

غريب عتيق غامض
عثر طفل غزاوي، باقٍ مع أسرته رافضة النزوح من غزة، رغم الحصار والقصف المستمرين، على شيء غريب عتيق غامض، سقط وسط الحطام المتبقي من سطح منزله القديم، المهدم بشظية عشوائية، يبدو أنه سقط مع القنابل والصواريخ المتهاوية بغل وجنون كل حين، لم يره من قبل أبدا، رغم اعتياده الصعود بإصرار كل يوم، ليلعب مع ألعابه المتبقية والتي مازالت تنبض بالحياة وقادرة على التحول إلى حيوانات وطيور وبشر مرحة لاعبة تسعده جدا.
تقدم منه، ظانا أن طائرا ما ألقى به وفر هاربا، ركله فتقلقل وصدر منه أصوات غاضبة، يعارك بعضها بعضا، كان يشبه قربة سميكة غليظة، أو صندوقا من مادة ميتة، غير موجودة على الأرض ولا في السماء حتى، عليه قفل صدئ جدا مخلخلا، يكاد يتساقط رمادا، انحنى وشده إلى أسفل، انفتح لسانه من الرزة الصدئة، وانشق باب الصندوق منفتحا، فتعالت الأصوات العنيفة والخبطات والقرقعات والصرخات، وسرعان ما خرج من جوفه المظلم:
الكونت دراكيولا،
ونيرون
وهولاكو وسلالالتهم
وجماعات المستذئبين
والزومبي
وأكلة لحوم البشر
وسوبر مان
وبات مان
والرجل الأخضر
والمرأة القطة
والمسوخ
وعلماء التجارب العلمية على البشر
وساسة التحكم في البشر
وبشر حيوانات
وبشر آلآت راغبة،
وبشر طاقة،
وبشر ذرات مجسدة
وبشر أجسام بيلوجية
وعصابات مسلحة
وجماعات الجريمة المنظمة
والمافيا
والمراهنات
والبورصة
وتجار المؤامرات
والخدع
ودعاة السحر
والشعوزة
والتخاطر
والقرين
وما وراء علم النفس
والرويات البوليسية
وروايات التحري
والغموض السوداوي الكوني
وأفلام غزاة الأرض
والرعب
والكوارث
والقتلة المتسلسلون
والمأجورون
والسفاحون
والمغتصبون
والمرضى النفسيون
والشرهون جنسيا
وسباق التسلح
والتسابق على انتاج القنابل النووية والعنقودية
والطائرات الحربية،
والشبح
والدورون
والسفن الحربية
والبوارج
وحاملات الطائرات
والمدافع
والصواريخ
والتجسس
وكاميرات المراقبة في كل
ركن
وشق
وموبايل
والإعلام الموجه
والمزيف
وكائنات البلادة
والجهامة
والاستعلاء
والاستكبار
والتكبر
والكذب
والرياء
والنفاق
والحقارة
والدعارة
ودعاة السيطرة على العالم،
وصانعو الأوبئة
ودعاة نهاية العالم
والمليار الذهبي
والفقر
والجهل
والغباء
والشذوذ
والخوف
والعبث
والفوضى
والجنون...
والموت
.
.
.
كانوا جميعا يصدرون ضجيجا مروعا ويملؤون سطح المنزل فوق الكراكيب والحطام، يتمطون أو يتقافزون... قبيحين قذرين وسخين عفنين جدا جدا جدا يغطيهم غبار الموت...
لم يعجبوا الطفل، فاعتبرهم قمامة ونفايات وقاذورات، فأعادهم إلى الصندوق العجيب مجددا بالمكنسة الجريد وأغلق القفل الصدئ جيدا وركل ذلك كله بعيدا عن ألعابه الحميمة، التي خرجت من بين الحطام تستقبله، مرحبة مهللة مصفرة، فانطلق يلعب معها بسرور وسعادة كالعادة.