الأحد ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
بقلم أشرف بيدس

بيت لحم

الليلة شديدة البرودة. يصفر الريح في نوافذي وفي أيامي الفائتة. يوقظ الذكريات ويقلق نومها ويحركها. يداعبها.. يدغدغها.. يشطرها نصفين، ويفتش داخلي عن أسراري الخافية. يعيد عبق الماضي وآلامه، يتكاثر الثلج الأبيض ويحتل الأركان والزوايا. يتراكم فوق الأرصفة الساكنة، ويبدو الإسفلت المبلل المضيء في العتمة وكأنه قطع من الماس غسلتها الأمطار. أتذكر تلك الليلة. ليلة عيد الميلاد. حينما كنا نتصعلك أنا وأنت في شوارع "بيت لحم" العتيقة.

عندما تقترب ليلة عيد الميلاد، تقترب معها أوجاعي المخبأة في صدري. وتقفز الصور والأحداث أمام عيني. تروي ما حدث من جديد في الليلة الأخيرة للقائنا الأخير.

بدا كأنه يوم عادي. تجولنا بالصباح في "رام الله" واشترينا معطفين أحمرين، وبعضا من الزهور، وقصدنا مكانا نائيا علي مشارف مدينة "البيرة" نحتسي فيه القهوة، ثم عرجنا إلى صديقتنا. قدمنا لها الزهور وتناولنا الغداء معها، ثم انصرفنا إلى "بيت لحم" للاحتفال بليلة الميلاد هناك تلبية لدعوة صديق آخر، لم نعبأ كثيرا بسوء حالة الجو، قطعنا الشوارع الجانبية، حتى استقلينا سيارة. وعندما وصلنا، تجولنا في الشوارع الخالية، تكلمنا.. ضحكنا.. بكينا.. جرينا.. غنينا.. ورقصنا كثيرا علي أنغام السكون ودقات قلوبنا. اختزلنا العمر كله في تلك الساعات، لم تكن هناك عيون تراقبنا، أو أذان تسمعنا، أو أنفاس تلاحقنا، لم يكن في الشارع غيرنا، فقضينا ليلتنا، أرهقنا الكلام ولم يرهقنا، انتصف الليل علينا وأسدل ستره وطمأنينته ولفنا بدفء مشاعرنا. فنسينا الصديق ونسينا المكان والزمان. ولم نتذكر شيئا من الدنيا في تلك الليلة الباردة التي لم تهدأ فيها دقات قلوبنا.


مشاركة منتدى

  • أكتب هذه الأبيات من الحقيقة من قصص الكثير من المتغربين خارج الوطن
    أ.أبوكمال الدالاتي
    سوريا يا شعباً حراً*
    كم ثار وكم صنع الفجرا
    سوريا للكل ستبقى *
    تعطي الحب وتهدي العطرا
    الإعصار سيرحل عنها *
    وسترجع جناتٍ خضرا
    *********************************
    تغربنا ولكن مانسينا *
    ولن ننسا هواها ما حيينا
    فحب الشام في الأرواح يسري *
    عبيراً زاكياً صوتاً حنونا
    نحن الى دمشقَ الى حماةٍ*
    الى حلبٍ وحمصٍ والفراتِ
    لبحرِ اللاذقية للحياة *
    هناك فقد تغربنا سنينا
    نحن الى ربوعٍ قد عرفنا *
    بها الدنيا وفيها قد درجنا
    أتذكرنا الملاعب ان رأتنا *
    فإن نسيت فإنا مانسينا
    ترى أيكون في يومٍاايابُ*
    ويلقانا الأحبة والصحاب
    أنرجع أم يطول بنا الغياب *
    أجيبونا فقد ذبنا حنينا
    تغربنا ولكن مانسينا *
    ولن ننسى هواه ماحينا
    فحب الشام في الارواح يسري *
    عبيراً زاكياً صوتاً حنونا
    مهما رحلتُ أنا متغرباً زمنا*
    مهما رأيت آسى في غربتي وهنا
    سأظل يا وطني بالشوق مرتهنا
    ***********
    أشتاقه دهرا أشتاقه سرا *
    أشتاقه طوعا أشتاقه قهرا
    أدعوا له أبدا أرجو له الخيرَ*
    وطني
    أشتاق إخواني أهلي وخلاني*
    وملاعبي فيه فتفيض أشجاني
    قل يا زمان أما من موعدٍ داني*
    وطني
    لاينقضي عجبي مني ومن أربي*
    كم عشتُ في بلدٍ وقرأتُ من أدبي
    وعجزت أن انسى يوماً هوا حمصا وحلبي*
    وطني
    مهما رحلتُ أنا متغرباً زمنا*
    سأظل ُ يا وطني بالشوق مرتهنا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى