الأحد ١٢ آب (أغسطس) ٢٠٠٧
بقلم حسين أبو سعود

فن قلب الحقائق

هناك مثل عراقي مشهور يقول (الكذب المصفط احسن من الصدق المخربط) اي ان الكذب اذا جاء بشكل مرتب ومتسلسل افضل واحسن من الصدق الغير منظم والغير مترابط ، ولا شك بان الكذب هو مظهر جلي من مظاهر قلب الحقائق وتقديمها بصورة مغايرة للواقع، ولعل اول مغالطة او محاولة لقلب الحقائق قام بها الشيطان عندما رفض الانصياع لاوامر الخالق بالسجود لادم بحجة انه مخلوق من نار، والنار افضل من الطين، ولا ادري كيف استخلص فكرة افضلية النار على الطين ، وظل قلب الحقائق مستمرا منذ ذلك الزمان الى الان وسيظل حتى قيام الساعة، وقد تطور هذا الفن في عصرنا الحالي بشكل مذهل بفضل الخدع السينمائية والتلفيق الالكتروني وانتشار اجهزة الاعلام الرقمية التي توصل الخبر من اقصى الارض الى اقصاها في (لا وقت)، وعندما سألت احد الصحفيين المخضرمين عن ادق الدقائق في فن قلب الحقائق قال:

هذا الفن هو صياغة الاخبار بالمقلوب من دون ان يشعر المتلقي انه مقلوب، كأن يقال: لم تنفجر اية قنبلة في سوق الشورجة ولم يقتل في ذلك الانفجار اكثر من ثلاثين شخصا، كما لم تصب اي من الدكاكين باضرار ولم تهرع قوات الامن وفرق الاطفاء وسيارات الاسعاف الى مكان الحادث لاجلاء القتلى والجرحى واخماد النيران التي تلتهم المحلات.

ومن مصاديق قلب الحقائق تحريف الروايات التاريخية ووضع الاحاديث وتزوير الوثائق والمستندات، وان التاريخ بشكل عام والتاريخ الاسلامي بشكل خاص يحتوى على امثلة حية لقلب الحقائق سواء جاءت بنية حسنة اونية سيئة، ولقلب الحقائق احيانا فوائد ظاهرة واخرى مستترة ليس هنا مجال حصرها، وله طرق منها التدليس والتلبيس والتبليس المشتق من فعال ابليس.

ومن مظاهر قلب الحقائق نرى ونسمع باقتتال الاخوة وهم اعداء في فلسطين وتفخيخات الاخوة في العراق ومعاناة الجياع في سلة الخبز العربي وانتصارات الجنجويد واحداث دارفور والصومال وغيرها ، كل هذا والناس هناك يتزاوجون ويتصاهرون ويطلقون ويبيعون ويشترون ويختنون اولادهم وكأن شيئا لم يكن.

وانا لااريد ان امارس اي نوع من قلب الحقائق في هذه العجالة حيث لا اريد ان اقول بان النساء هن خير من يجدن فن قلب الحقائق، عن طريق الانكار العلني لما ترتكبه من حماقات يومية بحق الرجل، ولا اريد ان اقول بانهن يُجدن قلب الحقائق بقدرتهن على استعمال المساحيق وادوات المكياج لتغطية بعض عيوب الزمن، لانني لا ارغب في ان اقول في المراة شيئا ليس فيها اصلا، وقد سمعت احدى المذيعات في احدى الفضائيات تقول بان الخطة الامنية الحالية قد حققت اغراضها بالرغم من وجود المفخخات وتزايد الضحايا واعلان حالة الطوارئ في المستشفيات والبقية تاتي تباعا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى