الأربعاء ٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٩
بقلم عمرو صابح

دور البعث العراقى فى عودة العلاقات المصرية الإيرانية

رغم محاولة د.سعيد الصباغ مؤلف كتاب"العلاقات المصرية الإيرانية بين الوصال والقطيعة.. 1970-1981"، تجميل مواقف الرئيس أنور السادات وشاه إيران محمد رضا بهلوى، أو إيجاد مبرر لسياسات الزعيمين، إلا أن القارئ مهما بلغ تعاطفه مع السادات أو مع الشاه سيخرج بنتيجة ان الاثنين كانا من أدوات السياسة الولايات المتحدة الأمريكية فى الشرق الأوسط، كما يتضح من وثائق الكتاب مدى الدونية التى كان السادات يشعر بها تجاه الشاه ومدى استعلاء الشاه على السادات، بينما كانت الصحافة الرسمية المصرية تمجد الشاه ، كانت الصحافة الرسمية الإيرانية فى ذروة الصداقة الإيرانية المصرية تنتقد السادات وتهاجمه.

من المعلومات الهامة بالكتاب ان العلاقات المصرية الإيرانية التى قُطعت سنة 1960 بسبب سعى الشاه للإعتراف الرسمى بإسرائيل، والتى كان مرتبطاً بها بعلاقات اقتصادية وعسكرية وأمنية وطيدة، وكان ممولها الأول بالبترول منذ نشأتها حتى طرده من إيران، بدأ التمهيد لعودتها فى نهاية عهد الرئيس عبد الناصر فى أغسطس 1970 وتم ذلك بناء على طلب إيرانى عبر توسيط الأردن وتركيا لجس نبض القاهرة.

المرحوم "فتحى الديب" المسئول عن ملف التنظيمات الثورية والعلاقات المصرية العربية خلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر، يقدم لنا تفسير المسعى الإيرانى لإعادة العلاقات مع مصر فى عام 1970، وهو تصاعد الخلافات بين النظام المصري والنظام العراقي تحت حكم أحمد حسن البكر وصدام حسين بعد كشف مؤامرة انقلابية دبرها طلاب البعث فى القاهرة، وكشف محاولة عراقية لإغتيال جمال عبد الناصر، وبعد الحرب الإعلامية الشرسة التى شنها الإعلام البعثي العراقي على الرئيس عبد الناصر والتى اتهمته بالشيخوخة والعجز عن النضال بعد قبوله مبادرة روجرز فى يوليو 1970، رغم ان النظام المصري ساند العراق فى النزاع الإيرانى العراقي على شط العرب، وبالفعل تم الاتفاق على عودة العلاقات المصرية الإيرانية قبيل وفاة عبد الناصر ، ولكن وفاته المفاجئة فى 28 سبتمبر 1970 ، أجلت ذلك حتى 3 يناير 1971.

بعد وفاة عبد الناصر بدأ تباكي البعث العراقي على عبد الناصر تمهيداً لتصدير صدام حسين كوريث له فى قيادة الحركة القومية العربية، بينما أسفرت التغيرات الداخلية فى مصر عن مزيد من التقارب المصرى الإيرانى ، والغريب ان ذلك لم يمنع الشاه عن تزويد إسرائيل بالبترول الإيرانى حتى نهاية حكمه، بل انه رفض عبور الجسر الجوى السوفيتى لدعم مصر وسوريا خلال حرب 1973 للمجال الجوى الإيرانى، لكى يتيح وقتاً أطول لحلفاءه الإسرائيليين فى تحويل مسار الحرب لصالحهم.

بلغ حد انصياع السادات لمطالب الشاه أن يأمر بنزع صورة لعبد الناصر من طريق زيارة الشاه للسد العالى حتى لا تؤذى نظر الشاه وتثير غضبه برؤية صورة لعدوه اللدود!!

انتهى الشاه منفياً طريداً عقب الثورة ضده، ولم تقبل أى حكومة فى العالم بتواجده على أراضيهم حتى الحكومة الأمريكية التى أفنى الشاه حياته فى خدمتها، بينما انتهى الرئيس السادات قتيلاً فى حادث المنصة فى 6 أكتوبر 1981.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى