الخميس ٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠٢٠
بقلم رشيد سكري

الرواية الفلسطينية بين الغربة و الاغتراب

تظل الرواية ظاهرة مثيرة للجدل، لا على مستوى البناء الحداثي الذي تصبو إليه من خلال أعمال رائدة فحسب، بل على مستوى المضامين أيضا، التي تؤلف بين بنياتها، والقضايا الحاسمة و المصيرية، التي تتشكل من داخلها. فإن كانت الغاية التي تطمح إليها هي خلخلة واقع موبوء و نفض الغبار عن مصير أو انتماء ؛ فإنها، بذلك، تشغل بال الفكر وتؤرق الواقع أيضا، بل تذهب إلى حدود أن تلامس الوجدان الإنساني، مادامت المعاناة قضية شاملة للوجود ككل، بما هي ـ أي المعاناة ـ خيط ناظم، على امتداد التاريخ الثقافي والفكري، للكل التجارب الإنسانية. فبالحديث عن الرواية، كتجربة إبداعية، نطل من خلالها على رمزية الوجود في أسمى معانيه. فضلا على استبانة، أمام ضمير العالم، حق تقرير المصير الفردي والجماعي.و خصوصا إذا ما انفتحت الرواية على تجربة الآخر، من خلال نقلها إلى لغات أخرى بفعل الترجمات، التي غالبا ما تفنن في صيد وانتقاء مفرداتها، وعباراتها السابحة في ماء الحكاية.

فمن بين الروايات العربية التي تتقلب في وجداننا و تقض مضاجعنا، بل تنغص الضمائر الحية، وتجعلنا أمام شلال من الأضواء الكاشفة للذات و للآخرين؛ الرواية الفلسطينية.
في الأدبيات الحديثة و المعاصرة، ارتبط الإبداع الفلسطيني عموما بالمقاومة، كشكل من أشكال إثبات الذات، والحضور الفعلي الدائم في الساحة الثقافية و الفنية؛ العربية و غير العربية. إن المقاومة بالأدب لم تثبت جدارتها، في الساحة الثقافية، إلا بعد ما تمَّ احتلال فلسطين، في منتصف القرن الماضي، من طرف الصهاينة. فبات من الواضح جدا أن نجد هذا الإبداع يقاوم من أجل العيش والكرامة و الوجود و الهوية. فتدبير مسألة الهوية، مثلا، ولمِّ الشتات في الثقافة الفلسطينية، لم يعد مرتبطا فقط بالخيال الإبداعي، وإنما اكتسح كل الروافد المعرفية والعلمية، الطامحة نحو خلق جبهة مقاومة حقيقية، تقف ندا أمام سياسة طمس و إقبار وتدمير الثقافة الفلسطينية. لقد كان الكيان الغاشم يدرك، آنئذ، مدى فعالية تغيير البنية المجتمعية و الثقافية ؛ بفعل ترحيل قسري للسكان الفلسطنيين، وتهجيرهم خارج الوطن. غير أن المقاومة بالثقافة و الإبداع، ظل يؤرق الكيان الصهيوني، و شوكة في حلقه ردحا من الزمن. فما كانت قصائد الشاعر الفلسطيني سميح القاسم سوى جمرات متقدة و لافحة على الطريق ؛ تقاوم بإرادة متحررة من كل أنواع الحيف والظلم، وتكشف ألاعيب الغاصب الغاشم. فقصيدته التي عنونها ب"والمواعيد أنا"فجر فيها ينابيع شهوة القول الشعري، مبئرا نكبة النازحين الفلسطينيين، بشهادة نقاد يتابعون عن كثب تطورات و إبدالات التجربة الشعرية لسميح القاسم. كان مطلعُ القصيدة من بحر الرمل:

"شهوة الكدح من الفجر، وموال الإياب
مسرب الوعر، وآلاف الأكف السمر
ترتاح على مقبض باب
والمواعيد أنا، وزغرودة الميلاد
والدمع على تطريز منديل اغتراب
وأنا نعناعة التل
أنا النبع و غصن الورد
والمرزاب و المدفأة المهجورة
السطح... أنا سنبلة الحقل
الشجيرات... ودوري القباب
كنت راعي الغنم الأسمر".

وفي ذات المسعى، كيف يكون الإبداع من دون وطن؟ أكيد أن للوطن حميميتـَه و دفْأه، اللذين يؤمِّنان فعل العبور نحو ضفاف فسيحة من القول و الحكي. إلا أن الأدبَ، في فلسطين، أبى إلا أن يكون غير ذلك، ويغرد خارج السرب؛ ينصت لدقات قلبه، بل يسيخ السمع لوثبات الموت تدبُّ رويدا... رويدا؛ فيُبعث من تحت الرماد كالطائر الفينيق، بما هي الأسطورة التي تشبع بها أغلب أدباء فلسطين. بالموازاة، مع ذلك، نجد الغربة والضياع، كتجربة، ألفت بينهم، ورصَّت دعائم المقاومة في ظل انقسام جَلَّاء بين من يحسون بالغربة خارج الوطن، وبين من استأنسوا بها، وتعايشوا معها من داخله. فجبرا إبراهيم جبرا عاش متنقلا بين مختلف العواصم العربية؛ من بيروت إلى دمشق مرورا ببغداد والقاهرة، كما هو شأن بالنسبة لغسان كنفاني و الكاريكاتوري ناجي العلي صاحب الرمز المبيان، الذي نحته في الصخر البرونزي؛"حنضلة". أما الغربة الغريبة التي عاشها المبدع الفلسطيني من داخل فلسطين؛ فإننا نجد صاحب الورد الأقل، وملهم القصيدة العربية محمود درويش برفقة رفيق دربه سميح القاسم و توفيق زياد بالإضافة إلى المتشائل إميل حبيبي.

إن هذه المقاومة، التي أبداها الأدب الفلسطيني، تدافع عن حصون الثقافة العربية العريقة، إما بالعودة إلي تلك المنابع الطاهرة من تاريخ الأدب العربي، لإثبات و تأصيل الهوية للأدب الفلسطيني، وبذلك تقف كالطود العظيم، أمام سياسة التهجين و الذوبان في ثقافات وافدة مع الكيان الصهيوني، وإما التوفيق بين ما هو عريق، و في الوقت نفسه التطلع إلى ما هو حديث، دون التفريط في هوية الشعب الفلسطيني. وأمام هذه الإشكالية في تاريخ الأدب العربي، نجد بالمقابل أن التأريخ الجديد لأهم الإبدالات الثقافية، في مختلف فنون الأدب، يبدأ مع نكبة الاحتلال، وسياسة تهجير الفلسطينيين؛ ليعيش الأديب تجربة الضياع و البحث عن وطن بديل، حاملا معه هموم وطنه الأسير. ففي مثل هذه الظروف العصيبة، التي يمر منها الشعب الفلسطيني، أكد يحيى يخلف أن الرواية الفلسطينية تأثرت، إلى حد كبير، بهذه الاضطرابات و الإحباطات الخطيرة، ومن ثم أصبح الروائي الفلسطيني يبحث عن لغة جديدة، بل عن شكل جديد في أفق مرحلة تتسم بالضيق و قمع الحريات الفكرية و السياسية. وغير خاف علينا أن بهذه الظروف ستسعى الرواية الفلسطينية إلى فتح جبهات النضال و الثورة، وتلتصق بهموم الإنسان الفلسطيني والعربي. وفي ضوء ذلك، أخذت الرواية سكة الكفاح الوطني؛ فجاءت أعمال كل من إميل حبيبي وغسان كنفاني بالإضافة إلى توفيق فياض و أفنان القاسم و رشاد أبو شاور وغيرهم، تتغنى بالأمل في الحياة، وحق العودة إلى الوطن السليب. فبهذه الخامات الأدبية الرفيعة، استطاع الأدب الفلسطيني أن يجد له موطئ قدم في الساحة الثقافية العربية و غير العربية.

في ظل متغيرات الإبداع، التي تفرضها الظروف السياسية و الإجتماعية الجديدة، في بلاد فلسطين، استطاع الروائيون السابقون، أن يدشنوا الدخول الثقافي و الأدبي قبل النكبة والتهجير. وكان في مقدمتهم اسكندر خوري و نجاتي صدقي و صاحب رواية"الوارث"خليل بيدس وغيرهم كثير. غير أن الذين أرسوا دعائم الرواية الفلسطينية بشكل رسمي، وخاضع لمعايير فنية شائقة، وجعلوا لها وجودا في الساحة العربية و الدولية نجد كل من غسان كنفاني و جبرا إبراهيم جبرا وأخيرا إميل حبيبي.

إن الحديث عن الرواية الفلسطينية، التي تلهج و تدافع عن حق الحلم والانتماء، لا يستقيم عوده إلا بذكر هذا الثالوث، الذي كان ينظر إلى الوجود و الكون نظرة تدافع عن الهوية الفلسطينية، وتذود عن العودة إلى الديار كحق من حقوق الإنسان، تضمنه المواثيق والمنتظمات الدولية. ففي إبداعات غسان كنفاني، التي تستند إلى قوة الفكرة و الموقف، يرصد أهم التغيرات و الإبدالات التي مر منها الإنسان الفلسطيني بعد إعلان عن دولة عبرية في قلب الأمة العربية، بل يصور شخصياته من واقع الانسان العربي المهزوم. فرواية"رجال في الشمس"لغسان كنفاني، رسم فيها واقع الإنسان الفلسطيني من خلال استئصاله من أرضه، و تهجيره بواسطة عصابات مدربة على ذلك، تشبه إلى حد ما فعلته النازية في أوروبا؛ إبان الحرب العالمية الثانية. فضلا عن ذلك، استطاع أن يرفع القضية الفلسطينية إلى مصاف القضايا الإنسانية. لتبقى عبارة"لماذا لم تدقوا جدران الخزان ؟"على لسان أبي الخيزران، جاثمة على كل الصدور والضمائر الحية. إن غسان كنفاني استطاع أن يجعل من الكلم سلاحا مزعجا، يؤرق بها الأعداء، علاوة على ارتباطه الجامد بالوطن ؛ فلسطين. ففي باقي أعماله الرائدة الأخرى؛"ما تبقى لكم"و"برقوق نيسان"انتقل فيهما من الحكي إلى الفعل الحقيقي والمواجهة الموت بصدر عار، لا يخشى المنايا التي لا تطيش سهامها. فهو كفاح بالقلم، جعل من أرض فلسطين بؤرة الصراع التاريخي ؛ بؤرة تتقاتل و تتصارع فيها الأديان السماوية. فهي لم تعد مجرد حفنة من تراب فحسب، وإنما هي دم و روح وجسد ينبغي أن يخضع لعملية التطهير و الطهارة من كل الشوائب التي علقت به جراء التهجير القسري الذي تعرض له فلسطينيو ثمانية وأربعين، الذين اعتبروا بمثابة حجر الزاوية في أي حل مرتقب لهذا الصراع الحضاري. لقد استطاع غسان أن يتفرد في إبداعاته ؛"عائد إلى حيفا"و"أم سعد"كي يرسم معالم الإنسان الفلسطيني، و يرسخه بشكل مطلق في الوجدان البشري. يقول غسان في روايته"عائد إلى حيفا":

"وضع إصبعه على الجرس، وهو يقول بصوت خافت لصفية:

ـ غيروا الجرس.
ـ وسكت قليلا ثم تابع:
ـ و الإسم طبعا...".

إن الرمزية، عند غسان كنفاني، تتجاوز الجاهز و المألوف، و تضعنا أمام اختيارات صعبة، لا على مستوى الأحداث فقط، وإنما على صعيد الرؤية الفنية التي تسكن الروائي. فبهذا يؤثث فضاءاته الروائية بما يتناسب و الحلمَ الفلسطيني، في تقرير مصيره والعودة إلى الديار. وتبعا لذلك، يجعلنا نطل على عالمه الروائي من شرفات متعددة؛ نتذوق معه لحظات التأمل في الطريقة التي يعرض، بفنية رائعة هموم و انشغالات الشعب الفلسطيني. علاوة على ذلك، فالعائد إلى حيفا، حسب غسان، هو نفسه العائد إلى عكا ويافا و نابلس و بيسان وطولكرم و جنين و نهاريا و الطنطورية وغيرهم من المدن الفلسطينية سواء منها السليبة أو غير الأسيرة.

يطفح أدب غسان كنفاني بالمواقف السياسية المعروفة، فهو لم يعد عنده الأدب مجرد رسم الحدود و القبـْع و الانزواء وراء ابتكار الصور الخيالية و الاستعارية، وإنما هو نشاط يتجاوز به كل المساحات التي يمكن أن يتحرك فيها المثقف العضوي حسب أنطونيو غرامشي. فلا نستطيع أن نفصل بين غسان الروائي و الآخر القصاص و المناضل السياسي و الصحفي ؛ لذلك أصبح رقما صعبا، بل هدفا استراتيجيا لقوات الاحتلال، في إخماد هذا الصوت المزعج الصاعد من عكا ؛ هذه أياد آثمة كانت تسرق القمر، اختارت مرة أخرى، تفخيخ و تفجير سيارة غسان أمام أنظار زوجته و ابنته، تاركا قلمه وأغراضه على مكتبه بالبيت... ورحل بابا بعيدا... بين الغيمات كما قالت ابنته لحظة التفجير.

أما جبرا إبراهيم جبرا يظل هرما في بحر الإبداع الفلسطيني، تربع على عرش الرواية الفلسطينية لما يزيد عن أربعة عقود، كتب في مختلف الأجناس الأدبية قبل أن تستقر رؤيته الفنية على جنس الرواية؛ لما توفره له من مساحة أكبر للتفاعل مع القضايا السياسية والإجتماعية. للسفر و الترحال، بين مختلف العواصم العربية و غير العربية، دور أساسي في إغناء تجربته الروائية. فضلا عن تجربة في الإبداع دامت قبل السقطة و بعدها، فكانت التيمات الروائية التي تناولها جبرا إبراهيم جبرا في مختلف رواياته بدءا من"صراخ في ليل طويل"مرورا ب"صيادون في شارع ضيق"إلى حدود"البحث عن وليد مسعود"يجعل القضية الفلسطينية في الجوهر، بل في قلب الحدث الروائي، ساعيا في ذلك إلى التعريف بها في مختلف المنابر الإعلامية العربية و غير العربية. إن جبرا إبراهيم جبرا من رعيل المثقفين الفلسطينيين، الذين يؤمنون بالتغيير عن طريق القوة الإبداعية و الثقافية، التي تسعى جاهدة إلى تحقيق الحلم، الذي لا طالما راود كل المثقفين، الذين يحملون معهم هموم الوطن الأسير. وفي هذا المقام ينضاف جبرا إبراهيم جبرا إلى قائمة الروائيين العالميين الذين يولون اهتماما كبيرا إلى شخصيات الرواية أمثال؛ إميل زولا و غي موبسان وبروست، بما هي الوسيلة التي تعبر عن الرؤى الفنية والدواخل. ففي رواية"البحث عن وليد مسعود"تتحول الشخصية الرئيسة، في النص الروائي، إلى الضمير الفلسطيني، بل إلى الضمير العربي و الإنساني، المغيب عن ساحة هذا الصراع غير المتكافئ ضد قوى الاحتلال. فمهما كان الاهتمام المتزايد بالشخصيات الروائية، حسب جبرا إبراهيم جبرا، فإنه يقع اختياره، دائما، على الشخصية النامية. بما هي تنمو وفق الحلم و الشعور والإحساس بالزمن و بالمكان أيضا، خصوصا إذا كان الروائي يتقن الصناعة و الدُّربة، التي تبني الحدث بمعاييرَ جد فنية. وعلى هذا الأساس، تصبح البوليفونية تتعدى الأصوات التي تتردد صداها، وتزمجر من داخل العمل الروائي ؛ لتشمل الشخصيات النامية في نسيج ضام لعُرى العمل الإبداعي. وبشهادة كبار النقاد و المتتبعين للشأن الثقافي العربي، تعد رواية"البحث عن وليد مسعود"اختزالا لحياة جبرا إبراهيم جبرا، وبهذا المعطى يمكن اعتبارها، أيضا، سيرة الكاتب في مرحلة عمرية محددة.

أما الروائي"إميل حبيبي"ينتهج أسلوبا متفردا في الرواية الفلسطينية و العربية، فكان في جل إبداعاته، لصيقا بالظروف السياسية، التي أفرزت عالمين غير متكافئين. وبهذه الخصوصية، يكون أميل حبيبي قد دشن عهدا جديدا مع الإبداع الفلسطيني، من خلال أهم رواياته الذائعة الصيت. علاوة على ذلك، فإميل شديد الارتباط بعوالم الشرق الساحرة ؛ بدءا بمقامات بديع الزمان الهمداني، وصولا إلى عوالم الحريري الفاتنة ؛ قرنان من الزمن عاشهما إميل حبيبي لحظة بلحظة، فضلا على عشقه الأزلي الدفين لكتب السير و التاريخ و الفلسفة. وبهذا، يظل الإبداع عند حبيبي مطرزا بقيم معرفية متعددة المشارب والمناهل. ففي رواية"سرايا بنت الغول"ابتكر إميل خطابا روائيا هجينا، يمزج فيه الخيال بالأسطورة، مادامت هذه الأخيرة تعد الحجر الزاوية في بنية العقل العربي. و مهما اختلفنا حول مسار الروائي الفلسطيني إميل حبيبي، إلا أنه يظل واجهة ثقافية يقام لها ويقعد. ولا ننسى ما فعلته، أيضا، الأديبة و الروائية المصرية رضوى عاشور في روايتها"الطنطورية"، حيث استطاعت أن ترسم ببهاء و حنية حياة الفلسطينيين، الذين هُجِّروا قسرا من قراهم، في هذا العمل الروائي الرائد. وذلك عن طريق خلق صور تبقى خالدة في الذاكرة، تقول:"غريب.كل امرأة شجرة.أقصد كل امرأة ولها شجرة. هناك. ليمونة أم سمير. برتقالة أم إلياس. خروبة أم هنية. لوزة أم العبد. نخلة أم الناهض. توتة أم محمد تينة أم صباح..."مثلها مثل عندما تحتفظ النساء الطنطوريات في جيدهن بمفاتيح منازلهن، كحلم العودة إليها بعد التهجير. تقول رضوى عاشور"مدت أم إبراهيم يدها في صدرها، وأرتني المفتاح المعلق في حبل حول رقبتها. قالت: مفتاح دارنا. لا حقا سوف أعرف أن أغلب نساء المخيم يحملن مفاتيح دورهن تماما كما كانت تفعل أمي. البعض كان يريه لي، وهو يحكي عن القرية التي جاء منها. وأحيانا كنت ألمح طرف الحبل الذي يحيط بالرقبة و إن لم أر المفتاح. وأحيانا لا ألمحه، ولا تشير إليه السيدة، ولكنني أعرف أنه هناك، تحت الثوب."

بهذه الصور السردية، يكون الأدب الفلسطيني، قد حفر أخاديد في الوجدان العربي، ونحت على صخرة الشهداء بأظافر الأدباء و الشعراء و المفكرين. فما كان لهؤلاء إلا أن يرسموا سمتا نحو المقاومة بالقلم و المواقف الإنسانية، التي لا تنحاز إلى الفئوية والطائفية، وإنما تدافع عن قيم العدالة و الحرية و نبذ العنف ؛ لأنه بقدر ما يكون البيت متراص الأركان والدعامات، بقدر ما يتنفس فجرا جديدا آت من وراء غيمات ندية. تماهيا مع خالدة ميخائيل نعيمة البسكنتي

سقف بيتي حديد
ركن بيتي حجر
فاعصفي يا رياح
وانتحب يا شجر
و اسبحي يا غيوم
و اهطلي بالمطر

وبانتظار سوبرمانات التغيير، حسب تعبير أدونيس؛ أطفال الحجارة. وعلى ضوء ذلك، نكون على أهبة زمن جميل آت، نحس به يدب دبيب النمل في الشعور والإحساس، فيكبر و يكبر... ريتما يشتد عوده؛ فيدوي كالرعد أيام الشتاء.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى