هاري بوتر وكأس النار .. متعة الفرجة
قمت بسؤال أحد الأصدقاء عن سر إقباله على قراءة روايات ( هاري بوتر ) ، فأجابني قائلا : ( أعتقد أن " هاري بوتر " قدمت " توليفة غير تقليدية " لعالم ساحر .. تتمنى – ولو للحظة – أن تعيش داخله ، وتتابع أحداثه أولاً بأول ، وهو ما نجحت الكاتبة – من وجهة نظري – في تقديمه ، فعمدت إلى التركيز على أدق أدق التفاصيل ، وهو ما جعل جميع من قرأ الرواية يشعر ، وكأنه " يتعايش " – فعلياً لا ضمنياً – مع أحدثها ، ويسعى – بكل ما في داخله من طاقة وعزيمة – إلى الدخول في حلبة الصراع الدائر بين الخير والشر .. الخير المتمثل في " هاري بوتر " ، والشر المتمثل في " اللورد فولدمورت أو الذي لا يجب ذكر اسمه " ) ..
أعتقد أن إجابة صديقي – سالفة الذكر - تلخص كل ما يمكن أن يقال حول السر وراء ( حمى هاري بوتر ) التي اجتاحت العالم ،، لدرجة أن صديق آخر قال لي : ( ماذا سنفعل بعد ظهور الجزء السابع والأخير من سلسلة " هاري بوتر " ؟! ) ، وهو ما يدل على مدى التأثير الواضح لهذه الشخصية على كل من قرأ أجزاء الرواية ، أو شاهد أفلامها ، أو حتى حاول البحث عن أي معلومات عنها ، بل أن هذه الحُمى سرعان ما انتقلت إلى المترجمين ، وجعلتهم يترجمون الرواية إلى 35 لغة مختلفة ، ويُوزع منها 67 مليون نسخة - هناك من يقول أكثر من 100 مليون نسخة - وأصبح بالتالي دخل كاتبة الرواية أعلى دخل لكاتب أطفال في العالم ..
( هاري بوتر وكأس النار \Harry potter and the goblet of fire ) هو الجزء الرابع من سلسلة روايات ( هاري بوتر ) التي تتكون من سبعة أجزاء .. قامت بكتابتها الكاتبة البريطانية ( جوان كاتلين رولنج \ J.K. Rowling ) في عام 2000 ، وقدمت قبل هذا الجزء ثلاثة أجزاء ، وهم :
هاري بوتر وحجر الفيلسوف(1998) Harry potter & the sorcerer’s stone
هاري بوتر وحجرة الأسرار (1999) Harry potter & the chamber of secrets
هاري بوتر وسجين أزكابان (1999) Harry potter & the prisoner of Azkaban
ثم قدمت بعد الجزء الرابع :
هاري بوتر وجماعة العنقاء (2003) Harry potter & the order of the phoenix
هاري بوتر والأمير الهجين (2004) Harry potter & the half bloody prince
والجزء السابق ( السادس ) صُدر باللغة العربية بالفعل في معرض الكتاب ، وها نحن في إنتظار الجزء السابع والأخير من ( هاري بوتر ) ، والذي تضاربت العديد من الأقوال حوله ، منها أنه سيظهر هذا الجزء على هيئة جزئين في كتابين منفصلين !! ..
لا نستطيع أن نقوم ببناء بناية متكاملة من دون أن نضع الأساس ، فلا ننسى أن سلسلة أفلام ( هاري بوتر ) – و بالتحديد ( هاري بوتر وكأس النار ) المُنصب عليه مقالنا هذا - أصلها أدبي ، لذلك يجب أن نبدأ من تلك النقطة بالتعرف على الكاتبة ، وأسلوبها ، والكتب التي قامت بكتابتها ، وكيف أتتها فكرة ( هاري بوتر ) ، وبالطبع أشهر الشخصيات ، التي من الممكن أن نجدها في معظم الأحداث .. إلى آخر هذه الأشياء !! .. لنصل في نهاية المقال للحديث المُركز عن ( هاري بوتر وكأس النار ) ..
الكاتبة ( J.K ROWLING – جوان كاتلين رولنج ) :
بدأت ( رولنج ) الكتابة ، وهي في السادسة من عمرها ، وكانت قصة بعنوان ( أرنب ونحلة ) ، حول أرنب أصيب بالحصبة ، ويزوره أصدقاءه ، ومن بينهم نحلة عملاقة ، ومن وقتها وهي تعشق الكتابة ، وتحلم بأن تصبح كاتبة ، لكنها لم تخبر أحداً بذلك خشية الإحباط ، لعل السبب في كونها تحلم بأن تصبح كاتبة هو حبها الشديد للقراءة ، فلقد كانت نهمة للمعرفة ، وتعتبر ( جان أوستين ) هو كاتبها المفضل ، ولكنها في طفولتها كانت تحب قراءة قصص ( بول جاليكو ) و ( تسمي لويس ) ، الغريب في الأمر أننا وجدنا تلك الكاتبة - التي تعتبر من أشهر كُتاب الأطفال في العالم - كانت تُعامل معاملة الأغبياء في مدرستها !! .. فقد كانت السيدة (مورجن) مدرستها ، تقوم بوضع الطلبة الأذكياء على يسارها ، والأغبياء على يمينها ، وكانت ( رولنج ) تجلس في أقصى اليمين ، والسبب أنها عندما انتقلت إلى هذه المدرسة ، قامت السيدة (مورجن) بإعطائها مسألة رياضيات ، تحتوي على كسور ، وحصلت ( رولنج ) على صفر ، لأنها ببساطة لم تتعامل مع الكسور من قبل ، فقامت بتصنيفها ضمن الأغبياء ..
حينما كبرت ( رولنج ) - ونتيجة لعشقها للكتابة - ، فقد قامت بكتابة روايتين قبل ( هاري بوتر ) ، إلا أنهما كانتا محاولتين غير جيدتين ، لذلك لا تحب الكلام عنهما ، وتعتبر أن ( هاري بوتر ) أول أعمالها المنشورة فعلاً ، وقبل إتيان فكرة ( هارى بوتر ) كانت حياتها تسير على وتيرة محددة ، فهي معلمة ، وتعيش مع زوجها الدكتور ( نيل موراي ) ، وابنتها ( جيسيكا ) من زوجها الأول ( جورج أرانتس ) الصحفي البرتغالي ، وذلك في قلعة ( كليشهاس هاوس ) ، وهي تعود إلى القرن التاسع عشر في ( برتشاير ) بأسكتلندا ، و( رولنج ) من النوع ، الذي يرفض التنقل كثيراً من مسكنه ، ما لم يكن بإمكانها إصطحاب ابنتها معها ، لحرصها على أن تكون بجوارها دائماً ، إلا أنها رغم ذلك تنتقل لتكون بجوار شقيقتها ( ديانا ) - التي تصغرها بعامين - وهو شئ يدل على إرتباط الكاتبة بأسرتها الأم ..
كما سبق وذكرنا كانت وتيرة حياة ( رولنج ) تسير على النحو المعتاد ، إلا أنه في أحد الأيام ، إختل ذلك التوازن ، فلقد جاءتها فكرة ( هاري بوتر ) ، ومن يومها إنقلبت حياتها رأساً على عقب ، واستطاعت بفضل هذه الرواية ، التي يصل عددها إلى سبعة أجزاء ، أن تحصل على جائزة أحسن كتاب للطفل ، وعندما تم سؤال الكاتبة عن سبب كتابتها ( لهاري بوتر ) – بعد حصولها على الجائزة - أجابت قائلة بأنها كانت تريد قراءة شيئاً مثلها ، وكانت أقصى أحلامها أن تنشرها فقط ، ولم تحلم قط أن تلاقي مثل هذا النجاح ، وتقول أن سبب ذلك النجاح يرجع إلى حبها الشديد للعمل ، كما أنها تحترمه ، وتبذل قصارى جهدها فيه ، ولا يمكن أن تنهي روايتها في ستة أشهر مثلاً ، حيث أن ذلك قد يأتي على حساب جودتها ، ولعل أكبر دليل على هذا هو قيامها بالإتفاق مع الناشر على تأجيل الجزء الخامس من ( هاري بوتر ) إلى يونيو 2003 بدلاً من يوليو ، حيث إكتشفت أن الأمر صار أعقد أكثر مما كانت تتصور ، ولذلك فهي تحتاج إلى جهد خرافي ، وعناية في صنع المواقف ، فكتابة التفاصيل تحتاج إلى جهد كبير ..
كيف جاءت فكرة ( هاري بوتر ) ؟
أعتقد أن الجميع سيندهش ، حينما يعلم أن ( هاري بوتر ) – كفكرة - قد جاءت فى رحلة للقطار !! ..
كانت ( رولنج ) في رحلة للقطار بين ( مانشستر ) و ( لندن ) ، فأوحى لها مشهد القطار بعالم (هاري بوتر) السحري ، ولعل الكل يعلم بأن القطار هو بداية تعرف ( هاري بوتر ) على عالمه السحري ، واستطاعت الكاتبة - قبل أن يصل القطار إلى المحطة - أن ترسم ، وتضع تصوراً للعديد من الشخصيات والأحداث ، حتى أنها تخيلت مدرسة ( هوجوروتس ) ، التي يتعلم بها ( هاري بوتر ) فنون السحر ، وتتحدى الكاتبة أن يعرف أي شخص كيف تبدو ( هوجوروتس ) غيرها ، فهي تعرف جيداً كيف تسير الحياة داخل هذه المدرسة ، لدرجة أنها تعرف أين تقع الغرف المتعددة بها ، ومتى تتنقل السلالم المتحركة من مكان لآخر ، كما أن إختيار إسم ( بوتر ) لم يأت صدفة ، بل أن إسم ( بوتر ) - كما تقول الكاتبة - هو لقب عائلة لأحد أصدقائها ، كما أن شخصية مثل شخصية ( هرميوني جرينجر ) - صديقة ( هارى بوتر ) في المدرسة - ، تُعتبر في حد ذاتها شخصية الكاتبة ، وتشبهها إلى حد كبير ، عندما كانت في مثل عمرها ، وكذلك بعض مدرسي ( هوجوروتس ) هم إمتداد لأساتذتها فى المدرسة ، وبعد وضع التصور لذلك العالم الساحر ، قامت الكاتبة بقضاء خمس سنوات أخرى ، حتى يتسنى لها إظهار الجزء الأول من سلسلة ( هاري بوتر ) - وتقاضت ( رولنج ) عنه أربعة الآف دولار من دار ( بلومسبري ) البريطانية ، وبعد النجاح المادي الهائل ، الذي حققته ، تعاقدت مع الناشر الأمريكى ( سكولاستيك ) بمبلغ مائة ألف دولار عن الرواية ، وهو ما جعل البعض يطلق عليها ( هاري بوتر وبرج الأرباح ) - وفي نفس الوقت استطاعت وضع الخطوط الرئيسية للكتب الست الأخرى فى السلسلة ، ليأتي بعد ذلك النجاح الساحق لتلك السلسلة ..
أهم الشخصيات الموجودة في سلسلة ( هاري بوتر ) :
يُمكن تقسيمهم كالآتي :
(1)" هارى بوتر "
الشخصية ، التي أحبها الكثيرون ، والمُحركة للأحداث
(2) عائلة " هاري بوتر " ، وتضم :
" بتونيا "
خالة هاري بوتر ، وزوجة العم فرنون
" فرنون درسلي "
زوج بتونيا - زوج خالة هاري بوتر
" ددلي "
ابن فرنون وبتونيا - ابن خالة هاري بوتر
(3) أصدقاء " هاري بوتر " :
" رون ويزلي "
صاحب الشعر الأحمر
" هرميوني جرينجر "
طالبة مجتهدة ، والتي بها ملامح من الكاتبة ، حينما كانت فتاة
(4) أشهر أعداء " هاري بوتر " :
" اللورد فولدمورت "
شخصية غامضة ، ولا يحب أحد ذكر اسمه ، لذلك يُشار إليه بعبارة " من لا يجب ذكر اسمه " ويعتبر من أهم أعداء هاري بوتر
" دراكو مالفوي "
طالب متغطرس في نفس مدرسة " هاري بوتر " ، ويكره " هاري " بشدة
(5) أهم أساتذة " هاري بوتر " في مدرسة " هوجوروتس " :
" ألباس دمبلدور "
مدير مدرسة هوجوروتس ، و" فولدمورت " - أو الذي لا يجب ذكر اسمه - يخشاه كثيراً
" ماكجونجال "
أستاذة مادة التحول فى المدرسة ، ومادة التحول هي تحويل أشياء لأشياء أخرى بعيدة عنها تماماً
" سنيب "
أستاذ الوصفات السحرية في المدرسة ، وهناك علاقة كره متبادلة بينه وبين هاري
" هاجريد "
حارس المدرسة العملاق ، صديق لرون وهاري وهرميوني
تحليل أسلوب الكاتبة ( ج ك رولنج ) :
في البداية سنجد إهتمام الكاتبة بذكر أدق أدق التفاصيل ، بمعنى أنها تقوم بوصف الأحداث وصفاً دقيقاً ، مما يساعد القارئ على التعايش مع أحداث القصة ، و سنجد أيضاً أن الكاتبة لا تقوم بذكر أي حدث ، أو شخصية إن لم يتم الإستفادة بها ، فهي لا تذكر شخصية ، إلا وكان لها دور فى الأحداث ، ولعل أقرب دليل على ذلك شخصية مثل شخصية ( ميرتل الباكية ) في الجزء الثاني من ( هارى بوتر ) – " هاري بوتر وحجرة الأسرار - فنجد القراء يتساءلون - وهم يتابعون الأحداث - عن مدى أهمية مثل تلك الشخصية ، وحينما يعجز القراء عن إكتشاف أهميتها ، يسلمون بالأمر الواقع ، على إعتبار أنها شخصية إضافية فقط لا غير ، لكن يتضح فى النهاية أنها ستقوم بإرشاد ( هاري بوتر ) ، وصديقه ( رون ويزلي ) إلى مكان حجرة الأسرار ، حتى ( جيني ويزلى ) - شقيقة " رون ويزلى " صديق " هاري بوتر " - لم تظهر في الجزء الأول إلا بإعتبارها فتاة خجولة ، تعشق ( هاري بوتر ) ، لكننا نجدها في الجزء الثاني من السلسلة تلعب دوراً هاماً ، بل ومؤثراً الأحداث ..
نلاحظ أيضاً سعة خيال الكاتبة ، وذلك لقيامها بتخيل العديد من الأشياء ، مثل ( رياضة الكوديتش ) ، وهي رياضة تشبه رياضة كرة القدم لدينا ، لكننا نجد أن الكاتبة لا تكتفي بذكر اسم الرياضة فقط ، وإنما تقوم أيضاً بتخيل قواعدها ، وكيفية لعبها ، بل ووصفها لأحداث المباريات ، ونلاحظ أيضاً تخيلها لأشياء لا تنتمي لعالمنا ، مثل إختراعها لرصيف محطة للقطار ، يُدعى بإسم الرصيف ( تسعة وثلاثة أرباع ) ، ومن ذلك الرصيف يبدأ ( هاري بوتر ) فى التعرف على عالم السحرة ، كذلك نجد إبتكارها لطريقة نطق التعاويذ السحرية مثل تعويذة ( رونجارديام لفيوزا ) ، وهي تعويذة لجعل الأشياء تطير ، وإذا تأملنا العبارة ، سنجدها غير تقليدية ، بل على العكس لها رنين موسيقي ، جذاب ..
نأتي إلى دقة الكاتبة ، وهذا يظهر واضحاً في وصفها للشخصيات ، فهي تهتم بوصف كل شخصية مثل شخصية ( رون ويزلي ) ، فنجده ( ولد شعره أحمر ، ويغطي النمش وجهه ) ، فمن الممكن أن يكتفي الكاتب بذكر اسم الشخصية دون وصفها ، لكننا نجدها دقيقة للغاية ، حتى في وصف الشخصيات ، مما يدل على ذكائها في جعل الأطفال - بل والكبار - يقومون بتخيل الأحداث والشخصيات وكأنهم لا يقرأون رواية ، بل وكأنهم يشاهدون فيلماً ..
في النهاية كل هذا متوج بأسلوب الكاتبة البسيط ، المحبب للنفس ، والذي يناسب توجيه تلك النوعية من الروايات إلى الأطفال ، كما أن بساطة الأسلوب - بالإضافة لجرعة الحبكة المتميزة في الأحداث - حبب الكبار أيضاً فى قراءة أجزاء الرواية ، وهذا يؤكد على ذكاء الكاتبة في إقناع الأطفال بوجود شخصية ( هاري بوتر ) بأسلوب شيق ، جذاب ، والأهم من ذلك بسيط ..
كان حديثنا السابق مُنصباً على الكاتبة و ( نصها الأدبي ) بصورة كبيرة ، لكن السؤال :
كيف تحولت السلسلة من الورق إلى الشاشة ؟
".
كل من قرأ ( هاري بوتر ) بعالمها الغريب ، وأحداثها المثيرة ، تمنى أن يشاهدها مصورة على شاشة السينما ، خاصةً المنتج ( دافيد هايمان ) ، الذي انتهى من قراءتها في ليلة ، وقرر في الصباح الباكر أن يحصل على حق تحويلها لفيلم سينمائي ، وبعدها إتفق مع شركة ( Warner Bros ) على مشاركته في عملية الإنتاج ، لتبدأ رحلة تحويل قصص ( هاري بوتر ) لأفلام ، والتي استغرق أول فيلم منها حوالي عام ونصف ، وتكلف حوالي 125 مليون دولار ، حتى خرج للنور ..
( دانيال رادكليف ) vs ( هاري بوتر ) :
بالطبع شخصية مثل ( هاري بوتر ) يجب أن يقوم بها ممثل غير إعتيادي ، وفي نفس الوقت ( الحمل ثقيل ) – كما نقول – على الممثل ، الذي سيقع عليه الإختيار ، خاصةً أن من سيقوم بهذا الدور ، سيُعتبر من أشهر نجوم السينما العالمية ، نظراً لشهرة سلسلة أجزاء ( هاري بوتر ) على مستوى العالم ، ولقد وقع الإختيار بالفعل على ( Daniel Radcliffe – دانيال رادكليف ) ، حيث جاء ترشيحه لدور ( هاري بوتر ) من خلال المخرج ( كريس كولومبس ) – مخرج الجزء الأول والثاني من سلسلة أفلام ( هاري بوتر ) - وذلك بعد مشاهدة المخرج لدور ( دانيال ) في فيلم ( ديفيد كوبرفيلد - David Copperfield) ، ووقتها تأكد المخرج أن ( دانيال ) هو ( هاري بوتر ) ، ولكنه علم أن أسرته ترفض تمثيله لهذا الدور ، لأن هذا قد يؤثر على مستقبل ( دانيال ) ، وبعد مفاوضات طويلة مع الأبوين ، تم إقناعهما أن ( دانيال ) هو ( هاري بوتر ) ، وأرسل المخرج إختبار الكاميرا ، الذي أجراه ( لدانيال ) إلى الكاتبة ( رولنج ) ، وكان ردها :
– ( أخيراً وجدت ابني المفقود !! ) ..
( دانيال رادكليف ) من مواليد ( إنجلترا ) عام 1989 ، ووالده هو ( آلان رادكليف ) ، ووالدته هي ( مارسيا جريشام ) ، ولقد تم ملاحظة حب ( دانيال ) للتمثيل ، عندما كان في الخامسة من عمره ، وبالرغم من معارضة والديه ، استطاع أن يقنعهما بأهمية التمثيل لديه ، واستطاع ( دانيال ) إقناع والدته بإرسال صورته إلى محطة ( BBC ) ، التي كانت تبحث عمن يقوم بدور ( ديفيد كوبرفيلد ) في فيلم يحمل نفس الإسم ، عن رواية الكاتب البريطاني الكبير ( تشارلز ديكنز ) ، وسرعان ما حصل ( دانيال ) على الدور في عام 1999 ، ثم قام بالتمثيل أمام ( بيرس بروسنان ) فى فيلم ( خياط بنما –The Tailor Of Panama ) في عام 2001 ، وفي نفس العام قام بدور البطولة في أول أفلام ( هاري بوتر ) - هاري بوتر وحجر الفيلسوف - الذي دخل بسببه قلوب الجماهير ..
كريس كولومبس :
ربما يتساءل القراء لِم وقع إختياري على ( كريس كولومبس - Chris Columbus ) – مخرج الجزءين الأول والثاني من سلسلة أفلام " هاري بوتر " - ، لأضعه في مكان بارز ، وكأنه أحد الدعائم لخروج هذه السلسلة إلى النور ، ربما يرجع هذا لعدة أسباب :
أولها أن ( كريس ) هو المخرج الوحيد ، الذي قام بإخراج جزءين من سلسلة أفلام ( هاري بوتر ) ، وهما ( هاري بوتر وحجر الفيلسوف – الجزء الأول ) ، و ( هاري بوتر وحجرة الأسرار – الجزء الثاني ) ، وهو شئ لم يحدث مع أي مخرج تولى إخراج أحد أجزاء سلسلة ( هاري بوتر ) ، وليس جزءين مرة واحدة !! ..
ثانيها أن ( كولومبس ) هو الذي وضع حجر أساس هذه السلسلة من الأفلام ، حيث قام بإختيار ( دانيال رادكليف ) ، ليقوم بدور ( هاري بوتر ) ، كما قام – بمعاونة الكاتبة - بترشيح بقية الأبطال كزملاء ( هاري ) في المدرسة ، وعائلة أقاربه ، التي يقيم معها ، ومعلمي ( مدرسة هوجوروتس ) ، والجدير بالذكر أن أغلب الترشيحات كانت لنجوم يعشقون قصص ومغامرات ( هاري بوتر ) ، وقرءوها كثيراً ، وبعضهم خضع لضغط من أطفال العائلة ليقبلوا الدور ، وتحولت حكاية الساحر الصغير ( هاري بوتر ) لفيلم مدته ساعتين ونصف ، يتسابق الآلاف لمشاهدته ، وليدخل قائمة أشهر أفلام السينما الأمريكية وأكثرها إيرادات ، وبالتالي فلقد قام ( كريس ) – من خلال إختياراته للشخصيات الأساسية للأحداث على الأقل – بوضع سياسة معينة ، يسير عليها بقية مخرجي الأجزاء من بعده ..
( كريس ) من مواليد ( بنسلفانيا ) عام 1958 ، وقام بالعمل في كتابة السيناريو ، والإخراج ، ومن أشهر أفلامه التي قام بإخراجها ، فيلم ( Home Alone – وحدي في المنزل ) بجزءيه الأول والثاني ، والذي قام ببطولته النجم الصغير ( ماكولي كولكن – Macaulay Culkin ) ، وفيلم ( Stepmom – زوجة الأب ) ، وهو أحد الأفلام الإجتماعية شديدة العذوبة ، وبطولة المتألقة ( سوزان سراندون – Susan Sarandon ) ، بالإشتراك مع ( إد هاريس – Ed Harris ) ، و ( جوليا روبرتس – Julia Roberts ) ، ومن الأفلام ، التي قام ( كريس ) بكتابتها سلسلة أفلام ( Gremlins ) ، كما إشترك في كتابة فيلم ( Planet Of The Apes – كوكب القرود ) في عام 2001 ..
أعتقد أنه بعد الحديث عن كيفية تحويل السلسلة من الورق إلى الشاشة ، وعن أهم أبطال فيلم ( هاري بوتر ) ، وأهم مخرجي سلسلة الأفلام ، آن لنا الأوان للحديث عن الأفلام نفسها بصورة بسيطة للغاية :
الجزء الأول : هاري بوتر وحجر الفيلسوف
هاري بوتر وحجر الفيلسوف .. حجر الأساس
القصة : ( هاري بوتر ) الولد اليتيم ، الذي يعيش مع عائلة من أقاربه – خالته " بتونيا " وعائلتها - بعد وفاة والديه ، ويتلقى من هذه العائلة معاملة سيئة ، وفي عيد ميلاده الحادي عشر يكتشف ( هاري ) حقيقة رهيبة تُغير مجرى حياته وهي أنه ساحر !! ، وأن والديه لم يموتا في حادث سيارة - كما أبلغوه - ، وإنما ماتا علي يد ساحر شرير يُدعى ( فولدمورت – أو الذي لا يجب ذكر إسمه ) ، حيث كانا والداه من أشهر السحرة ، ولم ينصاعا لأوامر الساحر الشرير ، فقتلهما ، وجاء ليقتل ( هاري ) ، لكنه لم يستطع لسبب غير معلوم !! ، وإختفى ( فولدمورت ) بعدها ، هذا وقد ورث ( هاري ) من والديه ملكة السحر ، وكان عليه أن ينمي قدراته السحرية ، الفطرية ، ويتلقى علوم السحر في أشهر مدرسة لتعليم فنون السحر ، وهي مدرسة ( هوجوروتس ) ، وفيها يشعر ( هاري ) أنه في بيته ، ووسط عائلته ، ويكون صداقات مع زملائه ، ويقوم بالعديد من المغامرات ..
الفيلم : يُعتبر الفيلم من الأفلام ، التي تميز أفلام السلاسل ، فالفيلم لمجرد التعريف بعالم ( هاري بوتر ) السحري ، وإن كان هذا لا يمنع من أن الفيلم ممتع ..
تقييم الفيلم : 3 \ 5
معلومات عن الفيلم : السيناريو والحوار ( Steve Kloves ) ، والإخراج ( Chris Columbus )
الجزء الثاني : هاري بوتر وحجرة الأسرار
هاري بوتر وحجرة الأسرار .. لن تندم !
القصة : تستمر مغامرات ( هاري بوتر ) في عامه الثاني في مدرسة ( هوجوروتس ) ، وها هو قد أفلت من قبضة ( فولدمورت ) ، الذي ظهر على شكل وجه ، ملتصق برأس أحد أساتذة ( هوجوروتس ) في الجزء الأول من السلسلة !! ، وفي الجزء الثاني تنتشر حالة من الذعر وسط طلاب المدرسة ، فالطلاب ذو الدم المختلط – أي أنهم أنصاف سحرة ، فأحد آبائهم من العامة ، أي غير السحرة – يتم محاولة قتلهم ، ولا أحد يعلم من يقوم بهذا الأمر بالتحديد !! ، ويعرف الجميع من خلال رسائل مكتوبة على حوائط المدرسة أن ( حجرة الأسرار ) – وهي حجرة قام ببنائها ( سليذرين ) ، وهو أحد مؤسسين مدرسة ( هوجوروتس ) ، وهي حجرة سرية ، لا يفتحها سوى وريثه ، الذي يأتي من بعده ، ليخلص المدرسة من ذوي الدم المختلط – تم فتحها ، وأن الرعب الكامن داخلها – وهو أحد الوحوش – قد انطلق ، ويتم الزج بإسم ( هاري بوتر ) على إعتبار أنه هو وريث ( سليذرين ) ، فماذا سيفعل ( هاري ) ؟؟ ..
الفيلم : لن تندم على الإطلاق عند مشاهدتك لهذا الجزء ، خاصةً أن هذا الجزء أكثر من ممتاز سواء على مستوى الرواية ، أو على مستوى الفيلم ، فالأحداث شيقة ، ومليئة بكل ما هو جديد عن هذا العالم السحري ..
تقييم الفيلم : 4 \ 5
معلومات عن الفيلم : المخرج وكاتب السيناريو والحوار هم من قاموا بكتابة الجزء الأول
الجزء الثالث : هاري بوتر وسجين أزكابان
هاري بوتر وسجين أزكابان .. حالة ملل !
القصة : ( هاري بوتر ) استطاع الصمود أمام محاولات ( فولدمورت ) لقتله في الجزء الثاني ، خاصةً بعدما عرف الجميع أن ( فولدمورت ) – ( توم ريدل ) ، الذي غير اسمه ( لفولدمورت ) – هو وريث ( سليذرين ) ! ، وهو من قام بفتح حجرة الأسرار بواسطة أحد الأشخاص ، وها هو العام الثالث يأتي ، ومخاوف ( هاري ) تتجدد ، لكن هذه المرة ليس من ( فولدمورت ) ، وإنما من ( سيريوس بلاك ) الهارب من سجن ( أزكابان ) – سجن السحرة - والذي وشى بمكان عائلة ( هاري ) إلى ( فولدمورت ) ، ولكن ( هاري ) لا يخشى ( سيريوس ) ، بل على العكس فكر في الإنتقام منه ، ولقد تقابلا بالفعل ، و ..... تابع أنت الباقي ! ..
الفيلم : لم يأت الفيلم – أو الرواية – على المستوى المطلوب – من وجهة نظري - ، خاصة أن الأحداث بطيئة نسبياً ، وربما يُميز الفيلم – نوعاً – الخدع المميزة لهذا النوع من الأفلام ..
تقييم الفيلم : 2 \ 5
معلومات عن الفيلم : كاتب السيناريو والحوار هو من قام بكتابة الجزءين السابقين ، أما المخرج فهو المكسيكي ( Alfonso Cuaron ) ..
الجزء الرابع : هاري بوتر وكأس النار
هاري بوتر وكأس النار .. متعة الفرجة
القصة : ( هاري بوتر ) في مسابقة ( دورة السحرة الثلاثية ) ، وهي أحد المسابقات ، التي تُقام ، ليتنافس عليها الطلاب ، ليس من مدرسة ( هوجوروتس ) وحدها ، وإنما أيضاً من المدارس الأجنبية الأخرى ، ونشهد جمال فتيات مدرسة ( بوباتون ) ، ونشهد – في نفس الوقت – قوة مدرسة ( دار مسترانج ) ، وكان من المفروض أن تختار ( كأس النار ) – وهي كأس سحرية يتصاعد منها اللهب الأزرق ! – بطل واحد فقط من كل مدرسة ، وأن يكون هذا البطل قد تجاوز سن معينة ، لأن الدورة خطيرة بالفعل ، لكننا نجد أن الكأس أُصيبت بالشيخوخة ، فتختار أربعة أبطال بدلاً من ثلاثة ! ، ومن ضمنهم ( هاري ) ، الذي – وياللغرابة ! – لم يتجاوز السن المسموح بها للدخول في هذه المسابقة !! ، ويشعر ( هاري ) بالتوتر ، فمن يريد الزج بإسمه في هذه الدورة ؟! ..
الفيلم : سنتحدث عن هذا الفيلم بالتفصيل ، فمقالنا هذا قائم عليه بالفعل ..
ملاحظة هامة : هذا الجزء يظهر فيه – لأول مرة – ( فولدمورت ) بصورة بشرية ..
الجزء الخامس : هاري بوتر وجماعة العنقاء
هاري بوتر وجماعة العنقاء .. حالة ملل 2 ! :
القصة : بعد ظهور ( فولدمورت ) وعودة قوته إليه مرة أخرى – بعد الجزء الرابع - تقرر ( جماعة العنقاء ) – والتي يتزعمها ( ألباس دمبلدور – مدير مدرسة هوجوروتس ) – أن تعاود لم شملها من جديد لمكافحة ( فولدمورت ) مرة أخرى ، وتجد الجماعة صعوبة كبيرة ، فمن ناحية أتباع ( فولدمورت ) يزدادون ، ومن ناحية أخرى تقوم وزارة السحرة بمحاربتهم بتهمة إزعاج مجتمع السحرة بالحديث عن خبر – عودة ( فولدمورت ) – لا أساس له من الصحة ، وبالتأكيد تعادي الوزارة ( هاري ) ، لأنه ينتمي – بشكل أو بآخر – لهذه الجماعة ، خاصةً أن ( هاري ) هو أول شخص يشهد عودة ( فولدمورت ) مرة أخرى ..
الفيلم : يتم العمل الآن على تصوير هذا الفيلم ، والذي سيظهر للنور في عام 2007 ، والغريب أن هذا الجزء يقوم بكتابته ( مايكل جولدنبرج ) ، لأن الأجزاء السابقة قام بكتابتها ( ستيف كلوفز ) !! ، ويشترك مجموعة جديدة من الممثلين في هذا الجزء منهم ( إيفا لينش ) في دور ( لونا لفجود ) زميلة ( هاري بوتر ) في المدرسة ..
الجزء السادس : هاري بوتر والأمير الهجين
هاري بوتر والأمير الهجين .. دائماً دموع ! :
القصة : ( هاري بوتر ) لم يقابل الأمير الهجين سوى على صفحات كتاب !! ، وهذا الأمر لم يهم ( هاري بوتر ) ، خاصةً أن الكتاب مفيد للغاية في درس الوصفات السحرية ، لكن هل هذا الكتاب ليس خطراً ؟! ..
الفيلم : غير متاح ، لأنه لم يتم تصويره حتى الآن !! ، لكن بالتأكيد أحداث الفيلم حزينة تماماً كما الرواية ..
هاري بوتر و .......... ( الجزء السابع والأخير ) .. :
القصة : غير متاحة ، لأنها لم تظهر أصلاً ، لكن هناك العديد من التوقعات في ذهن كل قارئ ، لأن هذا الجزء هو الجزء الأخير من سلسلة ( هاري بوتر ) أي نهاية الصراع الدائر ، فماذا سيحدث ؟؟ ..
الفيلم : غير متاح ، لأن هذا الجزء من الرواية لم يظهر أصلاً !! ..
أعتقد أنكم قد إكتفيتم بعالم ( هاري بوتر ) السحري ، وقبل أن أبدأ بالحديث عن ( هاري بوتر وكأس النار ) – الفيلم لا الرواية - قمت بسؤال نفسي – وهو سؤال أعتقد أنه يهمكم أن تعرفوه – لِم كل هذا الحب ، بدليل تخصيص مقال كبير للغاية عن مثل تلك الشخصية ؟؟!! ..
إجابتي بكل بساطة أن شخصية مثل شخصية ( هاري بوتر ) تُعتبر قمة الخيال ، ليس الخيال ، الذي أقصده التعاويذ والسحر ، إنما الخيال الفعلي في دهشة ( هاري بوتر ) من كونه أشهر طفل في العالم ، وذلك على الرغم من المعاملة القاسية ، التي كان يلقاها من عائلته - " خالته بتونيا " ، وزوجها " العم فرنون " ، وإبنهما " ددلي " - فالتحول من النقيض إلى النقيض هو قمة الخيال في هذه السلسلة ، فمن من الرجال لم يحلم يوماً بأن يكون ( رشدى أباظة ) ؟! ، ومن من النساء لم تحلمن يوماً بأن يكن ( مارلين مونرو ) ؟ .. بالطبع لا أقصد التخلي عن ذواتنا ، لكن من منا لم يحلم بأن يُضاف إليه مميزات أخرى لمميزاته الحالية ، وتكوينه الإنساني .. هذا هو بالتحديد ما أقصده ..
هاري بوتر وكأس النار .. متعة الفرجة
كما سبق وأن أشرنا لاقت الرواية نجاحاً كبيراً وذلك على الرغم من أن الكاتبة ذاتها لم تكن تتوقع مثل هذا النجاح ..
هذا النجاح الذي لم يغب – بطبيعة الحال – عن أعين المنتجين – وهو ما ذكرناه أيضاً - لذا فقد سارعوا – بحماس شديد – إلى الحصول على حق تحويل الرواية إلى أفلام ، واستطاعت شركة Warner bros - في نهاية الأمر – أن تأخذ هذا الحق ( من حنك السبع ) كما نقول ..
لكن للأسف الأفلام لم تحقق النجاح منقطع النظير الذي حققته الرواية ، وهو ما جعل جميع عشاق ( هاري بوتر ) – بما فيهم العبد لله – يتساءلون في نفس واحد ( لماذا ؟ ) ..
أعتقد أن الإجابة ترجع – من وجهة نظري – إلى صعوبة تحويل لغة الكتابة المعتمدة على الكلمات ، واللعب بالألفاظ إلى لغة سينمائية المعتمدة على لغة الصورة ، وذلك يرجع إلى أن التقنيات في كلتا اللغتين مختلفة – كما نرى – إلى حد كبير ..
هذا لا يعني عدم نجاح الأفلام – وحديثنا هنا على ( هاري بوتر ) - لكني أقصد عدم حصولها على مثل النجاح الكبير الذي حققته الرواية .. ودائماً ما نسمع الكثيرين يقولون : ( الرواية أحلى مليون مرة من الفيلم ) .. لكن يبدو أن ( هاري بوتر وكأس النار ) – الفيلم لا الرواية – من وجهة نظر الكثيرين حطمت هذه ( الأسطوانة المشروخة ) ..
يرجع سبب ذلك – من وجهة نظري هذه المرة – إلى عاملين هامين ..
العامل الأول يتمثل في أن كاتب سيناريو الفيلم (Steve kloves ) فهم أن السبيل الذي اتخذته الكاتبة – لضمان نجاح الرواية – هو الإعتماد على لغة خاصة بها ، تميزها عن بقية الكتاب ، وبالتالي قام ( Steve kloves ) – هو الآخر – بالتفكير في خلق لغة خاصة به تعتمد على الأحتفاظ بروح العمل ، الذي يستقي منه كاتب السيناريو فيلمه ، وإيجاد طريقة مختلفة عن الرواية إلى حد ما في عرض الأحداث ، وأسلوب الحوار الدائر بين شخصيات العمل ..
أما العامل الآخر فيرجع إلى قدرة (Mike Newell ) المذهلة بوصفه مخرج الفيلم على تحويل السرد إلى صورة ، فنجد لغة سينمائية خاصة لم نجدها من قبل في أفلام ( هاري بوتر ) السابقة - ربما بإستثناء الجزء الثاني - ولعل أكبر دليل على قولي هذا اعتماد مايسترو العمل – منذ بداية الفيلم – على عمل توازن بين تمكنه الفائق من استعراض المكان من خلال حركة كاميرا مدروسة بدقة ، وكأنه يرى أن للمشاهد الحق في رؤية المكان الذي ستدور فيه أحداث مشهد ما .. وبين التركيز - من خلال حركة الكاميرا أيضاً - على وجوه ممثليه ، وتعبيراتها ، فنستشعر – إرادياً أو لا إرادياً – بأن المخرج دائماً ما يريد أن يُضفر أحداث فيلمه من خلال تركيزه على عنصرين ألا وهما : ( المكان الذي سيحدث فيه الحدث ) ، و ( الشخصيات التي ستقوم بهذا الحدث داخل هذا المكان ) ..
تريد مثالاً ؟؟ .. حسناً ! .. ( خذ عندك ) المثال الآتي – وهو بالمناسبة أول مشاهد الفيلم - فنجد الكاميرا تستعرض مكاناً كئيباً ، مظلماً ، داخله شواهد القبور ، ثم مزرعة على هيئة تل ، وفوق التل بيت كبير ، وبجانب البيت منزل صغير لحارس البيت العجوز ..
ننتقل بعد ذلك إلى داخل منزل الحارس العجوز ، لنرى الكاميرا تركز على براد الشاي ، ثم رؤية العجوز لضوء داخل البيت الذي يحرسه ، وإعتقاده أن هناك أطفال ملاعين دلفوا إلى هذا البيت ، ليعبثوا بأشيائه ..
نجد الكاميرا تسير مع العجوز ، وتركز في أثناء سيرها – الكاميرا لا العجوز – على الكشاف الذي يحمله الحارس ، ونصعد معه السلم ، ونجد لحظات مُركزة على وجهه ، وفي ذات الوقت تكون الكاميرا – أحياناً – بمثابة العجوز أثناء صعوده السلم ..
هل لاحظت كيفية تتابع المشاهد ، فنجد ( قبور \ تل \ البيت الكبير \ المنزل الصغير \ الحارس العجوز .. الخ ) .. هناك توازن في تتابع المشاهد أعتقد أن قارئ المقال قد استشعره بشكل ما ( المكان العام " القبور " \ المكان الأصغر " التل " .. وهكذا دواليك ) .. ولعل الأهتمام بالتفاصيل عامل يضاف إلى عبقرية ( Mike Newell ) ، فتجد( براد شاي \ الكشاف \ تعبيرات وجه العجوز المتعبة أثناء صعوده السلم .. الخ ) ..
هذه اللغة السينمائية الخاصة – ولنضع ألف خط تحت الكلمة الأخيرة – أتت ثمارها عند توجيه الممثلين ، خاصةً أننا أمام عدد غير قليل من الممثلين الأساسيين - 79 ممثل بعضهم يظهر صامتاً - بالإضافة إلى الكومبارس أو ما إصطلحنا على تسميتهم ( بالمجاميع ) ..
نجد السيطرة التامة على حركة الممثلين في العديد من المشاهد - مشهد الحفل الراقص \ مشهد تجمع الطلبة حول كأس النار \ مشهد استقبال طلاب مدرستي " بوباتون " و " دار مسترانج " .. الخ - وهذه السيطرة – من جانب المخرج – دفعت العديد من الممثلين إلى الظهور في قمة تألقهم ك( Robbie Coltrane في دور " هاجريد " \ Frances De La Tour في دور " مدام ماكسيم " \ Michael Gambon في دور " ألباس دمبلدور " ) ، ونجد القاعة تعج بالضحك من جراء المواقف الكوميدية ( المكتوبة ) و ( المرسومة ) بعناية فائقة ..
بالطبع كانت العيون تتابع ما يفعله الثلاثي ( Daniel Radcliffe في دور " هاري بوتر " \ Rupert Grint في دور " رون ويزلي " \ Emma Watson في دور " هرموني جرينجر " ) بوصفهم الأبطال الرئيسيين ، وجميع الأحداث تدور في فلكهم ، وإن كانت (Emma Watson ) قد تحسن أدائها على نحو ملحوظ - مشهد الصراع المحتدم بينها وبين Rupert Grint بعد الحفل الراقص ، وبكائها الحار - كذلك جاء ( Rupert Grint ) – كما تعودناه – متألقاً في المشاهد الكوميدية على وجه الخصوص ..
نأتي إلى أقوى مشاهد الفيلم – من وجهة نظري - وهو المشهد الذي قام فيه ( البروفسور مودي \ Brendan Gleeson ) بوصف اللعنات المحرمة التي قد تصيب السحرة داخل حجرة الدرس .. هذا المشهد كان أروع ما فيه هو أداء الممثلين خاصة أداء ( Matt Lewis ) في دور ( نيفيل لونج بوتوم ) بعد مشاهدته للعنة التعذيب التي تمارس على العنكبوت ، ثم التعبير – بعد إنتهاء الدرس – عما يعتمل بداخله من خلال زجاج نافذة مرسوم عليها صورة لأمرأة تبكي ..
وعلى الرغم من الثراء الفاحش في جميع العناصر الفنية من ديكور - استغلال للمساحات الشاسعة داخل ، وخارج مدرسة " هوجوروتس " - وخدع ، و مؤثرات - الإستاد الخاص بكأس العالم للكويدتش \ وجه " سيريوس بلاك " الذي يظهر بكامل تفاصيل من خلال نار المدفأة \ عرائس البحر .. الخ - إلا أننا نشعر – في أوقات قليلة – بفقدان التحكم – من جانب المخرج لأنه البطل الحقيقي – في زمام الأمور ، فمشهد مقابلة ( هاري بوتر ) ل( للورد فولدمورت ) – على سبيل المثال – بعد طول انتظار لم يأت بالقوة الكافية ، وذلك على الرغم من توقع قراء الرواية أن هذا المشهد سيصبح من أقوى مشاهد الفيلم ، ولِم لا ؟! ، وخاصةً أن الخط الرئيسي في الرواية أو الفيلم هو الصراع الدائر بين الخير ( هاري بوتر ) و الشر ( اللورد فولدمورت ) ، إلا أن المشهد جاء وقعه ( عادياً نوعاً ) على المُشاهد ، لكن هذا بالطبع لا يؤثر على الفيلم ، لأن الحقيقة المُعترف بها أنه لا يوجد عمل بشري خالي من الأخطاء ..
( هاري بوتر وكأس النار ) .. لا يطلب منك سوى عشرة جنيهات ثمن تذكرة السينما إذا كنت من رواد دور عرض ( وسط البلد ) .. ثم ينتظر منك – بعد دفع التذكرة – أن تتشبث بمقعدك ، وتترك – قبلها – كل ما يعكر صفو حياتك خارج قاعة العرض ، لتبقى جميع حواسك منتبهة إلى ما يحدث على الشاشة العملاقة سواء أردت أم لم ترد ..
مشاركة منتدى
16 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013, 06:58, بقلم مريم
احببت المقال كثيرا واتمنى ايها الحمقى و الاغبياء يا ناشري مقال هاري بوتر ان تنشروه بالفيديو لاني لم استطع ان اقرأ كل هذا