الأحد ١٠ آذار (مارس) ٢٠١٩
بقلم نجيب طلال

دمـــــوع شــــهــرزاد

في ذكـــــرى اليـــوم الــعالمي للمـــــرأة

في زحمة الأيام وحمولة أسـعارهـا وهمومها ومعاناتها وإكراهاتها، المنقذفة على كاهل أغلبية العباد من عرب وعاربة ومستعـربة شرقـا وغـربا ! ينقشع اليوم (العالمي للمرأة) يوم له دلالته، دلالة التقدير لتلك: الأم / الأخت / الصديقة / الجَـدة / الزوجة / في عطفها وحنانها ونضالها وكفاحها وعطائها وإنجازاتها الاجتماعية والتربوية والاقتصادية.

لكن بتعقـد الحياة والتطورات السريعة، والتي يقابلها التخلف الاجتماعي والفكري والتعَـصب الديني في عصر الاتصال الإلكتروني، والغـزو الوسائطي في حياة الأمم. فـَدلالة اليوم العالمي للمرأة، يظل مشكـوكاً في أمـره وماهـية احتفاليته.

(تلك)شهرزاد ! هـزمتْ شهريارعبرالحكاية، ولكن حكاية الواقع المعاش (الآن) أقـوى من شهرزاد (هـذه) والتي تحاول مقاومته بكل الأشكال والمسارات ليصبح واقعا منسجما أو متقاطعا وحقوق المرأة أينما كانت. لكن مكبلة وبين جسديها وكينونتها أشكال شتى من المعاناة والاضطهاد سواء الفكري والنفسي والثقافي. كل هـذا وغيـره يساهِـم إلى أبعَـد الحدود في ازدياد انهمار [ دموع شهرزاد] انهمارا؟

فـرغـم ما يلاحظ من تطور في مسار المرأة العربية، من تقلدها وظائف ومناصب رفيعة وانخراطها في الحياة العامة بشكل متميزوبأداء عَملها وواجبهـا بمهنية عالية، في المعامل والشركات و قطاع التربية والتكوين ومجال التمريض والتطبيب ومجال القضاء والمحاماة ومجال السلطة الإدارية والأمنية.... فهذه تغيرات محمودة وإيجابية في حياة المرأة، لكن كـثيرا من النساء يعانين من همسات ونظرات غير واقعية وسلبية في أقصى الـحُـدود. تلك النظرات والهمسات التي يمارسها الفكر الذكوري، حـتى في الأماكن المختلطة التي تتطلب تعامل المرأة تعاملا مباشرا مع الشباب والرجال؟

إذ كثيرة هي العوائق التي تحيط بالمرأة،وتحتاج لـوقفة جـِدِّيةٍ عمليةٍ وقانونيةٍ في موقع الدفاع عن الذات، ذات المرأة من الإضطهاد الأسري والوظيفي والمجتمعي، بحكم ذكورية الفكر المسيطر في الواقع،مما لازالت الممنوعات والمعيقات و مظاهـر ذات إرث تقـلداني، تساهم في استعبادها وتحاصرحركيتها وحريتها، وتدعـمُ في إبعاد المرأة العربية، سـواء في المدينة والقرية والمدشر عَـن ممارسة دورها وحقها الشرعي للمساهمة الفعـالة في تقـَدم مجتمعهـا.

فـفي كل الأمكنة والفضاءات، دموع شهرزاد تنهمرُ وَ تـَنـهمرُإمـا عـلنا ً أوخلسة ً أو في أعماقها الداخلية، قرب بوابة المحاكم ومحاكمِ الأسرة أو قـرب مكتب من مكاتب الإدارة أو المستشفيات أو في أقبية السجون ومخافر الشرطة، جَـراء الإضطهاد أوالميزالجـنسي أو الإساءة لأنوثتها أوالتعنيف أوالعنف الأسري أو التحرش لفظيا أو جسديا أوالمضايقات بأشكال مختلفة أوالمساومات الجَـسدية، حسـَب طبيعة التعامل ومكان الشغل....وبالتالي فظاهِـرة الفقر

والعـوز والحاجة والعنف والاضطهاد واستغلال المرأة استغلالا بشعـا. ليست بالقضية الفردية، بـقـدر مـاهي قضية مجتمعية / إنسانية بالدرجة الأولى.

إنه واقع لا يمكن أن ينـكـره أحَـد أويمحيه أي كـان أو يزركشه و يزينه مـن لـه سلطة القـرار، بتخريجات بلهاء ومضحـكة، كما يفعل بعض السياسويين، الذين يستغلون ظرفية الخطاب ، لممارسة الحَـروب الصبيانية، وليست الرجولية ضد النساء!!

فهل يمكن أن يـنكر أحـد ما يقع للعَـديد من النساء العَـربيات في عـدة مناطق عربية وفي مناطق التوتر والحروب الطائفية والاستعمار أو الإحتلال الجَـديد/الإمبريالي الجاثم (الآن) في أغلب مناطق الشرق؟

* شـهرزاد (الآن): جـسدهـا مستباح لكل أنواع التعـذيب والاغتيال برصاص الجماعات المسلحة أوالعَـشائر!أوبسكاكين وأسلحة طائشين وعصابات الجريمة المنظمة! تلك كارثة حقيقية ،جـراء ويلات الحَـرب أوالحُـروب العبثية وأعمال العنف الطائفي والقبلي والعشائري؟

* شهـرزاد (هـذه): جَـسدهـا مستباح لكل أنـواع الاغتصاب والإتجار، تجارة في الجـسد وفي الرقيق الأبيض، تمارسه عصابات منظمة ومهربون محترفون! من أجل استغلالهن كسلعة لكسب الزبائن، ولكسب أصحاب المتعة وقلة الحياء وما أكثرهم بيننا غـربا وشرقا، ليتم التمتع بهنً وبأجـسادهـنَّ، ثم تركهنَّ في أسواق النخاسة المفتوحة، على بورصة اللذة من الماء إلى الـواحات؟؟

* شهـرزاد (الآن / هـذه): ألم تتوصل برسائل تهديد، من جهات (ما) لمحاولة إجبارها الصمت أوالتزام شقـتها، إن كانت لديها شقة؟ ألا تعـيش حملات اعتقالات تعسفية وإخـفاءات قـَسرية في الأقبية والسجون والدهاليز المنـسية. في أغلب المناطق [العـربية] والتي رفعت فيها صوتها لتحكي، ليس ل[شهريار] بل تحكي للعالم: كفـى من التحرش واستغلال فـَصيلها، ولامناص من تحسين واقعهـا، بـغية التطور والنماء وتخليق الحياة العامة بالمرأة كشريك مجتمعي، بدل طمس هويتها وهـدر وردم كرامتها واستغلالها بشكل بشع؟

إذن، بين التعـذيب والاغتيال وبين الاغتصاب والإتجار وبين التهديد والاعتقال، أليست مسألة (بَـيْـنَ) تدعُـو وتبشر بواقع عربي، يعيد أو سيعيد:إنتاج زمن قتل/ وأد [ شهرزاد] أوالعودة لعصورما قبل التاريخ !!

فمن سيكـفـف دمُــوع شهرزاد (هـذه) في يومها العالمي ! قبل أن تـقتل عمليا في الأرياف والأضرحة المنسية والقرى والجبال الوعـرة والسجُـون والمداشر والأزقة الملتوية والفضاءات الهامشية والمهمشة ؟؟؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى