محمد بديش بين الحياة والموت يغرق وأسرته في الفقر والمرض والنسيان
عندما زارني قبل أسابيع بزرهون، أفجعتني حالته الصحية، فهو بالكاد يستطيع المشي خطوتين قبل أن يتوقف ليرتاح ويتنفس بصعوبة. لقد تمكن منه الهم والمرض دون أن يجد للتخلص منهما طريقا أو رفيقا. دخل عقده الخامس ليجد نفسه في وضع أكثر تدهورا، فقد أصبح زوجا وأبا لطفل صغير دون أن تسعفه مواطنته في الحصول على عمل يسد به رمق أسرته الصغيرة. عانى خلال حياته المريرة من التشرد والضياع، والمرة الوحيدة التي كان فيها أمله في الاستقرار كبيرا هي عندما جعل من الحركة الطلابية بضهر المهراز ما بين 1986 و1991 بيته وأسرته وديوانه وقراءه قبل أن يزحف عليها الظلام. ولم يخرج من نضاله ضمن حركة المعطلين بفاس إلا بخفي حنين، في الوقت الذي استفاد بعض رفاقه من تراخيص نقل وأشياء أخرى؟
في أبريل من سنة 2000 وجه الشاعر حكيم عنكر نداء لإنقاذ محمد بديش من وضعه المزري قال عنه في مستهله: "شاعر مغربي يكتب في صمت، أتى إلى هذه الدنيا كي يخط لوحه المحفوظ. لم يترك مهنة إلا وتقلب فيها، ولم ترحمه مكائد الحياة. قدت قميصه من قبل ومن دبر، ولم يصالح. سامته الأيام شر المحن حتى أنها اجتثت من الدنيا آخر ما تبقى له من سلالة". لكن المرارة وحدها كانت مصير ذلك النداء الذي لا يبدو أن أحدا انتبه إليه؟
واليوم يعاني الشاعر محمد بديش من عزلة قاتلة وهو بين الحياة والموت يغرق وأسرته الصغيرة في الفقر والمرض والنسيان، خصوصا بعدما اكتشف مؤخرا وبعد سلسلة طويلة من البحث عن والديه، أن تاريخ ميلاده المثبت في بطاقته الوطنية ليس صحيحا وأنه لم يلج المدرسة في سن السابعة وإنما في الحادية عشرة من عمره؟ بيد أن ديوانه الشعري الوحيد الذي يحمل عنوانا معبرا:"أمل... أقسى من الألم" لم يكتب له حتى الآن الخروج إلى القراء لولا الأمسيات التي كان يلقي فيها بعض نصوصه بالحرم الجامعي ومجمع القدس بفاس.
إن وضع الشاعر محمد بديش مقلق للغاية، لذلك لا يسعني كصديق سوى أن أتوجه بندائي الحار إلى كل من بإمكانهم تقديم يد المساعدة له وانتشاله وأسرته من المرض والفقر والتشرد والضياع.
مشاركة منتدى
24 كانون الأول (ديسمبر) 2005, 02:07, بقلم رفعت عطفة
أعتقد أنّ باستطاعتنا مخاطبة اتحاد الكتاب العرب بهذا الخصوص. ذلك أن هذا هو واجبه. إذ من المعيب علينا أن يحدث هذا وهو ما يحدث في كثير من الأحيان دون أن نبادر لفعل شيء.
رفعت عطفة