الأربعاء ٢٨ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٢
بقلم سلوى أبو مدين

حلم اليوتوبيا

اليوتوبيا هاجس قلة من الناس الذين يشغلهم؛ ويبحثون عن الكمال على طريقة الفيلسوف أفلاطون.

ولما كانت هذه الفلسفة تحمل قيماً عليا ومُثل الفضيلة كان على بني الإسلام الأقدر على تحقيقها لما للتشريع السماوي من نظم وقوانين نظمها الباري سبحانه وتعالى ليحققوا مآربهم في الدارين في حين عجزت عن تحقيقها النظم الوضعية البشرية التي خطها الإنسان فساقها حسب هواه وأفكاره المتقلبة.

وعجز في تقديم يوتوبيا ذلك الحلم القديم الذي حث عليه الإسلام ولو طبق بين البشرية لكان خيرٌ لهم في دينهم ودنياهم.

فهي عالم متكامل متناغم من القيم العليا والمثل، ولعل سكانها تبقى هاجسهم وحلمهم الفاضل كما يرى كولنز فيقول (إن مشاكل العصر ليست المادية أو العولمة ولا التطرف الفكري، وإنما البحث عن الفكرة الثابتة عن المنهج الايديولوجي فهو يبحث عن الحقيقة المطلقة بعد تعبه مما صب فيه من نظريات ونظم ومناهج فلا يتخيل أبداً أن الحقيقة المطلقة موزعة بيننا جميعاً).

إذ إن المدينة الفاضلة حلمٌ لا يتحقق على سطح الأرض لأن الأرض تخضع لأهواء البشر ومناهج عريضة لها أخطاؤها وسقطاتها وهي فكرة المنهج غير الثابتة.

فالإنسان يتبدل حسبما يرى المنهج المتغير. وحين عرف أفلاطون الجمال على أنه تجلي للحقيقة المطلقة وهو هبة الإنسان من الخالق سبحانه وتعالى، وعرفها على أنها ليست مجرد التعبير عن الصورة الجميلة. بل إن الإنسان ملهم من قوة عليا وباستطاعته أن يشيع الجمال والخير والحب في هذا العالم ويسعى إليه حثيثاً ويطرح القيم البالية ويغسل أردان الرذيلة وينقي النفس من الشوائب.! هكذا يسعى لتحقيق ذاك الحلم القديم - اليوتوبيا - UTOPIA): وتبقى هاجسنا في الذي نبحث عنه. ولعل نازك الملائكة من اللاتي يبحثن عن اليوتوبيا فتنشد مرددة:

سأبقى تجاذبني الأمنيات على الأفق السرمدي البعيد

وأسألُ عنها انسكابَ العطورِ وقطرَ النّدى وركامَ الجليد

وأسألُ حتى يموت السؤال على شفتي ويخبو النشيد

وحين أموت.. أموت وقلبي على موعدٍ مع يوتوبيا


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى