هذا دمي
هذا دمي .. الموشومُ فوق خريطةِ الجسدِ النحيل ِ الشاحبِ المتكدّم ِ
المزرَقُّ تحت الجفن ِ فوق الجيد ِ.. حول المعصم ِ
و على فم ٍ (قد تستبيك غُروبه عذبٍ مقبَّلُه ، لذيذِ المطعَم)
هذا دمي.. بل إن هذا الجفنَ - كحّله الأسى- جفني
وهذا الجرح في صدري وما في القيد إلا معصمي
و قسيمةُ العطر التي (سبقت عوارضُها) خفوتَ الروح
ندّت عن فمي ..
هذا دمي الغالي على فقد الهوى الغالي
ويالكَ من هوىً يهوي على قدم العدوّ ويرتمي
فيثور عنه غبار ليلٍ متخم ٍ (برشاش نافذةٍ كلون العندم ِ)
هذا دمي.. المشبوحُ في سجن ٍ أصمّ ٍ مثلما شُــدَّ الصليب على ذرى نجمٍ سـداسيٍّ جبانٍ مجرمِ
لا.. بل دمي المسفوحُ شأنَ دم ِ الحسين ِ على ثرىً يُنمى إليه و ينتمي
و يحاً له متبدداً ما بين شدادٍ وشيبوب ٍ و بين عمارة بن زياد
وابنيْ ضمضم ِ
هذا دمي.. المنساح عن شرفات عينيها
على شرفٍ خضمِّ
كانت تخبئه ملياً في غيابة غابةٍ من:
سيف والٍ رمح غالٍ سهم خالٍ قوس عمِّ
فاغتاله حلك الضحى ما بين عُمْيٍ من شوارعنا وصُمِّ
وتضجُّ أرصفةٌ تَعاوَرَها زماناً وقعُ أحذيةٍ السنينْ
ويحمحم الصمت المزمَّل بالرطين
وتلقِّنُ الحرفَ الشهادةَ قهقهاتُ المعجمِ
والنصر يسعلُ في نشيدٍ/في نشيجٍ مفحَمِ
:هذا دمي...
قد جاءنا ناعي الكرامةِ نادباًَ
أقمارَ بغدادَ السبيةَ في الهوادج ِ
ذاتَ عرس ٍ .. مأتم ِ
من كان يزدانُ العفافُ مبرقعاً بنقابها لم تؤتَ كلّةُ خدرها من بابها
لكنها هُتكت - و يا للعار- من حُجّابها و يبيتُ عنترُ(فوق ظهر ِ حشيةٍ)
و تبيت’ عبلة ُ دون عبس ٍ كلها .. شمّاء ( فوق سراةِ أدهمَ مُلجم ِ )
أواهُ يا مجداً يُضاعْ كأنـه سقط المتاعْ و يباعْ : ( كل قرارتين بدرهم ٍ)
زفراته انبطحت توسد خدها التاريخ
تقضم شوك شوقٍ بات يزهر بالردى
متمجساً متهوِّدا
متنعماً بسعير جنّاتِ السُّــدى
أواهُ يا شرفاً لنا ولغت به سود الكلاب .. ومضمضت أفواهها من زمزم ِ
ضاقت مرامي أرضنا عن عرضنا لم يبق فيها من ملابْ
( فترى الذبابْ .. بها يغني وحده هزجاً كفعل الشاربِ المترنم ِ)
اللهُ يا بنت العراق و أنتِ تعطين َ الورى درس الفدى بتألم ٍ .. و تبسّم ِ
اللهْ إذ تقِفينَ ما بين المُدى تتهكمينَ على الردى
و تعلميّن النخلَ أن زوابع الأنواءِ أعراضٌ سدى
لن تركعي في وجهها ، لن تُهزمي ..
أو تُعدِمي الجبّن الذي استشرى بنا أو تُعدَمي
(ما راعني إلا حمولة أهلها) تطوي اليفاعا
وتجدُّ تمشي فرسخاً إن يمشِ ركب البين يتبعها ذراعا
من ممعنٍ هرباً ومن مستسلم
يتقاذفون الصمت في الحلم المجرَّحِ ..
ذلك المنداحِ لحناً عن شخير النوَّمِ
وكأنما الزوراء ما عادت كما عهدي بها (زوراء تنفر عن حياض الديلمِ)
ويموت عنترُ .. غير أن فحيح صوت الصمت لم يبرح
ينادي: ويكِ عبلةُ أقـدمي!
ويفوح جرحك بالسنا ثملاً يناغي بسمة الشفق المخضب
قائلاً والزهو يملأ وعيه : هذا دمي
أُختاهُ : مُدّي كي أبايعك اليدا
أنا أنتِ في سجني العروبيّ الكبير ِ
وأنتِ في زنزانة الأوغادِ يا أختي "هدى"
لا (تغدفي عني القناع) فإنما
دمُك المضمَّخُ بالشعاع القرمزيِّ مجسدٌ في مرسمي
إني أقبِّلُه صباحَ مساءَ في المرآة ..
حتى أنه وكما ترين مغرِّدٌ في وجنتيّ وفي فمي
«
ولقد ذكرتـــك والرماح نـواهــلٌ
مـــني وبيــض الهـــند تقــطر من دمي
فوددت تقبيل الســــــيوف لأنها
لَمــعــت كبــــارق ثـــغــرك المتبســـم » [1]