة الفرح أو يطير جذلا ويرقص خلافا لما عليه هيئته وشخصيته في ساعة الصفا والطمأنينة، أو يترك شلال الدموع تجري بغزارة لهول المصيبة ووجعها، ويترك العنان ليديه تشق جيب لباسه أو يطلم على الرأس والصدر والوجه ويخمش الوجه وقد يزيد على ما ليس من طبيعته، وبخاصة لدى الأنثى ذات المشاعر الجياشة والأحاسيس الرهيفة.
وأكثر ما تستعمل الجوارح عند حالات الحزن لفقد عزيز من نسب أو سبب، حيث تهيمن على المفجوع شحنات شديدة القصف والعصف على صدره وفؤاده.

ولكن يا ترى ما هو الحكم الشرعي في مثل هذه المواقف؟ وهل للإنسان أن يترك بوابة مشاعره دون مصارع وأقفال؟

هذا التساؤل المشروع يجيب عليه الفقيه الكرباسي في "كتاب الجنائز" عند تعرضه للنصوص الحسينية المتعلقة بهذا الباب.

ولعلَّ من أجلى علامات الحزن الشديد على الفقيد هو شق الجيب أي طوق الثوب وفتحة الصدر، فإذا ما جاشت المشاعر عند المهموم عمد الى شق جيبه إشعارا للآخرين بعمق الغم الذي خيم على صدره وغوره، وهي عادة قديمة لدى العرب تطرق إليها الشعراء، من ذلك قول طرفة بن العبد الوائلي المتوفى نحو سنة 60 قبل الهجرة مخاطبا ابنة أخيه، من بحر الطويل:

فإن متُّ فانعيني بما أنا أهله
وشقِّي عليَّ الجيبَ يا ابنة معبد

ومن مظاهر الحزن الشديد خمش الوجه وجرحه بأظافر اليدين حتى يسيل الدم، وحلق الشعر أو نشره وفتح جديلته إيذانا ببدء الحزن، ومن ذلك إشارة الشاعر المخضرم لبيد بن ربيعة العامري المتوفى سنة 41 للهجرة مخاطبا ابنتيه، من بحر الطويل:

فقوما وقولا بالذي تعلمانه
ولا تخمشا وجها ولا تحلقا شعرا

ومن مظاهر الحزن الويل على النفس والدعوة للموت والهلاك، ومن ذلك قول الأعشى ميمون بن قيس الوائلي المتوفى سنة 7 قبل الهجرة، من بحر البسيط:

قالت هريرةُ لمّا جئت زائرها
ويلي عليك وويلي منك يا رجُلُ

ومن مظاهر الحزن الثبور على النفس والدعوة لفنائها، ومن ذلك قول النابغة الذبياني زياد بن معاوية المتوفى سنة 18 قبل الهجرة، من بحر الكامل:

تعلّمْ أنه لا طير إلا
على متطير وهو الثبور

فالجوارح الظاهرة حاضرة عند الأحزان، وهو تعبير بشري عن مساحات الحزن وأعماقها، لكن الإسلام جاء وهذّب الكثير منها وشذَّبها، بوصف الموت حق به قهر الله عباده وهو محطة لابد منها نحو الحياة الأبدية، وهو حاكم على الكل بلا استثناء، قال تعالى لحبيبه محمد (ص): (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) سورة الزمر: 30، وقوله تعالى: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) سورة النساء: 78، وهنا يتابع الفقيه الكرباسي النصوص الواردة عن الإمام الحسين(ع)، من ذلك وصيته عليه السلام لشقيقة زينب الكبرى عليها السلام: (أُخيّة إني أقسمت عليكِ فأبرّي قسمي، لا تشقّي عليَّ جيبا، ولا تخمشي عليَّ وجهاً، ولا تدعي عليَّ بالويل والثبور إذا أنا هلكت)، وقد ناقشها من حيث السند والدلالة وأفاض فيها بخاصة وقد وردت في مسألة شق الجيب على الميت كما أشار الكرباسي طائفتان من الروايات، طائفة ناهية في ظاهرها وطائفة مبيحة، وقد ذهب الفقهاء في هذا المجال أربعة مذاهب، الأول: عدم جواز الشق في غير الأب والأخ، والثاني: جوازه للنساء مطلقا وحرمته للرجال، والثالث: المنع مطلقا، والرابع: الجواز مطلقا، وينتهي الفقيه الكرباسي الى القول: (فالجمع -بين الطائفتين من الروايات- والعقل لا يمنعان من إظهار المصاب بالشكل الذي لا يضر الإنسان نفسه .. وربما قلنا بجواز الشق على كل من عظّمه الإسلام، وهذا لا يعني جوازه في ذكرياتهم السنوية ومنها في ذكرى يوم عاشوراء من كل سنة، بل هو مختص بالنعي في وقته وإن تأخر نعيه بعد حين، وعليه فلا يجوز الشق في إحياء مجالس العزاء للمعصومين عليهم السلام، نعم يجوز الشق بعنوان آخر فيما إذا وقع ضمن مسرح أو فلم أو أمثال ذلك لشخص الممثل دون غيره).

أما بالنسبة إلى خمش الوجه بالأظافر: (فهو الآخر قد دلت عليه الروايات الناهية ولم نجد هناك في الروايات المجيزة ما يدل على جواز الخدش او الخمش بل الذي دل عليه جوازه هو شق الجيب أو الثوب ولطم الخد، وأما الخدش أو الخمش فهو محرم فلم يدل دليل على جوازه لا عند الإمامية ولا عند غيرهم).

وحاصل الأمر من كل هذا كما يذهب إليه الفقيه الكرباسي: (إن الدعاء بالويل والثبور غير مرغوب فيه شرعا، وأما البكاء والحزن بشكل عام ما لم يخرج عن حدّه المتعارف هو أمر لم ينه عنه الشرع الشريف، وإن كان الصبر بالطبع أفضل لمن هو قادر على ذلك).

زينة المرء

هناك فهم خاطئ يسيطر على البعض بأن تقرب العبد إلى المعبود يستدعي عدم الإهتمام بالمظهر الخارجي من ملابس نظيفة وزينة وتعطر وتمشيط شعر الرأس واللحية، غير آبه لمؤدى قوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ. قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ) سورة الأعراف: 31- 32.

وفي المقابل هناك من يأخذها عريضة مرة وطويلة مرة أخرى ولا يبالي بالعرف الإجتماعي العام فيتخذ لنفسه زينة شهرة وتفاخر بين الناس وبخاصة في مجال اللباس، غير مكترث لمفهوم الزينة والتجمل والمظهر الحسن، وهذا الذي لا يرتضيه العرف ويرفضه الشرع الذي ينظر الى المصلحة المجتمعية العامة، والمراد بلباس الشهرة معًا كما يؤكد الفقيه الكرباسي: "هو الثوب الذي يحب مرتديه أن يبرز نفسه بين الناس عبر ما لبسه ليُذكر بذلك، بل ويتفاخر به، والذي يوجب التبختر والتكبر .. وكذلك مما فيه الفخامة والعظمة والتجبر".

ويعد لباس الشهرة والتفاخر من الأمور المبغوضة التي تخل بالميزان العام للمجتمع، لأن الله كما يحب أن يظهر المرء نعمته عليه بين الناس بالمظهر الحسن لا يرتضي له أن يتصنَّع التميُّز على الآخرين بالمظهر الخارجي محاولة منه لتسليط الضوء عليه، وهو يدخل في باب التكبر والتبختر ويبعد عنه محبة الله كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً) سورة النساء: 36، ولذا يرى الفقيه الكرباسي أنه: (يكره كراهة شديدة إرتداء ثوب الشهرة) لما ورد عن الإمام الحسين عليه السلام: (من لبس ثوبا يشهره، كساه الله يوم القيامة ثوبا من النار) أو قوله عليه السلام: (من لبس مشهورا من الثياب أعرض الله عنه يوم القيامة)، فالغلظة في الكراهة يُراد منها في واقع الأمر حماية المجتمع ممن يريد أن يخل بسلامته، فليست هناك حرمة، ولذا يضيف الفقيه الكرباسي: (لم أجد خلافًا بين الفقهاء في كراهة ارتداء لباس الشهرة سواء عند الإمامية أو عند المدارس الاخرى، فليس هناك من دليل من الكتاب على حرمة ذلك إلا العموميات أو مفهوم بعض الآيات من ذم حب الشهرة وذم المتكبرين الواردة في المقام).

كما لا تعارض بين الزهد والنظافة والتطيب، بل من الزهد الواقعي أن يكون الزاهد نظيفا على الدوام، فكما يحافظ على وضوئه تعبدا يحافظ على نظافته زينة وتعبدا، وليس أزهد على وجه الأرض من النبي محمد(ص) الذي كان الطيب لا يفارقه، وهو القائل: "إنَّ الله طيِّبٌ يُحِبُّ الطِّيبَ ونَظيفٌ يُحِبُّ النظافة"، بل ويؤكد على كل ما فيه مصلحة الإنسان والمجتمع ومظهرهما الحسن، وقد ورد عنه صلوات الله عليه: "حسِّنوا لباسكم وأصلحوا رحالكم حتى تكونوا كأنكم شامة من الناس"، وفي الحديث النبوي: "إن اللّه جميل ويحب الجمال".

ومن الجمال والزينة صبغ الشعر للرجل بالسواد، والخضاب بالحِناء وأمثالها من الصبغيات، ومن الجمال حجاب المرأة، ومن الجمال زينة العيد، ومن الجمال أثاث المنزل بخاصة إذا كان هو من مهر المرأة، ومن الزينة المحببة التختم بالعقيق.

وعلى ذكر الزينة والتطيب بالاستناد الى مرويات الإمام الحسين(ع)، يضع المحقق الكرباسي مائزا بين مفاهيم المراسيم والطقوس والشعائر: (فالمراسيم: فهي جمع المرسوم وهي تعني المكتوب والمتعارف القيام به في عرف مجتمع من المجتمعات .. ويعبر عن هذا النوع من المراسيم في المصطلحات الإجتماعية الحديثة بالطقوس أيضا، وإذا ما أيدتها الشريعة الإسلامية السمحاء أخذت طابعا إسلاميا، فإن كان عباديًا قيل له شعيرة والتي يمكن إدخالها تحت الآية الكريمة: "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"- سورة الحج: 32-، وإذا لم تكن تلك العادة عبادة أُطلق عليها المرسوم، وإذا لم تعترض عليها الشريعة الإسلامية كانت مباحة بمعنى أنها جائزة الفعل أو الترك أي على الأقل ليس فيها حزازة أو ملامة، ومن تلك الطقوس الدينية: التنظيف، والتطهير، والتطييب، ولبس الملابس الفاخرة، وتقديم التبريك والتهاني، وتقديم الهدايا، وأمثال ذلك).

جمالية الموسوعة

ومن الجمالية في كل جزء من أجزاء دائرة المعارف الحسينية، أن مؤلفها الكرباسي يزينه بمطالعة لأحد أعلام الأمة يقدم فيه رأيه في الإمام الحسين(ع) ونهضته المباركة وفي عموم الموسوعة الحسينية وخصوص الجزء الذي يطالعه ويقدم له، وقد تزين الجزء السادس من (الحسين والتشريع الإسلامي) بمطالعة باللغة الألبانية للأستاذ الحاج فولنيت ميرجا (Shejkj Haxhi Vullnet MERJA) وشهرته الشيخ عباس، رئيس جمعية فيلادي (Kryetar i Shoqates FILADI) في العاصمة الألبانية تيرانا، الذي يؤمن بأنه: (على الرغم من تقسيم المسلمين إلى مذاهب وتيارات ومدارس فقهية مختلفة، لكنها ترى مجتمعة بأن حب الإمام الحسين بن علي(ع) هو حب الله استنادا الى الحديث النبوي المتواتر: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا)

وعن النهضة الحسينية أكد الاستاذ ميرجا: (إن النهضة الحسينية لها أبعاد مختلفة من دينية وأخلاقية وإجتماعية وإنسانية، وهي على المستوى البشري ترمز الى الحرية والإستقلال والعدالة والرشاد بغض النظر عن الأمة واللغة والعرق واللون).

ولأن هذا الجزء من الموسوعة في كتاب الجنائز يتحدث عن البكاء، فإن رئيس جمعية فيلادي الألبانية يتساءل بحرقة: لماذا نبكي الحسين(ع)؟ ويجيب: إن كل حركة تعبوية وفعل نهضوي يسعى إلى إقامة العدل يستدعي إظهار المشاعر والحب والحقيقي، ومن هذه المشاعر ذرف الدموع على سيد الشهداء الذي قدّم كل ما يملك من أجل رسالة السماء، ومن كان هذا شأنه حري أن تذرف لمأساة كربلاء الدموع لترابط العَبرة بالعِبرة).

وحري لمن وظَّف كل ما يملك وأوقف جوارحه وأنفاسه الصاعدة والنازلة من أجل توثيق النهضة الحسينية عبر "دائرة المعارف الحسينية" أن يقف له العالم إجلالا وتعظيما.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى