السبت ١ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
بقلم ريم أبو عيد

أحلام مؤجلة

كانت تعلم وهي تعد حقائبها للرحيل أن الجميع سيقف ضدها هكذا اعتادت منهم جميعاً ولكنها اتخذت القرار الذي كان يجب أن تتخذه منذ زمن طويل وتركت الجميع في عاصفة الغضب التي اعترتهم تركت خلفها أصواتاً تتعالى باللعنات ولم تبالي بما حدث كان كل همها أن تذهب إليه بعد انتظار عامين تجرعت فيهما كل أنواع العذاب وها هي اليوم تحطم كل القيود التي منعتها من أن تكون معه. ركبت سيارة أجرة وانطلقت إلى محطة القطار بعد أن أرسلت له رسالة قصيرة أنها في الطريق إليه حتى يكون في استقبالها ووصلت إلى المحطة واستقلت القطار وألقت بنفسها على الكرسي وشعرت كأنها تتنفس لأول مرة هواء حريتها التي سُلبت منها زمناً طويلاً وأغمضت عينيها وارتسمت ابتسامة عريضة على شفتيها تعلن عن سعادة حقيقية نابعة من قلبها الذي طالما عانى من القسوة والظلم حتى قابلـته والتقت به هذا الرجل المفعم بكل معنى حقيقي للرجولة الذي أخذها من أيامها وكل حياتها البائسة ليعيد إليها السعادة التي كانت نسيت معناها ويعيدها مرة أخرى للحياة بعد أن كانت تعيش جسداً بلا روح. عاشت عمرها كله تحلم برجل مثله تجد معه كل المشاعر التي حُرمت منها طوال حياتها لكنها كانت تظن أن مثل ذلك الرجل يحيا فقط في خيالها ويسكن فقط بداخلها وليس له وجود على أرض الواقع حتى التقت به ذات يوم وكأنه خرج من أعماقهــا وتجسد واقعاً أمامها وللمرة الأولى تحدث إليها أحست بصوته الدافئ يحتويها ويضمها إليه كطفلة صغيرة ليهدىء من روعهـا ويمنحها كل الحنان. أحبته بكل كيانها وهي التي لم تكن تؤمن أن هناك من يستطيع أن يحب أو يعطي في هذه الحياة. لكنه غير كل تلك القناعات لديها حينما منحها حباً صادقاً وأعطاها كل الاهتمام والرعاية. ومنحته هي كل الحب الذي كانت توصد عليه باب قلبها منذ سنين. أحست بالقطار بدا يبطئ من سرعته فتحت عيناها ونظرت من نافذة القطار الزجاجية ورأت محطة الوصول تقترب خفق قلبها بشدة وكأن نبضاته تتراقص بين ضلوعها من شدة الفرح ورأته من بعيد ينتظرها هناك على رصيف المحطة. توقف القطار حملت حقيبتها قفزت كطفلة صغيرة إلى الرصيف تركض نحوه وصلت إليه تلقاها بابتسامة حانية وادعة وفي عينيه ترتسم فرحة غامرة وأطال النظر إليها وكأنه لا يصدق أنها أمامه هنا بعد عامين كانا يحلمان بتلك اللحظة معاً وضحكت هي بكل براءة وألقت حقيبتها على الأرض وألقت بنفسها بين ذراعيه كقطة صغيرة تبحث عن الدفء وانطلقا معاً ليبدأا تحقيق حلمهما الذي كان مؤجلاً.


الرياض – الأحد 26 آذار/ مارس 2005 م


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى