الأحد ٢٢ حزيران (يونيو) ٢٠٢٥
بقلم رانيا مرجية

«شاكر فريد حسن اغبارية» فينا وإن غابَ الجَسَدُ

ما ماتَ من حملَ القضيّةَ شمسَها
بل صارَ فينا دائمًا لا يُفتَقَدُ
هو لم يغبْ… بل ضوءَهُ متجذّرٌ
فينا كما الزيتونِ، ما يومًا خَمَدُ
يا ابنَ مصمص… يا صوتَ الصدى الخالدِ
في كلّ بيتٍ، في الحقولِ، وفي البلدِ
خَطَبْتَ، ما خَفْتَ العواصفَ، إنّما
جابهتَ عُريَ الظلمِ، ما بينَ الحشدِ
كنتَ الصداحَ إذا خَرسنا خجَلةً
وإذا قسا ليلُ السنينِ، فأنتَ زَندُ
ما كنتَ تكتبُ كي تُقالَ مقالةٌ
بل كنتَ تَنفخُ في الحروفِ وتستعدُّ
كنتَ الذي فجّرْتَ نارَ الكلمةِ الـ
ـمَسروقةِ من شعبِنا، كي لا نَخدُّ
عرفتَ أنّ الكُفرَ فينا صامتٌ
حينَ استكانَ المثقفونَ، ولا أحدُ
فوقَ المنابرِ، في الحقولِ، كتبتَنا
شعبًا يُقاومُ بالمقالِ، وبالحَدَدِ
رسمتَ بالخطِّ الجليِّ هويتَـ
ـنا: “نحنُ البقيّةُ، في البقيّةِ، لا نَبِدُ”
نحنُ الذينَ كتبْتَ عنهم، إنّنا
في القلبِ نُشبهُ دحنونًا إذا وَرَدُ
عن كاتبٍ ظلّ الدفينُ مَقامَهُ
لأنّ صوتهُ لا يليقُ بمَن جَحَدُوا
عن طفلنا في عرّابةٍ أو يافَةٍ
عن أُمِّنا في الرامةِ، عن مَن قد سَهِدُوا
وفي نيسـان 2022… غابَ الجسدُ يا سيدي
لكنَّ فينا منكَ آلافَ الجُسُدِ
في نيسـان، ناحتْ كلُّ قرانا فجأةً
كأنَّ نَجمًا انطفأَ… أو ضاعَ مُرشِدُ
لكنَّنا نحياكَ… لا نُنسى خطاكَ
أبَدًا، فأنتَ على الجراحِ مُؤيَّدُ
فيكَ التُراثُ، وفيكَ جذعُ الحاضِرِ
والغَدُ الآتي إذا ضاعَ السَنَدِ
وإذا سألنا: من يُعرّفُ أدبَنا؟
قلنا: “حسنٌ كانَ يُبلّطُهُ بأدبِ الجَلدِ”
كانَ الذي يَروي الحكايةَ عاريةً
لا يتجمَّلُ، لا يُهادنُ، لا يَصُدُّ
يروي عن المنفى، وعن سجنِ الرؤى
عن شاعرٍ في عكّا، عن حلمٍ قد بَدَدُوا
عن مدارسٍ لا تُدرّسُ قصّتنا
وعن الجدارِ، وعن رصيفٍ قد سُدّوا
نم يا أخي… لكنّنا ما نمْنَ
ستظلُّ حيًّا بيننا، ما دامَ وعدُ
ستظلُّ فينا، في القصيدةِ، إن بَكَتْ
في الندوةِ الحُرّةِ، وفي الكُتّابِ، في السُدُدِ
في كلّ من قال: “الهويةُ نارُنا
نُخبّئُ الجمرةَ في الصدرِ إذا جَمُدُوا”
وفي المعلّقةِ الأخيرةِ، كنتَها
بيتًا… يُفجّرُ صمتَنا حينَ نَحِدُّ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى