الشاعر سليمان السلمان لـ ديوان العرب
نذرت نفسي للدفاع عن حق الفقراء في الحياة
* ولد الشاعر السلمان السلمان في فلسطين وعاد إلى وطنه سورية بعد النكبة.
*حاصل على إجازة جامعية في اللغة العربية من جامعة دمشق سنة 1969
* هو عضو اتحاد الكتاب العرب- جمعية الشعر.
*له أكثر من عشرة دواوين منها: «جزر النار» -«أعلم أني أحترق» -«نزف على حروف الصمت» -«جراح المسرات» -«في أرق الكلمات» -«حين اتكأت على دمي» -«أطلق تراب الروح -حنان الخزامى»
*شارك في العديد من الأمسيات والمهرجانات ويمتاز شعره بالنزعة الوطنية والاجتماعية الإنسانية.
شاعر من حوران، عرف بموهبته المتأصلة، وثقافته المتنوعة، اتخذ من الشعر جسراً للعبور إلى قلوب القراء، معبراً من خلاله عن هموم هذا الوطن، والإنسان، لم تتخل قصيدته عن الموسيقا العذبة الَّتي تنساب بين بحور الشعر رقراقة.
الشاعر سلمان تحدث عن نفسه بالقول: أنا أحد الشعراء الذين نذروا أنفسهم للدفاع عن حق الفقراء في الحياة، والتعبير عن إنسانية الإنسان، في زمنٍ يستهلك فيه كل موقف وطني شريف، في دنيا تحاول أن تسيطر فيها الإمبريالية على مقدرات الشعوب، فتترك صدىً موجعاً على أبناء طبقتي الفقيرة، في العالم العربي، وأنا المناضل والمدافع عن الحق الفلسطيني أيضاً، فأنا شاعرٌ سوري ولدت في مدينة يافا، ثم عدت إلى قريتي خبب في حوران.. وأنا الآن عضو مجلس اتحاد الكتاب العرب في سورية، لي ما يقارب ثلاثة عشر ديواناً منشوراً، وفي جعبتي، أكثر من خمسين ديواناً مخطوطاً تنتظر طريقها للنشر..
عرفت بجمالية الإلقاء، وأنا على منابر سورية منذ عام 1970، فما من مدينة في هذا الوطن إلاَّ وقدمت فيها أمسيات وكان صداها كبيراً، وعرفتُ أيضاً بمواقفي الشجاعة في الدفاع عن الحق الإنساني، في السعادة والعيش الكريم، لذلك جعلني الإعلام على هامش الذكر بين شعراء السبعينيات.
*متى بدأت براعم الموهبة في التفتح لديك؟
بدأتُ في صفوف الإعدادية، وكنتُ أُتقن الكتابة على بحور الشعر منذ كنتُ في الصف السابع الإعدادي، وأتذكر أن الأستاذ يوسف صيداوي، الَّذي علَّم في قريتنا، كان يقول من أين تأتي بالكلام يابن (13) سنة.؟!..
*من كان المشجع الأول؟
كان والدي محباً للقراءة والمطالعة وهو مثقف يحب الاشتراكية فورثتُ أفكاره الَّتي تدعو إلى المساواة والعدالة، ففي الخمسينيات كان يدخل بيتنا ثلاثة صحف سورية إضافة إلى النشرات السياسية وكان أقرباؤنا وفلاحو القرية، يقولون: انظر إلى أبي سليمان خبز لا يوجد وجرايد في، وهذا حقيقة..
*أين درست الجامعة؟
درستُ حتى الثانوية في قريتي ذات الثقافة العالية، تعدُّ خبب بمثقفيها من علَّم أكثر القرى في حوران، كان يخرجُ من قريتنا مئة وخمسين معلم ومعلمة، للتدريس في مدارس محافظتنا، ثم نلت شهادة التعليم الابتدائي (الصف الخاص) 1964 وتابعتُ دراستي الجامعية فنلت شهادة (إجازة في اللغة العربية) عام 1969. وتابعتُ التدريس في مدارس وكالة الغوث.
"جزر النار" كان باكورة أعمالك.. حدثنا عنه؟
ديواني الأول بعنوان: "جزر النار". وتلاه ديوان آخر: عنوانه: (أعلم أنني أحترق)، فأنا أملك قاموساً شعرياً بين النار والدم، لأن حالة شعبنا في سورية وفلسطين صورةً عن العذاب الإنساني في النضال لأجل الحياة الكريمة والحق المغتصب الَّذي يعتبره الشاعر حقه..
*في أي سنة انتسبت إلى اتحاد الكتاب العرب؟
تم قبولي في اتحاد الكتاب العرب بعد الرفض مرتين، لأسباب أظنها غير مجهولة، وفي المرة الثالثة، قام بتزكيتي الشاعران: شوقي بغدادي، وسليمان العيسى، وكان سليمان العيسى، يقول: سليمان السلمان شاعرٌ أرى فيه شبابي. وقد تم قبولي بعد أن دافع عني الشاعر سليمان العيسى دفاعاً مستميتاً وقوياً، وقد كان يقول عني: (حامل الدنيا على ظهره). وتم ذلك في عام 1989.
وكان يحفظ لي بيتين من الشعر هما:
على ظهري سأحمل هذه الدنيا
على ظهري
ولا أدري أأبقى حاملاً دنياي
لا أدري..
*من المعروف عنك أنك التزمت بكتابة شعر التفعيلة هل ترى التفعيلة كشعر متناسبة مع العصر الحديث؟
شعر التفعيلة هو شعر هذا العصر، وهي قادرة أن تصل مع الشاعر الفحل إلى كل جوانب الحياة مهما تنوعت، وأنا أقول جملةً هامةً إذا ضاق بك الوزن، فانثر شعرك وأظنه لا يضيق. ويستطيع الشاعر النحرير أن يبتدع من عروض الخليل متوالية هندسية قائمة في أساسها على عروض الخليل فيخترع عروضاً جديدةً وأوزاناً متنوعةً وقد مت بتطيق ذلك في كثير من قصائدي.
*أين القضية الفلسطينية في شعرك؟ هل أوليتها الاهتمام الأول؟
ولدتُ في يافا وأنا مفطوم على البرتقال، منذ أن كان عمري سبعة أشهر، وانتقلنا مهجرين إلى وطننا الأساسي سورية، بأجسادنا وبدأنا الحياة من جديد فقراءَ تمرُّ علينا بعض الأيام بلا طعام، لهذا قررتُ ألاّ أنسى طبقتي مهما كانت الأمور صعبةً في التعبير عنها، لأن من تكلم عن الفقراء أصبح عدواً للأغنياء الذين يسيطرون على كثير من حكومات الدول، ويفعلون فعلهم في الجماهير.أقول:
نحنُ نبني غرف التعذيب حتى تحتوينا
وقصور الأغنياء تجحظ الأعين فينا
ولأنّا نرفع الأيدي ونشدو بالغناء
فجميع الفقراء
وجميع الغرباء
صوتهم جزر ومدُّ
كلُّ عصرٍ له حدُّ..
يا بني الجوع استعدو....
*كيف ترى المشهد الشعري الحالي في سورية قبل الأزمة، و بعد الأزمة؟
قبل الأزمة:
كل ما قلته تعبيراً سابقاً حاضراً في قصائدي، وفي الأزمة وقفتُ إلى جابن الشرفاء المدافعين عن حرية سورية وسيادتها وسيادة قرارها ضد أمريكا، ومن قصائدي المشهورة: (ملعون من لا يلعن أمريكا..، أتحاسبُ سوريا يا بوش).. وقصائد أخرى
في الأزمة:
وقفتُ مؤبناً راثياً ستة عشر شهيداً في قريتنا، وهم جنود وضباط في جيش سورية الأبي، وأنا أرى الوطن أولاً في الحفاظ على كرامته وسيادته ثم النضال إلى جانب فقرائه للعيش الكريم وأطالب سيادة القانون وتنفيذه بشكل صحيح على كل فاسد مضر بمصلحة الجماهير.
*في ظل ضعف الاهتمام بالثقافة والأدب ومحاولة إرهاق الشعر والفنون الأدبية وإغراقهما بالرمز والغموض، هناك من ينحت في الصخر لإنتاج حالة ثقافية أدبية متميزة، ينساب شعر سليمان السلمان رقراقاً كجدول سلس، كيف تقيم تجربتك في الكتابة الشعرية متحرراً من قيود البحور الخليلية، وتبسيط الشعر ليصل إلى أكبر شريحة ممكنة؟...
من أراد الكتابة للجماهير يجب أن يفهم روحهم، وقدرتهم على الاستيعاب وأن يأخذ بيدهم صعوداً إلى الفن الأصيل، وهذا يجعل الشعر السياسي قريب المأخذ واضح الصورة، رائع الفكرة، ثائر الاتجاه. وأظنني لخصتُ كل ذلك في قولي: (إن لم يفهم الفقير ما أقول،
لاشكَّ أنني شاعرٌ مقتول)
* ماهو أجمل بيت هجاء قلته؟
عندما زار السادات القدس كتبتُ قصائدَ ضدَّ الموقف التطبيعي القذر، عبرت في إحدى القصائد ملخصاً مواقف الحكام ضد الجماهير في سبيل خدمة الصهيونية والاستعمار في قولي لهم:
(وبدلتم فحولتنا خصاءً
وخيلُ المجد هجنها الحمار)...
*مارأيك بمواقف بعض الدول الراكضة للتطبيع مع العدو الصهيوني؟
الموقف الشريف لا يخفى، أما المواقف الهزيلة فتمرُّ في أحضان السارقين لسلطة الأوطان خشيةَ أن يعرف الناس مواقفهم الهزيلة الخاضعة لإرادة الصهاينة ومعلمهم الكبير اللوبي الصهيوني الأمريكي وفروعه في الدول الرأسمالية.
علماً أنني أرى أن الشعب الأمريكي لا يمكن أن يكون موافقاً على قهر الشعوب الأخرى، ولكن هناك مقولة تقول:
إنَّ شعباً يستعبدُّ شعوباً أخرى
لا يمكن أن يكونَ حراً)..
*هل استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي خلق شعراء حقيقيين؟
وسائل التواصل الاجتماعي قاصرة جداً عن بلوغ مراد الشعراء لأن القصائد في حجمها المتكامل يضيق بها هذا المكان. والشاعرُ في أمسياته وصلاته بالناس يختلف عن صلاة بعض المثقفين أو أنصافهم الذين يرون أنفسهم قد كبروا في مهازل من القول قد لا تقنع الكثيرين ولكن مع ذلك يجعل بعض الأسماء تكبرُ وهي على آسن المواقع، وهو مالا يحققه التواصل الَّذي يريدونه، وخصوصاً إذا نظرنا إلى جوائز هزيلة تصل لقوم يخطئون حتى في الإملاء فالشعراء الكبار أكبر من هذه الوسائل، فالوسائل تركض خلف أحذيتهم..
هل أنصفك النقد؟
إذا اشتكى الشاعر من الإهمال، يتهمونه بأنَّه قاصر مع العلم أنَّ القاصر عنه هي وسائل الإعلام ذاتها، لأنها تدور في فلك محدود، في خدمة سلطات لا تريد للشعر الصحيح الصادق المنفعل مع الناس المعبر عن احتياجاتهم، وكلنا يرى ويقدر، ولكن بحدود معرفته وإذا علمنا أنَّ النقد العربي قاصر عن كثير من الأسماء الَّتي تريد لها الحكومات أن تبقى في الظل، لأنَّ وجوده في الظل وليس في دائرة الضوء. لهذا فإنهم يخدمون أسماءً وشللاً ويعتبرونهم الطبقة الأولى بينما الآخرون وقد يكونون الأهم ليسوا في دائرة الضوء..
* ما هي أهم الهموم الَّتي تعاني منها؟
ما كتبته على الورق، ولا يرى النور، وخصوصاً إذا كان كماً كبيراً يقارب خمسين ديواناً مخطوطاً،
*ماهي النصيحة الَّتي تقدمها للشعراء الشباب؟
ألاَّ يتسارعوا نحو الشهرة، وهي نصيحة كسبتها من الكاتب الروسي مكسيم غوركي، لأنَّ في ذلك انتفاخٌ للذات، يضرُّ في نفسيته، والتواضع ابن الطريق إلى النجاح. وأن تكون القراءات جيدة، وقراءة الفلسفة ذات المحتوى الاجتماعي الصادق، سبيلهم إلى تحديد مواقعهم في مجتمعٍ يتمنى التهويم والسير في الفراغ، ليظلَّ نهب الناهبين قائماً وتنعدم العدالة.