السبت ١٢ آب (أغسطس) ٢٠١٧
بقلم خالد المنتصر

«مايوه فريدة» فضح احتقارنا لأجسادنا

فوجئت واندهشت وحزنت من أن كثيراً من البنات بالذات هاجمن السبّاحة العالمية فريدة عثمان التى شرّفتنا بالحصول على الميدالية البرونزية، كان الهجوم سخيفاً، وركز على المايوه وطريقة لبسها وانطلاقها وعدم تكلفها فى ظل أمخاخ افترستها الوهابية، وتماشياً مع المظاهرة السلفية النسائية فى الشارع المصرى التى جعلت البنت المصرية تدفن نفسها فى أكفان قماش قبيحة عشوائية كئيبة تحت اسم التديّن، رسالة إلى كل البنات الساخرات من فريدة عثمان إنه الغيظ المدفون والحقد المشتعل والغل الملتهب تجاه إنسانة مصرية طبيعية، جسدها ممشوق لا تعتبره دنساً أو نجاسة، تفتخر بتاء تأنيثها وبكونها بنتاً، تعتبر جسدها طاقة أمل لا سجن عورة، تفرح به كنافذة بهجة ولا تعتبره قفص كبت، لن تسمح لعقدكن النفسية أن تمنعها من الحياة والنجاح..

ستظل ابتسامتها تجلد كل الحاقدات بسماحتها وتصالحها مع نفسها ومع جسدها.. ستترككن غارقات فى أوهامكن وأكفانكن وكبتكن وعقدكن وكلاكيعكن وهلاوسكن وضلالتكن، للأسف نحن نحتقر أجسادنا، نغنى لها «عشق الجسد فانى»، نتركها تترهل، تتشوه، الرجل يتعامل مع جسده على أنه مخزن نفايات طعام، المرأة تتعامل معه على أنه عورة ونجاسة، فلسفة تعامل مجتمعاتنا مع الجسد بشكل عام أنه مشكلة، رغم أنه الحل، هو مجرد وعاء من عظم ولحم تتلبسه الروح السامية المحلقة، لماذا تتأنق وتتشيك وجسمك سيأكله الدود؟!، هذا هو الرد الإيمانى الذى سيُتحفك به من يسمون أنفسهم متأسلمين، وهم يذكرونك كل لحظة بأن جسدك عبء تجره معك، ولن تتخلص من أثقاله وأدرانه إلا فى القبر!!، أما إذا كنت امرأة فكل خلية فى جسدك هى مشروع إبليس، كل دبة قدم هى خطوة إلى جهنم، كل شعرة تظهر هى فتنة لهذا الذكر الرابض خلف الأكمة، وكل كعب قدم وغضروف أنف وطرطوفة أذن هى خصم من رصيدها الإيمانى، الذى يصل إلى الصفر بمجرد الولادة، حتى مجرد جلدة البظر هى لعنة لا بد من بترها، رغم أن الدين الإسلامى يدين ويحرم الانتحار، إلا أن الإسلاميين يظلون يفخّمون ويقدسون ويجلون ويخلدون الانتحارى ما دام كان جهادياً فجر نفسه فى الكفرة المشركين، الانتحارى هو قمة التعامل المهين مع الجسد مهما كانت المبررات التى يسوقها هؤلاء المتأسلمون، ما هى فكرة ومفهوم الجسد عند هذا الانتحارى؟!

إنه أداة تفجير تؤدى رسالة إيمانية عبر تحويله إلى أشلاء، المتأسلمة التى تجلس على الشاطئ متعطشة إلى البحر وأمواجه تريد السباحة، وتظل تتسحب رويداً رويداً حتى يلمس رذاذ الموج خلسة أطراف جوربها السميك وهى منتشية، وما إن يناديها زوجها ذو اللحية الكثيفة من داخل البحر أن تظل جالسة تحت الشمسية لتراقب شبشب سيادته، فتعود أدراجها سريعاً، وتكتفى بمجرد النظر، أو إذا سمح لها سرعان ما تغامر بالقفز فى البحر بجلبابها فى مشهد يثير الرثاء، أبتسم دامعاً حينما تقول لى فتاة «أنا أضع المانيكير فقط فى ميعاد الدورة، ثم أزيله ثانية حين أبرأ منها»!!، أو أخرى تُظهر بعض خصلات شعرها من تحت الحجاب!!، واضعة «المانيكير» وصاحبة الخصلات المكشوفة وغيرهما هن كائنات مشتتة فى حيرة، واقعات فى أسر ازدواجية تجعلهن فتافيت إنسانة ما بين سندان رغبة إنسانية مشروعة جداً فى الجمال، ومطرقة مجتمع يصرخ رجاله «أنتِ فى قاع النار يا امرأة»، وهو يتلظى ويتحرّق شوقاً إليها، جسدها هو وسواسها المزمن وماضيها المشين ومستقبلها المظلم، كيف نتصالح مع العالم إذا خاصمنا أجسادنا؟!، سيقول البعض مستنكراً «يعنى نتعرى علشان نعجب العالم»!!، إنه ليس العرى على الإطلاق، وليست الشهوة أبداً، لكنه تحويل الجسد إلى طاقة أمل ومخزون بهجة وحافز حياة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى