الثلاثاء ٥ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢١
بقلم علي بدوان

فضيلة النقد والنقد الذاتي

(مقطع صغير من كتابنا: من دفاتر الجبهة الشعبية)

الفضيلة نعمة، واخلاق رفيعة، تتجلى في الإبتعاد عن المكابرة، والسير لقراءة الواقع بعين موضوعية، يصارح أصحابها شعبهم، خاصة في مسارٍ معقد، كالقضية الفلسطينية، التي تُعتبر ام القضايا في العالم الحديث والمعاصر. حيث لم يهدأ شعب فلسطين بالرغم من كل المحن، والويلات، والمأسي، التي هبطت ومازالت تهبط على رأسه في أكثر من مكان، وبالتالي في الإستمرار في كفاحه، وخاصة في الداخل على إمتداد ارض فلسطين التاريخية.

تأريخ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وبكل ما مثلته، لابد وأن يبدأ من وضع تنظيم حركة القوميين العرب ليس لناحية ما أنتهت إليه فحسب، بل في ما انطلقت من أجله أصلاً، وبالتالي فإن إدراك مكانة الجبهة الشعبية في التاريخ الوطني الفلسطيني، يحتفظ لها بهذه التجربة الوطنية الفلسطينية، و"الحصيلة الإجمالية"، و"الخبرة التاريخية" و "الإستمرارية التاريخية"، بمقدار ما هو عبء ومسئولية عن الماضي، وبمقدار ما هو مسئولية نحو المستقبل (أنظر: كتاب المسيرة التاريخية للجبهة الشعبية، إصدار الدائرة الثقافية المركزية، آب/أغسطس 2010، الطبعة الأولى، غزة، فلسطين).

وهناك عدد جيد من المطبوعات والمراجع والدراسات التي أرّخت لتاريخ حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية، يُمكن العودة إليها للإستــزادة، ولغرض التوسع البحثي بشأن هذه الحركة والجبهة التي لعبت دوراً هاماً في تاريخ الكفاح الوطني الفلسطيني والقومي العربي، خصوصاً في سنوات النكبة الأولى. ومن بين تلك الدراسات على سبيل المثال: كتاب الصديق عبد رجا سرحان (أبو نزار) المعنون بـ "حركة القوميين العرب: نشأتها، تطورها، وموقفها من القضية الفلسطينية 1948-1969" والصادر عن مركز الغد العربي، 2008، 576 صفحة من القطع الكبير.

وكتاب سهير سلطي التل (حركة القوميين العرب) الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت آب/ 1996. وكتاب باسل كبيسي (حركة القوميين العرب) تعريب نادرة الخضيري الكبيسي، الصادر عن مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، الطبعة الرابعة، 1985. وكتاب (حبش في حوار شامل مع محمود سويد) مؤسسة الدراسات الفلسطينية/ بيروت/ نيسان 1998, وكتاب حكيم الثورة ـ قصة حياة جورج حبش ـ فؤاد مطر، دار هاي لايت، لندن، طبعة أولى، 1983. وكتاب الصحافي الفرنسي من صحيفة لوموند اليسارية/جورج مالبرينو/الثوريون لايموتون أبداً/ حوار مع الحكيم جورج حبش/باريس 1996.

في هذا الإطار، يذهب بعض الدارسين للقول بأن قسطنطين زريق كان صانعاً للوعاء الملائم لتجسيد الفكرة التي جائت بها حركة القوميين العرب ووريثها الجبهة الشعبية عام 1949. فكان على وعي بضرورة تحويل حلقته الأيديولوجية الى حلقة سياسية مُنظمة، وقد اعترفت الحركة بسلطة قسطنطين زريق المعنوية، فكان على كل مرشح لعضويتها أن يَدرس كتابيه: الوعي القومي (الصادر عام 1939) ومعنى النكبة (الصادر عام 1948) جنباً الى جنب مع كتب ساطع الحصري. وفي هذا السياق كان علي ناصر الدين صاحب دور كبير يوازي دور زريق في منهجه القومي والعاطفي، والذي قال "أن شيئاً واحداً بعينه يمحو العار، وليس يمحوه أي شيء على أخر، على الإطلاق وهو الثأر لفلسطين"، فغذى فكرة النواة عن تصميم الحركة في شكل مجتمع عقائدي مُصغّر يقوم على نموذج الحارس القومي في الأمة كما الفارس الصوفي في الله.

(المصدر: وثيقة داخلية، من إصدار دائرة الثقافة المركزية في الجبهة الشعبية).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى