طوط.. طوط!
ترررررررررن... تررررررررررن
– هالو..
– هالو.. كيفك؟.. اشتقت إليك، ليتك قريبا مني لأشبع نظري منك.. أعذرني على انشغالي بأعمالي، سأزورك في الأسابيع القادمة..
– كيف حالك؟
– رجعت توا من العمل، وأولادي حولي يزعجونني، أنا جائع وتعب، وأنتظر عودة زوجتي من العمل، لتأخذ الأولاد عني.. بالأمس تكلمت معي.. طمئني إذا طرأ شيئا جديد، الجميع بخير عندكم ؟
– الجميع بخير، الصحة عال العال، عندي مشكلة وأريدك أن تساعدني...
– أأنت بخير؟! في صوتك انكسار وكأنه ناتج عن ألم، هل تحتاج إلى نقود.. أهناك أمر خطير، تكلم معي بصراحة فأنت تعلم أنا أحبك كحبي لنفسي؟
– جميعنا بخير، لكن هناك مشكلة تقلق راحتي..
– هل صدر قرار من المحكمة بهدم بيت أخي الذي بناه دون ترخيص؟
– لا، ما زال المحامي يعمل على القضية ونأمل أن تسير الأمور بخير..
– وماذا بشأن مصادرة أرض الوعر بحجة أنها محمية طبيعية، هل هناك من جديد؟
– إذا أرادوا أن يصادروا ما تبقى من أراضينا، سيفعلون ذلك، شئنا أم أبينا، ولكنني أشك أن يقوموا بذلك، حيث لم يتبق لنا إلا النزر اليسير من الأرض.
– وماذا مع الزيتون هل هذا الموسم وفير؟
– السنة هي سنة الخير، فالزيتون على الشجر أكثر من الورق.
– حيرتني، هل توجد مشكلة كبيرة في البلد وأنا لا أعرفها؟!!
– لا.. كل شيء تمام كما تركته "على حطة إيدك"، لكنني أريد مساعدتك، فأنا أعرف انك قادر على ذلك، لان معارفك كثيرون..
- هل تبحث عن عمل.. لا أعتقد بأنك بحاجة إلى وظيفة بعد مرور خمسة عشر عاما على تقاعدك..
– لا، لا.. لقد فهمتني خطأ..
– يبدو أن الأمر كبير جلل، هيا قل ما هي المشكلة؟
– أخاف أن أثقل عليك..
– لا عليك.. تفضل.. الغالي يرخصلك..
– كيف يمكنني أن أحصل على رقم هاتف عضو البرلمان الذي صوت له في الانتخابات الأخيرة؟
– نائب البرلمان! بشحمه ولحمه.. ما لك وله!! هل ما زلت تؤيده، هل وعدك بنقود ولم يدفع لك؟
فبموجب علمي أنك لا تعرفه أبدا، فقد كنت تتبعه مع الباقين كالقطيع، وهو لا يعرف أحدا منكم..
– أريده لأمر ضروري وخاص، كان رقم هاتفه بحوزتي، لكنني أضعته..
– كيف حصلت على رقمه، من أين تعرفه وهو يعيش في القدس التي تبعد عنا ثلاث ساعات بالسيارة وأنت لم تزر القدس إلا مرات نادرة خلال حياتك..
– التقيت بأحد مقربيه قبل عدة أشهر وأعطاني رقمه..
– إبحث عن رقمه بين أوراقك..
– قلبت المكان "عاليه سافله" فلم أجده..
– ما هي القضية التي تريد أن توصلها إلى النائب، ربما أستطيع مساعدتك دون الحاجة إليه
– لا فقط النائب بذاته يستطيع مساعدتي..
– كيف قررت أنه وحده يستطيع ذلك؟
– اتصلت به مرارا ولم يجب، أردت الاتصال به والسؤال عن أخباره وصحته، وخلال اتصالي به، كنت أسمع على هاتفه أغنية: "طلع البدر علينا من ثنيات الوداع"..
– أتريد الاطمئنان على صحته؟!!! هل نائب البرلمان صديقك، أو أنه أحد أقاربك، هل يعرفك شخصيا، "من وين لوين بعرفك"، ثم انك اتصلت به مرارا ولم يجبك.. ثم ماذا تريد منه الآن بالتحديد؟
– أريد أن يرسل لي هذه الأغنية "طلع البدر علينا" لأضعها على هاتفي المحمول..
– نائب البرلمان يرسل لك أغنية، ما هذا التفكير الساذج، هل تعتقد بأن نائب البرلمان فاضي الاشغال ليرسل لك أغنية؟!!
– لم لا، عندما يعرف أنني كنت من مؤيديه سيفعل ذلك..
– .......... اعذرني على ضحكي، لم أتمالك نفسي، قل لي ماذا فعل هذا النائب عندما توجه له أخي بخصوص التهديد بهدم البيت وماذا فعل عندما توجهت له بخصوص أرض الوعر المهددة بالمصادرة، منذ انتخابه قبل أربع سنوات، لم ير أحد وجهه وتريده أن يرسل لك أغنية!!
– ...............
– حسنا، لا عليك، ولن أجعلك تنهي المكالمة معي خالي الوفاض، أنت لست بحاجة إلى نائب البرلمان لتحصل على هذه الأغنية، حفيدتك الصغيرة التي تسكن بجانبك تستطيع تحميلها لك عن طريق الانترنيت وتنقلها إلى هاتفك المحمول، فاطلب منها أن تتصل بعمها على الهاتف وأنا سأشرح لها كيف تفعل ذلك..
– أمتأكد أنت؟
– مئة بالمائة، خلال دقائق معدودة تكون الأغنية على هاتفك..
– هل سيسمعها كل من يتصل بي؟!
– بالطبع حتى نائب البرلمان نفسه..
– هل أنت جاد؟ حتى نائب البرلمان الذي أدليت له بصوتي يستطيع أن يسمعها؟!
– بالطبع فقط عليك أن تفعل ما يفعله النائب.. أن لا ترد على المكالمات حتى يتسنى لهم سماع الأغنية..
– بوركت ألف مرة ومرة..
– عذرا يا أبي على استخفافي برأيك، أنا لم أقصد، بل أنا استخف بهؤلاء النواب الذين يعتقدون أنفسهم أنصاف آلهة، ولا يمكن أن يصادقوا الذين هم أمثالنا..
– متى ستزورنا؟
– غدا سأكون عندكم وقل لأمي أن تعد لي طبختي المفضلة..
– هالو..
– "طلع البدر علينا من ثنيات الوداع........................" وصلتم إلى هاتف رقم 857643 الرجاء ترك رسالة بعد سماع الصفارة: طوط.. طوط
– أبي، هذا أنا ابنك، عندما ترى رقمي، أجب على المكالمة، فأنا أتضايق جدا عندما أسمع الأغاني على الهاتف.. على كل حال، أردت أن أبلغك بأنني سأتأخر قليلا، لا تقلقوا..