تنتظر فريستها
أظنها اللحظة المثالية تماما ، والأكثر روعة لقرمشتك ، وتذويبك ببطء ، بما يتيسر على عظامك الشهية من لحم وغفلة 0أعلم أنك لم تتأهب لمواجهتى، وأعلم أننى لن أستمع لتوسلاتك ، ولن أمنحك نتفة عطف إلا وفق مخطاطاتى وتقلباتى ، أو وفق ما ستبذله لإرضائى 0 ولتعلم أن ثوراتك وفلسفاتك وأوجاعك ورغائبك تحت يدى تارخك كله فى يدى سالما مطمئناً كعصفور مخنوق لتوه ، وأنك خاسر لا محالة لو راهنت على" تكبيرة دماغى "فهذه ميزتى التى - فجأة- حَرمها على الزمن كبز أمى، وأعطانى عوضا عنها حرية اختيار لمثلى الأعلى، فاخترت عزرائيل، وكانت حكمتى الأولى _بعد الفطام -أن "كلمة رطل وعشرة رطل "، ويمكنك أن تستنتج - بقليل من التروى - أننى لم أشق فى العثور عليك لأتلاعب معك بالخدوش، أو لأستعرض لياقتى المضغية ،فقديما كنت أمرر المواضيع كأنها لم تحدث ، وألتمس الأعذار للجميع .أنا الضعيف كبقية الهوام البحرية التافهة والمغلق بكتلة ماء لاتسمح لى لزوجته وكثافته بأى حركة كنت ألتمس الأعذار للجميع، لكنه هذه المرة لم يسلم من حماقته أحدا ،حتى أنت، فى الحقيقة لم يضايقنى أنه اتهمك بالسطحية وبلادة الحس وقلة الصبر، فأنت - كما تلاحظ - لاتمثل لى أدنى أهمية أيضا ولولا أن هذه النقطة حشرية كأنفه لأخبرتك بتصورى عنك صراحة وبمنتهى الحسم ،لكن ماضايقنى هو علو الطيبين منا الدائم فوق سخافاته ،وتقديرهم للظروف التى مر بها قبل أن يصير هكذا ، أما الأشرار من أخوتى فلا يعتقدون أساسا فى كراماته، ويستعيضون به عن القره جوز، ذات يوم لمحة أحدهم هابطا منحدر الجسر المواجه لمنزلنا .والجسر- إذا لم تكن تعلم - مواز لجارنا النهر تماما، وتصادف لحظة أن لمحة هذا الشرير أن أصابعه الشريرة طويلة الأظافر كانت تهبط بكوب أخذت منه آخر رشفة شاى، بعدها كرمش الجلد الشرير حول عينيه الشريرتين لثوان قبل أن تلمعا، فيما كان الأحمق بديناميته المعتادة يقترب أكثر، فأكثر :بكَفيه اللتين تتخطيان - بالتبادل- فى ارتفاعهما قمة رأسه ،وفى انخفاضهما إليتيه، وبراسه التى تنمط للأمام بعد كل خطوة، وترتد مع بداية الخطوة التى تليها0 وكالعادة راودتنى فكرة أن حركة الرأس بالذات هى السر وراء تسميته بأبى قردان ،وقبل أن تلتقط أحدنا رائحة فم أبى قردان الجائع كان ثمة كوب - فوجئت بامتلائه- ينتظر وصوله، فخمنت أن المسافة بينهما بمجرد أن تكون مناسبة سيصبح محتوى الكوب فى اتجاه الوجه القذر، وتخيلت ساعتها أننى سأضحك كثيرا وأنا أقارن بين الصفرة المتساقطة قطرات، والصفرة التى حتما ستضح بعد إذابة جزء من قذاره وجهه ، إلا أن شيئا من تخيلى لم يحدث. وكان أن امتدت يد الشرير بالكوب قائلا:
– لو أنت جدع اشرب الكوباية دى
فتناولها الأحمق بيده وفمه ، ولم ينزلها إلا بعد أن لحسها بلسانه من الداخل، ثم ابتسم ،وتكرع، فضحكنا .وكنت لا أعرف بالتحديد ما إذا كنا نضحك على الابتسامة أم على التكرع لكننى ضحكت والسلام. ومنذ الصباح الذى تلى هذه الواقعة -ولأسابيع- ظل الأحمق يحضر دجاجا ميتا من مزرعة بعيدة ليلقى به فوق سطوحنا .والغريب أننى كلفت بالإجماع -بصفتى أصغر الناضجين وأكبر الصغار- بإنزال هذا الدجاج وإبعاده ،وكانت مسألة الإنزال والإبعاد هذه تضايقنى بشدة ،وتشعرنى أن هذا الوضيع بشعره المترب الذى يعتقد أنه لن ينمو ثانية إذا ما حلقه ،وباعتقاده المترب أن الفحولة الإبداعية حكر على أصحاب موضات بعينها قد تفوق على أنا .تخيل ! والمشكلة الأكبر هى اقتناعى شبه التام بأننى تورطت تخليصا لذنبه ، أعنى يوم أن أحرجته. وأراهن أنك ستشاركنى رأى فى أن مثل هذا الوضيع لا يمكن أن يشعر بالحرج ، وحتى لو لم تشاركنى هذا الرأى فليست هذه هى القضية ،ولكننى متأكد أنك لو كنت مكانى يومها لتصرفت مثلى ، ولن يسعفك الوقت أو الربكة بالتفكير فى خيار ثالث :فإما أن تسلم عليه ،وينتقل إليك الجرب والزوجة الخارجة من دمامل كفه (وأنت تعلم جيدا كم أكره الزوجة) ،وإما أن تبعده بسن قلمك أمام الجميع كى لا يقترب منك أكثر من اللازم ،ثم ألقيت بعد ذلك بقلمى الممتلئة أبنوبته وبشعورى بالضيق فى النيل ،أو هكذا كنت أتصور حتى جاءت مسألة الإنزال والإبعاد هذه لتصحح لى هذا الاعتقاد. قد تكون الآن أقرب ما يمكن إلى فكرة أننى أروج هنا لحساسيتى الشديدة، لكن هذا والله هو ما حدث، وقد تكون متصورا أننى أخطأت عندما حدثتك بوهم أننى سأقرمش الشخص الخطأ ،ولهذا أطمئنك تماما فلست ممن يكتفون بإشارة واحدة من فاعل خير واحد. صحيح أنه -ربما -لا توجد صلة ظاهرية بينك وبينه إلا أن هذا لايعنى أن الصلة منعدمة .صدقنى .إنه ابن جنية فى مثل هذه الأشياء. وللعلم كان أحيانا يجعلك بطلا لنكاته، وكنا نضحك عليك، ونطلب منه المزيد ،بل ويصل بأحدنا الأمر إلى أن يردد نكاته فى مجالس أخرى ،وأحيانا يصب غضبه - بلا أدنى سبب لتغيير الموضوع -على أخى الذى يعتبر أن صيغة الأمر مستفزة لأنها تفترض عجز الأخر، وفى الوقت نفسه تنسى أن العاجز لا يمكن أن يتفاعل ،ثم يحلو لأبى قردان أن يحدث ضجة ليؤكد انتصاره ،فيقلد صوت أخى وحركاته بعد أن يعفر وجهه بالتراب، ويرسم على وجهه ابتسامة طيبة يلتوى لها حاجباه :
– هو سطوحى عيل صغير !!!؟
نعم كنا- ومازلنا- نسميك سطوحى، ولكن حتى أنت يا سطوحى لا أظنك تفترض عجز المخاطب وأنت تدعو ربك بصيغة الأمر .وكنا -ومازلنا- إذا تضايقنا من الأحمق نعطه سيجارة، فيشعلها، ثم ينصر،لكننى لم أره طوال أسابيع الإنزال والإبعاد، رغم أنه لم يقطع زيارتنا ليمتلأ بطعامنا الذى نمنحه عن طيب خاطر له ولشقائق النعمان والأسماك والأعشاب المرجانية، وكان يتصادف فى هذه الزيارات أن أكون مرة نائما، ومرة فى دورة المياه،و مرة مع أصدقائى وراء الجسر، لكننى كنت فى كل المرات أحمل معى سيجارة ،حتى عندما قررت أن أحل مشكلتى بطريقتى الخاصة كنت أيضا أحمل معى سيجارة وعلبة كبريت بها الكثير من الأعواد، وبينى وبين نفسى لم أتجاهل أن هذا الحمل نصر إضافى له، خصوصا فى الأيام الثلاثة الأولى، أما فى اليوم الرابع فقد اكتشفت أنه صيرنى سفرجيا لمجموعة من الكلاب (ألم أقل لك أنه ابن جنيه فى مثل هذه الأشياء؟) وكان الكلب منهم يحمل الدجاجة التى ألقيها له بين فكيه، ويجرى، ورغم وفرة الدجاج كانوا يتقاتلون على الأسبقية ،وعندما أعود فى اليوم التالى لم أكن أجد أثرا للدجاج الفائض، وأجدهم جائعين بانتظارى، وبمرور الأيام أعجبتنى اللعبة، وفكرت أن أوظفها لصالحى .وكانت قد تساقطت على أنباء مسائية أكيدة تقول أنه يتقاضى أجرا من جمعة- صاحب المزرعة- نظير (إبعاده !) للدجاج الميت، وعندما شكوته لجمعة قال:
– آهو كده بياخد منى فلوس، وكده بياخد منى فلوس.
ثم استدار بكرسيه الفخم، ووجهه الأبيض المدبب الذقن لينهض سامقا كشجرة الكافور المنزرعة قبالة بيتنا، فشغلتنى دائرة الضوء الجريئة التى انحطت على قفاه ككف ،وكان يبدو وهو يقلب صفحة وجهه فى أرجاء العالم الذى تحتل خارطته حيزا كهفيا فى الحائط الخلفى لمكتبه أنه لا يبحث عن شئ محدد، أو على الأقل لايبحث عن شئ واحد. وحتى لو كانت مخيلتك شهية كعظامك فلن تتصور أبدا كم كنت سعيدا لأن الدائرة المباركة ثبتت فى مكانها، بل لقد اعتبرت آنذاك أنها العنصر الحقيقى الوحيد فى اللقاء ،وتمنيت لو أنها تثبت للأبد، لكنها ستهبط عندما يقترب بهدوء من خريطته، وستزداد هبوطا عندما سيصعد بضع درجات جرانيتية فى مقدمة الكهف، تاركة فقراته العنقية للظهرية .. فالبطنية… فالقطنية…. وسيردف بصوت كالهمس وهو يلف شاله الأبيض حول رأسه :
– وبعدين لو ما اديتلوش النافق هايعرف العيال بيرموه فين ،وياخده برضه ،وابأى ما كسبتش غير عداوته.
فى الحقيقة حاولت أن أقرمش أكذوبة أن الحاج جمعة يبالى بعداوة شخص أحمق مثل أبى قردان ،لكننى فشلت فى إيجاد دافع محفز ، إضافة إلى أن لفة شاله المتقنة جدا أربكتنى، وجعلتنى أتساءل "من منا الذى عليه أن يبدأ بالكلام ؟" بينما كفاه كانتا تستقران فى ظلام سيالتيه، ودائرة الضوء صارت هى الأخرى- بكامل استدارتها وتوهجها- أكثر التصاقا بجسده .ولأننى الكاره أبدا للصمت، والمضطر تماما لردة فعل تنهدت كالعاجز، وانصرفت ،حتى من دون أن أشكره على حسن الضيافة ،ولا أعرف لماذا كان فى حكم اليقين عندى أنه سيتعمد ألا يشعر بانصرافى. وقرب منصف المنحدر المؤدى إلى بيتنا -حيث التجاور الجائر بين أسفلت الجسر وترابنا -تنبهت إلى أن جمعة لم يفاجأ بتفاصيلى ،فانقبضت (هل ساهم سورا المدرستين عن يمينى وعن شمالى- فى تلك اللحظة- فى تغذية شعورى الثقيل بالانقباض) وسأزداد انقباضا فى مساء ذلك اليوم، وفى ذلك المساء أيضا رأيت الجانب المشرق ،فحمدت الله و " بست وش" يدى وظهرها لأن كل الساردين كانوا يتوقفون عند نقطة رمى الدجاج الميت فوق سطوحنا، بصفة يومية ،ولأن الأحمق- فقط -فى قصتهم كان الوحيد المعلوم، أم نحن فمجاهيل ! أترى كيف تدهور بى الحال لدرجة يسعدنى عندها أن يعتبرنا الناس مجاهيل ؟ وإذا سألتنى لماذا تعاملنا -باستثنائى طبعا- مع هذه المشكلة بتلك اللامبالاة حتما سأخبرك بأن فى الأمر تعقيدات أكبر من أن تستوعبها ،وأكثر من أن أحصيها، وسأعترف -ربما تحقيقا لأمنية ما قبل القرمشة- بأنه دائما ما كانت تضايقنا شراسة الضوء عند سطح الماء فنحتال لنغطس ،وعندما نحتال لنصعد ثانية -بعد أن تقل شدة الضوء- دائما ما كانت تبادرنا شراسة المفترسين أمثاله الذين يسكنون السطح ليلا فنحتاط. ولن يفوتنى بعد هذا الإيضاح أن أوبخك على جشع أمنيتك وسماجتها، وربما أرشدك- إذا كان توبيخى قاسيا -إلى السؤال الذى كان يجب أن تسأله، وهو "لماذا لم أتمرد" ،وبصفتى أن السائل فسأتمرد على السؤال .وسأموت ضحكا إذا خطر ببالك أن لهذا المتشرد بيتا يمكن أن أرمى الدجاج الميت فوق سطوحه :
– أنت ماعرفتش متشردين قبل كده ولا إيه يا افندى ؟
إنهم أناس يتبرزون علانية بجوار أى حائط، ولا يأبه بإشكاليتهم هذه سوى الغرباء، أما العابرون من أهالينا فيسدون أنوفهم بأصابعهم، ويسرعون ،والمحافظون منهم يوجهون عيونهم لاتجاه مضاد، وحينما ينتهى يخرج شخص من أصحاب الحائط المختار حاملا فأسا، أو باحثا عنه، ثم يحفر حفرة عميقة بالقرب من الإشكالية المباركة، ويوارونها التراب، بعض الناس يصبون سولارا زيادة فى الأمان، وبعضهم يشك أن ثمة صلة قرابة تربطه بنا، ودليلهم على ذلك أن بيتنا هو البيت الوحيد الذى يدخله، أنا نفسى لم أتوصل إلى جواب شاف حتى الآن، حتى الملامح جوابها ليس شافيا، لكننى استخلصت بالفهلوة من أحد الأجوبة العبيطة التى وصلتنى تفسيرا منطقيا لحالة الدوران التى تنتاب أبا قردان مرارا ،وأعترف بأن الاندماج الشديد الذى يتعايش به مع هذه الحالة كان يخيفنى من أن تلحق بى كراماته أى أذى،وهذا الخوف هو أحد الأسباب التى جعلتنى لا مباليا كالآخرين طوال الفترة الفائتة ،لكن لامبالاتى لم تكن أبدا مثل لامبالاتهم، فقد كنت أتفحصه بإصرار وحذر، وهو يتسكع طويلا بديناميته المشعشعة فى صالتنا كسمكة سالمون دخلها مرض الدوران ،ويكون منسجما تماما ،ومغمضا تماما ،وتغطى قطرات العرق جبينه تماما، وأكون فى ذروة ترقبى لأن تنفلت من صمته كلمة she ، وكم كنت ساذجا عند ما هيأ لى أنه يأمل أن يجد فى دورانه "هى " المفقودة، وهكذا لطمت الإجابة العبيطة إياها تفتحى لكنها أخبرتنى على الأقل أن بيتنا كان فى الأصل بيتين تفصلهما ساقية ، لم يكن يجرؤ على تشغيلها إلا أبو قردان ،وعندما فسدت الساقية صارت أرضها بابا رئيسيا وصالة وسلما طينيا، واندمج البيتان بعد أن تحولت- فيما تحول- بعض الأبواب شبابيك وبعض الشبابيك أبواب (من كان يتصور على أى حال أن هذا التحول سيؤدى فى النهاية إلى قرمشتك؟) لذا لا تندهش إذا أخبرتك أننى توصلت -بعد التعمق والمفاضلة و" ابصر إيه" -إلى- أنه يدخل بيتنا بقصد استغلالنا ،وأرجو ألا تظن أننى ألمح هنا إلى الاستغلال الغذائى ،فنحن أكرم -باستثنائى طبعا- حتى من أن نسميه استغلالا ولعلك سمعت عنا، أوعلى الأقل عن كبيرنا النجيب الذى لم يسألنى يوما عن أحوالى. ياااااااه. فى الحقيقة نحن أسرة مفككة جدا ،وفضوليون من أصغرنا لأكبرنا ،ونحن أيضا نرجسيون وسفلة ،ونكافح لكى يكون الأخرون عنا انطباعاً حسنا، ومع ذلك فنحن اجتماعيون من الطراز الأول، وهذه هى ميزتنا التى يستغلها فينا هذا الثرثار0 أفهم طبعا أن إطلاق الصفة الخلقية الواحدة على الجماعة دليل على عدم النضج ،وأفهم كذلك أنك لو قاطعتنى لتخبرنى بهذا الرأى فسأعتبرك خائنا لحكايتى، وسأضطر آسفا فى لحظة غضبى هذه إلى تصديق التهم التى ألصقها بك تفهمنى طبعا!؟ وهو فى أغلب الأحيان لا يطلق التهم هباء بل يطلقها بمرراته الشخصانية الطابع0 أذكر مثلا أنه اتهم أخا لى بالوصولية لأنه يبصق اللبان بعد أن يستنفذ سكره ،ولا أنكر أننى أعجبت يومها بمرر اتهامه هذا ،مثلك الآن ربما ،لكننى أعدك أن هذا الإعجاب لن يستمر طويلا ،وسيزول كالخلافات التى يبقيها فترة فى أى مكان يتواجد فيه0 وللعلم هو لا ينظف أسنانه بالمعجون والفرشاة ،ويغار من أشباهه ،بل نادرا ما ان يتفق معهم على مجرد مسمى ،ويتعمد أن يرقع كلامه مع نفسه ،أو مع الآخرين ببعض الكلمات الأجنبية ولا يمرض خالص، أحيانا يدخل مسمار، أو زجاجة، أو ما شابه ذلك فى بطن قدمه فيتوقف، وينثنى مقربا إلى وجهه البطن المصابة، ثم ينزع ذلك الشئ بنتشة واحدة ،ويلقى به بعيدا بعد أن يبصق عليه، ويسب أمه ،ثم يلتفت حوله باحثا عن عصا عريضة، أو ما يحل محلها ليظل يضرب الجرح مرات ومرات يصعب على (أمثالى!) عدها (إلا إذا أخذت الموضوع بصورة أكثر جدية طبعا) وكان بعد هذه الضربات ينتصب متابعا سيره ،بلا أى عرج ،أو تقلصات فى عضلات وجهه ،أما أنا فقد علمنى الألم وفشلى فى توظيف اللعبة لصالحى أن أشنها حربا ضارية ،وعلى هذا الأساس بدأت أتعامل مع السيجارة على أنها إحدى حيل هذه الحرب ،كما أشرت السكوت عن قطع إمداده بالغذاء حرصا على ستر نوا يايى ،وحرصا على إبقائه قريبا من أظافرى ،ثم انطلقت فى محاولة مستميتة للعثور عليك ،جامعا فى طريقى كل ما صادفنى من المسامير وقطع الزجاج المؤهلة لاختراق أسمك نعل ،وها قد وجدتك متسامحا مع من يسبونك كأب مفلس ،ومغتربا عن منبع قواك كلاجئ، ومنطفئا كعصا لا تصلح للتأديب أليس كذلك؟