عيدُ الجُرح..
لِضَيْفَيْهِ عِيدُ الجُرْحِ قالَ : تفَضَّلاَ
فَذا كُوخِيَ النَّاجي من الحربِ والبَلاَ
أيَكْفيكُما خُبزٌ تَنَتَّنَ طَعْمُهُ
فليسَ لدَى الجَوْعَى طعامٌ ليُؤكَلاَ ؟
فلو أنَّني حقًّا ملَكتُ قِراكُمَا
لَمَا كنتُ أنْوي أنْ أَضنَّ وأَبْخَلاَ
ولكنَّني مفْجوعُ أهلٍ وعِتْرَةٍ
ومفجوعُ بيتٍ بالرّمادِ تَزَمَّلاَ
فلا عَجَبٌ مِن نَكْبَةٍ أوْ مُلِمَّةٍ
ولا عجبٌ من أنْ نُصابَ ونُبْتَلَى
طُيُورُ بلادِ الرّافِدَيْنِ تَيَتَّمَتْ
وكُلُّ طُيُورِ الشَّامِ تَذْكُرُ كَرْبَلاَ !!
هُنَا فَقَدَتْ كُلُّ البلابلِ دَوْحَهَا
هُنا وَجَدَتْ بابَ التَّراتيلِ مُقْفَلاَ
فيَا ضَيْعَةَ الدُّنيا إذا الشَّعبُ لَمْ يَزَلْ
على مَهْدِهِ المسروقِ يعْدِمُ منْزِلا !
هُمُ القوْمُ كمْ عاشُوا كِبارًا أَعِزَّةً
فأَضْحَوْا صِغَارًا نازِحينَ وَ رُحَّلاَ
تَرَى الطفلَ مَحْمولاً على ظَهْرِ أُمِّهِ
وما سَمِعَتْ مَوْتًا إِليهِ تَسَلَّلاَ
أراهَا دِماء المرْءِ بَاتَتْ رخيصَةً
وَما عَادَ يُجْدي أنْ نَعيشَ مُطَوَّلاَ
*****************
أَشِيرَا عَلَيَّ الآنَ ما أَنَا فَاعِلٌ
أَأَلْزَمُ كُوخِي أَمْ أَتِيهُ لِأُقْتَلاَ ؟
كأنِّي رأيتُ الدَّهرَ يُشْهِرُ سيْفَهُ
صَقيلاً لِيُفْنينَا جنوبًا وشَمْأَلاَ
أيا دَهْرُ لَمْ تُبْصِرْ عُيُونُكَ غَيْرَنَا
أَ نُشْبِهُ أعوادَ الثِّقابِ لِنُشْعَلاَ ؟
لَعَمْرَيْكُمَا ما كُنْتُ أَدْري بِأَنَّنَا
مُسِخْنَا على مَرْأًى منَ الصَّحْبِ قُمَّلاَ
لكَمْ مَدَّنا الْعَادُونَ تَحْتَ رَصَاصِهِمْ
وَقَدْ أَحْضَرَ الحَفَّارُ فأْسًا ومِعْوَلاَ
تُرِكْنَا سُدًى ما بينَ خَوْفٍ وَيَقْظَةٍ
نُغَازِلُ أَحْلاَمَ النَّجَاةِ سَبَهْلَلاَ
يُدَاهِمُ خَيْطُ الصُّبْحِ حِينًا دُرُوبَنا
ونبْكي عَلَيْهِ الدَّمْعَ ماَ غابَ وانْجَلَى
أَعِيدا على وجْهِي قميصَ عُروبةٍ
لِأُبْصِرَ فَتْحًا عنْ قريبٍ مُؤَجَّلاَ
فمَا أَنَا مِمَّنْ يُنْسَجُ العُمْيُ حَوْلَهُ
ولستُ الذي يُعْطي الجوابَ لِيُسْأَلاَ
أَلاَ فتَزَحْزَحْ يا زَمانُ لِأُمَّتي
وَجُدْ بِغَدٍ يَسْقِي التُّرابَ قَرَنْفُلاَ
لِكَيْ لاَ تُرَى الأيَّامُ تَأْكُلُ بَعْضَها
وكَيْ لاَ يُرَى الرَّاعِي يُلَمِّعُ مِنْجَلاَ