الاثنين ١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٣

أين تكمن الصحراء ؟

بقلم : رلى جمعة

رحلتي إلى العمل كل صباح قد تبدو بعيدة و شاقة!! فأنا أعمل في مصنع يبعد عن مكان إقامتي ما يعادل الساعة.. ضريبة الهندسة! في هذه الساعة أجوب المدينة من غربها إلى جنوبها..

فالمنطقة التي يتواجد فيها مصنعي منطقة صناعية في الصحراء..
نعم الصحراء! عذرا فقد اضطررت أن أكتب الأسطر السابقة لأصل إلى هذه الكلمة.. لا اعرف ما سيكون رأيكم و لكنني اعرف تماما أن الكثيرين من زملائي و زميلاتي اتهموني بالجنون مرة عندما كنت اتحدث عن عشقي لهذا المكان...

فهو بنظرهم سجن كبير و معزول عن دنيا البشر.. جاف و قاحل و موحش.. حتى ان نسمات الهواء معدودات... و لا ترى و أنت تقلب ناظريك بأرجاء المكان سوى صناديق حديدية ضخمة نطلق عليها هناجر...

لكنني لا أراها كذلك!! إنها واسعة جدا و ممتدة على مدى البصر ياه ما أوسعها و ما ابسط ارضها فهي تكاد تخلو من التضاريس..

أرتاح و انا أقلب نظري فلا أرى تلك البنايات الشاهقة و تلك التعقيدات و تلك الوجوه غريبة الملامح و غامضة المعاني... و سماؤها صافية غير ملبدة بتلك الغيوم الكثيفة التي تحجب الشمس.. فها هو قرص الشمس مرتفعا في وسط السماء يزينها و ينيرها بقوة و قسوة حانية‍ ... أعجب من نفسي أحيانا و أنا أستخدم المتناقضات و أجمعها سوية.. القسوة و الحنان التوأمان النقيضان.. حتى جمال الصحراء التي تضفي عليها لونا من ألوان التحمل الشرس... تذكرني دوما بهذه الحياة.. تلك اللوحة التي نرسم خطوطها بعرق الأيام و دموع متلاحقة لخيبة يتلوها نجاح..

حتى تلك الشجيرات الشوكية المتناثرة هنا و هناك.. تعزف لحن الاصرار على المقاومة و هي تتمركز حول زهرتها لتحتفظ بالماء..
و تلك النسمات الحارقة عندما تصفع وجهك تذكرك بحنان الهواء و هو يحمل عن الأرض جزء من حرارتها... عجيبة أنا هذا اليوم فأنا أصر على جمع المتناقضات مجددا...

صدقوني فأنا لا أراها صحراء... فالصحراء تخلو من الروح و هنا تتمثل طهارة الروح و صفاء الذهن و نقاء السرائر... نعم فقد كنت هناك في مكان أخضر بهي لكن النفوس هناك قاحلة و جافة ملامحها ناعمة ودودة و خباياها خبيثة...

في كل جلساتي مع رفيقاتي أسمع كلمات المواساة لكل هذه المعاناة التي أعيشها يوميا ذهابا و إيابا... فترتسم ابتسامة على محياي.. و أخرج كعادتي بسؤال غريب فجأة عندما أقول...

يا جماعة شو فيه؟ لماذا كل كلمات العزاء هذه... وين أنا ووين الصحرا‍...
جاوبوني أين تكمن الصحراء في الموضوع ؟؟؟؟؟؟

بقلم : رلى جمعة

مشاركة منتدى

  • عزيزتي رلى

    ان الانسان دائما ما يبرر قساوة الظروف بالقدره على التحمل، وهذه الصفه في الانسان تعمل على اثبات انسانيته وقدرته على التأقلم، ينبع كل ذلك من اصراره على حب الحياة، آسف للاطاله لكن تأكدي أن الصحراء موجوده في عقول كل من يسخر من مكان عملك لأنه ربما كنت أنجح منهم حتى في الصحراء(الظروف الأكثر قساوه)، لو يعيشون في جنه لكانوا متذمرين

    مع تحيات مهندس يعمل في الصحراء أيضا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى