

صبر جميل
لم يبقَ في القلبِ غيرُ النارِ تضطرمُ
لهيبها الحزنُ، والأشواقُ تنهزمُ
ما عادَ في الدربِ إلا الضيقُ يسبقُني
ولا رفاقٌ بنهجِ النورِ قد علموا
كأنني في جراحِ العصرِ منفردٌ
والدهرُ يرجمُني، والحلمُ ينصرمُ
يا من يرومُ رضى الأقوامِ معتذرًا
خذها بصدقٍ: خلافُ القومِ مُلتزمُ
لا يغركَ الدهرُ إن أبدا لكَ الودّا
فالدهرُ قاسٍ، وإن كان لينُ الكلمُ
ما الناسُ إلا أجواءٌ في تقلّبِهمْ
هذا مُجيبٌ، وأُخَرونَ عنك قد صَمَموا
والقلبُ إن هامَ في الأشواقِ أضناهُ
وَجدٌ يُراوِغُهُ، ليُبعث بعدَهُ الهمُّ
هي أيّامُ البُعدِ، تطفو فوقَ أوجاعي
وومضةٌ منها، كأنَّ إصباحَها ظُلَمُ
وَكُلُّ نَقِيٍّ لَهُ فِي النَّاسِ مَنْزِلَةٌ
عَلَيْهِ مِنَ الحُسَّادِ يُرْسَلُ السَّهْمُ
لا المجد يُعطى لمن في الدرب قد وقفوا
ولا اللئامُ، وإن علَتْ بهمُ رُتَبٌ سَمَوْا
فامضِ، وإن ضاقَ دربُ الحقِّ وأنعزلَ
فالنجمُ لا يَدْنُو إلّا مَن كانَ لهُ هِمَمٌ
واصبرْ على غربةِ الأفكارِ وإن ذبلت
فالحرُّ لا تُثنَى عزائمُه، وإن رَغِموا
كم فكرةٍ وُئدتْ في الصمتِ وانطفأتْ
لكنها أشرقتْ يومًا لمن فَهِموا
والفكرُ نارٌ، إذا استُصغِرْتَ خَبَتْ
لكنَّهُ باعثُ التاريخِ لو علِموا
فامضِ وحيدًا، فإنّ الضوءَ أوَّلُهُ
شُعلةٌ، إن أُضْرِمَتْ فإنها القممُ
طريقُ الحقِّ لا يُخطاهُ سالكُهُ
يصل طارقها وإن جاشت دونه الأممُ
فلا تَلُمِ الزمانَ، ما ضاقتْ بكَ السُّبُلُ
فالنجمُ في عَتَماتِ الليلِ يَقشَعُ الظُّلَمُ
مشاركة منتدى
22 حزيران (يونيو), 19:40, بقلم زياد العيساوي
نص شعري ينضح بتجربة في الحياة والشعر والدراية والحكمة.