من قتل حسن وعبد الكريم؟؟
رفعت سماعة الهاتف وهي تبكي واتصلت تسعة ، واحد ، واحد
– ألو قسم الطوارئ كيف يمكنني مساعدتك
– أرجو أن ترسلي لي سيارة الإسعاف بسرعة ، ابني لا يتنفس ، يبدو أنه قد مات ... أرجوكم ارسلوا السيارة بسرعة
استمرت في بكائها دون أن تسمح للموظفة ببدء أسئلتها المعتادة :
– اسمك إذا سمحت
– اسمي سهام توفيق
– العنوان كاملا
– نحن نسكن في ...
– كيف حدثت المشكلة
– بدل الأسئلة ارسلي الإسعاف
– سيدة سهام ، سيدة سهام الإسعاف في طريقها إليك منذ الثانية الأولى لاتصالك ، هذه معلومات ضرورية للمراجعة ، هل تستطيعين أن تشرحي لنا كيف حدثت المشكلة
– لا أدري يبدو أنه مات مختنقا ، فقد وجدت الحِرام على وجهه وعندما رفعته فوجئت أن الطفل لا يتنفس أبدا .
– منذ متى تم ذلك ؟ ....
فجأة انقطع الهاتف ، لم تتحمل سهام كل هذه الأسئلة بينما كان ابنها ميتا في فراشه ،
لم تمض سوى عدة دقائق حتى كانت سيارة الإسعاف أمام البيت ، طرق رجال الإسعاف الباب وعرفوا على أنفسهم ثم طلبوا أن تدلهم على مكان وجوده ، كانوا يحملون أجهزة تنفس وووو ... حاولوا أن يعملوا شيئا على ما يبدو لكن كانوا متأخرين جدا فقد كان الطفل ميتا فنقلوه على الفور للمستشفى الذي أكد وفاته وتم تقديم التعازي لسهام وزوجها الذي وصل للمستشفى قادما من مكان عمله ، وكانت تبدو عليه آثار الحزن ودموعه تنزل على خدوده كالمطر ، دخل الوالد ليراه ، فهجم عليه يقبله ويبكي بحرارة :
– حبيبي ابني ، لم أفرح فيك ، لماذا تركتنا يا ولدي ، آه يا حسن يا حبيبي ،لماذا ذهبت ، هل قصرنا معك ، هل أغضبناك ؟ آه يا بني لقد تركت حسرة في قلبي للأبد ، كل أطفال العالم لن يعوضوني بسمتك الجميلة ، كنت تنير البيت والحياة ، كانت الحياة فيك لها معنى آخر .
كانت الممرضة الأمريكية تبكي مثله على هذا المنظر ، فجأة دخل الطبيب ، تأثر هو الآخر وطلب منه أن يكتفي بذلك فتلك إرادة الله وأنتم المسلمون تؤمنون بقضاء الله .
فجأة دخلت الأم وحاولت التخفيف عن زوجها ووعدته أن تنجب غيره عشرة أطفال ، بكى الاثنان معا وغادرا المستشفى للتحضير لدفنه . حيث دفن بعد وفاته بيومين وسط نحيب أبيه وحزن أمه .
مرت الأيام عادية وقرر الزوجان أن ينجبا طفلا آخر يعوضهما الطفل الأول وبالفعل ، فبعد شهرين كانت المرأة حاملا من جديد وبعد مرور أشهر الحمل أنجبا طفلا جديدا وكان ولدا أيضا .
فرح الأب وكانت سعادته لا توصف فقرر أن يسميه عبد الكريم لأن الله أكرمه به وكان يوميا يتصل من مكان عمله بزوجته عدة مرات يستفسر عن ولي عهده ، لكنه فوجئ في أحد الأيام عندما اتصل بالبيت أن زوجته تبكي وتصرخ فسألها
– ماذا حدث يا أم عبد الكريم
– مات عبد الكريم
– ماذا تقووووووووليييييييييييين؟
– مات عبد الكريم
– هل اتصلت بالإسعاف ؟
– نعم هم في الطريق
– حسنا أنا قادم لك
لم يطلب أبو عبد الكريم إذنا من العمل وفورا استقل سيارته وتوجه للبيت بأقصى سرعة يستطيعها وهو لا يلوي على شيئ . في الطريق اتصلت به زوجته وأخبرته أن سيارة الإسعاف وصلت ونقلته للمستشفى وحددت له العنوان فغير اتجاه سيارته للمستشفى ، وكان يقود السيارة بسرعة جنونية .
وصل المستشفى ، صعد للأعلى بسرعة لقسم الطوارئ ، وهناك سألهم عن مكان وجود الطفل فدلوه على الجناح ، وصل ليجد زوجته هناك تبكي
– أين عبد الكريم؟
– ها هو
نظر إليه ولم يصدق كان يبتسم كأنه لم يمت ، هجم عليه قبله ، وضمه لصدره ، نظر لزوجته وسألها :
– كيف مات ؟ أين كنت ؟ أكيد على الهاتف أنا أعرفك تقضين الساعات تثرثرين مع صديقاتك التافهات !
– لا تقل ذلك يا حبيبي ، إنها إرادة الله
– إرادة الله ؟!
لماذا إرادته شاءت أن يموت طفلان ، ألا يوجد غيري في هذا العالم لينتكب بطفلين .
أنتِ السبب لو كنت تطلين عليه كل عدة دقائق لما حصل ما حصل .
– حرام عليك ، هل هناك أم تريد أن تفجع بابنها ؟؟
غادرا المستشفى للبيت بعد مشاحنات طويلة على أمل أن يدفنا المولود في اليوم التالي .
في البيت انزوى أبو عبد الكريم في غرفة نومه يتفرج على صور ابنيه ويبكي ، في تلك الأثناء اتصلت الزوجة خلسة وبدأت تتمتم بالإنكليزية بصوت منخفض ، لم يسمع الزوج ما كانت تتمتم به الزوجة ، لكنه بالتأكيد اعتقد أنه تخفض صوتها حتى لا تزعجه .
الله يساعدها ، فقدت ولدين في عامين متتاليين ، لكن رغم ذلك أقول إنها مقصرة ؟؟
مساء ذلك اليوم بينما كان أبو عبد الكريم يجلس مع بعض أصدقائه الذين جاءوا للتعزية بالفقيد ، طرق الباب طرقة عنيفة فذهب أحد الضيوف ليفتح الباب بدلا من والد الطفل المنهك اعتقادا منه أن الطارق جاء معزيا ، ما إن فتح الباب حتى فوجئ بعدة رجال أمن شاهرين بطاقاتهم في وجه الضيف :
– إف بي آي ، نريد سهام
– وقف أبو عبد الكريم مذعورا ، ما الخبر ؟
– نريد سهام توفيق
– خرجت سهام توفيق من الغرفة الأخرى مرعوبة ، ماذا تريدون مني ؟
– أنت سهام توفيق ؟؟
– نعم أنا سهام ، ما الخبر ؟
– لدينا بعض الأسئلة حول وفاة ابنك نريد إجابة عليها ، نريد أن ترافقينا الآن للمكتب .
– الآآآآن ؟؟
– نعم الآن ويمكن لزوجك أن يصحبك إن أراد ؟
– بعض الأسئلة وستعودين فورا
نظرت لزوجها مرعوبة ، فقال لها : لا تقلقي يمكننا الذهاب لعلهم يساعدونا بشئ عن وفاته .
اعتذر أصدقاؤه الذين جاءوا للتعزية وانصرفوا بعد أن عرضوا عليه المساعدة أو توكيل محام لكنه شكرهم ، فلا شيئ يستحق توكيل محام ، نحن لم نرتكب جريمة .
في مكتب التحقيق سأل المحقق الأم
– كيف قتلت الطفل سيدة سهام ؟؟
– ما هذا السؤال أنا أمه وكيف أقتله ؟؟ وبدأت تبكي
– سيدة سهام هل يوجد لزوجك بوليصة تأمين على الحياة ؟
– لا طبعا
– هل لديك بوليصة تأمين على حياتك ؟
– لا نحن نؤمن بقضاء الله
– حسنا لماذا إذن أمنت طفليك الصغيرين حسن وعبد الكريم على الحياة؟ كل منهما بمائة ألف دولار ؟؟
– تا تا أمنتهم لحمايتهم ؟
– ماذا تقولين ؟ سأل الزوج الذي كان في مكتب التحقيق ، هل كان لحسن وعبد الكريم بوليصة تأمين ؟؟
– نعم أمنتهم لتأمين مستقبلهم ، ردت سهام .
– لكن بوليصة التأمين على الأطفال لا يستفيد منها الأطفال ، بل ورثة الأطفال فالبوليصة تقول أنه في حال وفاة حسن أو عبد الكريم يدفع لأمه مبلغ مائة ألف دولار ؟ أليس كذلك يا سهام ، سأل المحقق ؟
– هل هذا ضد القانون ؟ ردت سهام بينما فتح الزوج عينيه مستغربا : مائة ألف دولار ؟
– لا ليس ضد القانون ، لكن لماذا لم تشتر بوليصة تأمين لك أو لزوجك حتى إذا حصل مكروه لكما يستفيد الأطفال بالمال حتى يبلغا سن الرشد ؟؟
– لم أفكر بذلك
– سيدة سهام نأسف أن نقول لك أنت رهن الاعتقال ، يمكنك التزام الصمت ، لأن أي شيئ تدلين به أو تتفوهين به سوف يستخدم ضدك في المحكمة ، يمكنك توكيل محام للدفاع عنك . وضعوا القيود بيديها ، صرخت أنا لم أقتل ، أنا لست قاتلة ؟؟
– حسن مات مخنوقا ، ـ صرخ المحقق ـ أليس كذلك ؟
– نعم
– وعبد الكريم مات بنفس الطريقة ، كيف ؟
– أين كنت عندما مات ؟
– لماذا لم تبلغي زوجك أنك قبضت مائة ألف دولار عندما مات حسن قبل سنة ؟؟
– كنت أريد أن أوفرها لأشتري شقة لنا فيما بعد ؟
– بدون علم زوجك ؟ سألها المحقق .
– تقبضين من وراء موت حسن دون أن أعرف ؟ ـ صرخ الزوج ـ هل مات ضميرك ؟ قتلتِ حسن وعبد الكريم لتشتري بيتا بدماء أطفالنا ؟ أي أم أنت يا عاهرة ؟ هجم عليها وهو يصرخ فمنعه المحققون ونقلوه للغرفة الأخرى ؟؟ ثم أعادوه ، كانوا يريدونه موجودا في غرفة التحقيق ليضغطوا عليها بوجوده لتعترف بجريمتها .
– أنت قاتلة سنصادر منك الأموال ونعدمك ، لكن يمكن أن نخفف عنك الحكم لو تعاونت معنا وشرحت كيف جرى الحادث .
– أرجوكم لا أريد أن أعدم ! خذوا كل الفلوس ودعوني أعيش ؟
ثم بدأت تشرح لهم كيف كانت تقتل أولادها بيديها ، حيث تضع على وجه كل منهما الحرام حتى لا يستطيع التنفس فيختنق وبعد أن تتأكد أنه توفي تتصل بسيارة الإسعاف .
اعترفت أنها فعلت ذلك بدون علم زوجها وأنها كانت تقتل الابن بعد أن تشتري له بوليصة تأمين على الحياة لتقبض المبلغ لتشتري به بيتا جميلا وسيارة كبقية الناس .
أنا مجرمة ، قالتها بصوت عال ، قتلت أطفالي بسبب المال ؟
انهار الزوج لما يسمع
جئنا لأمريكا لنبني لنا مستقبلا ، فإذا بنا نقتل أبناءنا من أجل الفلوس ؟؟
ما الذي أتى بي إلى هنا ؟؟ هل جئت لأدفن أطفالي وأدفن زوجتي وأدفن حبي ؟؟
أم تقتل أولادها بسبب المال ؟؟!! لا أصدق ! لا أصدق !!
رحمك الله يا حسن
رحمك الله يا عبد الكريم
أمكما قتلتكما من أجل حفنة من الدولارات .
أمضيت ثلاثين سنة من عمري وأنا أسمع أن الجنة تحت أقدام الأمهات ، ولأول مرة أسمع أن جهنم تحت يديهن .
مشاركة منتدى
1 أيلول (سبتمبر) 2005, 14:53, بقلم صلاح المومني
هذه قتلت طفليها وماتا ، وغيرها الكثير من الآباء والأمهات قتلوا أطفالهم ، لكن أطفالهم ما زالوا أحياء يعذبون ... قتلوهم لذات السبب ... حفنة دولارات ...
حكاية مؤثرة ومن نوع خاص