الجمعة ٣ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٠
قرأت لكم
بقلم عبد القادر محمد الأحمر

تمثال لامرأه عارية

وأنا أتصفح بعض ملفاتي القديمة وقعت عيني على هذا المقال للأخ سامر اسماعيل الذي كتب يقول:
(.. غمرتني المفاجأه عندما تركه أحد الفنانين، وسافر الى بلد آخر لكن هذا التمثال بحث عن عيونا تصغى اليه، تلبسه، تراه فهو تمثال لإمرأه عارية، ذلك ما دفعني لأضع غطاء قماشي ملونا وزنرته ببعض الحبال، وما حدث معي غير ذلك تماما فما إن تلمح عيون الزائر التمثال حتى يركض فضولها نحوه، وحالما يعرف هذا الزائر ما تحت القماش حتى يعريه بعينيه.
وشيئا فشيئا أصبح هذا التمثال جزءاً من فراغ الصالون وقد اعتدت على إقامته في منزلي وكثيرا ما كنت امضي قربه وخاصة في الليل، حيث ركن في الزاوية، مع بعض الإضاءة الخفيفة التي تنساب عليه من جهة ما..... ربما هذا ما جعلني أخلع القماش عنه وكأن سحرا ما ينبعث تحت القماش.

أمر بيدي عليه أتلمس الجسد البارد، لقد أصبح يشاركني وحدتي..
سحبت التمثال، وضعته وسط الصالون، الضوء يرشقه بقوة من الجهة اليمنى، وكأن حواف الجسد المضاء تندمج مع الفراغ، بينما من الجهة الأخرى يحدد الفراغ بقوة تبدو فيه قسوة الخط الغامق النازل من الرأس الى القدم وكأن هذا الجسد الجصي مستقر من جهه ومن الجهه الأخرى متلاش في الفراغ.

وقفت أمامه على بعد معين لأستطيع احتواءه بنظري اقتربت بضع خطوات، لامست الساق صاعداً بيدي حتى الأثداء، مررت بكفي على ظهر الجسد ونازلاً ايضاً باتجاه الساق والأقدام.
كنت أسأل نفسي:
لماذا يرسم الفنانون المرأه؟
هل تؤرخ لذواتنا؟ وهل المرأه العارية عارية فعلا؟ أم نبحث عن شىء من خلالها. حيث كل منطقة في هذا الجسد القابع أمامي له غرض ما، إنه مصنوع بدقة غريبة جداً حتى إذا حاولنا تفكيكه، نشعر بأننا نهدم العالم، وكثيرا ما أتساءل عن معنى الجسد، أهي الغريزة تسكن داخله وهو يكسوها!؟ إنها غامضة صامتة أحيانا وثائرة في أحايين أخرى، اقتربت من التمثال عاينت السرة، لامستها، إنها نقطة أو ربما توقيع، كأن وراءها أسطورة ما، والرقبة أيضا بدونها كأن الرأس سيغرق في الجسد ويموت.

أفكر الآن بالمرأه بشكل غريب، وكأنها تعيد لي أسئلة الكون أنظر إلى أصابع يدي إنها تشبه أصابع المرأه، إذاً ما القوة الدافعة نحو جسدها؟ أدركت وأنا أقف أمام التمثال أن الجسد لايجيبك بقدر ما يسألك، ولكي أغلق حواري مع هذا التمثال وضعت القماش حوله وتركته في مكانه.

كما العادة وحيدا في الليل دخلت إلى المطبخ كي أصنع القهوة وأنا أراقب خطواتي وأصابعي التي تعد القهوة، عدت إلى الصالون حيث أنتظر زائرا سيأتي... ما إن رشف صديقي رشفة قهوة حتى قام وأزاح عن التمثال قماشه ومبدياً إعجابا شديدا به، ملحاً في تركه مكشوفاً للعين، تركت التمثال عارياً بعدما وضعته في زاوية مطلة على أي زائر يدخل المنزل. كنت بدوري أدخل على أفكار الناظر إلى التمثال من خلا ل ردة فعله على وجوده، عندما زارتني أمي، أبدت استياءها، وكل مرة تزورني تبدي الاستياء نفسه الذي تلاشى مع الزمن ليصبح التمثال كأي شيء آخر مألوف بالنسبة لها. كان أحد من استوقفهم التمثال أستاذ جامعي زارني وأمضى عندي بعض الوقت متناولاً غذاءه فقد علق قائلا: إنه لا مبرر لوجود التمثال هنا بل يجب أن يوضع في القبو فهذا أفضل.

أما الزائر الآخر الذي استوقفه التمثال فهو عامل التمديدات الصحية الذي جاء لإصلاح الحمام الذي استنكر الأمر بحديثه المشوب بالدين، ولم ينس طبعا أن يصلي في الغرفة المجاورة للصالون، وبعد أن أنهى عمله وذهب أدركت أنه مشى قرب التمثال مرات عده حيث ترك آثار قدميه المغبّرة.

ثمة انطباعات كثيرة، متفاوتة الفهم، لكن الملاحظة التي لفتت نظري بعد مدة من الزمن أن بعض الأماكن فيه قد تغير لونها من كثرة الملامسة وخاصة المناطق المحظورة في الجسد وهذا ما دفعني للعمل بنصيحة صديقي أستاذ الجامعة وأنزل التمثال إالى القبو.) ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى