الأحد ١٨ تموز (يوليو) ٢٠٢١

متعبة

نادية بيروك

تعبت من التفكير والتأمل في حياة مملة لاهية، فانية. كنت أعتقد أني أستطيع تغيير ما أراه كل يوم من عجائب وغرائب وتفاهات. لكن همي اليوم هو أن أقوى على تغيير نفسي فقط . اقترب منها وانتشل هاتفها المحمول الذي كانت تخط فيه خواطرها الغبية. لم تصرخ، لم تطلب النجدة وتركته يختفي أمام عينيها.... تحسست جيبها وأخرجت عشرين درهما، نظرت إلى اليمين تم إلى اليسار، تتطلع لعلها ترى سيارة أجرة. بعد برهة تمكنت من الركوب طلبت من السائق أن يأخذها إلى البيت. حين وصل استلت عشرين درهما ودفعتها إليه. لكنه صرخ في وجهها:

 ثلاثون درهما!

 مع‍ذرة سيدي، العداد لم يتجاوز خمسة عشر درهما المفروض أن أسترد منك خمس دراهم لا أن أعطيك ضعف المبلغ.

 ألا تعلمين أن المبلغ تضاعف بسبب كورونا، اعطني مالي وكفاك تملصا...

نظرت إليه في حيرة تم أجابته:

 ليس معي سوى ما أعطيتك، كما أن هاتفي المحمول سرق...

لم ينتظر حتى تكمل كلامها:

 صرخ ثانية في وجهها:

 كلكم سواسية، أبناء زنا!

قال ذلك وتوارى عن الأنظار في سرعة الضوء. فكرت في أخذ صورة أو تذكر رقم سيارة الأجرة، لكن هاتفها سرق، وذاكرتها لا تسعفها. ترجلت وهي تخطو نحو شقتها. كان حارس العمارة ينظر إليها شزرا لأنها حسب تقييمه لا تغطي رأسها كما أن ملابسها فاضحة. لكنها لم تكن كذلك، مجرد إنسانة بسيطة ترتدي سروالا متآكلا وسترة زرقاء فضفاضة كما أن شعرها ينسدل على كتفيها دون عناية ووجهها عاري من أي تبرج. حين تصل باب بيتها، تجد جارتها قرب الباب. تبادر بالسلام لكن الأخيرة ترمقها بنظرات حاقدة تم تصفق الباب في وجهها وكأنها أتت جرما. تفتح ليلى باب شقتها في تثاقل، تغلقه دون صوت. تترك نعلها وكمامتها على المنضدة. ترتدي خفا من البلاستيك تتوضأ وتصلي، تم ترتمي على سريرها وهي تقول:

 تعبت يارب ! يا رب رحمتك!

نادية بيروك

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى