ذكريات مطوية (3)
وأنا أقرأ أدب الحرب والدعاية، أشعر بغتاتة، فهل الألمان وحدهم هم الذين قتلوا النساء والأطفال فى الحرب وهتكوا الأعراض.. والروس والإنجليز والأمريكان لم يفعلوا ذلك، هل كانوا فى نزهة ويمسحون على أزرع النساء فى ألمانيا وإيطاليا ويربتون على أكتافهن.. إن التاريخ لا يغفل مهما حاول المنتصرون طمسه، لقد لاقى النسوة العذاب والهوان بعد الهزيمة، وذهب ماء وجوههن فى حالات الجوع والتشرد..
منذ سنوات طويلة، اتصلت بى سيدة أجنبية، وأبدت رغبتها فى مقابلتى وقالت لى أنهـا جاءت إلى القاهرة متطوعة لدراسة القصة المصرية، وتود اللقاء لهذا الغرض..
وعلى الرغم من أننى أتردد كثيرا فى تلبية مثل هذه الرغبات لأن من لا شأن له فى بلده لا يسعى بالبداهة فى أن يكون له شأن فى بلاد الآخرين.. ولأنى فى أعماق نفسى أعتقد بأنى لم اكتب شيئا بعد أستحق عليه الدراسة والبحث. ولأن الكثير من هؤلاء المستشرقين يكونون عيونا لبـلادهم. ويتخذون من الاستشراق ستارًا يخفون به نواياهم الحقه..
أقول وعلى الرغم من كل هذه الاعتراضات، فإن المتحدثة سيدة، وقد ألحت وعرفتنى بأن من قابلتهم عرفوها بطباعى فى احتمال الرفض. ولهذا ترجو، وتحت رجائها وافقت وتركت لها حرية اختيار المكان، فاختارت حى الأزهر لأنها تعرف مسالكه..
وجاءت بأديب يعرفنى ليسهل لها الاهتداء إلىَّ فى المقهى.. وفوجئت بشابة أقل من العشرين ربيعا.. ولم تكن سيدة نصف كما تصورت من حديثها الأول، وصوتها فى التليفون، وأراد الشاب أن يستأذن بعد أن تم اللقاء، ولكنى أبقيته ليشرب الشاى معنا..
وكانت تتحدث العربية بطلاقه واللهجة المصرية بعذوبة أيضا.. وحدثتنى أنه مضى عليها ثلاثة أشهر فى القاهرة. وقد اقتربت من استكمال بحثها، فيما يتصل بالأدباء الآخرين.. أما أنا فلا تعرف عنى إلا القليـل.. وقد رأت أن تسقطنى من الحساب بعد عجزها عن مقابلتى، لولا أن أستاذها ـ بعد أن كتبت له رسالتين ـ أصر على وجودى واستكمال البحث شاملا كل الأسماء التى عينها لها قبل سفرها إلى القاهرة..
ومن هنـا أدركت إصرارها على مقابلتى كما أدركت جدية البحث. وكانت الشابة من طشقند وملامحها شرقية خالصة، ولولا زرقة خفيفة فى عينيها الناعستين ما بعدت عن المصرية فى شيء..
وكانت نحيفة القوام طويلة صبوحة الوجه فى جمال يريح من يقترب منه ويبتعد عنه، خفيفة الحركة تغطى شعرها الأسود بوشاح خفيف الزرقة وعينها بنظارة تقيها الحرارة والغبار فى أواخر مايو.. وكان فستانها سنجابيا من قطعة واحدة، يبدو من بساطته أنها هى التى فصلته لنفسها..
وكان كل حديثها فى الأدب والقصة.. ولم توجه إلى سؤالا واحدًا يشتم منه رائحة السياسة.. وأدركت من حديثها أن أستاذها فى جامعة طشقند، هو الذى اختار لها هذا البحث، بعد أن لمس رغبتها الشديدة فيه.. ولهذا مضت بجدية ونشاط.. وستكمله بجامعة موسكو..
والتقينا كثيرا بعد اللقاء الأول فى نفس المكان أو قريبا منه وتغدينا ذات مرة فى مطعم كباب صغير بالحى.. ورغم دخان الفحم الذى ملأ عينها، وهى تأكل، لشى اللحم على النار، فإنها لم تتأفف ولم يبد عليها التذمر، وكانت تأكل بشهية وتتحدث بمرح وطلاقه..
وكانت تنزل فى منزل للفتيات فى حى الزمالك فكنت عند عودتها أختار لها سائق التاكسي الذى يوصلها إلى بيتها وأختاره بدقه، وأحيانا أركب معها حتى الإسعاف.. ولاحظت هى ذلك، وانى شديد الحرص على راحتها وأمنها.. فظلت تحتفظ بهـذه المشـاعر فى نفسها.. ثم أطلقتها مرة واحدة بعد أن سافرت..!
وفى صباح يوم حملت معها تسجيلا وسألتنى عن مذهبى فى الكتابة:
وقد ضحكت فى نفسى من هذا السؤال الأكاديمى..
فأنا اكتب ما أشعر به، وأحسه بوجدانى، وأعيشه فى حياتى.. واكتب عن تجربه صادقه.. ولا أفتعل الحوادث ولا أزينها.. ولا أتقيد بمذهب ولا أعرف المذاهب.. وأنا واقعى مثل جوستاف وفلوبير ودكنز وجوركى وتشيكوف وطبيعى أحيانا مثل زولا.. وهؤلاء لم يدرسوا الواقعية ولا الطبيعة قبل كتابتهم.. وإنما كتبوا بالفطرة.. ومتأثرين بالجو الذى يعيشون فيه، وبالأشخاص الذين يلتقون بهم فى الحياة.. فشخوصهم حية عامرة بنبض الحياة.. ولهذا عاشت قصصهم..
وأنا متشائم أحيـانا، ومتفائل جدا أحيانا أخرى، تبعا لمدارج حياتى..
ولم أتلق الكتابة عن أستاذ، ولم يوجهنى شخص.. واكتب فيض مشاعرى، لأنفس عن نفسى وأعيش.. ولو لم اكتب لمت بالسكتة من فرط الإحساس بعذاب الناس.. وما تطحنهم به الحياة، وما تصيبهم به قارعات القدر.. وما يلاقونه من عنت وظلم فى العجلة الدوارة..
وأنا كالشاعر الذى يقول الشعر بالسليقة قبل أن يتعلم العروض.. وأكتب قبل أن أعرف المذاهب الأدبية.. ومعرفتها هراء فى هراء.. والكتابة القصصية فن والهام يأتيان بالفطرة.. والقراءة والدرس لاكتساب الشكل الفنى الأمثل وتجويده، ولاتساع مدارج التفكير وعمق النظرة للحياة..
وقد تأثرت بالمازنى ككاتب روائى وأديب متفرد.. وأسلوبه من أحلى وأجمل الأساليب العربية.. كما أن شوقى أعظم الشعراء..
وقد مهد إلى سبيل الكتابة والنشر أستاذى الزيات.. ولولاه ما واصلت الكتابة، ولا كتبت حرفا.. ولأصابنى العجز والضيق فى أول الطريق.. وكانت رسالته رحمه اللّه رسالة الرسالات وقد عجزت الدولة من بعده بكل إمكانياتها أن تخرج مثلها. فالعمل الأدبى إخلاص وتضحيه ولا يزيد ولا ينقص بعدد الأشخاص الذين يتولونه..
وأنا آخذ الشكل الفنى من تشيكوف فى لمساته الإنسانية وصدقه فى العرض وعنـايته بالشخوص المسـحوقة هى موضوعى الأمثل فيما اكتب..
وأستفيد من كل كتاب اقرأه، وما رددت كتابا وقع فى يدى قط ولا استثقلت ظله، فأى كتاب تقرأ تستفد..
والنهضة الأدبية عندنا عظيمة.. ويعتريها المد والجزر ككل شيء فى الحياة.. وهناك تطور ملموس فى الرواية والقصة القصيرة وتجديد وخلق لا ينكره أحد..
سألتنى:
ـ هل عندكم أديب مثل غوركى..؟
ـ أجل.. عندنا العقاد.. وقد يكون أضخم منه.. ولكنكم تبرزون أدباءكم بوسائل كثيرة، أما نحن فلا نزال فى أول الطريق.. واليهود من أدبائكم.. يتلقاهم اليهود فى العالم بضجة وبوسـائل دعائية هائلة.. وتلك هى طريقتهم.. ثم يفوق العالم لنفسه، ويجد أن كلامهم لا وزن له ولا قيمة.. وأدبنا تنقصه الدعاية لينتشر، ولكنا نكتب ما نشعر به بحريه.. ولم يوجه الأدب عندنا إلى شيء معين ومنذ مئات السنين والأدباء يعبرون عن روح الشعب وآلامه ـ لأنهم خرجوا من صميمه وعندما سيطرت الدولة عندكم على الأدب ووجهته مات فى المهد ولم يعش منهم أديب واحد..
والعالم لا يقرأ الآن إلا تولستوى.. وجوجول.. وتشيكوف.. ونور جيتيف.. وبوشكين.. وحاولتم وأد دستويفسكى، ولكنه كان أقوى من كل من حاربه، وعدتم إلى طبع كتبه.. بعد أن أدركتم أنه فخر لروسيا أن يكون دستويفسكى كاتبا روسيا.. كما يفخر الانجليز بشكسبير.. والألمان بجوته.. والطليان بدانتى والعرب بالجاحظ..
ـ ولماذا اكتفيت بالجاحظ..؟
ـ لأن فيه الكفاية..
والفكر خالد وسرمدى، ولا قيود يمكن أن تطمس وهجه.. والقارئ يحب أن يرى وجهه فى الكتاب الذى يقرأه، ويلمس مشاعره وأحاسيسه بين السطور، وأخلد الكتـاب هم الذين صوروا الحياة بصدق. وأنا أقرأ أدب الحرب والدعاية، وأشعر بغتاتة، فهل الألمان وحدهم هم الذين قتلوا النساء والأطفال فى الحرب وهتكوا الأعراض.. والروس والإنجليز والأمريكان لم يفعلوا ذلك، هل كانوا فى نزهة ويمسحون على أزرع النساء فى ألمانيا وإيطاليا ويربتون على أكتافهن.. إن التاريخ لا يغفل مهما حاول المنتصرون طمسه، لقد لاقى النسوة العذاب والهوان بعد الهزيمة، وذهب ماء وجوههن فى حالات الجوع والتشرد..
ويل للمغلوب كما قال غليوم.. وفظائع الحرب تصيب الجميع بالدمار والفساد والتمزق، وعلينا أن نكتب الحقيقة والصدق..
وخرجنا فى عصر يوم من الأزهر إلى الغورية والمغربلين.. وسرنا فى شارع محمد على فى اتجاه القلعة.. ولم نشعر بالتعب من طول المشى.. ولاحظت هى أن الباعة والتجار فى هذه الأحياء على دماثة فى الخلق وذوق وأدب فى الحديث.. فسألتنى عن السبب..
ـ هذه هى مصر الخالصة.. وهؤلاء هم المصريون الخلص.. فى السيدة والحسين وطولون والقلعة.. أما الأحياء الأخرى فقد اختلطوا بالوافدين من كل الأجناس.. فتغيرت طباعهم تبعا لذلك..
وكنا قد قطعنا شارع محمد على، وصعدنا فى الطريق الضيق الذى بين مسجد السلطان حسن ومسجد الرفاعى.. وكان تيار الهواء شديدا عندما أصبحنا فى هذا الموقع للارتفاع الشديد بين الجدارين.. فجرف الهواء الغطاء الذى تغطى به رأسها، وطـار ثم وقـع.. وطار ثم وقع وجريت وراءه.. ووقفت تنظر وتصيح بإلحاح:
ـ أتركه.. أتركه..
ولكنى بعد جهد شاق وجرى طويل.. أمكننى أن أمسك به وأعود به إليها وأنا ألهث..
وقرأت فى عينيها، وملامح وجهها، وحركة صدرها.. أنها كانت تود أن تفعل شيئا تقتضيه السليقة كتعبير عن الشكر..
ولكنها ردت هذا الانفعال الطبيعى بعنف فى أخر لحظة، لما رأت جهودى وفتور عواطفى.. وكان من رده أن أخضلت عيناها بالدمع، وارتفع صدرها وانخفض، وتلجلج صوتها بضحك هستيرى..
وحولت وجهى حتى هدأت.. ثم أمسكت بيدها ودخلنا مسجد الرفاعى.. وحدثتها عن قاهرة المعز لدين اللّه.. وما فيها من مساجد وأضرحة.. واعتقاد الشعب بأن اللّه يحمى القاهرة من كل غزو ودنس تكريما لأهل البيت ومثواهم فيها.. وهى اللمسة الروحية تنفع الناس، وتعطيهم ثقة مؤكده..
ـ ولكن قد تضر.. لأنها اتكالية..
ـ أبدا إنها تدفعهم فى وجه الغازى بضراوة.. وكل حوادث التاريخ تبين هذا.. اللمسات الروحية فى أعماق النفس لها وهج كبير.. وعندما دخل نابليون.. تصورى نابليـون بكل انتصاراته وغزواته.. عندما دخل بخيله الأزهر انهزم..
انهزم وجر أذياله..
وخرجنا إلى جولة فى الحى وكانت تنظر إلى قباب المساجد والمآذن المحيطة بنا وعيناها مخضلة بالدمع.. وتحدثنا عن عمر بن العاص عندمـا دخل مصر، وحكم العرب للمصريين ورسالة عمر بن الخطاب إلى قائد جيشه، تشريع إسلامى ودستورى للحرب إنسانى عادل حازم لم يحدث بعدها مثله فى كل ما حدث فى الدنيا من حروب.. وحدثتها عن العرب عندما دخلوا تفليس وحكموها وأقاموا بها مئات السنين وبعدها انتشروا فى روسيا ومقاطعاتها ومنها طشقند..
قلت لها:
ـ لابد أن يكون جدك عربيا «يا ثريا»..
فضحكت وقالت:
ـ إن أستاذى يقول هذا..
وركبنا فى العودة الترام.. وكانت تركبه لأول مرة وطال حديثنا وتشعب..
وسألتها:
ـ هل فكرت فى الزواج..؟
ـ بعد إتمام دراستى.. أفكر..
ـ ومتى تنتهى من هذه الدراسة..
ـ بقى لى سنتان.. وسأمضى منهما سنه فى جامعة موسكو..
ـ وكم بقى لك من الزمن فى القاهرة..؟
ـ نصف شهر..
ـ إذن سأبحث عن القصص التى تنقصك من اليوم..
ـ شكرا.. وسنتقابل كل يوم إلى أن أسـافر.. ولن أحتـاج إلى الدليل.. فقد عرفت مكانك المختار..
وسافرت «ثريا» فجأة.. وعلمت بسفرها من رسالة بعثتها بعد أن وصلت إلى بلدها، وكتبتها بخط عربى جميل أوضحت فيها عنوانها وفاضت فيها كل مشاعرها.. وكان الشكر فيها على كل ما قدمته لها من عون لتحضير رسالتها.. هو الغالب على كل التعابير..
***
وشاءت إرادة اللّه أن أسافر إلى موسكو.. وكان فرحى لأنى سألتقى «بثريا» أكثر من فرحى لأنى سأزور بيت تشيكوف..
وأرى المكان والجو الذى عاش فيه ذلك الكاتب العظيم..
وكتبت لها رسالة قبل سفرى، ورسالة بعد وصولى ومعرفتى الفندق الذى نزلت فيه.. ولكن لم يصلنى أى رد.. وتصورت أنى أخطأت فى كتابة العنوان بالحروف اللاتينية.. فنزلت فى بهو الفندق وأول سيدة روسية قابلتها.. طلبت منها ـ دون تمهيد ـ أن تكتب العنوان بالروسية على ظرف معى.. فكتبته وهى تبتسم..
والمشاعر الجامدة التى قابلت بها الفتاة فى القاهرة لفارق السن الكبير بيننا ولأنها أولاً وأخيرا ضيفة وطالبة وصغيره.. انقلبت فى موسكو إلى حالة اندفاع هستيرى..
فكنت أبحث عنها فى كل الوجوه الأنثوية التى التقى بها عرضا فى الطريق والمتاحف والجامعات ودور الكتب.. ولم أكن أدرى ما الغرض من اللقـاء وما الذى يمكن أن يحـدث بعـد اللقاء.. ولكنى كنت أصر عليه وأبذل كل وسيلة..
ولم يبق إلا القليل من الأيام.. وأعود إلى القاهرة.. وأصبحت فى حالة يأس.. وبينما أنا أتمشى فى البهو الصغير للفندق الملاصق لسوق البيع بالدولارات.. لمحت سيدة خيل إلىَّ أنها أمها أو أختها الكبيرة..
وسألت بأدب بعد تمهيد:
ـ السيدة من طشقند..؟
ـ لا أنا من جورجيا..
ـ حسبتك من طشقند.. وأرجوا المعذرة، أطلب منك كتابه هذا العنوان على طشقند.. وكتبته بدقة وعناية.. وسألتنى بعدها فى خجل وشرود وقد رأت دولارين فى يدى..
ـ أمعك خمسة من هذا..؟
ـ أجل معى..
ـ ولست فى حاجة إليها..
ـ أجل..
ـ سأشترى شيئا من السوق هناك.. ولا يوجد مثله إلا فى هذا السوق.. ولا يبيعون إلا بالدولار..
وأخرجت لها ورقه بخمسة دولارات..
فتناولتها وسألتنى:
ـ أتقيم فى هذا الفندق..؟
ـ نعم..
ـ ما رقم الغرفة..؟
ـ لماذا..؟
ـ سأجيء لك بالبديل.. بعد ساعة..
ـ يا سيدتى هذا مبلغ بسيط.. وماذا أصنع بعملتكم وأنا مسافر غدا..
ـ ولكن لن آخذ دون أن أعطى..
ومدت الورقة لتردها.. مع أنها عزيزة جدًا عليها.. كانت كأنها وجدت فى هذه الورقة الضئيلة القيمة كنزا.. كنزا تشترى به زجاجة عطر فرنسية أو شيئا آخر من خصوصيات المرأة.. لا تستطيع الحصول عليه إلا بالدولار..
وكان الدولار يبرق فى القاعة ويتوهج ويشتعل كالنار الحامية.. وفى كثير من الحالات يسبب المآسى الإنسانية.. ولعنت العبقريات التى تبيع القيود وتكون السبب فى هذه المآسى..
=======================
نشرت الذكريات بمجــلة الثــقافة ـ العــدد 74 ـ نوفمـبر 1979 وأعيد نشرها فى كتاب "ذكريات مطوية" من إعداد وتقديم على عبد اللطيف و ليلى محمود البدوى ـ مكتبة مصر ط 2006.