الاثنين ١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٣
حرب على الرجال بسبب الزوجة الثانية..
بقلم أشرف شهاب

الرجل "عينه فارغة"

يبدو
أن صيغة الرفض ستستمر، ولن ينتهى الجدال الذى تثيره قضية تعدد الزوجات. وقد أثار هذا الموضوع عاصفة من الجدل العنيف، الذى وصل إلى حد المشادات الكلامية وصلت لحد أن زوجة مراسل "ديوان العرب" فى القاهرة أشرف محمود، وأختها تدخلتا أكثر من مرة فى النقاش الذى كان يجريه مع إحدى فتيات العائلة حول قضية تعدد الزوجات.

لم أكن أتصور على الإطلاق أن زوجتى وأختها ستصبان بوابل من الطلقات السريعة والثقيلة على الآنسة إيمان يحيى رغم أنها تنتمى إلى فرعهما العائلى. إيمان هذه تبلغ من العمر 26 سنة، وتعمل كموظفة، وهى حاصلة على بكالوريوس خدمة اجتماعية. أى أنها تلقت دراسة فى علم النفس وعلم الاجتماع. وهى تقول إنها على خلاف بقية نساء الأسرة لا تمانع فى زواج الرجل بأكثر من امرأة، مؤكدة أن هذا أمر يقره الشرع والقانون. ولا خلاف عليه. وتقول أيمان إنها يمكن أن تقبل بالزواج من رجل متزوج لو اضطرتها الظروف لذلك.

وردا على استفسار منى حول ما هى تلك الظروف التى يمكن أن تدفعها للقبول بالزواج من رجل متزوج من امرأة أخرى تقول: يعنى لو عنده ظروف مثلا يوجد اختلاف فى الطباع بينه وبين زوجته، أو أن زوجته مريضة بمرض عضوى أو نفسى. لكنها تعود فتقول إنها يمكن أيضا أن تتزوج من رجل متزوج لو تولدت بينهما عواطف أو شعرت أنها تحبه أو أنه يحبها، أو حصل بينهم توافق نفسى، حتى لو لم يكن يعانى من أى مشكلة فى حياته السابقة. وتقول: طالما أن ظروفه المادية والصحية تسمح له بالزواج من أخرى فلماذا نمنعه من ذلك؟ ما الذى يمنعنى من مشاركته حياته طالما عنده استعداد.. والحالة الوحيدة التى يمكن أن تمنعنى من الزواج بمثل هذا الرجل هى رفض زوجته. فقبل الزواج يجب أن أضمن أنه حصل على موافقة زوجته. أما لو رفضت زوجته الأولى هذه الزيجة فلن أتزوجه. لأن هدفى هو بناء عائلة جديدة، وتحقيق الاستقرار للرجل أما إذا كانت زوجته ترفض فبالطبع أنا لن أقبل لأننى لا أريد بناء أسرتى على أنقاض أسرة أخرى. والقرار فى النهاية يرجع للزوج ولمدى قدرته على ترتيب أمور حياته، واتخاذ القرارات السليمة البعيدة عن التسرع، وعن الأهواء. فالزواج لا يكون بدافع البحث عن الإشباع الجنسى فقط، بل هو بحث عن الاستقرار، وعن تكوين عائلة أو شراكة بين اثنين يمتلكان حدا أدنى من التفاهم ووجهات النظر المشتركة فى أمور الحياة.

طبعا، طوال وقت المناقشة، كانت زوجتى وأختها يشحذان سكاكينهما، وينقضان على إيمان يحيى مقاطعين الحوار عدة مرات، وهما يتهمانها بخيانة جنس الحريم الذى تنتمى إليه، وأنها تحاول الادعاء بأشياء ليست حقيقية. وأنها تقول ذلك لأنها ما زالت آنسة، لم تدخل حسب رأيهما الحياة العملية بعد. وفرق السن بينك وبينها.. وهنا ترد عليهما إيمان بالقول بأنهما يتذكران تماما أنها مرت بتجربة عملية من هذا القبيل. وتحكى فتقول: حكت لى إحدى زميلاتى عن رجل متزوج من طبيبة ويريد أن يتزوج من امرأة ثانية. وقالت لها أن هذا الرجل يعمل طبيبا، وأن زوجته تعانى من نوع من أنواع الصرع الذى كان يؤثر على علاقتها بزوجها الطبيب، وكان لديهما طفلة عمرها خمس سنوات.

وقالت لها إن عمر هذا الرجل 45 سنة. تردت إيمان للحظة، ولكنها قررت الدخول فى التجربة. فهى لا تمانع من الزواج من رجل متزوج، وتعتبر أن الرجل المتزوج هو رجل أكثر خبرة، وأكثر إداركا لحجم المسئوليات والتبعات التى تفرضها عليه مؤسسة الزواج.

وتقول أنها تصرفت بعقل، وأعلنت لصديقتها عن موافقتها على لقاء ذلك الطبيب العامل فى تخصص الأمراض الباطنية. وبالفعل تم اللقاء بمنزل تلك الصديقة، وحدث نوع من أنواع القبول المشوب بقليل من التردد، والسبب أنها علمت منه أن عمره 48 سنة، وأن زميلتها أخطأت فى الرقم الصحيح. ولكن هذا التردد لم يستمر طويلا، فقد شعرت بأن هذا الرجل مناسب من حيث حدوث نوع من أنواع التوافق النفسى بينهما.. وحرصت إيمان على التأكيد أن ما حدث كان توافقا نفسيا وليس حبا لأن علاقتهما لم تأخذ الوقت الكافى لكى يتحول هذا التوافق إلى حب.

وعلمت منه أن زوجته توافق على هذه الزيجة، وأنها تباركها، وأنها قبلت من زوجها أن يقوم بقضاء ستة أيام مع زوجته الجديدة، ويوم واحد فقط فى الأسبوع مع زوجته الأولى وابنته. وكانت الزوجة الأولى من جهتها تقوم بالبحث عن عروسة لزوجها.

كان العائق الوحيد الذى يدور فى ذهن إيمان يحيى هو فارق السن بينها وبين طبيب الأمراض الباطنية. فكرن فى أنه سيبلغ الخمسين من العمر خلال عامين وأنها يتكون ما زالت شابة فى الثامنة أو التاسعة والعشرين من عمرها. وكأى زوجة شابة سيكون لها متطلباتها الشرعية التى يمكن أن يعجز الزوج عن تلبيتها بسبب تقدمه فى السن. وقالت لنفسها.. إن المهم ليس أن يلبى الزوج هذه المطالب قدر ما يحقق لها الإحساس بأنه زوج قادر على توفير الإحساس بالحماية والأمان والرعاية والحنان للزوجة، وأنه قادر على رعاية الأسرة.

وفعلا، تم الاتفاق بينهما، وتقدم الرجل إلى أهل إيمان الذين كانوا قد علموا مسبقا بالموضوع، وأعلنوا رفضهم له. ولكنهم وافقوا على استقباله بالمنزل بسبب ضغوط من إيمان وإصرارها على أن يعطيها أهلها الفرصة، ومشاهدة الرجل قبل أن يرفضوه. ولكنهم واجهوه بالرفض عند تقدمه إليها رسميا، وأبلغوه برغبتهم فى إنهاء هذا الموضوع. تقول إيمان أنها تعرضت لحالة من اليأس الشديد بسبب هذا الإصرار من جانب الأهل. لكنها، تماسكت فيما بعد. واتصلت به لكنه اعتذر لها بأنه لا يرغب فى معارضة أهلها أو إثارة غضبهم. ومن جانبها قالت إنها لم تستطع الاستمرار فى معارضة أهلها بسبب كثرة الضغوط عليها.

وتصف إيمان ما حدث من جانب الرجل وزوجته الأولى ومن جانبها بأنه عين العقل. وتقول إن من أهم أسباب لجوء الرجل للزواج مرة ثانية تأتى من الزوجات أنفسهن، فهن يهملن فى رعاية الزوج والاهتمام بأنفسهن، ويتحولن بعد فترة من الزواج إلى نوع من أنواع الروتين الذى يصيب الزوج بالملل. وأن الزوجة الناجحة هى التى تستطيع تجديد نفسها، وجذب الرجل إليها.

وتقول أيمان أنها لو كانت هى الزوجة الأولى فهى لن تمانع أيضا من أن يتزوج زوجها بامرأة أخرى، بل وأعلنت استعدادها لخطبتها له بنفسها. وهى تفسر ذلك بأن الرجل يحب التعدد، ولو لم يكن الرجل محبا للتعدد بطبعه لما منحه الله عز وجل هذا الحق الشرعى فى التعدد. وأكدت أن من الخطأ أن تطلب الزوجة الأولى الطلاق من زوجها خصوصا لو كان لديها أطفال، لأنها فى هذه الحالة ستعرض مستقبل الأطفال للتشرد.

ومن الأفضل للزوجة أن تقبل بالأمر الواقع وتسمح للأطفال بأن يتربوا فى أحضان أبيهم حتى لو لم يكن يراهم سوى يومين أو ثلاثة أيام فقط أسبوعيا. فهذا أفضل من الطلاق، وإحساس الأطفال بوجود مشاكل بين أبيهم وأمهم، أو بتعرضهم لعدم رؤية والدهم سوى مرة واحدة كل أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة. ولن تستفيد الزوجة فى هذه الحالة سوى أن تكتسب لقب مطلقة.

وإلى حد كبير تتفق معها فى الرأى الآنسة شيماء حسن 25 سنة. فهى كانت على علاقة حب بموظف كبير فى السن وعنده أبناء، وبعض أبناءه متزوجين. وكان هناك فارق كبير فى السن بينها وبينه. فهو يبلغ من العمر 52 سنة أى أكثر من ضعف عمرها. وكانت بينهما علاقة حب كبيرة لدرجة أنه كان يقول لها دائما لن تتزوجى واحد غيرى. وفعلا أبلغته هى أيضا بأنها تبادله الحب، لكنها لن توافق على الزواج منه إلا إذا وافقت عليه أمها. ولكن أمها رفضت. وكان ذلك العريس يعد العروس الشابة بشقة فخمة فى منطقة راقية، وبسيارة جديدة.

وفى المقابل قالت هى إنها موافقة على الزواج منه لأن زوجته كبيرة، وأولاده كبار، وهى شابة تستطيع فى هذه الحالة أن تسيطر على مشاعر الرجل وتجعله يلبى كل طلباتها. وبالفعل عندما تقدم العريس لم يعترض أهلها على مبدأ زواج ابنتهم من رجل متزوج بل وله أولاد متزوجون بل كان السبب أنهم لم يكونوا معجبين بشخصيته، فقد علموا أنه بخيل جدا فمنعوها من الزواج منه. وتقول شيماء إن الرجل غير المرأة فهو يمكن أن يحب أكثر من واحدة فى نفس الوقت، ويكون صادقا فى حبه للاثنين. ولكن من الصعب حسب وجهة نظرها أن تحب المرأة أكثر من رجل فى نفس الوقت.

أما نسرين حافظ 33 سنة، زوجة وأم لطفلين.. فترفض رفضا باتا فكرة الزوجة الثانية. وتقول إنها لا يمكن أن تقبل أن يتزوج زوجها بأخرى. وفى حالة حدوث ذلك فستطلب الطلاق فورا، بل وتهدد الزوج بأنها ستحاول قدر الامكان حرمانه من رؤية أولاده، إلا فى أضيق الحدود التى يقررها القانون. وتقول: كرامتى لا تسمح لى أن أعيش مع واحد فكر ولو للحظة فى أن يتزوج من زوجة ثانية. فلو كان حريصا على أولاده لما فكر فى تعرضهم لمثل هذا لموقف، أن يكون لهم زوجة أب.

مؤكدة أن من المفروض فى حالة رغبته فى الزواج من أخرى أن يصارحها بالحقيقة، ويعطيها فرصة الاختيار، ويتقدم بالأسباب التى تدفعها للإقدام على مثل تلك الخطوة. وهنا سأفكر وإذا اقتنعت أو لم أقتنع، وبالطبع لن أقتنع لأن هذه هى طبيعة الأنثى.. ساعتها سأطلب الطلاق. فالرجل بطبعه خائن ومزواج.. والست بطبعها لا تحب أن تشاركها امرأة أخرى فى زوجها.. المرأة يمكن أن تغفر لزوجها تصرفات كثيرة أو تنساها، ولكنها من المستحيل أن تغفر له أنه تزوج دون علمها. المسألة مسألة مبدأ. المرأة تريد أن تكون الوحيدة فى حياة الرجل.. ولكن الرجل بطبعه "عينه فارغة"، والمسلسل الذى روجوا له يدل على أن هذه غريزة عند الرجل.والسبب الوحيد الذى يمكن أن يجبر زوجة على قبول زواج رجلها من زوجة ثانية هو إحساسها بذنب ما، وأن لديها إحساس بالنقص والعجز، وتريد أن تحافظ على زوجها.

أما سامية موسى 25 سنة آنسة فتفجر بقنبلة كبيرة حيث تعلن بوضوح أنها لا يمكن أن تقبل بالزواج من رجل متزوج مهما كانت الظروف. وتتساءل: ما الذى يجبرنى على الزواج من متزوج؟ هيه الرجالة خلصت من السوق؟ ما زالت أمامى الفرصة للاختيار والحمد لله. صحيح أن الله عز وجل أباح للرجل تعدد الزوجات، ولكن أنا نفسيا لا يمكن أن أقبل أن أتزوج من رجل متزوج أو أن تشاركنى امرأة أخرى فى زوجى. وحتى لو كان زوجى غير مرتاحا فى حياته معى، وحاول أن يقيم علاقات غير شرعية ففى هذا الحالة فالعشيقة أهون من الزوجة الثانية، لأنها ستكون مجرد نزوة، وتنتهى، ويعود الرجل بعدها لبيته وأسرته، ويعود على صوابه. أما الزوجة الثانية فستكون مستمرة فى حياته بشكل لا يمكننى أن أتحمل معه استمرار مثل هذه الزيجة.

من الواضح أننا حاولنا أن نغلق ملف الزوجة الثانية، ولكن رأى سامية موسى الأخير فتح لنا بابا أخر من أبواب الجدل حول هذا الموضوع، وهو: أيهما أفضل بالنسبة للمرأة.. الزوجة أم العشيقة؟ وهو ما سنحاول أن نناقشه فى العدد القادم.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى