الاثنين ١٣ آب (أغسطس) ٢٠١٨
في ذكرى رحيله العاشرة
بقلم رندة زريق صباغ

استذكر لقائي بمحمود درويش

كان ذلك في اليوم التالي لحفلة فيروز الثانية في عمان وبعد أن حالفني الحظ العظيم لأقابلها، ألتقط معها صورة تذكارية وأتبادل معها أطراف حديث لطيف ذيلته بسلامها ومحبتها لفلسطين وأهلها.

كان ذلك على طاولة الغداء في مطعم تنورين في عمان، بصحبة الإعلامي الكبير د. عمر الخطيب ومجموعة من الأدباء والإعلاميين والمثقفين الفلسطينيين من أرجاء الوطن العربي إضافة لأهلي، كنا لا نزال نعيش حلم حفل فيروز ونتبادل الفرح والجمال الذي بثته فينا سفيرتنا إلى النجوم غير مصدقين هذا الكم من العظمة والروعة.... أما أنا فكنت أكثرهم دهشة وغبطة من لقائي بها الليلة الماضية.

في خضم سردي حيثيات اللقاء للموجودين ، وفي قمة الأثر، إذ بي ألمح على بعد طاولتين وابتسامة الشاعر الكبير محمود درويش، توقفت عن الكلام وتسمرت عيناي غير مصدقة ما ترياه، هل هذا هو حقا؟ أم شبيه له؟ يخلق من الشبه أربعين، أشحت لأمي التي تجلس قبالتي أن تنظر خلفها ففعلت وابتسمت ثم قالت: محمود درويش... وهكذا تقاسمت معي الدهشة والفرح...

استأذنت كل من معي وتوجهت بخطى بطيئة نحو طاولة الكبير محمود درويش متأكدة أنه هو وليس شبيها له خاصة بعد أن رأيت الوزير ياسر عبد ربه على يمينه والسيد محمد بركه على يساره. بدت لي المسافة طويلة جدا الا أنني وصلت في النهاية مبتسمة سعيدة، القيت التحية فرد بأجمل منها، مددت يدي فوقف ومد يده بالسلام والكلام، ومثله فعل صديقاه .
عرفت عن نفسي وإني صحافية في الاتحاد، وعبّرت عن سعادتي وفخري بلقائه، وبعد التقاط الصور طلبت منه لقاء أو حوارا إن أمكن.

ابتسم قائلاً:- "يعني انتو الصحافيين ما عندكم شي بريء أو مجاني؟ لازم دايماً حوار أو لقاء صحفي؟

ابتسمت أنا أيضا محرجة وقلت: براحتك شاعرنا الكبير.

وقبل أن يعطي جواباً بالإيجاب أو السلب كانت أمي تقترب من طاولته مبتسمة، فأشرت إليها وقلت: إنها أمي... وقف من جديد وسألها بصوت سمعه كل من في المطعم: "إنت آخت شوقي؟"

اتسعت ابتسامتها لتزداد دهشتي حين تقدم خطوات ماداً يده للسلام والتحية... وعادا معاً الى الطاولة وبدأ حديث طويل ذو شجون عن صداقته العظيمة مع خالي شوقي خليل زريق، وعن جدتي فايزة أم شوقي المضيافة الكريمة التي كانت تعتبره ابنا لها، تحدث بحنين جميل عن الطبخات والمأكولات التي قدمتها له ولرفاق اّخرين في الحزب الشيوعي كلما زاروا خالي شوقي ومدى الترحاب والمحبة التي حظيوا بها من أبي وأم شوقي.

تحدث بإسهاب مختصر عن عيد ميلاده الواحد والعشرين الذي احتفل به في دار جدي وعن الوليمة التي أعدتها جدتي بهذه المناسبة والكعكة التي صنعتها خبزتها خصيصاً لأجله، وكثير من الذكريات العتيقة التي جمعته مع خالي شوقي تحديداً.. طبعاً طلب لنا القهوة فشربناها كما لم نشربها من قبل خاصة أنا التي لا تشرب القهوة أبداً.

استأذنا بالعودة لأصدقائنا –مرغم أخوك لا بطل- ليأخذ لقاؤنا بالكبير درويش الحيّز الأكبر من الحديث على حساب السيدة فيروز.

قالوا:- "ضربتين بالراس توجع"

فكيف بثلاثٍ أو أربع، حفلة فيروز في الليلة الأولى والجلوس بأقرب مقعد على المسرح.... حفلة فيروز الثانية والجلوس في الجناح الملكي مع الوزراء..

الدخول مع الوزراء الى مقصورتها، التقاط الصور معها وتجاذب أطراف حديث لطيف..

واليوم الثالث ليس فقط التقي الكبير محمود درويش بل نشرب معه القهوة ويحدثنا عن ذكرياته في بيت جدي.

إنها أيام لا تنسى وذكريات راسخة في البال والوجدان.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى