الاثنين ١٢ آب (أغسطس) ٢٠٢٤
بقلم محمد عبد الحليم غنيم

فقدان السرعة

قصة: سامانثا شويبلين

أعد توجو لنفسه بيضًا مخفوقًا، ولكن عندما جلس أخيرًا إلى الطاولة ونظر إلى الطبق، اكتشف أنه غير قادر على تناوله.

سألته:

 ما الأمر؟

استغرق وقتًا لرفع نظره عن البيض.قال:

 أنا قلق، أعتقد أنني أفقد السرعة.

حرك ذراعه من جانب إلى آخر، بشكل بطيء ومثير للغضب، على ما يبدو عمداً، وراح يحدق فيّ، كأنه ينتظر حكمًا مني. قلت:

 ليس لدي أدنى فكرة عما تتحدث عنه. ما زلتُ أشعر بالنعاس للغاية.

 ألم تلاحظي كم يستغرق مني الرد على الهاتف؟ أو فتح الباب، أوشرب كوب من الماء، أو تنظيف أسناني... إنه عذاب.

كان هناك وقت كان فيه تيجو يطير بسرعة أربعين كيلومترًا في الساعة. كان السيرك هو السماء؛ كنت أجر المدفع إلى وسط الحلبة. كانت الأضواء تخفي الجمهور، لكننا كنا نسمع الهتافات. كانت الستائر المخملية تفتح ويظهر تيجو بخوذته الفضية. كان يرفع ذراعيه لاستقبال التصفيق. كان زيه الأحمر يلمع على الرمال.

كنت أتولى أمر البارود بينما كان هو يتسلق ويدخل جسده النحيف في المدفع.كنت أطلب من طبول الأوركسترا الصمت وكان كل شيء في يدي. الشيء الوحيد الذي يمكن سماعه حينها هو علب الفشار وبعض السعال العصبي.

كنت أخرج أعواد الكبريت من جيوبي. كنت أحتفظ بها في علبة فضية، ما زلت أحتفظ بها حتى الآن. كانت علبة صغيرة ولكنها لامعة لدرجة أنه كان يمكن رؤيتها من آخر درجات المدرجات. كنت أفتحها، أخرج عودًا وأضعه على حافة العلبة.

في تلك اللحظة كانت كل الأنظار موجهة نحوي. بحركة سريعة كانت النار تشتعل. أشعل الفتيل، وينتشر صوت الشرارات في كل مكان.

كنت أخطو خطوات مسرحية إلى الخلف، موحية بأن شيئًا رهيبًا سيحدث— والجمهور يراقب الفتيل وهو يشتعل— وفجأة: بوم. وتيجو، كسهم أحمر لامع، ينطلق بسرعة فائقة.

دفع تيجو الطبق بعيدًا عنه ونهض من الكرسي بصعوبة. كان سمينًا وعجوزًا. كان يتنفس بصوت يشبه الشخير الثقيل، ربما لأن عموده الفقري كان يضغط على شيء ما في رئتيه، وكان يتحرك في المطبخ مستعينًا بالكراسي والطاولة، متوقفًا بين الحين والآخر ليفكر أو ليستريح. أحيانًا كان يكتفي بالتنهد ويواصل. مشى بصمت حتى وصل إلى عتبة المطبخ، ثم
توقف.قال:

 أعتقد أنني أفتقد السرعة.

نظر إلى البيض.

 أعتقد أنني سأموت.

دفعت الطبق إلى جانبي من الطاولة، فقط لأثير غضبه.قال:

 هذا يحدث عندما يتوقف المرء عن أداء ما يجيد فعله بشكل جيد ، هذا ما كنت أفكر فيه، أن المرء يموت.

تذوّقت البيض لكنه كان باردًا بالفعل. كانت تلك آخر محادثة بيننا، بعد ذلك مشي ثلاث خطوات غير متقنة نحو غرفة المعيشة، وسقط ميتًا على الأرض.

بعد بضعة أيام، جاءت صحفيّة من جريدة محلية لإجراء مقابلة معي. أعطيتها صورة موقعة للمقال، حيث كنا أنا وتيجو بجانب المدفع، هو يرتدي القناع وبدلته الحمراء، وأنا باللون الأزرق، أضع علبة الكبريت في يدي. بدت الفتاة مسرورة. أرادت معرفة المزيد عن تيجو، وسألتني إذا كان هناك شيء خاص أريد قوله عن وفاته، لكن لم يكن لدي الرغبة في مواصلة الحديث عن ذلك، ولم يخطر ببالي شيء. ولما لم تذهب، عرضت عليها شيئًا لتشرب. سألتُها:

 قهوة؟

قالت:

بالطبع!

بدت وكأنها مستعدة للاستماع لي إلى الأبد. لكنني خدشت عود ثقاب على علبتي الفضية، لإشعال النار، فعلت ذلك عدة مرات، ولم يحدث شيء.

(تمت)

المؤلفة: سامانثا شويبلاين/ Samanta Schweblin ولدت في بوينس آيرس عام 1978، ودرست السينما في جامعة بوينس آيرس. نُشرت ترجمات لقصص شويبلاين القصيرة في العديد من الأنطولوجيات والمجلات والصحف اليومية. في عام 2010، اختارت مجلة جرانتا شويبلاين كواحدة من أفضل الكتّاب الشباب الناطقين بالإسبانية. شويبلاين حالياً زميلة في برنامج الفنانين التابع لDAAD وتعيش في برلين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى