السبت ١٠ آذار (مارس) ٢٠٠٧
قضايا لغويّة
بقلم إلياس عطا الله

في رسم همزة الوصل ولفظها حين تكون أولى

اَلألف مع الوصلة أم القطعة أم الحركة؟

لسنا بحاجة إلى تبيين مواقع همزة ٱلوصل وهمزة ٱلقطع، فكتب ٱلإملاء وتدريسه ضبطت هذا ٱلأمر، وثمّة همزاتٌ للوصل تُقطع( رسما ولفظا)، وذلك في ٱلمواطن ٱلتالية:

  همزة "ال" إذا جُعلت كلمةً على حيالها تصبح همزة قطع، كأن أقول: " أداة ٱلتعريف في ٱلعربيّة هي أَلْ/ ألّ".
  همزة أل في ٱسم ٱلجلالة ٱلمنادى بٱلياء، همزةُ قطع عند ٱلجمهور: " يا ألله!"، ومنهم من أبقاها للوصل: " يا ﭐلله"، وكذا حين تَكسعُ الميمُ ٱسمَ ٱلجلالة، فٱلهمزة تُقطع وتوصل" أللهمّ، ﭐللهمّ".
  همزة ألبتّة/ ٱلبتّة مختلَفٌ فيها، فهنالك من يصل وهنالك من يحقّق، أي يلفظها بٱلقطعة.
  اَلأسماء ٱلبادئة بهمزات وصل، تُقطَعُ همزاتها إذا تعيّنت للعَلَمِيّة" إبتسام، إعتدال..." .
  وممّا ٱختلفوا فيه أيضًا، قطع ووصل ٱلهمزة في ٱلإثنين/ ٱلاثنين ٱسما لليوم، وٱلمناديات ٱلمتّصلة بأل: يا ألرجل... يا ألّذي، في أسلوبيّة من ينادي ٱلمتّصل بـ"ال" بيا ٱلنداء.
  أمّا في ٱلشعر، فللشعراء ترخيصات في قطع ٱلموصولة، ووصل ٱلمقطوعة.
  كما أنّ هناك بعضَ ٱلسّمات ٱللهجاتيّة ٱلقديمة في تحويل ٱلقطع إلى وصل، وفي حذف همزة ٱلقطع مطلقا في بعض ٱلأساليب.

تنحصر ٱلمشكلة كما أرى في مسألة أساسيّة وهي: هل تُرسمُ ٱلقطعةُ معَ همزات ٱلوصل ٱلأولى وتحرّك، أم يُكْتَفى بتحريكها دون رسم ٱلقطعة، أم تُرسَم همزةَ وصلٍ تعلوها ٱلصّادُ ٱلصّغيرة( ٱ) مطلقا؟ وفي ٱلحالات كلّها، أتُسمّى هذهِ ٱلملفوظةُ همزةَ وصل أم همزةَ قطع؟ وتلك الموظّفة للوصل، أتُسمّى همزةً أم ألِفًا؟
إجابةً عن هذه ٱلتساؤلات أقول:

1.

قضيّة ٱلقطع وٱلوصل قضيّة صواتيّة قبل أن تكون قضيّة إملائيّة، فهمزات ٱلقطع تلفظ وترسم قطعةً ( ء) ، أو أحرفَ علّةٍ مصحوبةً بٱلقطعةِ وفقَ ٱلقواعدِ ٱلإملائيّة ٱلمعمولِ بها ( أ، إ، ؤ، ئ، ئـ، ﺌ، ﺈ، ﺄ، ﺊ). أمّا همزات ٱلوصل، وٱلتي ترسم بصورة الألف مطلقا ( ﭐ- ا)، فليست من مادّة ٱلكلمة في شيء، إذ إنها حرف زائد مُجتَلَب لمهمّة نطقيّة أو تعويضيّة، ولذا تتعرّض للسقوط اللّفظيّ حينا: " إنّ ٱلله معَ (ٱل)صّابرين"، " في (ٱ)لْبيت"، وٱللّفظيّ وٱلكتابيّ حينا: " بِسْمِ( باسم) ٱلله ٱلرحمن ٱلرحيم"، " لله ( لالله) أنت!"، ﴿ وللآخرة خيرٌ لك من ٱلأولى﴾( ولالآخرة)، أمّا في أوّل ٱلكلام فإنّها جُلبت للتّوصّل إلى ٱللفظ بٱلساكن، أو كما قال ٱلخليل:"... لتكون ٱلألف عمادا وسلّما للّسان إلى حرف البناء، لأنّ ٱللّسانَ لا ينطلق بٱلسّاكنِ من ٱلحروف فيحتاج إلى ألف ٱلوصل" ( العين: 1: 49)، وعلى هذا نميل إلى تسميتها ألف/ همزة ٱلتوصُّل، وما ٱستعمال ٱلوصل في مثل هذا ٱلموقع إلا من باب ٱستعمال ٱسم ٱلمصدر بدلا من ٱلمصدر ٱلقياسيّ. وحيث إنّها مجلوبة للفظ بٱلساكن، فإنّ في ٱلأمر حقيقتين:

  هي ليست همزة قطع، فهذه لم تجلب لمهمّة صواتيّة، فهي على ٱلغالب؛

1. أصليّة، كما في: أخذ، سأل، نبأ، أنت...

أو لها مهامّ أخرى محدّدة، كما في:

2. همزة ٱلاستفهام، نحو: أأنتَ فعلتَ هذا؟، أجئتَ مبكرا؟

3. اَلمضارَعَة، نحو: أَدْرُسُ، أَكْتُبُ...، للمتكلّم/ ة أو المخبر/ ة عن نفسه/ ا.

4. اَلتّسوية، نحو: سواءٌ أقالوا أم لم يقولوا.

5. اَلنداء، نحو: أعينيَّ جودا ولا تجمدا...

6. بناء ٱلوزن ٱلرابع "أَفْعَلَ"، نحو: أَكْرَمَ، أَقْبَلَ... من باب أمن ٱللبس، لشبهه بأمر ٱلمجرد ٱلثلاثيّ " اِفْعَلْ"، وفي ٱلمواضع ٱلتي يؤمن فيها ٱللبس تسقط ٱلهمزة هذه، كما في مضارع "أَفْعَلَ- يُفْعِلُ"، حيث يقوم ضمّ حرف ٱلمضارعة بٱلمهمّة- ثبتت هذه ٱلهمزة في بعض ٱلمأثور ٱللهجاتي-، وكذا في ٱلأمر من هذا ٱلوزن، نحو: أكرِمْ، أقبِلْ، أعِزَّ، أجِلَّ... وفي مصدر هذا ٱلوزن ٱلقياسيّ "إفعال" نحو: إكرام، إقفال، إخراج... حيث جاءت مقطوعة محقّقة مكسورة، لتمييزها من ٱلجموع ٱلمفتوحة ٱلهمزة ٱلمشابهة إملاء، نحو: أقفال وأخراج جمعين لقُفل وخُرج... وكذا ٱلأمر في ٱلمشتقات من هذا ٱلبناء.

7. اَلتّعديَة، كما في: أحزَنَ، أفرحَ...

8. اَلسّلب،كما في أعجَمَ أي أزال ٱلعُجمةَ، ومنها سمّيَ ٱلمعجمُ معجمًا( كما يرى بعضهم).

9. اَلنّقل من فَعلَ إلى أفْعَلَ لغير تَعْدِيَةٍ نحو سقيت ٱلزرع وأسقيته،

10. لبناء صيغة ٱلتفضيل، نحو: هي أحلى وأجمل...
11. لبناء صيغتي ٱلتّعجب ٱلقياسيّتين، نحو: ما أجمل ٱلسماء! أعْزِزْ بخالدٍ!

أمّا همزة ٱلوصل فليس لها مهمّة سوى ٱلمهمّة ٱلصّوتيّة ٱلمشار إليها.

اِعتمادا على ما ورد أعلاه، نقول إن ٱلهمزتين مختلفتان، فليست ٱلواحدة منهما هي ٱلأخرى، ولا أصلا لها، أو فرعا عليها، وإن كانت ٱلألف ( ا) شريكا إملائيّا فيهما، ولذا لا يحسن بنا جعلهما شيئا واحدا، أو تسميتهما تسمية واحدة.
_ لا أتخلّص من ساكن بجلب ساكن آخر، ولذا، تحرّك هذه ٱلألف ٱلساكنة، ولو كانت ثمّة إمكانيّةٌ للتحريك دون حرف لاكتُفِي بٱلحركة، ولاستحالة الأمر، اُختيرت هذه ٱلألف لضعفها، لتكون موضعا للحركة حين ٱلحاجة لها، فإذا ما ٱنتهت وظيفتها ٱلصّواتيّة، بٱنتقالها إلى درج ٱلكلام، سقطت هي وحركتها وسكونها لفظا، أو لفظا ورسما، وإن رُسمت، حوفظ على رسمها ألفا فوقها صاد صغيرة. ومن ٱلصّاد ٱلتي قالوا إنها ٱختصار من ٱلوصل أو ٱلصّلة، جعلوا وظيفتها دلالة على عدم ٱلتوقّف في ٱلقراءة ووصل ما قبلها بما بعدها، ومن هنا ظنّوا أنّها سمّيت همزة ٱلوصل، وٱلقول- كما أرى- ما قاله ٱلخليل.

2.

على صعيد ٱلصّواتة، وفي منأى عن ٱلبحث إن كان ٱلقدماء قد جعلوا همزة ٱلوصل همزة قطع في أوّل ٱلكلام أم لم يجعلوا، فإنّ لفظ همزة ٱلقطع مختلف عن لفظ همزة ٱلوصل في أوّل ٱلكلام، وما علينا إلا أن "نذوق" ٱلحرف- بلغة ٱلخليل بن أحمد-، لنجد أنّ في لفظ ٱلمقطوعة صوتا ٱنفجاريّا، تظهر فيه ٱلهمزة بيّنة جليّة في ٱللفظ، بعد أن كان وَتَرا ٱلصوت قد ٱنغلقا انغلاقا تامّا، ثم ٱنفرجا ليخرج ٱلصوت ٱنفجاريّا، أمّا في همزة ﭐلوصل ﭐلأولى، فأمر ﭐلصوت فيه وهَنٌ بيّنٌ، حيث لا نلفظ ﭐلهمزةَ ﭐنفِجاريّةً، بل نُخرج صوتا فيه حركة، مصحوبا بضمّ ﭐلشفتين في حالة ضمّ همزة ﭐلوصل، وبفتحهما في حالة فتحها، وبإنزال ﭐلحنك ٱلأسفل في حالة كسرها، تماما كما لا نُخْلِصُ ﭐلحركات في حالة لفظ ﭐلمبنيّ للمجهول من ٱلأجوف، حيث نلفظ "قِيل" و " صِيمَ" بكسر ﭐلحرف ﭐلأول مع ضمّ للشفتين وكأننا على نيّة ﭐلقيام بلفظ ﭐلضمّ، فجهاز ﭐلنطق يأخذ وِضعة ﭐلضمّة، وﭐللفظ ﭐلخارج هو ﭐلكسرة، فلا تكون ثمّة ضمّة ولا كسرة بلفظهما ﭐلحقيقيّ، بل هو ضرب من ٱلإشمام. وللتأكّد من هذا ﭐلفرق في ﭐلصوت بين همزة ﭐلقطع وهمزة ﭐلوصل، علينا أن نردّد بهدوء وتنبّه شديدين نماذج ٱلمجموعتين ٱلتاليتين، حيث تبدأ ٱلأولى بكلمات همزاتهن للقطع، وٱلثانية، بكلمات همزاتهنّ للوصل:

أ- "أكرم- إكرامٌ"، "أنتَ"، "أنا"، "إنَّ"، "أُنثى"، "أنين"...،
ب- " اِنتبه- اِنتباهٌ"، "اِنْفعل- اِنْفعال"، "اِنشغل- اِنشغال"، "اُستُشهِدَ"...،
لنتيقّن أنّنا في ﭐلأولى أعطينا ٱلهمزة حقّها تحقيقا وﭐنفجارا، فيما ﭐختلسناها في ﭐلثانية فلم نبلغها غايتها أو مساحتها في ﭐلنطق، فجاءت ٱلحركة شبه خفيّة وكأننا نبدأ بٱلساكن، أو كأنّما لفظناها همزة بينَ- بينَ، أي مخفّفة مشربة بحركتها، فٱلمفتوحة تلفظ بين ٱلهمزة وٱلألف، وٱلمكسورة، تلفظ بين ٱلهمزة وٱلياء، وٱلمضمومة، تلفظ بين ٱلهمزة وٱلواو، وعليه لا أرى موضعا للقطعة مع همزة ﭐلوصل.

3.

لنفترض أنّنا سنلفظ ٱلحركات، رغم معرفتنا أنّها صوائتُ غيرُ منفكّة عن ٱلصوامت، فإنّ محاولتنا تثبت لنا أنّنا ما حقّقنا لفظ ٱلهمزة ونحن نلفظ ٱلضمّة أو ٱلفتحة أو ٱلكسرة، بل إنّ ما لفظناه هو ٱلحركة مسبوقة بنوع من ٱلهمهمة أو ٱلهمر لا ٱلنّبر، وكأنّنا بدأنا بذبذبة سابقة للساكن متّصلة به، كما نجد في قراءتنا لـ : اِنْتَفَضَ واقفا... اِنْهَمَكَ في عمله... وكأنّنا بدأنا بٱلعمليّة ٱلعكسيّة؛ حركة ملفوظة قبيل ٱلصّامت؛ vفـَ c، لا صامت سابق للحركة c فـَ v؛ كسرة + نون، لا نون + كسرة كما في نِلْتُ مثلا، وفي هذا ٱلصوت شيء من ٱلغنّة وٱلخيشوميّة ٱلخارجة من سقف ٱلحلق. ( v أي حركة، صائت من vowel، c أي صامت، من consonant).

4.

لو جعلنا ﭐلرسم القرآنيّ فيصلا في كتابة همزة ﭐلوصل، وأقصد ٱلرّسم ٱلعثمانيّ ٱلمعمول به في ﭐلمصاحف ٱلمشرقيّة ﭐليوم، لوجدنا همزة ﭐلوصل مرسومة دائما، أولى كانت أم في ﭐلدّرج، بصورة (ﭐ- ﭑ)، أي ألف فوقها وصلة/ صاد أولى صغيرة، ولم تحوّل رسما إلى همزة قطع، وتلفظ وهي بشكلها ٱلأساسيّ محرّكَة وفق ﭐلحركة ٱلملائمة، وأولئك ﭐلذين لا يكتبون ﭐلقطعة على همزة ﭐلوصل ﭐلأولى، مهتدون أو متيّمنون- كما أرى- بٱلرّسم ٱلتّوقيفيّ ﭐلقرآنيّ.

5.

لم أقف في مصدر كلاسيكيّ موثوق فيه على من سمّى همزة ٱلوصل في أوّل ٱلكلام همزة قطع، أو من أشار إلى رسمها مع ٱلقطعة، وٱلمصادر ٱلمشار إليها هنا هي:

1. اِبن جنّي، أبو الفتح عثمان(1988). الألفاظ المهموزة وعقود الهمز. تح. مازن المبارك. بيروت- دمشق: دار الفكر المعاصر، دار الفكر.

2. اِبن درستويه، عبدالله بن جعفر(1977). كتاب الكتّاب. تح. إبراهيم السّامرّائي وعبد الحسين الفتلي. الكويت: دار الكتب الثّقافيّة.

3. اِبن قتيبة، عبدالله بن مسلم (2001). أدب الكاتب. بيروت: دار الجيل.

4. اَلخوارزميّ، صدر الأفاضل القاسم بن الحسين (2000). شرح المفصَّل في صنعة الإعراب الموسوم بالتّخمير. تح. عبد الرحمان العثيمين. الجزء 2. الرّياض: مكتبة العبيكان.

5. اَلزّجّاجيّ، أبو القاسم عبد الرحمان (1993). كتاب الإبدال والمعاقبة والنّظائر. بيروت: دار صادر.

6. (1984). الجمل في النّحو. تح. علي توفيق الحمد. بيروت: مؤسّسة الرسالة، إربد: دار الأمل.

7. اَلزّمخشريّ، أبو القاسم محمود( 1990). المفصّل في علوم اللّغة. بيروت: دار إحياء العلوم.

8. سيبويه، أبو بشر عمرو بن عثمان(1991). الكتاب. تح. عبد السّلام محمّد هارون. بيروت: دار الجيل.

9. اَلسّيوطيّ، جلال الدين ( 1998). همع الهوامع في شرح جمع الجوامع. تح. أحمد شمس الدين. بيروت: دار الكتب العلميّة.

10. اَلعكبريّ، أبو البقاء عبدالله بن الحسين(1995). اللّباب في علل البناء والإعراب. الجزء 2. تح. عبد الإله نبهان. بيروت: دار الفكر المعاصر، دمشق: دار الفكر.

11. (1987). التّبيان في إعراب القرآن. ج. 1، تح. علي محمد البجاويّ. بيروت: دار الجيل.

12. اَلمبرّد، أبو العبّاس محمّد بن يزيد ( ؟). المقتَضَب. 4 أجزاء، تح. محمّد عبد الخالق عضيمة. بيروت: عالم الكتب.

13. اَلنّحّاس، أحمد بن محمد (1990). صناعة الكتّاب. تح. بدر أحمد ضيف. بيروت: دار العلوم العربيّة.
وأضيف إليها مصادر تحدّثت عن ٱلإملاء وبداءات ٱلنقط وٱلتحريك بٱلألوان ٱلمخالفة للون مداد ٱلكتابة، ومنها:

14. كتاب ٱلنّقط لأبي عمرو ٱلدّاني، و

15. كتاب ٱلمقنع في رسم مصاحف ٱلأمصار، له أيضا، و

16. عنوان ٱلدليل من مرسوم خط ٱلتنزيل لابن ٱلبناء ٱلمراكشيّ.

ولعلّنا واجدون في منصف ٱبن جنّي لكتاب ٱلتصريف للمازني دعامة لما نذهب إليه، حيث إنّه تحدّث عن ٱلحركة فحسب وهو يشرح هذه ٱلهمزة الأولى، ويصرّح بأنّ هذه ٱلهمزة "زائدة ساكنة في ٱلأصل"، ونحن نعرف أنّ همزات ٱلقطع لا توصف بأنّها ساكنة في ٱلأصل، وأنّه ليست هنالك همزات قطع أولى ساكنة مطلقا، اُنظر: ٱبن جنّي، ٱلمنصف، تحقيق محمد عبد ٱلقادر أحمد عطا، بيروت: دار ٱلكتب ٱلعلميّة. 1999، ص. 78. ولو جنحنا إلى ٱبن درستويه لوجدناه قائلا:" وكذلك ألف ٱلوصل في مثل ٱضرِب، وما ٱسمُك، لأنها على صورة ألف ٱلقطع في ٱلخطّ، وهي في ٱلابتداء همزة مثلها فلولا علامة ٱلوصل لالتبست بها" ويستفاد من قوله:" ولولا علامة ٱلوصل..." أنّه يكتبها " ﭐ" في أوّل ٱلكلمة أيضًا، ولقد أورد هذا في ٱلباب ٱلذي وسمه بـ: " هذا باب ٱلشكل وفصوله"، حيث أشار إلى ضرورة رسم ٱلشدّة في مواقعها، ورسم ٱلقطعة مع همزات ٱلقطع، وعلامة ٱلوصل مع ألفات الوصل: كتاب ٱلكتّاب، ص. ص. 99- 100.
أمّا كتب تدريس ٱلطلبة، وهي ٱلتي أراها- دون تعميم، إذ إنّ عددًا من كتب تدريس الأطفال لا تجد فيه قطعات على ألفات ٱلوصل، حيث دأب واضعوها على كتابتها ألفا قائمة بلا حركة وبلا علامة ٱلوصل، ينظر نموذجا: لغتنا العربيّة، اَلجزء ٱلأوّل، اَلصفّ ٱلأوّل( 2006)، عمّان: وزارة ٱلتربية وٱلتعليم، إدارة ٱلمناهج وٱلكتب ٱلمدرسيّة - مصدرا لكتابة ٱلقطعة على همزة ٱلوصل، فهي مما لا يبنى عليه في مثل هذا ٱلمقام، لأنّها جاءت لأهداف تعليميّة قريبة من مستويات ٱلطّلبة في مراحل دراستهم ٱلدنيا وٱلوسطى.

6.

إنّ ضبط ٱلكتب بٱلشكل، مهمّة من مهام دور ٱلنشر على ٱلغالب بما لديها من مدقّقين ولجان مختصّة، وقلّما كان ٱلشكل من صنيع ٱلمؤلّف نفسه، ولأنّ لدور ٱلنشر بلجانها آراءها وقناعاتها، وجدنا بعضها يترك همزة ٱلوصل بلا قطعة ولا وصلة ولا حركة، وبعضها يرسم عليها ٱلقطعة وٱلحركة، وبعضها يكتفي بٱلحركة، بل إنّنا وجدنا دار النشر عينها تتّبع أكثر من أسلوب في ما يصدر عنها من كتب، وإن كان ٱلنهج ٱلسائد أن ترسم ٱلقطعة حين تكون ٱلهمزة للقطع، وأن ترسم همزة ٱلوصل ألفا عارية، في أوّل ٱلكلام أو في درجه، ومنها: مكتبة لبنان، دار ٱلكتب ٱلعلميّة، دار ٱلعلم للملايين، دار ٱلجيل( بيروت)، دار ٱلقلم ( دمشق)، دار ٱلكتب ٱلثقافيّة ( الكويت)، دار ٱلفكر ٱلمعاصر/ دار ٱلفكر( دمشق وبيروت)، اَلمكتبة ٱلتوفيقيّة، ومكتبة ٱلخانجي( اَلقاهرة)، مكتبة ٱلمنار( اَلزرقاء- اَلأردن)، دار توبقال ( اَلدار ٱلبيضاء) وغيرها. ولا أرى في هذا ٱلشيوع إلا توخّي ٱلأسهل. وفي دور ٱلنشر نفسها قد يتغيّر ٱلمنهج إذا كان ٱلكتاب في ٱللغة أو قواعدها وقواعد إملائها، ومن هذا مثلا، رأينا همزة ٱلوصل ٱلأولى مشكولة دون قطعة في كتاب سرّ صناعة الإعراب لابن جنّي، في ٱلباب ٱلباحث فيها، وٱلكتاب صادر عن دار ٱلقلم، ينظر 1: 111- 117. امّا مكتبة لبنان فتركت همزة "أل" ألفا عارية في معجم ٱلقطيفة لليازجيّ مثلا، فيما جنحت إلى وضع ٱلفتحة فوق ألف " أل" غالبا، وتعريتها أحيانا في متن معجم ٱلمصطلحات ٱلعربيّة، لوهبه وٱلمهندس، ط. 2، أمّا في ٱلمسرد، فوردت همزة "أل" عارية مطلقا. أمّا في كتابي: رسالة في تيسير ٱلإملاء ٱلقياسي ٱلصادر عن مكتبة لبنان عام 2005، وفي كتاب أدما طربيه: معجم ٱلإملاء الصادر عن ٱلدار نفسها عام 2000، فإن همزات ٱلوصل ٱلأولى كتبت بٱلحركات، وذلك لأن المؤلّفين شاءا ذلك. وإن كان لنا أن نخلص إلى نتيجة من هذا، فإنّنا أمام منهجيّة ٱللامنهجيّة، ومردّ ٱلأمر إلى عدم ٱلحسم وعدم وجود قواعد ملزمة في ٱلإملاء القياسيّ، إضافة إلى ٱلاكتفاء برسم همزة ٱلقطع، لتبقى ٱلهمزات ٱلخاليات من ٱلقطعة للوصل.

اَلخلاصة:

  لا أوثر رسم ٱلقطعة مع همزات ٱلوصل، بل أراه خلطا بين نوعي الهمزة.
  أميل إلى تحريك همزة ٱلوصل ٱلأولى، عارية من علامة ٱلوصل، أو إلى رسم همزات ٱلقطع مع ٱلقطعة مطلقا، وترك همزات ٱلوصل ألفات بلا علامة، فغياب ٱلعلامة في مثل هذه ٱلحالة علامة.
  أوثر ٱلعودة إلى ٱلمصطلح ٱلكلاسيكي " ألف ٱلوصل" بدلا من همزة ٱلوصل.
أولئك ٱلكاتبون قطعةً، يرمون إمّا إلى ٱستحالة ٱللّفظ بٱلألف ٱلأولى، ولقد بيّنا أعلاه خطأ ذلك، أو أنّهم يقرّبون ٱللّفظ إلى ٱلصغار، وفي هذا خطأ أيضا، لأنّ ٱلتيسير لا مكان له إن أفضى إلى أخطاء مستقبليّة سيجبهها ٱلمتعلّم في مرحلة بلوغه، وهي حقيقة ٱلفصل بين ٱلوصل وٱلقطع، فلو كانت ٱلاثنتان شيئا واحدا، لوجدنا شيوخنا- وعندهم من ٱلفطنة وٱلدّراية ما عندهم- يقسمون ٱلهمزات ٱلأولى بشكل مغاير، كأن يقولوا:

اَلهمزة في أوّ ل ٱلكلام، همزة قطع مطلقا.
اَلهمزة في درج ٱلكلام نوعان: همزة قطع، وهمزة وصل.
ولا أرى في ذا التقسيم عسرا عليهم لو رأوا ذلك صوابا.

اَلألف مع الوصلة أم القطعة أم الحركة؟

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى