الخميس ٢١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
بقلم نضير الخزرجي

مشروعية الأحزاب في الإسلام

يمثل العمل الحزبي ومشروعيته في المنظور الاسلامي، من الموضوعات الشائكة والحساسة، على صعيد الاجتهاد الفقهي والتنظير السياسي، ولذلك تكاد تخلو كتب الفقهاء من أي إشارة الى العمل الحزبي ومشروعيته، إلا ما ندر، وهذا ما نجده بشكل واضح لدى فقهاء الشيعة الإمامية، لاعتبارات عدة، ربما أهمها تفاوت موقف الفقهاء من حجم ولاية الفقيه الجامع لشرائط الفقاهة، بين من ضيقها على الولاية في الأمور الحسبية من قبيل الولاية على اليتيم، وهم الطبقة العظمى من الفقهاء، وبين من وسّعها الى الولاية المطلقة استصحابا لولاية المعصوم، ومن ذلك إنشاء الحكومة الاسلامية والسعي الى إيجادها، وهم قلة قليلة جدا، وبينهما من قال بالولاية العامة دون المطلقة وفوق الخاصة، وهم قلة أيضا، وبعضهم وجد الحرمة في إقامة الحكومة الاسلامية قبل ظهور الامام الحجة المنتظر (عج).

ولما كانت الأحزاب السياسية هي جزء من مفاصل الحكومات الحديثة، وبخاصة الحكومات الشوروية الديمقراطية القائمة على النظام الحزبي النيابي، فان الفقهاء بشكل عام لم يعملوا جهدهم لإبراز الجانب الفقهي إزاء هذه المسألة، فضلا عن ان بعضهم أفتى بحرمة العمل الحزبي، بوصفها على خلاف مع مفهوم الأمة الاسلامية، أو انها تتعارض مع مفهوم (حزب الله)، أو انها البديل غير الطبيعي لجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وحتى تكون الأمة على بينة من مشروعية العمل الحزبي وعموم الديمقراطية، ظهر حديثا كتاب (مشروعية الأحزاب في الإسلام في تنظير آية الله الكرباسي)، عن بيت العلم للنابهين في بيروت في طبعته الأولى في العام 2006م، في 300 صفحة من القطع الوزيري، يشرح فيه الباحثان العراقيان، حسين جهاد الحساني ونجاح جابر الحسيني، وبالرجوع الى مصادر كثيرة، مجموعة مسائل فقهية في مشروعية الأحزاب السياسية وشرعيتها، تناولها المحقق آية الله الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي، في أحد مباحث الجزء الثاني من كتاب "الحسين والتشريع الاسلامي" في طبعته الأولى الصادرة عن المركز الحسيني للدراسات في لندن، في العام 2005م، وهو جزء من دائرة المعارف الحسينية، التي تفوق أجزاؤها الستمائة جزء.

تصدر الكتاب، مقدمة للناشر، شرح فيها أهمية الموضوع على الصعيدين الفقهي والسياسي، ودور المحقق الكرباسي في إرفاد المكتبة الاسلامية بما يساهم في ترشيد منظومة الأفكار الاسلامية، تلاه تقدمة للمحقق الكرباسي، أثنى فيها على الباحثين الحساني والحسيني لتحريرهما ما خطه يراعه، وبعدها مقدمة بقلم المشرف على الكتاب العلامة الشيخ عبد الكريم الحائري، الذي وصف الموسوعة الحسينية بأنها: "اكبر موسوعة في التاريخ، حيث لم ير النور لها مثيلا، فقد احتوت على المعارف والعلوم والحكم والآثار والتحقيقات العميقة والتدقيقات الرشيقة، فهي رشح من ذاك الفيض الأقدس وندى السحاب المقدس". ثم تلاه تقديم بقلم المؤرخ والمفكر العراقي الشيخ محمد باقر شريف القرشي، تناول فيها علاقة العمل الحزبي بالوحدة الاسلامية، مشيرا الى ان الحياة الحزبية تكونت في الإسلام منذ فجر تاريخه، مثنيا على صاحب دائرة المعارف الحسينية وما يبذله من جهد جهيد لإبراز معالم الإسلام. وقدم للكتاب، الأكاديمي العراقي الدكتور الأستاذ حسن الحكيم رئيس جامعة الكوفة، بوصفه إضافة جديدة يقدمها العلامة الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي، الى فضاء المكتبة الاسلامية الفقهية، ومثنيا على الباحثين الحساني والحسيني اللذين حققا في الكتاب تاركين للقارئ حرية الحكم في تحديد موقع الدراسة من تاريخ النظم والفكر والحضارة.
وعن سبب اختيار دراسة مشروعية الأحزاب والتحقيق فيها، يقول الباحثان انه: "عند قراءتنا للموضوع وجدناه جامعا مانعا قد احتوى الفكرة النوعية والأسلوبية في نشأة الحزب الاسلامي وتكوينه وصيغته الشرعية وموارده المستفادة وغيرها".

مهّد الكتاب، بنظر تاريخية عن الأحزاب السياسية عبر التاريخ بعامة، والأحزاب الاسلامية بخاصة، حيث اعتبر الباحثان أن وفاة الرسول الأعظم محمد (ص) في 11 للهجرة كان باكورة نشأة الأحزاب السياسية، ومرحلة جديدة من تاريخ المسلمين السياسي، ثم ظهرت الفرق والأحزاب بشكل أوضح بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان (ت 35هـ)، وازداد ظهور التكتلات السياسية بعد استشهاد الامام الحسين بن علي (ع) في واقعة كربلاء المقدسة في العام 61 للهجرة، ثم ظهرت الفرق الكلامية والأحزاب السياسية بصورة جلية في العصر الأموي (41-132هـ).

وفي العصر الحديث، فان الأحزاب السياسية في العالمين العربي والإسلامي، ظهرت في العصر العثماني ومع دخول القوات العسكرية البريطاني الأراضي الاسلامية، على ان الأحزاب السياسية الغربية خرجت بشكل عام من رحم البرلمان حيث شكلت الكتل النيابية ولادة طبيعية للأحزاب السياسية المنافسة داخل أروقة مجلس الأمة.

ولما كان الحزب السياسي هو محور الدراسة، فان الكتاب تناول في بدايته مفهوم الحزب في اللغة والاصطلاح، ليدخل منه الى بيان العناصر الرئيسة في تكوين الحزب، معرجا على مفهوم الحزب في الإسلام وفي العرف السياسي، مع الإشارة الى الألفاظ المرادفة للحزب.

وعلى خلاف مفهوم الحزب في الأدبيات الغربية، فان الأدبيات الاسلامية تناولت الحزب وبشكل عام في جانبه السلبي بما فيه من ذم وقدح أشارت اليه آيات قرآنية عدة، ولهذا يبحث الكتاب في مفهوم الحزب في القرآن وبشكل تفصيلي متناولا معانيه كما وردت في القرآن الكريم، ومتعرضا في الوقت نفسه الى مفهوم الحزب في السنّة النبوية، مع بيان موقع الحزب في المنظور الاعتقادي.

ويصطدم مفهوم الحزب السياسي في المنظور الاسلامي مع موضوعة التشريع، فالأحزاب السياسية في الغرب، لها أن تشرّع بما فيه مصلحة تراها للعباد والبلاد، ما يقدح في الذهن شبهة وإشكالية فقهية بأن تحذو الأحزاب في العالم الاسلامي حذو أخواتها في الغرب، فتشرّع بما يتعارض مع النص القطعي، ومن هنا ذهب البعض الى حرمة الحزب السياسي، ولكن الحرمة ترتفع فيما لو كان الحزب يقتصر عمله على تأطير القوانين بشرع الله، وهذا ما يبحثه الكتاب في مبحث خاص تحت عنوان (هل الحزب مشرّع؟)، فليس للحزب الاسلامي أن يشرع ما يخالف قطعيات النصوص، وإلا خرج كونه حزبا اسلاميا ودخل في دائرة الأحزاب الغربية أو غير الاسلامية بصورة عامة، بلحاظ أن غاية الحزب الاسلامي هو تطبيق أحكام الإسلام تطبيقا كاملا شاملا، وهذا يقتضي عدم التشريع بما يخالف الإسلام.

ولأن الحزب يوصف بأنه حزب سياسي إذا كان مقصده تسلّم دفة الحكم، فان الكتاب افرد مبحثا تحت عنوان (الحكم في الإسلام) تناول فيه الكتاب مسألة الحكم وعلاقته بالتشريع الاسلامي، وانتهى المصنف الكرباسي الى ضرورة أن يرتكز عمل الحزب أو التكتل على مجتهد عالم حتى لا تخرج الأحكام عن دائرة الشرع الاسلامي، وقد وقف المصنف كثيرا عند أهمية مأسسة المرجعية الدينية لتكون بمثابة جهاز دولة عظمى متكون من خمسة مجالس، واحد للفقهاء وآخر مجلس استشاري، وثالث مجلس تمثيلي، ورابع مجلس تنفيذي، وخامس مجلس ممثليات.

ومن الواضح أن الحكم في الإسلام يدور مدار الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهية، وتقف بين الطرفين الإباحة، وللحزب أن يسبح في فضاء المباحات، كما له أن ينظر في الكليات، وقد تتغير الأحكام الشرعية: أولا: بالعنوان الثانوي أو بتحويل الموضوع، وثانيا: بالإكراه والإجبار والاضطرار والحرج، وثالثا: بالتعارض وذلك بتقديم الأهم على المهم كتعارض المصلحة الشخصية مع المصلحة العام، فتقدم الثانية على الأولى. كما إن العرف بوصفه حجة، للحزب أن يعمل بما يقتضيه العرف.

وينتهي المصنف بعد بيان الأحكام الاسلامية وموقع الحزب منها، الى جواز التكتل السياسي في الإطار الاسلامي العام، مع ملاحظة إذعان الحزب للتشريع الاسلامي، والعودة الى فقيه جامع للشرائط.
وأفرد الكتاب مبحثا خاصا عن مفهوم (الأكثرية) من الناحية الاسلامية والسياسية، وحدودها ومعالمها، وقد انتهى المصنف الكرباسي الى ان اللجوء الى الأكثرية مما يحكم العقل بحسنه، بل إن العقل يستهجن الإعراض عن رأي الأكثرية، كما إن الطريق للحصول على رأي هذه الأكثرية هو الانتخاب أو الاستفتاء، والعرف السائد في هذه الأيام ومنذ الأزمنة الغابرة على ذلك، فلا مجال لرفضه بحجج واهية.

ومن الطبيعي أن تكون الانتخابات محطة عمل الأحزاب السياسية بوصفها بوابة الى مجلس الأمة والسلطة، ولذلك أفرد الكتاب مبحثا خاص تحت عنوان (الانتخابات)، وقد نفى المصنف أن تكون مسألة الانتخابات وافدة من الغرب على العالم الاسلامي، بل هي فكرة إسلامية محضة، ولكن الذي حدث أن الوسائل لم تكن متاحة في غابر الزمان، فلذلك كان الانتخاب أو الاستفتاء يجري في دائرة أصغر من دائرته العظمى.
وأشار الكتاب في عنوان مستقل الى أهمية التنافس على الخير بين الأحزاب في البلد الواحد، من حيث أن التنافس مدعاة الى تقديم أفضل الخدمات للناخبين ولعموم المجتمع. مع شرح النصوص الاسلامية الواردة في هذا المجال.

واغلب الذين تناولوا تاريخ العمل الحزبي الاسلامي، يصنفون التكتل المذهبي كحزب سياسي، بخاصة إذا كانت السلطة أو الإمامة أو الخلافة محور قيام التكتل المذهبي، بلحاظ أن السلطة هي ما يميز الأحزاب السياسية عن غيرها من الجمعيات والتكتلات أو ما يسمى في الوقت الحاضر بمنظمات المجتمع المدني. وهو ما يبحثه الكتاب في مبحث مستقل، حيث يرى المحقق الكرباسي إن التكتل المذهبي في بعض منطلقاته حزب فكري سياسي واجتماعي.

ولما كان الحديث عن التنظيم والنظم والتكتلات، فان الكتاب تناول في مبحث مستقل (التكتل الفقهي) أو المرجعية الدينية بوصفها تكتلا، مع بيان الخط البياني لرجوع الأمة الى علمائها من مرحلة الاتصال الفردي بالفقيه الى مرحلة قيام القيادة المرجعية لمواجهة المخاطر التي حاقت بالأمة وبخاصة إبان الاستعمار الغربي للبلدان الاسلامية.

وقد أشار الكتاب في إطار بيان الأحكام الشرعية الى علاقة الحزب بالفقيه، ولكنه يعود ليفرد مبحثا مستقلا حول دور المرجعية في العمل الحزبي، مقدما ذلك بشرح مفصل عن مفهوم الفقاهة والاجتهاد، مع تفصيل القول في الاجتهاد والمرجعية الدينية بوصفها الرتبة العليا في سلم الاجتهاد الفقهي، وينتهي الكتاب الى ان تأسيس الحزب في إطاره الاسلامي منوط برأي الحاكم الشرعي.

وتناول الكتاب في عنوان مستقل وظيفة وعمل الحزب داخل أروقة مجلس الأمة، مع بيان خصائص النظام البرلماني الذي يشكل الضلع الثالث من مثلث الحكم الى جانب السلطة التنفيذية والتشريعية.
وعند الحديث عن الحزب والبرلمان، فلابد وان يتم الحديث عن المعارضة، بوصفها إفراز طبيعي للعمل الشوروي والديمقراطية، لان الشورى لا تتحقق أصلا إلا باختلاف الآراء فيضرب بعضها ببعض حتى يستبين الصواب، ومن الاختلاف في الرأي قيام المعارضة السلمية، وفي الديمقراطية فان ظهور المعارضة أوضح، حيث تشكل المعارضة مفصلا من مفاصل الديمقراطية. وتأسيسا على هذا الفهم، فان الكتاب يفرد مبحثا مستقلا للحديث عن المعارضة في إطار الإسلام، إذ أن الحزب داخل البرلمان أو خارجه يشكل حركة معارضة تقوم على المطالبة بالحقوق من جهة ووضع حل للاختراقات أو الانحرافات من جهة أخرى.

وعند بيان عموم العمل الحزبي لابد من بيان الديمقراطية بوصف الحزب من معالم الديمقراطية، وهذا ما يتناوله الكتاب في مبحث مستقل تحت عنوان (الديمقراطية ونشأة الحزب الاسلامي)، حيث يفصل القول في نشأة الحزب الاسلامي في بلد قوامه على الأحزاب كما في أكثر البلدان الاسلامية وعموم البلدان الغربية، كما يفصل القول في بيان مفهوم الديمقراطية عبر التاريخ.

كما إن من معالم الديمقراطية هو نظام التعددية الحزبية، وليس نظام الحزب الواحد، لان الأخير لا يؤسس للديمقراطية المنشودة، ولذا يفرد الكتاب عنوانا مستقلا عن (التعددية الحزبية) بوصفها عامل قوة، مع بيان أنواع أخرى لأنماط التكتل الحزبي كأن يكون الحزب تم تأسيسه على أساس قومي أو على أساس الأقاليم.
ويعود المصنف في بيان أنواع الأحزاب الى الحديث عن الحزب وتقنين الأحكام الشرعية، وعن الأحكام الثانوية ومواصفات أهل الحل والعقد.

وتطرق الكتاب في عناوين مستقلة الى دور المهاجرين والأنصار في بناء دولة الإسلام الأولى، ودور المؤاخاة بينهما في بناء جدار الوحدة الاسلامية، واختلافهما في فهم الواقع وأسلوب التطبيق، مع تأكيد المصنف ان الخلاف إنما هو للوصول الى الأفضل وليس الخلاف للخلاف ولا للتفرقة والضعف.

وفي مباحث مستقلة تطرق الكتاب الى مفهوم قوله تعالى: (ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) سورة آل عمران: 104، بوصفها احد أدلة القائلين بقيام الحزب الاسلامي، وتطرق الى مفهوم النقابة في اللغة وعبر التاريخ، بوصفها من مظاهر التكتل المنظم. وتطرق الى مدلول السبق والرماية، بوصفها من التنافس المحبوب. وتطرق الى مفهوم حديث النبي محمد (ص): (أنا مع الحزب الذي فيه ابن الدرع)، بوصفه مفهوما حاكيا عن المعنى اللغوي للحزب أي الجمع والجماعة، وليس المعنى الاصطلاحي أي الحزب السياسي، على أن القائلين بجواز الحزب يعتمدون على الحديث في الاستدلال على أن لفظ الحزب لم يقتصر مجيئه في النصوص على الذم، لأنه لو كان مذموما باستمرار لما استخدمه الرسول (ص) ولما جاء في الكثير من النصوص والأدعية.
وتناول الكتاب العمل الحزبي في إطار الأديان الأخرى، ووجد المصنف جواز أن يكون لليهود والنصارى تكتل ديني ما، لتسيير شؤونهم في الدولة الاسلامية، وهذا مبني على مبدأ حرية الاعتقاد التي عمل بها الإسلام.

وقد يشكل القائلون بحرمة العمل الحزبي، ان الحزب وتعدده مدعاة الى الاختلاف في الرأي والنظر بين الأحزاب، ومن ثم يسوق الإختلاف الى تشتت الأمة وتمزق لحمتها، ولكن الاختلاف قائم إن كانت الأحزاب موجودة أو غير موجودة، فهو أمر فطري، بيد أن الاختلاف المذموم والمرفوض، هو ما أدى الى العصبية العمياء، أما الاختلاف المفضي الى بيان الأصوب من الرأي فهو محمود قطعا.
وينتهي المصنف الى ان اصل التكتل مما يحسنه العقل فيما إذا كانت فيه مصلحة العباد شريطة أن لا يخرجهم عن طاعة المعبود، بل قد يجدها ضرورة حياتية واصل الإباحة يشمله، ولهذا يفرد المحرران، مبحثا مستقلا تحت عنوان (التكتل والعقل)، مستفيضين في استعراض أقوال عدد من الفقهاء المعاصرين وبيان رأيهم الفقهي من الحزب والتعددية الحزبية.

ومن الواضح أن كل من تعرض الى الحزب والحزبية، تعرض الى المعارضة السياسية، وتناول بالتفصيل المعارضة السياسية في عهد الامام علي (ع)، بوصفه صحابيا وحاكما شرعيا على رأي فقهاء السنة، وإماما بالقوة والفعل، مفروض الطاعة قام أو قعد، على رأي الشيعة الإمامية، وان ممارساته تجاه المعارضة حجة، وهذا ما يفعله الكتاب حيث تطرق الى مفهوم المعارضة في اللغة والاصطلاح، وكيفية تعامل الامام علي (ع) وتعاطيه مع المعارضة السياسية في عهده، السلمية منها والعسكرية، باعتبار أن هذه المعاطاة تمثل الصورة الاسلامية الأجلى في تعامل الحكم مع المعارضة. وخلصت الدراسة الى ان نظام الحكم في الإسلام لا يمنع من وجود المعارضة بالطريقة المعمول بها في أنظمة الحكم الحديثة، على أن لا تشهر سلاحها بوجه السلطة الشرعية، وإلا فقدت مشروعية وجودها وعملها.

ولأن الشورى هو محور النظام الاسلامي، فان الكتاب وتحت عنوان (الشورى وارتباطها بالحزب) يتناول بالشرح معنى الشورى في اللغة والاصطلاح، ودور الحزب في دائرة الشورى، ودور الشورى في نطاق الحزب، مع بيان مبدأ الشورى وولاية الفقيه، وأنواع الولايات في المفهوم الشرعي.

في الواقع إن الكتاب الذي اجتهد في شرح نصوصه، الباحثان والعضوان المؤسسان لمركز الأمير لإحياء التراث الاسلامي في مدينة النجف الأشرف، حسين جهاد الحساني ونجاح جابر الحسيني، يعد عملا فكريا متميزا في عالم التنظير الفقهي، بخاصة وان الموضوع بعناوينه ومباحثه المتعددة، هو موضع ابتلاء الأمة الاسلامية في عالم الديمقراطيات الحديثة، ويمثل إضافة متميزة الى عالم الكتب السياسية والفقهية، ينفي عن الإسلام تهمة الرجعية وعدم مواكبته للحوادث اليومية، وينفي عن الفقهاء شبهة الركون في صوامع العلم والعبادة والانقطاع عن الحياة والعباد، ويؤكد مقولة أن الدين عين السياسة والسياسة عين الدين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى