الجمعة ٢٦ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٥
بقلم إنتصار عابد بكري

زُهْرَة….

سأمنحك مقطعًا أخيرا من هذه الحكاية
ونحن نأخذ نفسًا عميقًا
قبل أن يتنفس الصبح
ما قيل لكوكب الزهرة
هذا ربي
مقطع يقترب من الخاتمة
والحياة تبتسم تزقزق
تنقبض تُغلق
ما قبل الرحيل
الله في السموات والأرض إلاهي…

كالموت أنت
تجيء بلا موعد
وتترك في الطرقات ظلالًا لا تُشفى
وتُطفئ في صدور العاشقين
ما أشعلته يدُ القدر من دفءٍ

كالعاصفة أنت
تقتلع الطمأنينة من جذورها
وتنثرها في فضاءٍ لا رحم له
وتضحك حين يبكي الناس
وتبكي حين يظنّون أنك تبتسم

كالحقيقة أنت
مرةٌ حدّ المرارة
وصادقةٌ حدّ الوجع
تعرّي الأرواح من أقنعتها
وتتركها تواجه نفسها بلا حيلة

يبقى في الحضور شيءٌ
يشبه الخلاص
ويشبه الهلاك
ويشبه ذلك الحدّ الرفيع
الذي لا يعرف إلا النهاية.

ومهما ابتعدتَ
يبقى صداك يجرّ الخطى خلفه
والقدرٌ لا يُفلت
والبابٌ لا يُغلق

والجرح يؤذي القلبُ
كيف يعيش به… لا كيف يشفى منه
تتسع المسافة في وهمٌ يتقن الحقيقة

مهما اقتربت
والحقيقةٌ تتقن الوهم
تُربك المعنى
وتترك في اللغة فجوة
لا يملؤها إلا الصمت

ولأنك أنت…
لا يشبهك شيء
ولا يقدر عليك شيء
ولا ينجو منك أحد
حتى الذين هربوا إليك

تمضي وظلك يبقى
يمتد في الذاكرة
في الطريق الوحيد
الذي لم أجرؤ يومًا على عبوره أحد

حضورك يأتي
محمّلًا بما لا يُقال مثقلا
كرسالةٌ ناقصة
أو وعدٌ تردّد قبل أن يولد

ولأنك لست حياةً تمامًا
ولا موتًا تمامًا
برزخ المنطقة الرمادية
التي يتعثر فيها القلب
وتتبعثر فيها الروح
ستتعلم كيف تخسر
وكيف تحب
وكيف تنهض من جديد

فإنني كلما حاولت الهرب
وجدتني أعود
في إجابة لا تكتمل
يعلو باسمك نشيدٌ قديم
يعرف الطريق إلى الأنفاس
أكثر مما يعرفه أي أحد

أأقتنعت أنك عابرٌ
في كل ليلة
كالفكرة التي لا تنام
والجرح الذي لا يشيخ
والحقيقة التي لا تُهزم

تسكن الضوءَ في نافذة مفتوحة
لا أقدر أن أغلقك
ولا أقدر أن أتركك
ولا أقدر أن أشرح
كيف يصبح الإنسانُ أسيرًا
لشيءٍ لم يمسكه يومًا بيده

فأنت…
ذلك الغياب الذي يحضر
والحضور الذي يغيب
والسؤال الذي لا جواب له
في تفاصيل لا يراها أحد
في ارتجافة صوتٍ
وفي ظلّ خطوة
وفي حكايةٍ يرويها
الغريب ….


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى