الخميس ٥ حزيران (يونيو) ٢٠٢٥
بقلم علاء سامي

اِستقلالُ الوَعي قُربَان لمأساةِ الوُجود

رغم أنه باعتكافٍ طويل مُتوحّدًا بمَخدع عقله.. بِالكَاد يعترف أنه شِبه حَيّ أو حتى يُعاين تجربة ما لمعنى الحياة! يتحدى الفيلسوف ذاته وكأنه سَيّد وَعيه؛ يعتقد حقًا سُلطانه على «الوَعي» ويجزم يقينًا أن لا ضرورة إلا بالفِكر، ولا قُدرة إلا بالمعرفة.

يعزم أن لا يُدرك سوى ما يريد حقًا إدراكه، ولكن! كيف وما يريد هو اليقين! وحوله أولاد إنسان؛ تمامًا كأبيهم فاقدين طوعًا لجوهر ذاتهم وشخصهم، ولُبّ المعرفة. مُنقادين بمعرفة هشّة عابرة مُميتة.

يُقدِّم سنين عُمره والكثير تضحية على مَذابح المعرفة، الدِراية، العِلم والفَهم والفِقه.. لاِستقلال وَعيه طالبًا.. وما تضحيته إلا قُربَان لمأساة الوُجود.

يعهد حُرّية الاختيار في لحظات خارج الزمان يعتبرها؛ نِداء أزلي لتلبية المعرفة ومرآة نفسه الشاهد الوحيد في تجلّياته، وفجوة العَدَم خصمه، يسأل ذاته عن وصفها! أحقًا «جَوهر بَاق.» و«تخلقي أفعالك.» أم بين المَاهية والوُجود تعريفك.

يطوف في فَلِك لا يملكه؛ كما سؤال الرُوح تشتَد تساؤلاته في باطن الأسباب، لعلّ الصِراع بينه وبين ذاته وليس العالم! لعلّ الخِلاف لم ينشأ إلا بإرادته! أو يكون حتى راهِبًا مُتمرّدًا في حضرة وَعيه، تراوده مخاوف النسيان والانتهاء؛ مخاوف ماضٍ لا رجعة فيه أو فرصة أخرى لاستبيان الأسفار، فآخر المطاف نِهاية تَليها البِداية، والخَلاص هُو المُبتغى والنجاة.

يرفض إقصاء كيان البصيرة والرؤى.. فلا حقيقة إن لم توجد الذَات، لا يقبل التنازل عن الفِكر.. فلا رأي إن لم يوجد المَنبع،كما لا حَياة إن لم يوجد مُعطيها. يأمل حُرّية مُطلَقة، لا يشوبها شَك أو يتخلّلها معصية.. يأمل السَلام، والحُب والحَياة.

تدريجيًا في مُعاينة مُعطيات الواقع والتفكّر؛ يستنبط صخب العبثية في الوَعي الجمعي والسلوك الإنساني، وبغير إدراك أو به.. يهجر الضجيج وعالم البشر، ولا يُبالي استهلاك الحياة الآدمية. وبجانب صراعات الذات، يُصارع الدنيا أملًا في ملاذٍ آمن لعقله وفِكره، يحاول قدر استطاعته أن لا يرضخ لتيار يستنكره أو مسار يناهضه. أو منهجًا وهميًا لحياة أرض لا يشتهيها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى