بين الماضي والمستقبل
قدرنا ان نتقلب على جنوبنا من فينة لاخرى بين رقع الحياة، قدرنا ان تجول بنا اعاصير الدنيا من عالم الى عوالم، من ربح الى خسارة، قدرنا لعبة روليت ونرد في عالم من القمار، قدرنا بحر لا يسكن موجه ولا تهدئ عواصفه، يوجه شراع حياتنا بسرعة برقه، حاضر ثم ماضي ثم مستقبل، والحاضر يسبق الماضي بالطبع، نكون فاهمين لبعض الامور فنعرف مستقبلا ان لم نكن الا واهمين لحقيقتها، نكون ممتلئين غبطة مدعيين بفخر ان لنا في الدنيا جواهر كثيرة مما لا يذهب بريقها ولا تفنى قيمتها، فنعرف ان غبطتنا مرجعها سذاجتنا وان جواهرنا صخور بريقها التراب وقيمتها اللاشيء، الحاضر يزيل لثام الماضي ويكشف عورة عيوبه، فمنا من ماضيه ماس يزين هندام حاضره، ومنا من ماضيه سهام مغروزة في جسده تسيئ لواقعه،
ما الذي بقي لنا من الامس ؟؟ ملئنا ماضينا بالاحداث، ففيها المسرات والاحزان، الافراح والاوجاع، وجوه ووجوه، وجوه غاب عنا شكلها فور حجب العين عن رئياها، فهي ميتة في العين قبل ان تولد في الذاكرة، ووجوه ارتبط شكلها بحياتنا فهي مرافقة لنا في الماضي والحاضر، احيت فينا شيئا او قتلت فينا اخر، بنت لنفسها عشا او بيتا او قصرا في ذاكرتنا، وابت الموت رغم محاولاتنا قتلها، لو يعود هؤلاء سواءا الخبان منهم او الخلان، فنغير ما يمكن تغييره في علاقتنا بهم، انى لنا هذا
ما الذي بقي لنا من الماضي؟؟ اخترنا لنفوسنا دروبا خاصة، تتوافق مع ما تمليه علينا توجهاتنا، فمنا من سلك درب الاله، فتدين واخذ بمناسك دينه، طبق فرائضه وتجنب محرماته، احب الله ام لا، لا يهم، فكانت حياته حياة تختلف عن ذاك الذي سبر اغوار الميتافيزيقيا، او ذاك الذي استنشق انفلونزا السياسة، ومنا من ضرب كفا بكف ونهى عقله عن التيه في دواوين الدين والميتافيزيقا والسياسة، وقال نفسي نفسي، لا حقيقة الا ما فطرنا عليها ابائنا. هؤلاء نحن, لو رجعنا الى الامس، فنسلك دربا غير تلك الدرب، لان الحاضر قد فضح سذاجة عقولنا وعلمنا ان العلم التابت غير موجود وانما هو وهم من اوهام العقول، وان النسبية حاضرة تفرض وجودها ابد الدهر، فلا مكان لك ايها المطلق المستبد،
ما الذي بقي لنا من الماضي؟؟ وضعتنا الحياة في خصاص باب قصر يفصل بين داخله المليء جنانا وخارجه المليئ قحالا, ولم نكن نعلم اين الداخل من الخارج، وبين ايدينا مسلكين، قرارين، فمنا من فكر وحلل واستنتج فكانت الجنان نصيبه، ومنا من نفض يديه عن الامر وتركه للحظ، فعاش بعدها في قحال الحياة، متل خصاص الباب كمثل مشاكل الحياة، مواقف نصطدم بها، فيكون القرار بين ايدينا، كل يقرر، هذا يعلم ان الزمان لا يرجع للوراء فيعطي للامر مكانته من الجد والفكر، وياخد قرارا مبنيا على استنتاجات وقناعات، وذاك يبغض الحياة نصيبها من الجد فيسلك الطريق الاخر، اختيار مبني على السذاجة واللامبالاة، لن نقول ياريت الزمان يعود فنختار غير ما اخترنا، ولكن القول، يا ريت المستقبل ياتي فنسلك دروبه بقرارات تاخد بعين الاعتبار ما تعلمناه من الماضي.